الاثنين، 5 ديسمبر 2011

الظاهرة السلفية في المجتمع المصري بعد الثورة

كيف يمكن رصد الظاهرة السلفية ؟
   بديهي أن هذا التساؤل لا يبحث عن إجابته بين التحليلات والدراسات الاجتماعية التقليدية ، والتي تقوم بما يمكن أن يطلق عليه الرصد السلبي إنطلاقاً من اعتبار الظاهرة السلفية كحالة ناتجة عن أسباب وأوضاع مباشرة وقريبة للغاية من الناحية الزمنية ؛ بقدر ما يبحث ، من منطبق غاياته السياسية ، عن القوانين التي تحكم عملية الظهور ثم الصعود ، ومن ثم المستقبل الذي ينتظر هذه الظاهرة ، ومدى قدرتها على التأثير في الواقع الناتج عن هذه التغيرات المتسارعة .

 
   إن التوصل إلى إجابات من هذا النوع يبدو مستعصياً امام المهتمين بالظاهرة الدينية عموماً ، وقد إزدادت الأزمة عمقاً عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 ، والتي كانت من القوة بمكان أن جعلت الاتجاهات الفكرية المهتمة برصد هذه الظاهرة تدخل في مرحلة الذعر بحثاً عن مخرج لما تشكله من تهديدات ، كما بدا للمفكرين في هذا الوقت ، بحيث أصبحت الاتجاهات ترتبط فقط بصياغة نظريات حول التواصل ما بين الأديان وما أنتجته من حضارات[1]· ، في محاولة لتجنب الرؤى المقابلة والتي سبقت أحداث 11 سبتمبر ، وأهمها كتاب صمويل هنتنجتون عن صدام الحضارات ، والذي يتميز برصده لتوسع هذه الظاهرة في الغرب ، ووضعه لتصورات وسيناريوهات مستقبلية حول ما ستؤدي إليه من صدام بين الإسلام والغرب بصفة عامة ، وبالتالي اعتبرت أحداث سبتمبر تأييداً لتوقعاته بنشوب صدام بين الحضارات[2]· .
   الواقع أن كلا الاتجاهين وقع في خطأ جسيم للغاية عندما تناول الظاهرة السلفية إنطلاقاً من حاليتها فقط ، وحتى الباحثين التاريخيين والذين سعوا لدراسة التاريخ بغرض فهم العالم الإسلامي بشكل أفضل وبالتالي التعرف على هذه الظاهرة كجون أسبوسيتو· وبرنارد لويس· مع أختلافهما في الآراء ، فإن أياً منهما وخاصة برنارد لويس لم يتجاوز في بحثه هذه الحالة الفكرية والثقافية ، أما هنتنجتون فقد أضاف العامل البشري والتدفقات السكانية المتبادلة بالإضافة للعوامل الثقافية والحضارية كسبب يستحق الدراسة لتفسير أنتشار هذه الظاهرة في أوروبا[3] ، وبالتالي فقد استمر الرصد العام لهذه الظاهرة سلبياً .
   إن نقاط الضعف التي يعاني منها هذا المنهج في رصد ظاهرة دينية ذات أبعاد إجتماعية وسياسية ، تتمثل في أهمال البعدين الاقتصادي/الاجتماعي والتاريخي في هذا الرصد ، وبالتالي فقد أصبحت بعيدة تماماً عن الإدراك الواعي لمتغيراتها وتطوراتها الفكرية ، وفشلت في وضع أي تصورات سليمة لمستقبلها .
   وبالرغم من أن الحديث عن مسببات ترتبط بالهوية الحضارية والدينية كأسباب مؤثرة في نشأة وتطور هذه الظاهرة وربما مستقبلها ذا وجاهة بالفعل ، إلا أن الإرتكاز على هذه المسببات هو نوع من التعمية الغربية والرأسمالية بصفة عامة لحقيقة وجود صراع طبقي يحكم نشأة ، ظهور وخمول هذه الظواهر ، وهي القوانين التي يمكن التوصل إليها عبر البعد التاريخي إذا ما تم الاهتمام بالبحث حول الظواهر الدينية المشابهة .
   من الضروري هنا التأكيد على أنه طالما كانت الجماعة الدينية مستمرة ومنتشرة ، فإن الآراء والعقائد التي تنشأ داخلها وتتعرض للابادة أو الخمول في مرحلة ما تعيد إنتاج نفسها في صور وأشكال معدلة بحسب المرحلة الزمنية التي تظهر فيها ، وإن احتفظت في كل الأحوال بقواعدها وأصولها الثابتة وخاصة الاقتصادية والاجتماعية منها ، وبالتالي فقواعد الظهور والانتشار ثم الخمول وربما الفناء تكون متشابهة للغاية مع وجود تفاصيل خاصة بكل فترة على حدة .
   وتهدف هذه الدراسة إلى محاولة الرصد الإيجابي للظاهرة السلفية بمعنى التوصل للقواعد والقوانين التي تحكم صيرورتها وتطورها وتأثيرها في الواقع عن طريق التوصل إلى تعريف محدد للمصطلح " السلفية " بما يمكن من حصر الاتجاهات التي تندرج تحت مظلته ، والبحث في صورها الأكثر قدماً بالتاريخ الإسلامي ، عبر الارتكاز على البعد الاقتصادي/الاجتماعي ، وفي النهاية وضع تصورات أكثر دقة لمستقبلها .

   تمهيد

   مصطلح السلفية : من الضروري وضع تعريف محدد لمصطلح " السلفية " قبل مناقشته كظاهرة ، خاصة أن هناك خلاف واضح بين أبناء هذا التيار في مدلولاته .
   في مناقشته لمثل هذا التساؤل يشرح الشيخ محمد حسين يعقوب أصل المصطلح ومدلولاته : " السلف:  هم صدر هذه الأمة من الصحابة، والتابعين، وأئمة الهدى في القرون الثلاثة المفضلة ، ويطلق على كل من اقتدى بهؤلاء وسار على نهجهم في سائر العصو "سلفــي" نسبةً إليهم .. وقد كان يطلق عليهم في البداية "أهل السنة" لما كانوا هم المتبعين لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، المقتفين للأثر ، فسموا "أهل الأثر" ، و"أهل الحديث" .. ثم لما انتشرت البدع صار يطلق عليهم أهل السنة والجماعة " ، ويعرف الشيخ المصطلح الأخير بقوله : " هم من كان على مثل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وسموا "الجماعة" لأنهم الذين اجتمعوا على الحق ولم يتفرقوا في الدين ، واجتمعوا على أئمة الحق ؛ ولم يخرجوا عليهم ، واتبعوا ما أجمعَ عليه سلف الأمة .. ولما صار من المبتدعة من ينسب نفسه إلى هذا اللقب الشريف ، كان لزاماً أن يمتازُوا عن غيرهم ، ومن هنا نشأ مصطلح "السلفيـة" نسبة إلى سلف هذه الأمة من أهل الصَّدْرِ الأول ومن اتَّبعَهم بإحسان "[4] .
   وقد وضع الشيخ يعقوب إثني عشر أصل لأهل السنة ، وهم السلفية بحسب رؤيته ، لعل أهمها الأصل الأول ، وينص على أن مصدر العقيدة هو كتاب الله ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، وإجماع السلف ، والأصل الثالث والذي ينص على أن المرجع في فهم الكتاب والسنة هو النصوص المبينة لها ، وفهم السلف الصالح ، ومن سار على منهجهم من الأئمة[5] ، ويؤكد الشيخ أحمد بن يحيى النجمي مفتي جنوب المملكة العربية السعودية أن السلفية هم : " هم الفرقة الناجية ، وهم أهل السنة والجماعة ، وهم الجماعة ، وهم الذين يسيرون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وهذا لايستطيعه أحد غير أصحاب الحديث ؛ الذين يتبعون الآثار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه "[6] ، ويؤكد الشيخ أحمد النجمي في إجاباته على الشباب الفلسطيني السلفي أن الحزبية في حد ذاتها مرفوضة في المنهج السلفي : " الدعوة لابد أن يكون فيها رفض للحزبيات جميعاً ، و يعودون إلى كتاب الله و إلى سنة رسول الله يعودون إلى التوحيد ، إلى أساس التوحيد ، يحكمون القرآن ويحكمون السنة و ينهجون المنهج السلفي الصحيح ، إذا اجتمعوا على هذه الكلمة وإلا فلا "[7] .
   وبناء على هذه الأوصاف التي يضعها الدعاة السلفيون للمصطلح فإنهم يؤكدون على كل حال أن المذاهب العقائدية السنية الأخرى كالأشعرية والماتريدية بالإضافة للجماعات السياسية كالإخوان المسلمون وحماس وغيرها من الحركات السياسية الدينية لا تندرج تحت هذا المصطلح بشكل تام ومتكامل[8] .
   وعلى الرغم من أن الخلفية التي تجمع الطرفين واحدة تقريباً ، إلا أن المنهج الكلامي للأشاعرة[9] والعقلي للماتريدية[10] ، والممارسة السياسية التي فرضت على الإخوان المسلمين وغيرهم من الجماعات المتأثرة بأفكارهم بعض من المرونة في التعامل مع الآخر اعتبرت مخالفات شرعية لدى المتمسكين بالاصول السلفية الصارمة مما دفع بمعظم دعاتها إلى اتخاذ مواقف سلبية من المذاهب العقائدية والجماعات السياسية ، ناهيك عن رفض الدعاة السلفيين لفكرة معارضة ولي الأمر كقاعدة كما اشار الشيخ يعقوب .

   أهل الحديث (الحشوية) : لقد أكد علماء السلفية كالشيخ محمد حسين يعقوب ، والشيخ أحمد بن يحيى النجمي أن السلفية هم إمتداد لأصحاب الحديث ، وهي الطائفة التي ظهرت عقب حصول معاوية بن أبي سفيان على الحكم ودخوله الكوفة ، وقد صنفهم النوبختي· بأنهم مجموعة من أتباع علي بن أبي طالب انضموا إلى بعض المؤيدين لطلحة والزبير وعائشة ، وخضعوا لسلطة الخليفة الجديد ، ويصفهم بقوله : " وهم السواد الأعظم وأهل الحشو واتباع الملوك وأعوان كل من غلب .. فسموا جميعاً المرجئة لأنهم توالوا المختلفين جميعاً وزعموا أن أهل القبلة كلهم مؤمنون باقرارهم الظاهر بالإيمان ورجوا لهم جميعاً المغفرة "[11] .
   ورغم الانتماء الشيعي للنوبختي ، إلا أن ما طرحه لم يتعارض على الإطلاق مع ما ذكره الدعاة السلفيون بالفعل ، خاصة فيما يخص السلبية السياسية والتأكيد على عدم الخروج على ولاة الأمر كما سبق واشار الشيخ يعقوب .
   إن التميز الأساسي لنص النوبختي هو إشارته بقدر من السخرية للخلفية السياسية التي أدت لظهور هذه الفرقة وهم الذين مارسوا قدر من الانتفاعية السياسية ومحاولة الاندماج مع العهد الأموي الجديد عبر تبني رأي ديني يجمع ما بين الشخصيات المتعادية في الفتنة الكبرى ويضعها جميعاً ضمن إطار واحد .
   من الملاحظ أن أهل الحديث أو الحشوية قد ظهرت كطائفة في الفترة التي شهدت تحولات إجتماعية ضخمة باتجاه ترسيخ الإقطاع سعى لإقرارها الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان ، وهو ما اعتبر انقلاباً على مشروع الخليفة الثاني عمر بن الخطاب والذي كان يدعم تكوين طبقة تجارية ثيوقراطية من المهاجرين المنتمين إلى أسر قرشية صغيرة[12] .
   وبالرغم من أن البداية الحقيقية كانت في عهد معاوية بن أبي سفيان والذي حاول استخدام المرويات الملفقة عن النبي (ص) لمحاربة شخص علي بن أبي طالب الأمر الذي اقتضى ايجاد مجموعة من الرواة للحديث الخاصين بالدولة ، نتيجة منع الرواية بشكل رسمي[13] ، إلا أن عهد الخليفة عبدالملك بن مروان قد شهد التكون الفعلي لهذه الفرقة ، وبشكل خاص بعد أنكسار دولة عبدالله بن الزبير في الحجاز ، وثورة العراقيين بقيادة ابن الأشعث ، والتي كانت إيذاناً بالسيطرة المكتملة للاقطاع الأموي بمركزيته المتطرفة على العالم الإسلامي[14]· .
   لقد شهدت الخلافة الأموية في هذه الفترة نوع من التراخي في التعامل مع مسألة تناقل المرويات عن النبي (ص) في الأقاليم الإسلامية وخاصة العراق ، مما أدى لبروز عدد كبير من رواة الحديث الذين انتموا في نفس الوقت لكبار التجار والاقطاع ، وحرصوا في المقابل على التوصل لحلول وسط مع السلطة الأموية عبر تبني موقف وسط من الشخصيات المتنازعة في فترة الفتنة الكبرى ، وهو بكل تأكيد لم يكن الموقف المعبر عن السلطة الأموية في دمشق ، لكنه كان الموقف المعبر عن المستفيدين منها في المناطق الإسلامية الأخرى والتي كانت من الناحية الجماهيرية تتعاطف أكثر مع علي بن أبي طالب .
   لقد تميزت الحشوية أو أهل الحديث بالاعتماد في رؤيتهم العقائدية على ما اعتبروه صحيحاً سندياً من المرويات المنقولة عن النبي (ص) والصحابة بشكل عام ، دون أي معيار آخر سواء عقلي أو قرآني ، رغم درايتهم بمدى التلفيق الذي شاب عملية النقل عن النبي (ص) في العهد الأموي .
   ومن الملاحظ أن النوبختي ربط ما بين أهل الحديث والمرجئة ، وهي طائفة ظهرت سياسياً في المرحلة الأخيرة من الدولة الأموية ، وقد يكون هذا الربط غريباً خاصة مع العداء بين الفريقين في المراحل التالية للأمويين ، بالإضافة إلى أن بعض المرجئة اتخذوا موقفاً سياسياً إيجابياً في الفترات الأخيرة من الدولة الأموية وهو ما يتعارض مع مبدأ أهل الحديث ، وتشير النصوص التاريخية إلى أنهم كانوا أكثر مرونة في علاقتهم مع الطوائف الأخرى[15] .
إلا أن النصوص الرجالية الأولى تشير إلى صحة هذا الموقف عبر اتهامها لابي حنيفة النعمان الفقيه وإمام المذهب المعروف بالانتماء للمرجئة[16] ، كما تشير بعض النصوص إلى اعتناق عدد آخر من أهل الحديث لمبدأ الإرجاء كشرحبيل بن عامر الشعبي ، وعبدالرحمن بن ابي ليلى[17] ، وهي إشارات تؤكد أن المرجئة لم تكن سوى فريق من الحشوية (أهل الحديث) أتخذ موقفاً أكثر راديكالية وإصلاحية في الفترة الأخيرة من الدولة الأموية للحفاظ على مكتسباته المرتبطة ببقاء الدولة بصفة عامة بغض النظر عن شخص الخليفة .
   إن الاستعراض السابق يشير إلى أن أهل الحديث وهم الآباء الأوائل للسلفيين قد ظهروا كطائفة في فترة التحولات إلى النمط الإقطاعي الكامل ، وفي مرحلة لاحقة عندما وصلت الدولة الأموية إلى مرحلة من التأزم الاجتماعي والسياسي قام مجموعة من أهل الحديث بالتحرك لإيجاد مخرج إصلاحي يبقى على النظام الإقطاعي الأموي ، مع إصلاح عناصر الفساد فيه ، وليس أدل من أن الحارث بن سريج في ثورته عام 126 هـ لم ينادي بالقضاء على الأمويين وإنما انحصرت مطالبه في مواجهة الوالي الأموي بخراسان ومطالبته بتطبيق الكتاب والسنة وتولية أهل الخير[18]· .
   وقد شهدت المرحلة العباسية والتي كانت تعد إنتصاراً نوعياً للطبقة التجارية الكبرى والإقطاع الإقليمي ، نوعاً من التفتت بين أوساط الحشوية والمرجئة نتيجة ما أنتجته هذه الفترة من حريات في الحالة الاقتصادية والثقافية ، حيث انقسمت المرجئة على عدة اتجاهات كان أهمها مذهب الإمام أبو حنيفة النعمان الذي تأسس في هذه الفترة وأصبح فيما بعد المذهب الرسمي للعباسيين على يد تلميذه أبي يوسف الذي تولى مهام القضاء في عهد الخليفتين العباسيين موسى الهادي ثم هارون الرشيد[19] ، كما انقسمت الحشوية ما بين عدة مدارس كمدرسة الإمام مالك بن أنس ومدرسة سفيان الثوري ومدرسة الليث بن سعد الذي سعى للجميع بين أهل الحديث وأهل الرأي[20] ، وبينما تمكنت مدرسة الإمام مالك من الاستمرار ، فقد عانت المدرستان الأخيرتان من الموات حتى ظهور مدرسة الإمام الشافعي والذي واصل بنجاح محاولة الجمع بين الحشوية والمرجئة مرة أخرى في مصر بعد تأثره بالليث بن سعد[21]· ، وظهور مدرسة الإمام أحمد بن حنبل والتي كانت في جوهرها إعادة لإحياء مدرسة الحشوية بتقاليدها القديمة .
   والملاحظ أن كل من مذاهب أبو حنيفة النعمان ومالك بن أنس والشافعي قد أتخذا موقفاً مرناً للغاية من الآخر[22] ، بل وكانت لها محاولات ثورية إصلاحية حيث تعاطف أبو حنيفة النعمان ومالك بن أنس مع ثورة محمد بن عبدالله النفس الذكية[23] ، بينما كان تعاطف الشافعي مع الثورات العلوية بصفة عامة معروفاً وورطه في مواجهة مع الخليفة العباسي هارون الرشيد[24] ، كما مثل المذهب الفقهي لبعض المعتزلة كالقاضي عبدالجبار[25] .
   في المقابل أدى التحول مرة أخرى إلى الانغلاق الفكري والتشدد الإقطاعي في عهد المتوكل العباسي إلى إعادة انتاج الحالة السلفية عبر ظهور المدرسة الحنبلية نتيجة رغبة الخليفة العباسي في التقوي بهذه المدرسة في مواجهة التيارات الأخرى المعارضة لحكمه[26] .
   وقد سعت المدرسة الحنبلية لإعادة أحياء الأصول الأولى لمدرسة أهل الحديث (الحشوية) أثناء صراعها مع المعتزلة ، متخذة لخطوات متباعدة تدريجياً عن المدارس الفقهية الأخرى ، وأنفصلت عنها لاحقاً المدرسة الأشعرية في الأصول[27] ، في إنتاج آخر لنفس التجربة ما بين الحشوية والمرجئة .
   إن الأصل الواحد لكل هذه المدارس الدينية لم ينف التباعد الذي تم بينها تدريجياً في العصر العباسي حتى تحول كل منها لمعتقد مستقل ومنفصل عن الآخر ، أدى فيما بعد لنشوب حالات متعددة من الصراع والصدام بينها .

   1 - الظاهرة السلفية في مصر قبل مبارك

   كان دخول التيار السلفي إلى مصر مبكراً للغاية حيث تعاطف بعض المصريين مع الحركة الوهابية الممثلة لهذا التيار عندما حدث الصدام الأول بين والي مصر محمد علي وبين الدولة الوهابية الأولى سنة 1811 واستمر حتى سنة 1818 م ، ويرى بعض الباحثين أن السبب في اهتمام محمد علي بالقضاء على الحركة الوهابية هو إنزعاجه من انتشار الآراء الوهابية في القاهرة[28]· .
   ومن الواضح أن نجاح محمد علي في القضاء على الحركة الوهابية لم يؤد إلى وأد هذا الانتشار فقد استمرت الأفكار الوهابية متواجدة على استحياء في الأوساط الدينية ، وإن تمكن بكل تأكيد من إخماد أي نشاط حقيقي لها في مصر ، ويحمل بعض الباحثين الشيخ الشامي محمد رشيد رضا (1865 – 1935)· مسئولية إعادة النشاط للأفكار الوهابية في مصر مرة أخرى بعد أن حظى بالدعم السعودي المادي والذي اعترف هو شخصياً به في بعض رسائله الخاصة[29]· .
   لقد تمكن الشيخ رشيد رضا في تأسيس مدرسة الدعوة والإرشاد لتخريج دعاه للدين الإسلامي سنة 1912 ، واستغلها لنشر المذهب الوهابي والتبشير بمبادئه ، كما خصص مجلته المنار للترويج للآراء الوهابية والدفاع عن سياسات الدولة السعودية الوليدة ، والهجوم على خصومها من أبناء المذاهب المخالفة كالشيعة والصوفية ، وأخيراً القيام بنشر الكتب المروجة للمذهب الحنبلي والفكر السلفي ككتب ابن تيمية وابن القيم وابن حجي الحنبلي النجدي[30] .
   لقد أدى نشاط الشيخ رشيد رضا إلى بروز عدد من الجمعيات السلفية في مصر ، بعضها تأسس بالفعل بناء على الفكر السلفي ، كجمعية أنصار السنة المحمدية والتي أسسها الشيخ حامد الفقي سنة 1926 ، وجمعية الشبان المسلمين التي تأسست بدعم من الشيخ محب الدين الخطيب سنة 1927 وتولى رئاستها الدكتور عبدالحميد سعيد ، وكان حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين أحد المترددين عليها[31] ، وهناك عدة جمعيات أخرى لم تكن على نفس القدر من الشهرة كجمعية مكارم الأخلاق الإسلامية ، جمعية الهداية الإسلامية ، جمعية الوعظ والدعوة الإسلامية ، جمعية نشر الفضائل الإسلامية ، جمعية إحياء السنة والجمعية السلفية ، ويشير مارسيل كولومب إلى أن بعض هذه الجمعيات نشأ لهدف محدد وبالتالي فقد انتهى وجوده سريعاً بعد انتهاء الظروف التي أدت لوجودها ، وأنها كانت تلعب دوراً يتزايد مع الأيام في أوساط الطبقة المتوسطة[32]· .
   لكن من الملاحظ أن التمدد السلفي لم يكتفي بالتأسيس لجمعيات وإنما سعى كذلك لاجتذاب جمعيات تأسست على المنهج الصوفي لتتحول فجأة إلى المنهج السلفي وتوجه سهام نقدها للتصوف عبر الدعم السعودي ، كالجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة والتي أسسها الشيخ محمود خطاب السبكي سنة 1913 وكانت في بدايتها موالية للتصوف لكن بداية من سنة 1926 تحول منهجها إلى الفكر السلفي وبدأ الشيخ السبكي يهاجم الصوفية وألف عدد من الكتب في تأييد منهجه الجديد والذي واصله نجله أمين السبكي بعد وفاة الأب سنة 1931[33] .
   والغريب أن هذه الجمعيات تأسست في الفترة ما بين أواخر سنة 1926 وبدايات 1927 ، وحتى الجمعية الشرعية التي تحولت من التصوف للمذهب السلفي أعلنت عن تحولها في سنة 1926 .
   وربما ليس من المصادفة أن يكون عام 1926 والذي شهد بداية نشأة الجمعيات السلفية هو نفسه الذي شهد الصراع ما بين العرشين المصري والسعودي على منصب الخلافة الإسلامية ، والذي خلا من شاغره عقب إعلان مصطفى كمال أتاتورك إنهاء الخلافة الإسلامية في استانبول سنة 1924 ، ففي مايو من هذه السنة أقام الملك المصري أحمد فؤاد مؤتمر القاهرة للترويج لمشروع توليه الخلافة الإسلامية لكن المعارضة العلمانية في مصر أفشلت المشروع ، وفي يونيو من نفس العام أقام عبدالعزيز آل سعود مؤتمر مكة ، ورغم المقاطعة المصرية للمؤتمر فقد أرسلت مصر الشيخ الظواهري الذي تمكن عبر الانتقادات التي وجهها للوهابيين من إفشال خطط الملك السعودي في الترويج لتوليه منصب الخلافة ، وبالتالي فمن الضروري وضع هذه الجمعيات التي نشأت في زمن متقارب ضمن المسعى السعودي لاختراق الواقع المصري وإجباره على عدم معارضة المشاريع السعودية[34] .
   ومن الضروري هنا التوقف عند التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي رافقت هذا التواجد الفكري ففي هذه المرحلة كانت مصر تنجز تحولها إلى الرأسمالية كنمط إنتاج ، وساعد على هذا التطور حصول البلاد على استقلالها في 28 فبراير 1922 بالرغم من كونه منقوصاً[35] ، وشهدت مصر تطوراً صناعياً كبيراً نتيجة إنسياب رؤوس الأموال الأجنبية أثناء الحرب العالمية الأولى وما بعدها ، وتلا حصول مصر على استقلالها السياسي نهضة صناعية كبرى أدت إلى زيادة ضخمة في عدد العمال بعد أن تقلص الضغط الإنجليزي الذي كان يسعى للحد من أي تطور صناعي مصري[36] .
   وقد أدت هذه التطورات إلى البروز الواضح للطبقة العمالية وبالتالي إنتشار الأفكار الليبرالية واليسارية والتي تلقاها المصريين من الأجانب الذين هاجروا إلى مصر ومن مواطنيهم الذين درسوا في أوروبا ، وقد شهد شهر ديسمبر 1922 تأسيس الحزب الشيوعي المصري بقيادة محمود حسني العرابي ، وقبلها كان قد تأسس الحزب الاشتراكي بقيادة سلامة موسى سنة 1921[37] ، كما تأسست في مرحلة سابقة ومع بدايات القرن العشرين عدة أحزاب ليبرالية ووطنية كالحزب الوطني المصري ، وحزب الوفد ، حزب الإصلاح ، الحزب الدستوري وحزب الأحرار والتي عبرت عن البرجوازية المصرية وطبقة كبار الملاك .
   ومع انتشار هذه المدارس الفكرية القادمة من أوروبا فقد سعت المؤسسة الدينية إلى الدفاع عن كيانها ورؤيتها المتحفظة للمجتمع والأوضاع في مصر ، وبالتالي كان من الطبيعي أن تشهد مصر عدة صدامات فكرية بين المدارس المتأثرة بالأفكار الغربية الحديثة وبين المؤسسة الدينية والمتمثلة بالأزهر والتي برزت بوضوح في قضية كتاب الشيخ علي عبدالرازق "الإسلام وأصول الحكم" ، وكتاب " الشعر الجاهلي " لطه حسين[38] .
   وبالرغم من أن الأزهر تمكن عبر نفوذه الكبير من إسقاط عقوبة شديدة على الشيخ علي عبد الرازق ، كما تمت مصادرة كتاب الشعر الجاهلي لطه حسين ولم يطبع مرة أخرى إلا بعد أن قام بحذف المقاطع التي تحفظ عليها الأزهر[39] ، فالواقع أن هذا لم ينف أن الرؤى الغربية أصبحت أكثر رواجاً بين الشباب المصري وهو ما مثل تحد لم يكن الأزهر بوضعه الراهن قادر على مواجهته دون مساندة من القصر الملكي .
   ولابد من الإشارة إلى أن سنة 1924 قد شهدت كذلك إلغاء الخلافة الإسلامية العثمانية في تركيا على يد مصطفى كمال أتاتورك والذي تبنى العلمانية كمبدأ للدولة التركية الحديثة ، ورغم أن التيارات الليبرالية والعلمانية في مصر لم تفكر في تنحية الدين جانباً باعتباره شأناً فردياً كما فعل كمال أتاتورك[40] إلا ان طروحاتهم فيما يبدو شكلت استفزازاً كبيراً لرجال الدين المتحفظين وأتباعهم .
   في هذه الأجواء كان الصراع المصري السعودي بالتأكيد يصب لصالح التيارات العلمانية ، بالرغم من أن الأزهر بصفة عامة لم يكن يؤيد الآراء الوهابية التي اعتبرها متطرفة تجاه المخالفين ، إلا أن مرحلة التحول المصرية من الاقطاع إلى الرأسمالية كما هو واضح كانت المرحلة التي شهدت دخول السلفية كتيار إلى مصر ، كما أن الصدام الفكري الذي نشأ عن هذا التحول هو ما سمح لرشيد رضا باختراق الأوساط الدينية واجتذابها للمذهب الوهابي إعتماداً على الإمكانيات المالية الضخمة ، وعلى الإيحاء بأن الدولة السعودية تمثل البديل لفكرة الخلافة الإسلامية التي سقطت في أستنبول· .
   نشأة جماعة الإخوان المسلمين
   من بين الجمعيات التي أشرف على إنشائها الشيخ محمد رشيد رضا هي جمعية الإخوان المسلمين ، والتي نشأت في سنة 1928 على يد الشيخ حسن البنا· ، وقد سعى الكثير من الباحثين إلى محاولة الكشف عن خلفيات نشأة هذه الجمعية والتي مارست ومازالت تمارس دوراً كبيراً في الواقع المصري .
   في أثناء الصراع الذي قام بين البيتين المالكين المصري والسعودي على الخلافة كان لحادثة الاعتداء السعودي على المحمل المصري أثناء موسم الحج في يونيو 1926 أثره الضخم في صياغة العلاقات بين مصر والسعودية بشكل كبير ، فقد شنت الصحف المصرية هجوماً ضخماً على الحكم السعودي في الجزيرة العربية ، ولم تفلح كل محاولات الجمعيات السلفية السابقة وحتى كتابات الشيخ رشيد رضا في تبرير أو الدفاع عن الملك السعودي ، وقد تلا هذه الحادثة النشأة المريبة لعدد كبير من الجمعيات السلفية كما سبق الإشارة إليه ، وكانت نشأة الإخوان المسلمين كما أشار أحد الباحثين نتاج لهذا التوتر والشحن القوي ضد الحكم السعودي الذي تسببت فيه هذه الحادثة إلا انها – كما هو واضح – كان لها دور مختلف عن باقي الجمعيات الأخرى ومعبر عن طموحات مؤسسها الشيخ حسن البنا وبينما كانت الجمعيات السابقة مبتعدة عن السياسة وحريصة للغاية على هذه الصفة ، كانت جماعة الإخوان المسلمين سياسية بالأساس[41] .
   من الغريب أن المصادر الأخوانية بناء على ما صرح به الشيخ حسن البنا ذاته تشير إلى خلفية صوفية له ، حيث كشف في كتابه مذكرات الدعوة والداعية عن انتمائه لفترة إلى الطريقة الحصافية ، ومشاركته لهم في مجالس الذكر عقب صلاة العشاء بعد فراغه من الاستماع لدرس الشيخ زهران بين المغرب والعشاء وهو في الرابعة عشرة من عمره ، ويصف البنا حلقة الذكر الحصافية : " فاجتذبتني حلقة الذكر بأصواتها المنسقة ونشيدها الجميل وروحانيتها الفياضة ، وسماحة هؤلاء الذاكرين من شيوخ فضلاء وشباب صالحين ، وتواضعهم لهؤلاء الصبية الصغار الذين اقتحموا عليهم مجلسهم ليشاركوهم ذكر الله تبارك وتعالى "[42] .
   ومن الغريب أن الباحث جمال البنا وهو شقيق حسن البنا لم يذكر في كتابه " خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه " أي شيء عن تأثر الأب بالطرق الصوفية ، بل يشير إلى اهتمام الأب البالغ بتصنيف كتاب المسند لأحمد بن حنبل وشرحه ، وهو ما قد يتعارض مع ميل نجله للتصوف خاصة وأنه كان في سن صغيرة عندما بدأ تجربته الصوفية ، وهذا الاهتمام من والده بمسند أحمد إشارة واضحة لما كان لديه من ميول حنبلية[43]· سوف تتعامل مع التصوف ورجاله بقدر من التوتر ، بل أن في بعض كلمات الباحث جمال البنا ما يشير إلى وجود آراء سلفية لدى والده[44] ، وقد ظهر هذا بوضوح على سلوكيات نجله حسن البنا والذي أسس جمعية سرية في صغره أطلق عليها اسم جميعة منع المحرمات وكانت مهمتها مراقبة سلوكيات وممارسات الأفراد وتوبيخهم عبر خطابات مجهولة الهوية في حال إرتكابهم ما يعتبره أفراد الجمعية محرماً[45] .
   إن هذا الارتباط المبكر بالفكر السلفي سواء من ناحية المعتقد المتوارث عن الأب أو السلوك الفردي يطرح علامات استفهام كثيرة حول حقيقة ارتباط الشيخ حسن البنا بالتصوف في شبابه المبكر وحرصه على حلقات الذكر التي تعد من البدع لدى الحنابلة ، وعلى الرغم من أن التفاصيل التي أوردها الشيخ حسن البنا عن هذه الطريقة وسلوكيات مؤسسها بشكل عام تجعلها أقرب بالفعل إلى السلفية من كونها طريقة صوفية[46] ، إلا أن حرصها بشكل عام على التعاليم المميزة للتصوف وبعض مظاهره يضعها في ورطة بالنسبة لأي شخص متأثر بالمذهب الحنبلي .
   وقد وجه الشيخ البنا بالفعل النقد إلى الممارسات الصوفية في مذكراته وأن كان نقداً مهذباً بشكل عام يختلف عن الطريقة المعتادة لدى السلفيين في انتقادهم للمخالف ، لكنه في كل الأحوال امتدح أسلوبهم في التربية والسلوك ، كما اعترف بدورهم الكبير في نشر الإسلام بالقارة الأفريقية وغيرها من المناطق النائية ، وطالب بضرورة أن يتدخل المصلحين لإصلاح التصوف معتبراً أنها مهمة سهلة ولا تحتاج سوى لتفرغ المصلحين[47] .
   وفي مذكراته اعترف أن تأسيسه لجماعة الإخوان المسلمين سنة 1928 قد جوبه بمعارضة من شيخ الطريقه الحصافية السيد عبدالوهاب الحصافي نجل مؤسس الطريقة الشيخ حسنين الحصافي دون أي توضيحات عن تفاصيل هذه المعارضة وأسبابها[48]· ، وإن لم يكن من الصعب التخمين بأن الانتماء السلفي للجماعة أحد أهم أسباب هذه المعارضة ، وقد تغير هذا الموقف الايجابي المهذب من التصوف لدى حسن البنا لاحقاً بعد أن أيقن عدم قدرته على استغلالها لصالح دعوته فأعلن عداؤه بشكل صريح للطرق الصوفية وتقاليدها[49] .
   وبالتالي فمما يزيد من إلحاح هذه التساؤلات حول العلاقة بين البنا والتصوف أن الشيخ في الوقت الذي كان فيه عضواً بالطريقة الحصافية ، فقد كان على اتصال كذلك أثناء وجوده بالقاهرة بالشيخين السلفيين رشيد رضا ومحب الدين الخطيب ، وقد تحدث في مذكراته عن حضوره لجلساتهما في هذه الفترة وتأثره بهما[50] وهما من المعادين للتصوف بصفة عامة .
   وثمة تساؤل آخر يطرح نفسه بكل تأكيد فالشيخ حسن البنا كان من المؤسسين لجمعية الشبان المسلمين سنة 1927 ، وهو نفس عام تخرجه من كلية دار العلوم ، إلا أنه وبحماسة مثيرة للتساؤل يتمكن من تأسيس جماعة الإخوان المسلمين في سنة 1928 دون توضيح لسبب انشاء الجماعة الثانية واختلافها عن الجمعية الأولى ، كما لا يبدو واضحاً الكيفية التي من خلالها حققت الجماعة انتشاراً واضحاً في مصر ما بين الاسماعيلية والقاهرة ومدن أخرى كما امتلكت صحافة ومطبعة وفي خلال 11 عام كانت جماعة الاخوان قد امتلكت وضع اقتصادي مستقل واصبح لها أنشطتها الاجتماعية والصحية والتعليمية[51] .
   لقد طرح بعض الباحثين إشكالية علاقة الجماعة منذ بداية نشأتها بالدولة السعودية والتي كانت تسعى لاختراق المجتمع المصري ، عبر هذه الجمعيات المروجة للمباديء الوهابية ، وكان هذا الطرح مبرراً لهذا الانتشار والتوسع الغير منطقي للجماعة ليس على المستوى الجماهيري بقدر ما هو على مستوى الإمكانيات ، وذلك في مقابل صغر سن المؤسس والذي كان قد تخرج لتوة من كلية دار العلوم ، وعمله كمعلم إلزامي براتب صغير لا يفي بمسئوليات تأسيس وتوسع جماعة بهذا الحجم وفي فترة قصيرة للغاية ، والتشابه الواضح في الإسم بين جماعته وجماعة الإخوان المسلمين والتي كانت الجيش العقائدي المؤسس للدولة السعودية[52] ، وحرص الشيخ نفسه على الإمساك بتفاصيل التمويل المالي لجماعته والاحتفاظ به سرياً ورفض تماماً مطالب بعض الزعامات الإخوانية التي طالبته بضرورة تكوين هيئة قوية لمراقبة المال والمحافظة عليه لتكون مسئولة أمام الإخوان المسلمين ، وهو ما أدى لانشقاقهم واتهامهم له بالعمالة وتقاضي أموال من جهات أجنبية .
   وقد اتخذت الانشقاقات على البنا عدة موجات بدأت سنة 1932 وهي فترة مبكرة من تأسيس جماعة الإخوان ، ثم سنة 1939 والذين أطلقوا على انشقاقهم إسم شباب محمد ، ثم إنشقاق رفيقه ونائبه أحمد السكري سنة 1947[53] ، وبالتأكيد فإن هذه المواقف لبعض الإخوان وخاصة الانشقاق الأول والمبكر سنة 1932 ، بالإضافة لشهادة الأستاذ محمد حسين هيكل والتقارير التي كتبها ضباط البوليس السياسي والتي وجهت الاتهامات المباشرة للشيخ بتلقي معونات وعطايا مالية من بعض دوائر الحكم السعودي[54] ، كلها شواهد تؤيد موقف المتهمين للشيخ بالحصول على دعم أجنبي أياً يكن مصدره ، بالرغم من أن السيطرة المطلقة للشيخ حسن البنا على مصادر تمويل الجماعة لم تمكن أياً من هؤلاء على إثبات ما يقوله عبر وثيقة مادية .
   الواقع أن الشيخ لم ينكر بدوره علاقته بالمملكة العربية السعودية وبعض رجالاتها كحافظ وهبة ، والتي تمت عن طريق الشيخين رشيد رضا ومحب الدين الخطيب[55] ، ولا تأييده لسياستها وخلافه مع الحكومة المصرية نظراً لرفضها الاعتراف بالدولة الناشئة واتهامه لها بالخضوع لإرادة الانجليز بالرغم من دور الأخيرين في تأسيس ودعم العرش السعودي[56] ، كما لم ينكر الأستاذ جمال البنا في كتابه عن الرسائل المتبادلة بين البنا ووالده العلاقة بين الطرفين ولا العلاقة بين الدوائر الدينية الفاعلة في السعودية وبين والد حسن البنا ، بل أن جمال البنا يتساءل عن الكيفية التي تمكن فيها والده من طبع ثلاثة عشر جزءاً من كتابه الفتح الرباني في ست سنوات من 1934 – 1940 رغم الضائقة المالية التي كانت الأسرة تعاني منها ، ولم يجد إجابة على هذا التساؤل سوى انتشار صيت حسن البنا بما مكن الأب من التواصل مع شخصيتين ثريتين من جدة وهما السيد محمد نصيف أحد أشهر أعيان جدة والشيخ عبدالظاهر أبو السمح وهو مصري سلفي مقيم بمكة وعن طريقهما تعرف على الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ أحد أحفاد محمد بن عبدالوهاب مؤسس الدعوة الوهابية[57] .
   وقد أورد جمال البنا من بين الرسائل التي تلقاها والدة من الثري السعودي محمد نصيف ما يفيد عن مدى القبول الجيد الذي كانت تلقاه مجلة الإخوان وكتاباتهم في الدولة السعودية : " وأي أثر أكبر من خدمة السنة النبوية وإرشاد الأمة الإسلامية بمجلة الإخوان المسلمين وما بها من نصائح غالية في هدوء وسكون وبعد عن الجدال بالباطل "[58] .
   وبغض النظر عن العلاقات ما بين الإخوان المسلمين والحكومة السعودية ، فالواقع أن طبيعة الإخوان كجماعة وطبيعة السلوك السياسي لها قد شابه بعض الاختلاف عن السلفية ، فالواقع أن الإخوان كانوا دائماً أكثر مرونة من السلفيين في التعامل مع الآخر الديني مثل الصوفية وحتى الشيعة[59]· إنطلاقاً من أدائهم السياسي ، رغم أن هذه المرونة لم تشمل تقبل حقوقه في الاختلاف انطلاقاً من اعتقاد الإخوان بأن رؤيتهم هي الرؤية الصحيحة للدين ، وهم في هذه النقطة يشبهون لحد كبير الموقف الذي اتخذه المرجئة سابقاً بعد انفصالهم الحركي وليس العقائدي عن الحشوية .
   ورغم الانتشار الكبير الذي حققته هذه الجمعيات بالاضافة لجماعة الإخوان بين الشعب المصري نتيجة ما كانت تقدمه من خدمات إجتماعية وهجومها على بعض المظاهر والعادات المنتشرة والتي كانت تخالف تقاليد المجتمع الشرقي[60] ، فالواقع أنها لم تتمكن من تحقيق نفوذاً حقيقياً يمنحها تأثيراً سياسياً أو عقائدياً فاعلاً ، فقد ظل الفكر الأزهري الذي يدين بالأشعرية هو المسيطر ، كما ظل الولاء السياسي للشعب المصري ينقسم ما بين الأحزاب التقليدية كالوفد والأحرار بالإضافة للتنظيمات الشيوعية التي حققت كثافة واضحة بين تجمعات العمال ، وبالتالي لم يكن صعباً على رئيس الحكومة المصرية محمود فهمي النقراشي باشا أن يصدر قراراً بحل جماعة الإخوان المسلمين في 8 ديسمبر 1948[61] ، ولم يجد جمال عبدالناصر أي مشقة تذكر عندما قرر القضاء على الجماعة بعد صدامها معه سنة 1954 ومحاولاتها لاغتياله في حادثة المنشية الشهيرة ، واندفعت الجماهير المصرية لحرق المقر الرئيسي للجماعة[62] ، ثم صدر في سنة 1954 قرار مجلس قيادة الثورة بحل الجماعة واعتقال مرشدها حسن الهضيبي وبعض القيادات الإخوانية[63] ، ولم تتمكن الجمعيات السلفية السابقة من مواجهة تمدد الأفكار القومية واليسارية خلال العهد الناصري ، خاصة بعد ضعف موارد تمويلها المادية نتيجة الخلاف السياسي بين حكومة الثورة وبين السعودية ، كما قامت الحكومة المصرية بإصدار عدة قوانين كان من شأنها إحكام الرقابة على هذه الجمعيات كالقانون 384 لعام 1956 ، والذي أدى لحل هذه الجمعيات وإعادة صياغة نصوصها مرة أخرى ومنع مشاركة الممنوعين من مباشرة حقوقهم السياسية من تأسيس أو عضوية هذه الجمعيات ، ثم وجهت الثورة ضربة قوية للغاية لهذه الجمعيات عندما قامت سنة 1952 بإلغاء الوقف الأهلي والذي كان يمثل أحد أهم الروافد المالية الداعمة لهذه الجمعيات[64] .
   ورغم ضعف التأثير والدور الذي أتيح لهذه الجمعيات في الفترة الناصرية ، إلا أن احتفاظها بشرعية الوجود القانوني مثل التربة الخصبة لبقاء الفكرة السلفية ، بل أنه مكن الجماعة من إعادة تشكيل تنظيمها مرة أخرى سنة 1965 ، وهو التنظيم الذي أكشتفته الأجهزة الأمنية وتمت محاكمة أعضائه وإعدام قائده سيد قطب[65]· ، كما دفع بعض النشطاء السياسيين من الإخوان للانضمام إليها ومحاولة استغلالها واعتبارها أحد وسائل الترويج لمبادئ الجماعة[66]· ، مما أدى في بعض الأحيان إلى حلها كما حدث للجمعية الشرعية سنة 1969[67] .
   والواقع أن تطور الانتاج الصناعي المصري في العهدين الملكي والناصري والذي أدى إلى انفتاح المجتمع المصري على الكثير من الأفكار والثقافات الغربية نتيجة التواجد الأجنبي المكثف ، وانعكاس هذا التطور في المجال السياسي على نشاط واسع للأحزاب المعبرة عن الأيدلوجيات السياسية الليبرالية واليسارية المتنوعة وخاصة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ، لم يسمح للاتجاهات السلفية بأي انتشار أو نفوذ حقيقي في الشارع المصري[68]· ، ناهيك عن وجودها وسط الصراع السياسي بين الدولتين المصرية والسعودية على زعامة المنطقة ، وهو الصراع الذي تضاعف كثيراً في الفترة الناصرية .
      ورغم أن الجمعيات السلفية ومن بينها الإخوان كان أحد مسببات قيامها هو مواجهة الأفكار الغربية ، إلا أنها تحت ضغط الصراع القوي مع الأيدلوجيات الليبرالية واليسارية والتي حققت انتشاراً كبيراً في الشارع ، أجبرت على تقديم تنازلات عديدة في سبيل الحفاظ على الوجود .
   على أن المشروع الليبرالي الذي رعته الرأسمالية المصرية الناشئة مع بدايات القرن العشرين لم يكتب له البقاء مع قيام البرجوازية الصغيرة بثورتها العسكرية سنة 1952 وتبنيها لمشروع وطني وقومي في مواجهة الغرب عبر نظام حكم إستبدادي من الناحية السياسية[69]· ، ورغم أن هذا المشروع كان يصطدم تماماً مع المشروع السلفي ، كما أن الحكم الناصري واصل الخلاف والرفض المصري التقليدي الخضوع للنفوذ السلفي السعودي ، إلا أن الاستبداد السياسي في الفترة الناصرية ساهم في تماسك المجموعات السلفية بل وقدرتها على البقاء بالرغم من الضربات الأمنية التي تعرضت لها[70] .
   وبالتالي فما أن تعرضت التجربة الناصرية لنكسة 1967 حتى برزت على السطح السلبيات التي نجحت المنجزات الناصرية السابقة في مداراتها وبالأخص حالات الفراغ والسلبية السياسية والتي غالباً ما تؤدي إلى التمرد على الواقع حتى لو كان يتميز بالمنجزات على المستوى المادي[71]· .
   كانت هزيمة يونيو 1967 تمثل إجهاضاً للمشروع القومي الناصري الذي تبنته البرجوازية الصغيرة ، واستغلته البرجوازية الكبيرة بهدف إستمرار سيطرتها على السلطة حتى وهي خارج الحكومة· ، وعندما إهتز هذا المشروع تحت وطأة الهزيمة ، سعت البرجوازية الكبيرة للانقلاب بدورها على المشروع الناصري لإعادة صياغة واقعها الخاص تدريجياً باستخدام الإحياء الديني لمواجهة الاتجاهات القومية والماركسية .
   ومع وفاة جمال عبدالناصر وتولي أنور السادات للحكم ، فقد بدأت الإجراءات العملية للقضاء على الفترة الناصرية ، حيث تخلص السادات في 15 مايو 1971 من كل رجال عبدالناصر في الحكم ، كما بدأ في الإفراج التدريجي عن معتقلي الإخوان في نفس العام ، وفي 8 يوليو 1975 شملهم العفو العام الذي صدر عن الجميع في القضايا السياسية قبل 15 مايو 1971[72] .
   كان من الواضح أن السادات يرغب في التقوي بالتيارات الدينية في مواجهة خصومه من التيارات الوطنية الأخرى[73] ، وبالتالي فقد سمح لها بأن تحاول لملمة صفوفها مرة أخرى كي تتمكن من خوض هذه المواجهة .
   وفي سنة 1972 سمح لجمعية أنصار السنة المحمدية والجمعية الشرعية بالعودة للعمل مرة أخرى[74] ، كما نشأت في جامعة القاهرة جماعة طلابية تحت مسمى الجماعة الدينية اطورت فيما بعد إلى الجماعة الإسلامية ، وتعاونت مع المجموعات الإخوانية في الجامعة[75] نظراً لافتقادها لأي رؤية حقيقية تجاه الواقع والقضايا التي تعيشها مصر ، ويشير الكاتب عادل حمودة إلى أن المجموعات الإسلامية في هذا الوقت : " لم تشغلها قضية إحتلال الوطن بقدر ما شغلتها قضية الفصل بين الجنسين في المدرجات "[76] ، إلا أنها في مرحلة تالية أدركت أن الابتعاد عن القضايا الوطنية والمصيرية والإصرار على القضايا السلوكية والأخلاقية سيعزلها عن القواعد الطلابية ، وبالتالي فقد أجبروا على التعاون من المجموعة السلفية الأكبر وهي الأخوان ، ولكن كلاهما كان مضطراً كذلك على أن يتحرك خلف اليسار الذي كان هو الأكثر قوة في الجامعة ، وبالتالي لم تأت سنة 1973 إلا وكان للتيار السلفي تواجد حي وقوي بما يكفي لكي يعلن عن هويته بوضوح بل ويصطدم باليسار بعد أن تحالف مع النظام[77]· .
   وحتى سنة 1977 كانت المجموعات السلفية تتحرك ككتلة واحدة قبل أن يحدث الانقسام بين صفوفها وتظهر التمايزات في مواقفها تجاه سياسات النظام ما بين تيار الجهاد ، والجماعة الإسلامية ، والإخوان ، بالإضافة للتيار السلفي التقليدي[78] .
   وبالرغم من أن النظام الساداتي كان هو الداعم الأساسي للمجموعات السلفية إلا أنه لم يضع في اعتباره أن منح هذه التيارات المتطرفة دينياً قدراً كبيراً من حرية الحركة والسلطة في مواجهة القوى الوطنية سوف يؤدي في لحظات الانتصار الوهمية لهذه التيارات إلى ظهور إنشقاقات غير محسوبة بين صفوفها نتيجة التعارض الواضح ما بين الدولة التي تؤمن بها وتتبنى مصالحها بشكل مطلق وبين ما يطبقه النظام الساداتي فعلياً .
   ورغم أن الخلاف اتخذ شكلاً فكرياً فإنه في جوهره كان خلافاً إقتصادياً واجتماعياً ما بين المجموعات الدينية التي احتفظت بانتمائها للبرجوازية الصغيرة ، وعانت كثيراً في الفترة الناصرية ، وبين المجموعات التي تمكنت من السفر إلى الخليج وتكوين ثروات واستثمارات ضخمة كانت حريصة على تنميتها في ظل الأوضاع الجديدة[79]· ، وبالتالي فقد سيطرت مصالحها على قرارها في مواجهة النظام المنقلب بدوره على كل مكتسبات البرجوازية الصغيرة في العهد الناصري .
   كانت مظاهر الصدام متعددة ، فقد هاجمت المجموعات الإسلامية الصلح الذي قام به السادات مع الكيان الصهيوني· ، كما هاجمت استضافته لشاه إيران عقب نجاح الثورة الإسلامية سنة 1979 ، كما هاجمت طريقته في التعامل مع أحداث الفتنة الطائفية في المنيا والزاوية الحمراء معتبرين أنها جاءت منحازة لصالح المسيحيين ، بالإضافة للنشاط الإجتماعي والإعلامي المفرط لحرمه ، والذي اعتبروه غير إسلامياً على الإطلاق[80] .
   فيما يخص جماعة الإخوان فقد بدأ الانفصال بينها وبين السادات تدريجياً مع رفض حكومته السماح لها بتأسيس حزب سياسي ، بل وحتى رفضه عودة الجماعة للعمل بصورة شرعية[81] ، وهو ما دفع قيادتها للوعي بأن السادات يستغلها كوسيلة لمواجهة اليسار لا أكثر ، إلا أنها مع دخولها ضمن المعارضة التي واجهت السادات تدريجياً لم تسعى للجوء إلى العنف مع نظامه ، ويرى الكاتب عادل حمودة أن السبب الأساسي لعد إنجرار الجماعة للعنف بأنهم كانوا " جيل الكبار هدته السنون وأصقلته التجربة ، وفرضت عليه الحكمة ، والبدء بالواقع ، والانطلاق منه إلى المطلق "[82] ، ومع ما في هذا الرأي من وجاهة إلا أنه لم يكن السبب الوحيد أو الأساسي لهذا الاختيار السلمي ، فالواقع أن العلاقات الاقتصادية بين رجال الأعمال الاخوانيين وبين النظام كان لها دورها في ضبط أداء الجماعة مراعاة لهذه المصالح المشتركة ، وهو ما لم يعان منه شباب المجموعات الإسلامية المنشقة[83] .
   لقد كانت السمة الأساسية لهذه الفترة هي التحالف ما بين الرأسمال السلفي بتنوعاته وما بين أثرياء البيروقراطية الاشتراكية وأثرياء مرحلة ما بعد الانفتاح ، حيث نجح هؤلاء في انشاء المصارف الإسلامية ، بالاضافة إلى تبني محلات الترويج للبضائع الاستهلاكية[84] ، وهي مشروعات كانت كذلك تحت رعاية الدولة وبالتالي فلم يكن من المتوقع أن تصطدم الاتجاهات السلفية التقليدية أو الإخوانية صداماً حقيقياً بالنظام .
   إلا أن المظهر الأساسي للتحالف ما بين التيار السلفي وما بين الدولة تمثل في شركات توظيف الأموال والتي استفادت من مناخ الانفتاح الاقتصادي الذي تبناه النظام في النصف الثاني من السبعينات ، في مقابل تراجع الاستثمار في المجالات الانتاجية الصناعية والزراعية سواء من قبل الدولة أو من قبل القطاع الخاص الذي سعى للاستثمار في مجالات سريعة العائد وقليلة الانتاجية[85] .
   ويرى الدكتور جلال أمين أن هذه السياسات ولدت مناخاً عاماً بين المصريين يسعى إلى تحقيق " عائد بلا جهد " والثراء السريع دون مؤهلات مقبولة من التعليم أو الكفاءة أو المثابرة في العمل ، وبالتالي فهو على استعداد لتقبل فكرة أيداع فائض أمواله بهذه الشركات والحصول على عائد يبلغ ثلاثة أمثال ما يمكن الحصول عليه من البنوك ، بشرط عدم السؤال عن مصدر هذا العائد أو التدخل فيه[86] .
   إن هذا التنوع الجديد في الانتماءات الطبقية داخل الحركة السلفية هو ما أدى للانشقاقات المتعددة داخل التيار في السبعينات حيث برزت أتجاهات ظلت موالية لارتباطاتها بالبرجوازية الصغيرة والطبقات الدنيا كالجهاد والجماعة الإسلامية والسماويين والتكفير والهجرة[87] ، وهي الطبقات التي تضررت كثيراً من السياسات الاقتصادية لنظام السادات ، وهذه المجموعات هي التي قامت بتبني العنف في مواجهة النظام كنوع من الاحتجاج عليه وعلى المجتمع ، ولم يجد النظام الساداتي من وسائل المواجهة سوى الضربات الأمنية كالتي وجهها لتنظيم الجهاد سنة 1977 ، 1979 وأدت فيما بعد لتبني قيادات الجهاد لفكر الانقلاب على الحكم ، ووصل بها إلى درجة اغتيال الرئيس السادات نفسه في 6 أكتوبر 1981[88] .

   2 – تضخم الظاهرة السلفية في عهد مبارك

      ورث مبارك من سلفه السادات دولة أطلق عليها دكتور جلال أمين مصطلح " دولة رخوة " وهو مصطلح استعارة من الاقتصادي السويدي جنار ميردال في إشارة إلى طبيعة الأوضاع في مصر ومعظم دول العالم الثالث ، حيث تصدر الدولة القوانين ولا تطبقها لما تحيه من ثغرات ولأنه لا أحد يحترم القانون ، والقيود لا تفرض إلا لكي يثري البعض من كسرها والخروج عليها[89] .
   ويؤكد ميردال أنه في ظل هذه الدولة الرخوة ينتشر الفساد نتيجة رخاوتها وانتشاره يزيدها رخاوة ، بل ويتحول كذلك إلى نمط حياة[90] .
   وقد وضع ميردال تفسيراً طبقياً للدولة الرخوة حيث توجد طبقة عليا تتمتع بقدر من القوة تستطيع من خلاله فرض إرادتها على سائر فئات المجتمع . وهي وإن كانت تصدر قوانين وتشريعات تبدو وكأنها ديموقراطية وعادلة في ظاهرها ، فإنها في ذات القوت خاضعة لتطبيق هذه الطبقة التي تملك من القوة ما يتيح لها استخدام ما في صالحها وتجاهل ما يضر بها ، وأفراد هذه الطبقة لا يشعرون بالولاء تجاه وطنهم لقدر ما بدينون بالولاء تجاه عائلاتهم أو عشائرهم ومحاسيبهم[91] .
   كانت مصر قد أصبحت على هذا النحو بالفعل نتيجة السياسات الخاطئة لنظام السادات ، ولم يدخر الرئيس الجديد أي جهد في مواصلة هذه السياسة حتى النهاية ، وهو ما زاد من حالة السخط ومنح المجموعات الإسلامية المتطرفة الكثير من الجماهيرية ، خاصة في المناطق الشعبية المكتظة بالسكان والمحرومة من الخدمات[92] ، ولم يكن لدى النظام في عهد مبارك من وسائل للتعامل مع الجماعات الإسلامية وخاصة الجهاد والجماعة الإسلامية بالاضافة لجماعات أخرى أصغر كالسماويين والشوقيين والتوقف والتبين ، التي تبنت العنف المسلح تجاه السلطة سوى مواصلة الحلول الأمنية لسلفه مستغلة حادثة اغتيال السادات ، مع استمرار نفس السياسات الاقتصادية الخاطئة[93] .
ولم تلبث بعض المجموعات المتطرفة التابعة للجماعتين أو المنشقة عنهما أن قامت بالكثير من العمليات المسلحة ضد الشرطة والسائحين ومحال الذهب المملوكة للمسيحيين عقب تمكنها من لملمة نفسها في فترة أواخر الثمانينات والتسعينات بل وجرت محاولات فاشلة لاغتيال وزير الداخلية زكي بدر سنة 1990 ووزير الداخلية التالي حسن الألفي 1993 ، واغتيال رئيس الوزراء عاطف صدقي سنة 1993 ، واغتيال مبارك نفسه أثناء تواجده في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا في يونيو 1995 ، كما سعى تيار التوقف والتبين لاغتيال وزراء داخلية سابقين كحسن أبو باشا والنبوي اسماعيل والكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد ، إلا أن الدولة واصلت كذلك توجيه ضرباتها الأمنية لهذه المجموعات ولجأت إلى استخدام أكبر قدر من العنف تجاهها في الداخل والخارج وبالتعاون مع المخابرات الأمريكية ، مما أدى بهذه الجماعات في النهاية إلى تبني مبادرة لوقف العنف بين الطرفين سنة  1997 بعدها بدأت هذه المجموعات في مراجعة أفكارها حول التغيير المسلح فيما أطلق عليه مراجعات الجهاد ، بل تحول بعض الناشطين من الجماعة الإسلامية إلى تأييد النظام بشكل أو بآخر[94].
   من ناحية أخرى كان هناك جانب آخر من الظاهرة السلفية في مصر جرى التعامل معه بشكل مختلف ، وإذا كانت المجموعات الموالية للبرجوازية الصغيرة والطبقات الدنيا قد تمت مواجهتهم بالعنف ، فإن الجماعات السلفية المرتبطة برجال الأعمال والداخلين في شراكات اقتصادية مع الدولة لم تتم مواجهتهم بنفس الأسلوب على الإطلاق ، وحتى الإخوان المسلمين والذين كانوا يصنفون من بين المعارضة السياسية سمح لهم بالعمل السياسي تحت مظلة حزب الوفد في انتخابات 1984 ، وتحت مظلة حزب العمل لاحقاً[95] .
   وبالرغم من أن الإخوان عانوا طوال عهد مبارك من الاعتقالات بين صفوفهم والمحاكمات العسكرية[96]· بالاضافة لبعض المحاولات لضرب اقتصاديات الجماعة كما حدث في قضية شركة سلسبيل سنة 1992[97] ، إلا أنهم استمروا في التزامهم الواضح بالمنهج السلمي ، بل أنهم لم يمانعوا في عقد صفقات انتخابية مع النظام أثناء انتخابات 2005 مقابل السماح لهم بدخول الانتخابات بشكل مستقل وهو ما أدى لدخول 88 عضو بالجماعة إلى البرلمان المصري للمرة الأولى في تاريخها[98]· ، كما تسبب لاحقاً في الضربة التي وجهها الأمن للجماعة سنة 2006 بتهم غسيل الأموال وإحياء جماعة محظورة بالرغم من أن هذه الجماعة المحظورة خاضت الانتخابات بشعارها ولافتاتها وبكل وضوح ولم يتحرك الأمن[99] .
   إن تفسير حالة الهدوء الأمني بين مبارك والإخوان في الثمانينات ثم حالة الشد والجذب التي شهدتها فترتي التسعينات والألفية الجديدة وحتى سقوط مبارك ، يعتمد على حالة الضعف الذي كان عليها نظام مبارك في الثمانينات والتي شهدت بدورها عدد من الاحتجاجات الضخمة قامت بها الطبقة العمالية في 1984 ، 1986 ، 1987 ، 1989 ، بالإضافة لتمرد الأمن المركزي سنة 1986 ، وكانت هذه التحركات التي قادها اليسار بالأساس نتيجة للأزمة الاقتصادية والسياسية التي عانى منها النظام في تلك الفترة والتي أجبرته على المسارعة في الاندماج بالسوق العالمية فيما أسمي بسياسة الإصلاح الاقتصادي ، وهي الإجراءات التي صبت في صالح الرأسمالية في مصر بمختلف فروعها[100] .
   ومع بداية التسعينات وتفكك الاتحاد السوفيتي سنة 1991 والذي اعتبره النظام ضربة موجهة لليسار بالأساس ، بدأ يشعر بقدر من القوة مع توقعاته بمكافأة أمريكية وغربية سخية على أثر مشاركته في حرب تحرير الكويت سنة 1991 ، وهو ما أدى إلى بداية الانشقاق ما بين الرأسمال في مصر نتيجة دخول الإخوان في تنافس واضح مع الرأسماليين المقربيين من النظام .
   وتعد قضية شركة سلسبيل 1992 ، والتي أغلق ملفها بغرابة دون أن تحال للقضاء ، الدليل على هذا الانشقاق داخل الرأسمال المصري ، حيث كشف خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين ومالك هذه الشركة التي كانت رائدة في مجال الحاسبات عن أن منافسته لرجل الأعمال مجدي راسخ صهر علاء مبارك نجل الرئيس السابق في مشروع إدارة بطولة كأس الأمم الأفريقية 1992 هو ما أدى لتدبير الجهات الأمنية لهذه القضية[101] .
   كما سعى النظام كذلك للقضاء تدريجياً على شركات توظيف الأموال والتي مثلت دعماً كبيراً للإخوان في الانتخابات البرلمانية سنة 1984 ، 1987 ، بالرغم من علاقتها الجيدة للغاية مع النظام في البداية ، إلا أن النجاح الذي حققته هذه الشركات في جذب أموال المودعين وتحويلات المصريين في الخارج ، أدى إلى نقص السيولة في البنوك المصرية والتي شعرت بتهديد كبير لمستقبلها خاصة مع الفروقات التي كانت بين الفوائد التي تقدمها والفوائد المقدمة من شركات توظيف الأموال ، وهو ما أدى لاتخاذ قرارات بالقضاء عليها خلال أواخر الثمانينات وفترة التسعينات[102]· .
   إن هذه المنافسة والتي اشتدت تدريجياً في التسعينات وأدت لعدد كبير من المحاكمات العسكرية للإخوان ، دفعت النظام إلى محاولة استقطاب نشطاء الجماعات الإسلامية المتطرفة والتي كانت بدورها قد تلقت ضربات قاسية من الأمن وقبع قادتها في المعتقلات ، وربما لا يمكن تفسير المراجعات التي قامت بها هذه القيادات سوى في إطار المساعي الأمنية لإعادة تأهيل قيادات هذه المجموعات لمواجهة الإخوان مرة أخرى في محاولة لتحجيم تواجدهم القوي في الشارع المصري .
   على جانب آخر فقد سعى نظام مبارك لفتح المجال بشكل كامل للدعاة السلفيين للعمل دون معوقات ، ضمن محاولاته لتقوية العلاقات مع النظام السعودي وكذلك لتحجيم انتشار الإخوان ، كما تدخل لدفع بعض هؤلاء الدعاة لإفشال محاولات الاندماج التي سعى إليها الإخوان مع السلفيين للاستفادة من انتشارهم[103]· .
   لقد ساهمت هذه العلاقات القوية بين النظام وبين التيارات السلفية التقليدية إلى تحجيم حركتها السياسية لدرجة رفضها الخروج في أي مظاهرات احتجاجية على مقتل سيد بلال أحد عناصرها على يد ضباط مباحث أمن الدولة أثناء التحقيق معه في تفجير كنيسة القديسين والذي كان كبش فداء لما أثير فيما بعد من أن التفجير كان بفعل تدبير الجهاز نفسه[104] ، بالإضافة لتبني هذه التيارات موقفاً مؤيداً للنظام أثناء ثورة 25 يناير في مصر[105] .
   وإذا كانت الخلافات بين الجماعات الإسلامية والإخوان يمكن تبريرها من ناحية إجتماعية وطبقية ، بالرغم من وحدة المرجعية لدى الطرفين ، فإن الخلافات بين التيارات السلفية التقليدية وبين الإخوان والتي نشأت منذ منتصف السبعينات كانت غريبة للغاية ، إلا أنها في المقابل تدخل كذلك ضمن الانقسامات في الوسط الرأسمالي ، حيث صنف السلفيين من ضمن الموالين للدولة بالرغم من أنها كانت تعتبرهم مجرد وسائل في أفضل الأحوال ، وقد تم إظهار هذا الخلاف في صورة فقهية عبر توجيه الدعاة السلفيين انتقادات للاخوان لمعارضتهم للحاكم ، بالاضافة لبعض الخلافات المظهرية الاجتهادية والتي يحرص الاخوان على تبنيها في محاولة منهم لمنح الفكر السلفي صورة أكثر تطوراً ومجاراة للعصر .
  
   3 – سقوط مبارك والاقتحام السلفي للسياسة

   كان من الغريب ءن تبادر التيارات السلفية إلى الغوص في السياسة التي كانت ترفضها سابقاً عقب إنهيار نظام مبارك ، وفوجيء المتابعين للشأن السلفي بظهور عدد من الأحزاب التي تتبنى هذا التوجه ، بالاضافة لمحترفي السياسة كالحزب الذي يتبنى توجه الجماعة الإسلامية والحزب يتبنى توجهات الإخوان .
   لقد طرحت هذه التطورات الكثير من التساؤلات حول مدلول هذه الخطوة السلفية غير المفهومة وحجم تناقضها مع الطروحات الأصلية التي طالما روج لها دعاة هذا المذهب ، إلا أن طبيعة التيارات السلفية في التاريخ المصري الحديث وحتى في التاريخ الإسلامي تعتمد دائماً على الارتكان لسلطة ما تدعمها سواء كانت داخلية أو خارجية ، ومع سقوط سلطة مبارك الراعية لها ، تحركت التيارات السلفية ، المدعومة من بعض الحكومات الخليجية[106] ، في محاولة مذعورة للبحث عن أي سند تسعى من خلاله لعدم السماح للأوضاع في مصر لأن تتحرك باتجاه الانفتاح السياسي والثقافي والفكري بما يهدد امتيازاتها التي اعتمدت على صوتها الأحادي في المجال الديني والذي سمح لها بالسيطرة على شرائح من البرجوازية الصغيرة .
   إن السعي السلفي للدخول إلى المعترك السياسي يأتي بالأساس كمحاولة لاستغلال مساحات الفراغ السياسي التي نشأت عقب سقوط نظام مبارك من أجل دفع الأمور في اتجاه السلطة التي ستقبل تكريس مصالحها الاقتصادية عبر استغلال الرصيد الجماهيري الذي قامت بتكوينه في الفترتين الساداتية والمباركية ، سواء كانت هذه السلطة سلفية أو سلطة تقبل رعاية السلفية بشكل مطلق ، وهذه المحاولة تعبر بالأساس عن حالة ذعر واضحة من التهديد الذي استشعرته هذه التيارات نتيجة انفتاح الأوضاع في مصر مما يؤدي لقدرة كافة التيارات الفكرية والدينية المعارضة لها ، خاصة التي تميل إلى الاشتراكية ، على الانتشار دون معوقات وهو ما سيؤثر على شعبيتها وبالتالي على كيانها الاقتصادي المعتمد بالأساس على نشر رؤيتها الدينية ، وبالتالي فإن تهديد أو منافسة هذه الرؤية ينعكس بوضوح على الأوضاع الاقتصادية لقيادات هذه التيارات .
   إلا أن الواقع السياسي الجديد كان مفاجئاً للتيارات السلفية التي اكتشفت فجأة أنها غير قادرة على التوحد الفعلي في مواجهة التيارات الليبرالية واليسارية التي تمتلك خبرة أكبر في هذا المجال ، وبالرغم من أن قيادات التيارات السلفية الجهادية قد سمح لها بالعودة لممارسة نشاطها السياسي ، فيما يشبه تكرار آخر لتجربة السادات السابقة والتي ثبت فشلها ، وهو ما دعم القاعدة السلفية بكل تأكيد ، إلا أن التيارات السلفية والتيارات الجهادية السابقة لا تمتلك نفس الخبرة التي تكفل لها التأسيس لمشروع سياسي واقعي ومتكامل ، وبالتالي فقد عانت منذ البداية من حالة التفتت نتيجة التناقض الواضح بين مبادئها المعلنة وبين مباديء العملية السياسية الحديثة بشكل عام وهو ما اقتضى نشوء خلافات حول حجم التنازلات التي من المسموح تقديمها مؤقتاً ، ومع تعدد الرؤى والاجتهادات في هذا المجال ،  بالاضافة للعوامل الشخصية ، فقد انشطرت هذه الأحزاب بشكل ضخم للغاية· دون أن تتمكن مع هذا التنوع من التجمع في إطار واحد ينظمها في مواجهة التيارات الليبرالية واليسارية والتي تجمعت بدورها في تكتلات خاصة بها· .
   بالنسبة للأخوان وهم التيار الأبرز والممثل الأكبر للرأسمالية الدينية فقد شهدت الجماعة عدد كبير من الانشقاقات بين كوادرها من الشباب المثقف الذي شارك بالثورة ضد ديكتاتورية مبارك ، ولم يعد مقبولاً لديه أن يقتنع بالطاعة للمرشد على الطريقة السلفية القديمة ، بالإضافة إلى الجمود الفكري للقيادات الحالية وعدم قدرتها على استيعاب الواقع الجديد المنفتح سياسياً وإصرارها على العمل بنفس أساليب المرحلة المباركية القمعية والتي شكلت رغم سلبياتها حصناً لهذه الجماعة من التفكك والانحلال نتيجة للتناقض الواضح بين مصالح القيادات الرأسمالية للاخوان التي فرضت عليهم تبني برامج ورؤى مختلفة ، والتناقض بين مصالحهم وتوجهات كوادرهم من البرجوازية الصغيرة الذي تطلعوا وشاركوا في العمل إيجابي ضد النظام السابق[107]· .
   إن إنتماء معظم كوادر التيار السلفي بتنوعاته إلى البرجوازية الصغيرة أدى إلى معاناة هذا التيار من سلبيات انقساماتها لعدة أجنحة مختلفة في موقفها الفكري والسياسي ، ففي تحليله لطبقات المجتمع الصيني ، ذو الخلفية الزراعية المشابهة للمجتمع المصري  ، سنة 1926 ، أشار ماو تسي تونج إلى وضع هذه الطبقة المتذبذب من العمل الثوري ، حيث قسمعا لثلاث أجنحة ، أولها الجناح اليميني ويمثلها الذين يملكون فائضاً من المال يجنونه من ثمار عملهم الجسماني أو الذهني ، وهؤلاء يقفون موقف التشكك من الثورة ويحلمون دائماً للإرتقاء لمنزلة البرجوازية الوسطى· ، والجناح الثاني يتكون من الذين يكفون أنفسهم اقتصادياً على وجه العموم ، وهؤلاء لا يعارضون الثورة وإن كانوا لا يدعمونها نتيجة إرتيابهم في نجاحها ، أما الجناح الثالث وهو الجناح اليساري فيتكون من الذين هبط مستوى معيشتهم وساء حالهم تدريجياً وهو الجناح الذي يدعم الثورة وينضم لها .
   ومن خلال رصد ماو تسي تونج لردود أفعال هذه الأجنحة عبر حركات احتجاجية متعددة فقد أكد أن الجناح اليساري سوف يسارع بالانضمام لأي عمل ثوري ، بينما سينضم الجناحين الآخرين تدريجياً مع تحقيق الثورة لمكاسبها بحيث سيجرفها التيار الثوري العام وتضطر لمسايرته[108] .
   إن هذا التحليل ينطبق إلى حد كبير على الواقع المصري كذلك ، كما يمكننا من خلاله تفسير طبيعة الانشقاقات التي حدثت في الأوساط السياسية بصفة عامة والسلفية على وجه الخصوص نظراً لتوزع أتباعها على طبقات المجتمع المصري ككل بناء على طبيعتها الدينية.
   الواقع أن المصالح والصراعات الطبقية ليست العامل الوحيد الذي يفسر هذه الانشقاقات والتنوعات المهددة للكيان السلفي ، فهناك أيضاً العامل الفكري الممثل للصورة الخارجية لهذا الصراع والذي يقوم على ما أحدثته الثورة المصرية· من تغييرات إجتماعية وفكرية وبالتالي فقد بدأت الشرائح الشابة والتي تتبنى الفكر السلفي بتنوعاته في محاولة الاستجابة لهذه التغييرات بدرجات متفاوته ، وانقسمت لثلاث اتجاهات رئيسية كالعادة حيث يسعى الاتجاه الأول إلى التشدد في تحفظاته تجاه الثورة وما أدت إليه من متغيرات ومحاولة الاستمرار في تبني نفس السلوك والفكر السلفي الخالص ، وهذا الاتجاه يعاني حالياً من الانزواء تدريجياً نظراً لأنه اعتمد في ازدهاره على تبني سلطة قمعية لخطابه ؛ والاتجاه الثاني يحاول بقدر الأمكان الحفاظ على نسقه الفكري مع بعض التماهي مع الواقع خشية فقدان امتيازاته ، وهو الاتجاه الذي تبنى الدخول للمعترك السياسي والذي يحظى بتفوق عددي واضح نتيجة امكانياته المادية الهائلة ، وكلا الاتجاهان السابقان يعبران عن القيادات الرأسمالية في هذا التيار ، ويأتي أخيراً الاتجاه القادم من قبل الأجيال الشابه والذي يرغب في الجمع بين التدين والقناعات السلفية مع الاندماج الكامل في المجتمع وما يحمله من تطور وأحداث ومن بينها الثورة ، وهو الاتجاه التي تبنته بعض الائتلافات والحركات الشبابية وإن كان يعد قليلاً من الناحية العددية .
   لقد أثبتت الثورة إذن أن التيارات الدينية والتي تتبنى الشعارات الأخوية في خطابها ليست بعيدة عن الصراع الطبقي والفكري ، والذي برز بوضوح بين قياداتها وكوادرها ، إلا أن عمق انشقاقاتها هو نتيجة واضحة لعدم قدرتها على صياغة مشروع حقيقي متكامل ومستقل يعبر عنها بعيداً عن تجاذبات اليمين واليسار· ، وذلك على عكس التيارات اليسارية القادرة في أغلب الأحوال على اتخاذ موقف موحد تجاه القضايا بناء على خلفيتها الأيدلوجية .

   4شبكة الجمعيات والأحزاب والمجموعات السلفية الفاعلة حالياً

   شهدت مصر منذ مطلع القرن العشرين عدد كبير من الجمعيات السلفية ، كما شهدت كذلك عدد من الجماعات المتأثرة بهذا الفكر والتي تبنت العمل السياسي وخاضت مواجهات مع الحكومات المختلفة ، وعقب رحيل مبارك في ثورة يناير انشقت الأرض فجأة عن عدد كبير من الأحزاب والرؤى المتنوعة لهذا الفكر .
   الواقع أن هذه التنوعات بين التيار السلفي بدأت منذ بداية تواجدها في مصر نتيجة اصطدامها بطبيعة الواقع الحضاري المصري ، والذي لم يتمكن حتى هذه اللحظة من التأقلم مع الأحكام المتشددة التي تتبناها هذه الرؤية وخاصة في الجانب الاجتماعي· ، وبالتالي فقد بدأت الرؤى تختلف ما بين مجموعة سلفية وأخرى حول كيفية التعامل معه ، وأدى هذا لاتسام بعض هذه المجموعات بقدر متفاوت من المرونة في مقابل إصرار مجموعات أخرى على التشدد في مواجهة هذا المجتمع والسعي الحثيث لنقل النموذج السعودي بشكل كامل إلى المجتمع المصري ، وبالتالي شهدت الساحة السلفية العديد من التنوعات والانشقاقات بالرغم من توحد الرؤية والنموذج الأساسي الذي يسعى إليه الجميع .

   أ . الجمعيات السلفية :
   كان تأسيس الجمعيات هو الأسلوب الأول الذي لجأ إليه السلفيون في محاولتهم نشر دعوتهم في المجتمع المصري ، والتي لم تكتف فقط بالمجال الثقافي وإنما لجأت كذلك فيما بعد تأسيسها لتقديم خدمات تعليمية وطبية واجتماعية بأسعار مخفضة بالاضافة لعدد من المساعدات الاقتصادية للمعوزين وهو ما ساهم لدرجة كبيرة في نشر دعوتها .
   ورغم تعدد الجمعيات السلفية التي تم انشائها لهذا الغرض إلا أن المشهور والمؤثلا منها ثلاثة جمعيات فقط .
   1 - الجمعية الشرعية :
      تأسست في تسعينيات القرن التاسع عشر على يد الشيخ محمود خطاب السبكي ، وعندما صدر قانون الجمعيات سجلها وفق هذا القانون سنة 1913 ، ومازالت الجمعية تعمل حتى الآن وتمتلك فروع كثيرة في كل أنحاء مصر ، وتخضع قيادتها في الغالب لعلماء الأزهر ، إلا أن دعاتها العاملين عادة ما يكونوا متخرجين من معهد إعداد الدعاة التابع للجمعية[109] .
   وقد تغيرت عقيدة الجمعية والتي بدأت صوفية ثم تحولت إلى السلفية سنة 1926 وهو نفس التوقيت التي نشأت فيه أكثر من جمعية سلفية أخرى تحت تأثير الدعم السعودي .
   وقد تعرضت لاضعاف دورها في العهد الناصري وأدى اختراق الاخوان لها بكثافة إلى إغلاقها سنة 1969 ، ولم تعاود نشاطها إلا في سنة 1972 عندما سمحت لها حكومة السادات بالعودة مع جمعيات أخرى ضمن محاولاتها لدعم التيارات السلفية لمواجهة الناصريين والشيوعيين .
   ورغم أن الجمعية بالأساس لا تعمل بالسياسة وتتلخص مشكلة الأمة من وجهة نظرها في انتشار البدع والخرافات التي دخلت على الدين ، إلا أنها تعرضت للاضطهاد في نهايات عهد السادات وتم مصادرة مجلتها الاعتصام والتي كانت لسان حالها من الناحية الظاهرية بينما كانت بالاساس تصدر عن دار الاعتصام المتأثرة بفكر الإخوان المسلمين[110] ، كما كان لروادها دور كبير في تشكيل الجماعات الإسلامية التي اصطدمت بالدولة في السبعينات والثمانينات ، وشارك بعضها في عملية أغتيال الرئيس المصري أنور السادات كتنظيم الجهاد والجماعة الإسلامية[111] .
   وقد أكد الشيخ محمد المختار المهدي رئيس الجمعية الشرعية أن تمويل الجمعية يعتمد بالأساس على تبرعات المصريين ولا تقبل أي تمويل من الخارج ، وهو ما يثير علامات استفهام خاصة أن الجمعية تمول مشروعات خدمية حتى خارج مصر في آسيا وأفريقيا[112]· ، إلا أن العلاقة التي توثقت تدريجياً بين الجمعية والاخوان المسلمين والتي أكد الشيخ المهدي أنهم الأقرب إلى فكر الجمعية ربما يشير إلى أحد مصادر التمويل الخاصة بها .
   2 – جماعة أنصار السنة المحمدية
   تأسست هذه الجماعة سنة 1926 ضمن مجموعة من الجماعات السلفية التي تم تأسيسها في هذا العام ثم العام اللاحق له على يد الشيخ محمد حامد الفقي والذي كان من مرتادي الجمعية الشرعية في البداية قبل أن يختلف معهم في جزئية صفات الله ، وهي أحد القضايا العقائدية الهامة لدى التيار السلفي ، ومن الغريب أن هذا الانشقاق والذي تلاه تأسيسه لجمعية سلفية أخرى قد تم في العام الذي تحول فيه منهج الجمعية الشرعية إلى الفكر السلفي[113] .
   وعلى عكس الموقف المخفف نوعاً ما من الصوفية والذي تتخذه الجمعية الشرعية على أساس تقسيمهم الصوفية لنوعين أحدهما معتدل والآخر متشدد ، فإن أنصار السنة تتخذ موقفاً متشدداً للغاية من المخالفين بشكل عام ، وإن كانت تتفق مع الجمعية الشرعية في أن الابتعاد عن الإسلام الصافي هو أحد أسباب تخلف الأمة الإسلامية ، كما تطالب بشكل دائم بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية[114] .
   وتنتشر جامعة انصار السنة المحمدية في كل محافظات مصر تقريباً ، كما أن لها انتشاراً ممتداً للسودان كذلك[115]· ، وإن كان انتشارها في مصر أقل حجماً من الجمعية الشرعية ، وبينما تعتمد الجمعية الشرعية على المراكز الضخمة لتجمع نشطائها ، يرضى نشطاء أنصار السنة بالمساجد الصغيرة في بعض المناطق الريفية كمقر لهم وغالباً ما تكون هي مقر دروسهم الدينية .
   وتمتلك الجماعة عدد كبير من المشروعات الخدمية والمؤسسات الخيرية والمعاهد العلمية ، وهو ما يسمح لعضويتها ولأفكارها بالانتشار ، وقد كانت الجماعة من الروافد التي أمدت جماعات إسلامية كالجهاد بالنشطاء الفاعلين رغم كونها جماعة سلمية بالأساس[116] .
   وفي الفترة الأخيرة أثيرت مسألة تمويل الجماعة حيث كشف تقرير تقصي الحقائق الذي كتبه مساعد وزير العدل المستشار الدكتور عمر الشريف عن تمويلات ضخمة للجماعة من دولتي قطر والكويت بلغت 296 مليون جنيه مصري ، وهو ما أثار الكثير من اللغط حول نشاطها ودورها في المجتمع المصري[117] .
   3 – جماعة التبليغ والدعوة
   على عكس الجماعتين السابقتين اللتين نشأتا في مصر ، فإن جماعة التبليغ والدعوة نشأت بالأساس في الهند حيث الانتشار الضخم للطرق الصوفية على يد ولي الدين الكاندهلوي والذي كان من مشايخ الطرق الصوفية هناك ، إلا أنه لم يسع لاستغلالها لنشر فكره الصوفي بقدر ما كان يهدف إلى الدعوة للتدين والمحافظة على الصلاة ، وبالتالي فلم يروج لأي منهج مما سمح للسلفيين باختراقها ، ووصل التوغل السلفي بها إلى حد أن دعمها الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ أحد علماء السلفية في السعودية[118] .
   ورغم أن البعض يشير إلى أن هذه الجماعة دخلت مصر في السبعينات ، إلا أن الجماعة تؤكد أن بداياتها في مصر كانت سنة 1951 ، وقد بدأت تواجدها في مصر بشكل منظم على يد الشيخ إبراهيم عزت والذي كان يتبنى المنهج السلفي كغيره من الإسلاميين في هذه الفترة[119] .
   وتحظى جماعة التبليغ والدعوة بجماهيرية فائقة في مصر حيث يبلغ عدد أعضائها 250 ألف عضو خاصة أنها لا تهتم بالسياسة أو حتى بالعلم الديني بقدر ما تهتم بالدعوة للإلتزام بالفروض والمظاهر الإسلامية[120] ، إلا أنها تعرضت للإجراءات القمعية التي تلت عملية إغتيال الرئيس السادات نتيجة اكتشاف علاقة بعض نشطاء حركة الجهاد بالجماعة وخاصة عبود الزمر· ، كما كشفت التحقيقات أن الشيخ إبراهيم عزت قد سمح لمحمد عبدالسلام فرج أحد قيادات التنظيم باستغلال الجماعة لتجنيد الأعضاء ، وقد استمر منع الجماعة من العمل في مصر طوال حياة إبراهيم عزت التي لم تطل كثيراً بعد اغتيال السادات[121] .

   ب – الجماعات والمجموعات السياسية :
   كان العمل السياسي في الوسط السلفي قاصراً على جماعة الإخوان المسلمين فقط في فترة سابقة حتى بدأت الانشقاقات عليهم نتيجة العديد من الأسباب لعل أضخمها هي انشقاق جماعة شباب محمد والتي لم تستمر بنفس القوة وضعفت تدريجياً حتى انتهت تماماً من الوسط السلفي ، ثم حدث انشقاقات أخرى أثناء تواجد عناصر الجماعة في السجن سنة 1965 كالقطبيين والسماويين والمسلمين (التكفير والهجرة) .
   وقد ضعفت معظم هذه الجماعات وتراجع تأثيرها الفكري سواء تحت ضغط الضربات الأمنية أو نظراً لتشددها الذي لا يتلائم مع المجتمع المصري على الإطلاق ، وفي هذه الدراسة سوف يقتصر البحث على تناول الجماعات والمجموعات السلفية التي مازالت نشطة وفاعلة من الناحيتين الفكرية والاجتماعية والسياسية .
   1 – الإخوان المسلمون :
      سبق الإشارة إلى ظروف نشأة جماعة الأخوان وتطورها في الفترة الماضية ، وصدامها مع مراحل الحكم المختلفة في مصر وحتى ما بعد الثورة حيث شهدت جماعة الإخوان عدد من الاستقالات والانشقاقات التي تهدد كيانها ، وبينما تبنت الجماعة حزباً أساسياً ممثلاً لها وهو حزب الحرية والعدالة ، فقد أسس المنشقون عنها أربعة أحزاب أخرى وهي الريادة ، النهضة ، السلام والتنمية والتيار المصري ، بالاضافة لحزب الوسط الذي انشق عن الاخوان قبل الثورة المصرية .
   ويمثل حزب التيار المصري كوادر البرجوازية الصغيرة بالاخوان المسلمين والتي اتخذت مواقف أكثر يسارية من الاحزاب الأخرى والتي تنتمي إلى الشخصيات الكبيرة في الجماعة ، ولم يجد هؤلاء غضاضة في أن يتواجد معهم نشطاء يساريين وليبراليين من المشاركين بالثورة[122] ، وبالتالي لم يكن من الغريب أن يدخل التيار المصري ضمن قائمة الثورة مستمرة في الانتخابات والتي تضم عدد من الأحزاب اليسارية .
   2 – الجماعة الإسلامية :
   تأسست الجماعة الإسلامية في منتصف السبعينات كحركة طلابية سلفية داخل جامعة أسيوط على يد أبو العلا ماضي ، محي الدين عيسى ، صلاح هاشم ، كرم زهدي ، ناجح إبراهيم ، رفاعي طه وأسامة حافظ ، وقد تم تشكيل أكثر من فرع للجماعة في الجامعات المصرية المختلفة .
   وفي سنة 1978 حدث انشقاق في الجماعة بعد أن عرض الاخوان المسلمون على قياداتها الانضمام لهم ، وقد لقى العرض استجابة من أبو العلا ماضي ومحي الدين عيسى ، بينما رفض كرم زهدي ، ناجح إبراهيم ، رفاعي طه ، صلاح هاشم وأسامة حافظ ومعهم غالبية نشطاء الجماعة في أسيوط[123] .
   وقد شهدت فترة الثمانينات دخول الجماعة في صدام مع الحكومة المصرية ، ومشاركتها في عملية اغتيال الرئيس السادات سنة 1981[124] ، وفي سنة 1995 تبنت الجماعة محاولة اغتيال الرئيس مبارك ، كما خاضت في التسعينات حملة ضد المشروعات السياحية في مناطق الصعيد سنة 1997 ، وكانت هذه هي آخر صداماتها مع الدولة حيث أطلقت بعدها مبادرة وقف العنف ، متراجعة من خلالها عن نشاطها الكفاحي وملعنة أنها قد أصبحت جماعة دعوية فقط[125] .
   كانت الجماعة الإسلامية هي أكثر الجماعات الإسلامية التي استفادت من نجاح الثورة المصرية ، حيث خرج قادتها وعلى رأسهم عبود وطارق الزمر من المعتقلات وأصبح باستطاعتهم ممارسة العمل السياسي العلني رغم إعلانهم السابق باقتصار الجماعة على الدعوة ، وقام نشطائها بتأسيس حزبان سياسيان وهما البناء والتنمية والأمة الجديدة من أجل الدخول في اللعبة السياسية في مصر ، ونظراً لان الجماعة بسبب طبيعتها العسكرية لم تعتمد على الجماهيرية ، فقد قررت التحالف مع بعض الأحزاب ذات المرجعية السلفية من أجل خوض الانتخابات المصرية الأولى عقب الثورة[126] .
   3 – جماعة الجهاد الإسلامي :
   تأسست جماعة الجهاد للمرة الأولى عام 1964 بالقاهرة بواسطة ثلاث طلاب في الثانوية العامة وهم علوي مصطفى واسماعيل طنطاوي ونبيل البرعي ، ومن الغريب أن اياً منهم لم يكن عضواً بجماعة الاخوان المسلمين ، وإنما كانوا من رواد الجمعية الشرعية وأنصار السنة المحمدية[127] ، ويذكر عبدالمنعم منيب في رصده للحركات الإسلامية أن الشيخ الأزهري محمد خليل هراس رئيس جماعة أنصار السنة كان على علم بوجود هذا التنظيم ويؤيده ويوجهة شرعياً[128] وذلك بالرغم من السلمية المدعاة للجماعة ، وهو ما يثير عدة تساؤلات حول خلفيات نمو ورعاية هذا التنظيم خاصة مع العلاقة التي تربط بين جماعة أنصار السنة وبين الدوائر السلفية في السعودية ، خاصة أن النظام المصري تحت قيادة الرئيس جمال عبدالناصر كان في مصطدماً من ناحية مشروعه السياسي مع السعودية .
   وقد تبنى التنظيم فكرة محاولة اختراق القوات المسلحة لايمانه بجدوى عمليات الانقلاب العسكري ، كما أرشد نشطائه إلى محاولة الإلتحاق بالكليات العسكرية[129] .
   وقد تولى تنظيم الجهاد تخطيط وتنفيذ عملية اغتيال الرئيس السادات بمشاركة الجماعة الإسلامية سنة 1981 ، وشهد التنظيم بشكل عام عدد من الانشقاقات لعل أشهرها انشقاق صالح سرية والذي قام بعملية الكلية الفنية العسكرية سنة 1974[130] .
   ورغم أن بعض قيادات جماعة الجهاد قد قامت سنة 1999 بمراجعات رفضت فيها الاستمرار في فكرة العنف ضد الدولة ، إلا أن البعض الآخر رفض هذه المراجعات واستمر في المواجهة وكانت آخرها في سنة 2006 عبر تفجيرات دهب والأزهر وميدان عبدالمنعم رياض ، وقد نجحت أجهزة الأمن في تصفية هذه المجموعات ، كما قامت أكثر من مرة في القاء القبض على مجموعات من الشباب ونسبتهم لهذا التنظيم[131] .
   لقد استفادت الجماعة كذلك من انتصار الثورة المصرية ، ونجح نشطائها في تأسيس حزب السلام والتنمية الذي تحالف مع الجماعة الإسلامية وبعض الأحزاب السلفية الأخرى لخوض الانتخابات المصرية الأولى بعد الثورة .
   4 – السلفيين :
   سوف يتم التعامل مع ما يطلق عليه لقب (السلفيين) كجماعة من الناحية المجازية ، خاصة أنهم ليسوا جماعة حقيقية متماسكة تنظيمياً ، إنما تخضع كل مجموعة لنفوذ أحد علماء السلفية المعروفين ، وقد نشأ هذا التيار في منتصف السبعينات ورفض الانضمام للإخوان المسلمين وأطلقوا على أنفسهم أسم " المدرسة السلفية " ، أسوة بالمدارس العلمية التي كانت قائمة في العصر العباسي ، وقد تغير هذا الاسم لاحقاً لـ " الدعوة السلفية " .
   ومن أشهر العلماء الممثلين لهذه المدرسة محمد حسان ، وأبو ذر القلموني ، محمد حسين يعقوب ، محمد حسين العفاني ، ياسر برهامي ، أبو اسحق الحويني ، مصطفى العدوي ، أسامة القوصي .
   وخلال العهد السابق أعلنت الدعوة السلفية رفضها للعمل الحزبي والنيابي ، كما رفضوا العمل المسلح في مواجهة الدولة[132] ، بل أن بعضهم طالته اتهامات بالتعامل مع الأجهزة الأمنية في حكومة الرئيس السابق حسني مبارك ، نظراً للعلاقات التي تجمع بين بعض العلماء وضباط أمن الدولة ، بالاضافة لتعاون البعض منهم مع الأمن في مواجهة التيارات المخالفة لهم· .
   وعلى الرغم من الموقف السلبي للدعاة السلفيين من الثورة[133] ، إلا أنهم كانوا أحد المنتفعين بمكاسبها ، وفوجيء الوسط السياسي المصري ، والذي سمع سابقاً الدعاة السلفيين يرفضون العمل السياسي في عهد مبارك ، بظهور عدد كبير من الأحزاب المعبرة عن هذا التيار كحزب النور ، الإصلاح ، الفضيلة ، الأصالة وحزب الحضارة ، وقد حظى كل من هذه الأحزاب بدعم من بعض المشايخ السلفيين ، وبينما كان الإلتحاق بالمجالس النيابية محرماً سابقاً فقد قامت هذه الأحزاب بخوض غمار أول انتخابات بعد الثورة ، وشهدت هذه الانتخابات ترشيح هذه الأحزاب لنساء سلفيات على قوائمها بالرغم من رفضهم لولاية المرأة على الرجل .
   وبعيداً عن الانقسام الحزبي بين السلفيين إلا أنهم كذلك ينقسمون في الاتجاهات الفرعية داخل دعوتهم ، فبين هؤلاء الدعاة هناك من يرى ضرورة التقارب مع الإخوان كالشيخ محمد حسان والشيخ أحمد النقيب والشيخ محمد عبدالمقصود[134] ، ومن بينهم كذلك من لا يتقارب مع الإخوان على الإطلاق ويرفضهم تماماً كالشيخ محمد حسين يعقوب الذي وجه إنتقادات لاذعة لحركة حماس في فلسطين نتيجة مقاومتها للكيان الصهيوني[135] .
   من ناحية أخرى شهد الوضع السلفي انشقاق جديد عبر دخول تيار من السلفية إلى مصر وهو تيار السلفية الجامية المدخلية نسبة إلى الشيخ السلفي محمد بن أمان الجامي وهو من أصل أثيوبي ، وقد قام بالتدريس في المسجد النبوي والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة ، والشيخ ربيع بن هادي المدخلي المدرس بالجامعة الإسلامية وهو سعودي من أصل يمني ، وقد اتهمت التيارات السلفية الأخرى هذا التيار بأنه تيار السلطة نظراً لرفضهم فكرة الخروج على الحاكم أو الجهاد إلا تحت رايته ، وتبعيتهم المبالغ فيها للسلطة كما اتهموا مؤسسيه بأنهم تابعون لقوى الأمن والاستخبارات في حكومات البلدان التي يتواجدون بها[136] .
   ويبدو أن هذا الاتجاه الجديد قد دخل إلى مصر عبر أحد دعاته المصريين وهو محمد محمود الحداد الذي يعد من أقطابه كذلك ، والشيخ محمد صفوت نور الدين رئيس جمعية أنصار السنة في مصر ، والشيخ صفوت الشوادفي رئيس تحرير مجلة التوحيد[137]· .
   وقد اتهم البعض الشيخ اسامة القوصي بأنه من أنصار هذا التيار[138] ، إلا أنه لا يوجد ما يثبت صحة هذا الادعاء سوى أن الشيخ اسامة القوصي كان تلميذاً للشيخ مقبل بن هادي (أحد رموز هذا الاتجاه في اليمن) ، كما كان على علاقة جيدة بالنظام الحاكم في عهد مبارك[139]· ، على أن بعض فتاواه المثيرة للجدل وخاصة فيما يخص صحة ولاية المسيحي على المسلمين في الدولة[140] أو تحليل الموسيقى[141] ، تشير إلى عدم إرتباطه بقواعد هذا المنهج المتطرف حتى لو كان له بعض التأثر به ، وهناك تيار سلفي متميز يسمى بالسلفية القوصية· .
   كما ظهرت كذلك مدرسة سلفية أخرى في القاهرة باسم المدرسة السلفية الحركية ، وهي لا تختلف عن المدارس السلفية التقليدية إلا في تبنيها لفكرة كفر الحاكم الذي لا يقوم بتطبيق الشريعة[142] ، ويبدو أن المقصود من تطبيق الشريعة هو الجزء الظاهري منها والمتعلق بالحدود ، بغض النظر عن السلوك العام للحكام .
   وقد لقت هذه المدرسة السلفية انتشاراً أقل من نظيرتها العلمية نظراً لهذا الموقف نظراً لكونها تصطدم بشكل ما مع الحاكم بالرغم من أنها لم تتبنى أي مواقف سياسية حقيقية في مواجهة نظام مبارك على الإطلاق حيث رفض دعاته العمل المسلح ، كما لم يتعاطفوا مع التنظيمات السرية ، بل أن بعض دعاتها كانت له صلات بطريقة أو بأخرى مع هذا النظام· .
   ومن أبرز الدعاة السلفيين الذين تبنوا هذا الفكر هو الشيخ محمد عبدالمقصود ، والشيخ نشأت إبراهيم والشيخ فوزي السعيد ، وقد برز دور الأخيرين في أثناء الانتفاضة الفلسطينية عندما أفتيا بجمع الأموال لمساعدة الفلسطينيين ، كما تبنى بعض أتباعهما فكرة التدرب على السلاح للمشاركة مع الفلسطينيين في أمال المقاومة ، وقد أدت هذه الفتوى لاعتقال كل من الشيخين نشأت إبراهيم وفوزي السعيد مع عدد من الشباب وتم إحالة القضية إلى محكمة عسكرية ، والتي بدورها برأت ساحة الشيخين وتم الإفراج عنهما بعد عدة سنوات من الاعتقال[143] .
   وعلى الرغم من تأييد مشايخ هذا التيار للثورة المصرية التي أطاحت بمبارك وعلى رأسهم الشيخ نشأت إبراهيم والشيخ فوزي السعيد والشيخ محمد عبدالمقصود[144] ، إلا أن موقف أحد أبرز رموزهم وهو الشيخ محمد عبدالمقصود من التحركات الجماهيرية التالية ضد المجلس العسكري اتسمت بانحياز واضح للأخير دون مبرر واضح ، وسعت لوصمها بالطائفية والعداء للإسلام من قبل المسيحيين والتيارات الفكرية الليبرالية واليسارية ، وهو موقف مشابه لموقف معظم الدعاة السلفيين بصفة عامة[145] .
   وربما كان التفسير الأساسي لهذا الإرتباط بالمجلس العسكري والذي لم يقم كذلك بتطبيق الشريعة لواقع أن التيارات السلفية بشكل عام سواء المؤيدة للثورة أو المعارضة لها لم تهاجم النظام الرأسمالي وإنما هاجمت شخصيات قائمة نظراً لأن الأهداف التي تسعى إليها إصلاحية بالأساس وليست تغييرية نظراً لكون معظم هؤلاء الدعاة كانوا مستفيدين اقتصادياً من النظام ، وبالتالي فاستمراره مع بعض الإصلاحات المفيدة لأوضاعهم الدينية هو أقصى ما يرغبون في التوصل إليه .
   5 – المجموعات السلفية :
   تعود فكرة نشأة المجموعات السلفية وانتشارها إلى محاولة بعض الشباب السلفي للتماهي مع أحداث الثورة المصرية واستغلال موقع التواصل الاجتماعي الشهر Facebook في محاولة لنشر مبادئهم الدينية وتحقيق أكبر قدر من التواصل مع الجماهير بصفة عامة ، بعد أن شعرت بوجود قدر كبير من التحدي الذي مثلته المجموعات المنتمية لتيارات فكرية ليبرالية ويسارية معارضة .
   لقد اكتشفت الكوادر السلفية الشابه أن هناك قدر من الفراغ بين المباديء السلفية التقليدية وبين الطبيعة الحضارية المصرية من ناحية ، وبين هذه المباديء والظرف الحضاري الحالي بصفة عامة ، وهو ما أجبرها على ضرورة السعي لايجاد مساحة أكبر من الأرضيات المشتركة والتي تؤهلها للتواصل مع الآخر عبر البحث عن حلول وسطية تسمح لكل الأطراف بممارسة قناعاته دون استفزاز للطرف الآخر ، وقد تراوحت هذه المجموعات في درجة جنوحها إلى هذه الناحية القريبة للغاية من الثورية .
   ويأتي على يمين هذه المجموعات إئتلاف شباب مصر الإسلامي والذي يسعى لمحاولة تجميع الفصائل الإسلامية (الإخوان والسلفيون) تحت شعار واحد في مواجهة التيارات الوطنية الأخرى[146] ، ويأتي على نفس الاتجاه إئتلاف الشباب السلفي[147] ، بينما تقف مجموعة إئتلاف دعم المسلمين الجدد في الوسط قليلاً ، حيث أيدت الثورة المصرية ، كما أيدت التحركات ضد حكم المجلس العسكري ، إلا أنها في المقابل اتخذت موقفاً سلبياً للغاية من الأقباط كما يبدو من موضوعاتها وهو ما يتعارض مع ثوريتها[148] ، وكذلك حركة حازمون والتي تتبنى موقف المرشح السلفي لرئاسة الجمهورية الشيخ حازم صلاح ابو إسماعيل[149] ، وفي المقابل تقف مجموعتي الجبهة السلفية وجبهة الإرادة الشعبية في ناحية اليسار ، وبالرغم من أن الأولى تمثل تجميع لعدد من القوى الإسلامية في مواجهة الآخر إلا انها تسعى لتقديم خطاب سلفي مختلف يجمع ما بين الثوابت الشرعية والتماشي مع الواقع المصري ليعيش آلام وآمال الناس ولا ينفصل عنهم أو يتعالى عليهم ، كما تتبنى الجبهة الاعتصامات والتظاهرات السلمية كأحد وسائل عملها[150] ، أما الثانية فتسعى لتأسيس دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية وهو تطور كبير في الفكر السلفي[151] ، في حين تقف مجموعة سلفيو كوستا في أقصى اليسار بنموذجها الجديد للغاية والمنتمي أكثر إلى روح الجيل الجديد من الشباب المصري بصفة عامة ، وسعيها الدائم إلى استخدام ذات خطابه ولغته في طروحاتها ، بالإضافة لكونها الأكثر سعياً للبحث عن مساحات الاتفاق مع القوى الوطنية الأخرى[152] .
   إن هذه النماذج المتنوعة داخل الإطار السلفي تشير إلى أن الثورة المصرية سوف يكون لها تأثير في منح الوضع السلفي روحاً جديدة قد تكون غريبة على تراثه وتقاليده ، ومن غير المعروف مقدار المرونة التي سيتمكن التيار السلفي من ابدائها أمام ما ستنتجه هذه الروح الثورية ، والتي قد تتجاوز في مراعاتها للواقع بعض الثوابت .

   5مستقبل الظاهرة السلفية في مصر

   إن رصد التطورات التي شهدتها الظاهرة السلفية في مصر منذ دخولها في بدايات القرن العشرين ربما يشير إلى حالات من التشابه مع مراحل تطور التي شهدتها الحشوية (الطائفة الأم) إذا ما وضع في الاعتبار وجود قدر من الخلافات في التفاصيل الحضارية لكل مرحلة .
   إن القاعدة الأساسية التي يجب الإلتفات لها هنا ترتبط بنشأة التيارات السلفية بشكل عام ، وبينما كانت النشأة الأولى بدعم الدولة الأموية لخدمة مصالحها ، فإن النشأة الثانية كانت بدعم الدولة السعودية كأيدولوجيا تقوم عليها ، وبالتالي فإن فروعها في مصر كانت بالإساس اختراقاً للواقع المصري وسعياُ لممارسة الضغط على السياسة المصرية ، لصالح الأسرة الحاكمة في الجزيرة العربية ، ومن الممكن الاستنتاج بأن التيارات السلفية لا يمكنها الاستمرار بدون دعم سلطة ما لها ، وفي حال سقطت هذه السلطة فإن هذه التيارات تعاني من الانزواء والتراجع في نفوذها الديني ، وهو ما يفسر تأييد معظم قياداتها للمجلس العسكري الحاكم في مصر حالياً .
   لقد شهدت الطائفة السلفية ذات الانشطار ما بين السلفية التقليدية والسلفية السياسية المتمثلة في الإخوان المسلمين ، والذين امتلكوا رؤية خاصة للغاية منحتهم شكلاً وفكراً يبدو الآن مختلفاً للغاية عن باقي التيارات السلفية الأخرى ، وهو نفس الاختلاف الذي ميز المرجئة عن باقي الحشوية ، وكلاهما تميز برؤيته الإصلاحية تجاه النظام الحاكم .
   وحتى على المستوى السلفي الذي ظل تقليدياً فقد شهد انشطاراً آخر أكثر تشدداً كالسلفية الحركية بالاضافة للتنظيمات السلفية الجهادية ، على غرار الحركة الوهابية ، وإن لم تستطع تحقيق نفس النجاحات نظراً لاختلاف أوضاع المجتمع المصري الزراعية عن الأوضاع الصحراوية في الجزيرة العربية .
   وبالرغم من وجود تفاصيل تميز هذه المرحلة ، فالواضح أن الاتجاهات السلفية تتجه نحو ذات النتيجة ، والتي تتمثل في بروز اتجاهات تنتمي للحركة لكنها ستتبنى مواقف وأحكاماً فقهياً تمنحها خصوصية ، وبالتالي ستكون مضطرة للصدام مع المجموعة السلفية الأساسية ، وهذه الانشقاقات سوف تعتمد على عدد من العوامل وأهمها العامل الطبقي ، بالإضافة لعوامل التناقضات في المصالح داخل الرأسمالية الدينية ، كما أن الثورة سوف تشكل عاملاً كبيراً مشجع لهذه الانتقادات نتيجة ما أفرزته من صعود لقوى اجتماعية جديدة على الواجهة ، ويبقى أخيراً عوامل التطور التكنولوجي في نقل المعلومات ، وإمكانية تشكيل انتشار معقول لأي منظومة فكرية عبر الشبكة العنكبوتية ، وعاملي الخلاف الفكري والشخصي الذين سيكون لهما دور أقل .
   فهناك مجموعات سلفية ستتجه للذوبان في المنظومة الاجتماعية العامة والتي تسعى نحو تغليب القضايا الاجتماعية على الإشكاليات الدينية الصغيرة التي تثيرها دائماً التيارات السلفية ، وبالتالي فسوف تتبنى تدريجياً أحكاماً خاصة بها ، كالسلفية القوصية ومجموعات كالجبهة السلفية وجبهة الإرادة الشعبية ومجموعة سلفيو كوستا ، وهي المجموعات الممثلة للبرجوازية الصغيرة بأجنحتها المختلفة· في التيار السلفي والتي تعبر عن الاتجاهات الشبابية الجديدة التي شاركت في الثورة نتيجة معاناتها الاجتماعية ككل الأجيال الجديدة من الإجراءات الاقتصادية لنظام مبارك .
   أما الاحزاب السلفية فسوف تجبر من خلال السياسة على التعامل بمرونة مع بعض الأسس والثوابت السلفية ، وقد بدأت هذه التنازلات عبر دخولها في الانتخابات وترشحها للمجلس النيابي الذي كان مرفوضاً سابقاً ، بالإضافة لقبولها بولاية المرأة على الرجال عبر ترشيحها لسيدات سلفيات في قوائمها ، وبالرغم من أنها قدمت هذا التنازل على أمل التراجع عنه في حال توليها السلطة ، فإنها سوف تكتشف تدريجياً أن الأمر ليس بهذه السهولة ، خاصة أن الحراك الاجتماعي المصري بعد الثورة سوف يكون أكثر قوة وضغطاً على هذه الأحزاب ، وكما أضطرت الأجنحة الجهادية منها لمراجعات فقهية في مواجهة الدولة سابقاً ، فسوف تضطر لمراجعات أخرى من أجل الحفاظ على بقاءها عبر التوصل لاستنتاجات فقهية تلائم مصالحها ، وهذه المراجعات سوف تنتهي بها إلى انفصالها عن التيار السلفي الأصلي واحتفاظها بقدر من الخصوصية ، واقترابها تدريجياً من الناحية الفكرية إلى براجماتية الإخوان المسلمين .
   وبالرغم من أن كلا القوتين السلفية التقليدية والسلفية الحزبية الجديدة تنتميان للرأسمالية الدينية ، فإن عامل الخلاف الفكري والفقهي في التعامل مع الواقع كان له دوره خاصة مع شعور التيارات التي تبنت الحزبية بالخطر من حالة الحرية السياسية والفكرية التي لاحت بوادرها عقب سقوط نظام مبارك الذي كان حامياً لهذه المنظومة لحاجته إليها ، وبينما رفضت التيارات السلفية التقليدية تقديم أي تنازلات في تعاملها مع هذه التغييرات ، حرصت التيارات الأخرى للتفاعل مع الواقع عبر تأييدها للمجلس العسكري ودخولها في اللعبة السياسية مما استتبع تجاوزها وقفزها على بعض مسلمات الفكر السلفي .
   وإذا كان العامل الطبقي قد أدى لحدوث قدر من الانفصال في المواقف بين الكوادر الشابه والقيادات السلفية وخاصة في فترة الثورة بحيث أدى هذا الانفصال لظهور اتجاهات جديدة لهذه الكوادر ، فالواقع أن عامل التطور التكنولوجي سوف يساهم لحد كبير في زيادة رقعة هذا الانفصال ودخول الاتجاهات الجديدة في منافسة مع التيار السلفي الأساسي نظراً لقدرتها على استغلال هذا العامل في الترويج السهل لمبادئها والتي ستلقى قبولاً لدى الكثيرين من الشباب الذين يعانون من هذا التناقض بين المنظومة السلفية التقليدية وبين ضغوط الواقع الاجتماعي ، وهو ما سينطبق كذلك على الاتجاهات المنشقة عن الإخوان المسلمين والتي ، بالرغم من تنوعاتها الطبقية ، من المتوقع أن تتبنى تدريجياً نموذجاً فكرياً ودينياً أقرب للعلمانية ، ويبدو هذا الاتجاه واضحاً في أداء حزب الوسط وبرنامجه المعلن وأيضاً حزب التيار المصري بالرغم من كون الأول يظهر بنفس التحفظ الديني للإخوان[153] ، وذلك في محاولاتها الظهور بشكل مختلف وأكثر قبولاً لدى المجموعات الفكرية والدينية الموجودة في مصر والتي تنظر بحالة من التوجس لهذه الجماعة كالمسيحيين والمسلمين الصوفية[154] .
   إن هذا التشظي المتنوع والمتداخل بالنسبة للتيارات السلفية والقائم في الجزء الظاهري منه على اجتهادات فقهية تؤدي في الغالب إلى ترسيخ هذا الخلاف لن يلبث أن يتحول إلى الجمع بين الديني والسياسي بحيث تتحول هذه الاتجاهات إلى طوائف جديدة مختلفة ولن يبقى سلفياً منها إلا المجموعة الصغيرة التي رفضت تقديم أي تنازلات تجاه التغيرات الجديدة .
   وإذا كانت الخلافات بين الحشوية والمرجئة ، ثم الخلاف بين الحنابلة والأشعرية ، وأخيراً الخلاف بين السلفيين والإخوان المسلمين· قد احتاج إلى مرحلة زمنية طويلة كي يشتعل نظراً للتطور البطيء الذي ميز المرحلة الإقطاعية ، فإن الخلاف في الفترة الحالية لن يستغرق فترات مماثلة بكل تأكيد خاصة مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتسارعة ، بل ربما تكون الانتخابات البرلمانية التي تشهدها مصر حالياً أحد أهم عوامل الصدام في حال تمكنت الاحزاب السلفية من تحقيق نجاحات تقترب من النجاح المتوقع للإخوان المسلمين ، وهو ما سيمنح التيارات السلفية الحزبية الفرصة لمحاولة الاستقلال في تجربتهم السياسية الجديدة ، وبغض النظر عن الخلفية الدينية للطرفين ، فإن النظرة السلبية (السياسية/الفقهية) المتبادلة بين الطرفين ، بالإضافة إلى الرؤية السلبية (الفقهية) التي ستحملها السلفية التقليدية لكليهما ، ستؤدي لإعادة تعميق هذا الخلاف الذي سيتحول إلى مواجهة مختلطة سياسية/دينية[155]· .
   إن التجربة التاريخية تؤكد على خطأ التصور التقليدي عن قابلية التحالف بين الاتجاهات الدينية سواء في مرحلة الاضطهاد أو مرحلة الحرية ، وهي في الواقع قابلية ضعيفة للغاية واستثنائية ، بل أن الإرتكان في كل تحرك أو قرار على الأحكام الفقهية والتي تلجأ إليها الأوساط المتشددة من أجل منحها زخماً وقدسية في مواجهة الأتباع ، يؤدي إلى نتيجتين ، الأولى : ترسيخ العامل الشخصي باعتبار أن هذه الأحكام تعبر عن رؤية أحد العلماء السلفيين ، وبالتالي فمن الطبيعي أن يتواجد بين التيارات السلفية خصومات بين تلامذة شيخ وتلامذة آخر ، وهو ما سينعكس كذلك على الأوضاع الجديدة والتي دخلت فيها المصالح الاقتصادية والسياسية بشكل صريح كسبب رئيسي للخلاف ، والثانية : تعميق هذه الخلافات وتصاعدها تدريجياً كي تتحول إلى خلافات عقائدية وتخرج من دائرة الخطأ والصواب ، إلى دائرة الحق والضلال بحسب التعبيرات السلفية .
   في المقابل ورغم حالة التشظي السريع التي أصبحت تواجه التيارات السلفية بأنواعها والتي ستستمر بسرعة فائقة ، فإن التطورات المتوقعة لهذه التيارات ستعاني من بعض البطيء لسببين أساسيين ، أولهما أنها تصطدم بالفعل مع ثوابتها الدينية الراسخة ، الأمر الذي سيجبرها على محاولة إنتاج منظومة فكرية جديدة تتحايل على هذه الثوابت أو إيجاد المبرر المقنع للقفز عليها ، وثانيهما أن كل التيارات السلفية تعتمد على المبرر الفقهي لأي فكرة أو تحرك تتبناه ومحاولة إيجاد المبرر الفقهي سوف تستغرق وقتاً لدى الجميع ريثما تتمكن المؤسسات الدينية من تخريج دعاة جدد يتمكنون من التعامل مع الواقع الجديد ، خاصة أن كل الدعاة المتواجدون على الساحة حالياً لهم مواقف معروفة ، ومهما كانت قدرتهم على تبرير بعض الممارسات المتناقضة أحياناً فإنها تؤدي لاهتزاز صورتهم أمام أتباعهم وتترك آثاراً سلبية على جماهيريتهم .

   خاتمة :

   إن النتيجة الأساسية التي تسعى هذه الدراسة إلى إثباتها هي أن الطوائف التابعة لديانة ما تعيد إنتاج نفس آرائها ومواقفها مرة أخرى بمجرد أن تجد المجال للبروز على السطح ، بغض النظر عن أي تفاصيل قد تحدث إختلافاً ثانوياً هنا أو هناك ، وبالتالي فإن مستقبلها يصاغ في صورته العامة بناء على نفس القواعد التي صيغ بها سابقاً .
   وإذا كانت الحشوية قد نشأت بفعل السلطة الأموية ، ولم تشهد سوى انشقاقاً وحيداً حين اتخذ بعض ابنائها موقفاً حركياً لانقاذ النظام الأموي من السقوط في أواخر عهده ، وعندما تغيرت هذه السلطة وسيطر العباسيون وسمحوا بقدر معقول من الحرية في بداية عهدهم ، عانت من التبعثر والصراعات فيما بينها إلى درجة اعتبار كل انشقاق هو بالأساس طائفة مختلفة ، فإن التيارات السلفية سوف تواجه نفس المصير نظراً لانطلاقها من ثوابت ترى أنها مقدسة وتصطدم بالواقع وتطوراته ، بالاضافة لأن ارتباطاتها مع السلطة القائمة قامت بناء على احتكارها تدريجياً للخطاب الديني وهو ما لم يعد متاحاً بشكل عام في الفترة الجديدة .
   ومن الضروري التأكيد على أن هذه القاعدة ليست قاصرة على التيارات المتشددة فقط ، وإن كانت التيارات الأكثر انفتاحاً تتميز بأن إعادة انتاج أفكارها تحاول التصالح مع الواقع المعاصر أكثر من محاولة الصدام معه ، في حين تتميز التيارات الفكرية الثورية بمحاولة جمعها ما بين القراءة الجيدة لواقعها المعاصر ، وبين الصدام مع السلطة سعياً لتغيير قواعدها ، وإنتاج واقع جديد يمكنها أن تتلائم معه .
   ويبقى أخيراً ضرورة الإشارة إلى أن هذه النتيجة لا تعني ولا تسعى على الإطلاق لإثبات أن التاريخ يعيد إنتاج نفسه في صور متكررة بدون تطور ، مما يتعارض بكل تأكيد مع قواعد المادية التاريخية ، وإنما تعني أن التيارات الدينية ونظراً لأنها في كل تحركاتها تعتمد على نصوص ثابتة بقدر ما وعلى الفهم والأسلوب الذي فهم به السلف هذه النصوص ، فإن التطور لا يميز تحركاتها إلى في التفاصيل المعاصرة ، في حين تتشابه لحد كبير ظروف إعادة النشأة والتطور والمستقبل مع الجماعة الدينية الأم .

أحمد صبري السيد علي
المنصورة
5 ديسمبر 2011
10 محرم 1433


[1] محمد أركون . إعادة التفكير في الظاهرة الدينية . محاضرة بجامعة البلمند عام 2002 . موقع معابر بتاريخ 4/10/2011 .
·  تحدث المفكر محمد أركون حول الظاهرة الدينية في محاضرته بجامعة البلمند عام 2002 ، ورغم دعوته لمحاولة إعادة صياغة رؤى جديدة حول هذه الظاهرة فإن دعوته من ناحية النتائج لم تخرج عن القراءة السلبية المعتادة والتي تحاول الوصول لمحاولة اكتشاف ما قد وجد بالفعل ، والبحث عن عوامل التواصل بين الأديان .
[2] راجع صمويل هنتنجتون . صراع الحضارات (إعادة صنع النظام العالمي) . دار سطور . القاهرة 1999 .
· يقول هنتنجتون : " العلاقات بين الإسلام والمسيحية سواء الأرثوذكسية أو الغربية كانت عاصفة غالباً . كلاهما كان "الآخر" بالنسبة للآخر . صراع القرن العشرين بين الديموقراطية الغربية والماركسية اللينينية ليس سوى ظاهرة سطحية وزائلة . إذا ما قورن بعلاقة الصراع المستمر والعميق بين الإسلام والمسيحية . أحياناً ، كان التعايش السلمي يسود ، غالباً كانت العلاقة علاقة تنافس واسع مع درجات مختلفة من الحرب الباردة " ، وينتهي هنتجتون للقول بأن الإسلام هو الحضارة الوحيدة التي جعلت بقاء الغرب موضع شك ، وقد فعل ذلك مرتين على الأقل . (م . س . ص 338، 339) .
· جون إسبوسيتو ولد في 19 مايو 1940 بمقاطعة بروكلين بمدينة نيويورك، وهو أستاذ جامعي في الأديان والشئون الدولية والدراسات الإسلامية بجامعة جورج تاون ، والمدير المؤسس لمركز الأمير الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي- المسيحي بكلية والش للعلاقات الخارجية ، وهو أحد كبار علماء مركز جالوب يقوم بتحليل البيانات السائدة في دول العالم الإسلامي من خلال استطلاعات الرأي التي يجيرها مركز جالوب ، وهو مستشار لوزارة الخارجية وكذلك للعديد من الشركات والجامعات ووسائل الإعلام العالمية، ويعد إسبوسيتو أحد المتخصصين في الدراسات الإسلامية والإسلام السياسي وأثر الحركات الإسلامية من شمال إفريقيا إلي جنوب شرق أسيا ، وعمل كرئيس لجمعية أمريكا الشمالية للدراسات الشرق أوسطية والمركز الأمريكي لدراسة المجتمعات الإسلامية ونائب رئيس مركز دراسة الإسلام والديمقراطية وحاليا عضو بمجموعة المائة قائد التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي ، وهي مجموعة رفيعة المستوي لتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة ورئيس اللجنة العلمية التنفيذية لمشروع " La Maison de la Mediterranee's 2005-2010" ، " الإسلام وأوربا ودول المتوسط: المساهمون في الحوار" كما حاز في عام 2005 جائزة مارتن ايميل مارتي للتفاهم بين الأديان من الأكاديمية الأمريكية للأديان وجائزة القائد الأعظم الباكستانية لإسهاماته البارزة في الدراسات الإسلامية ، كما حاز علي جائزة التدريس المتميز من كلية العلاقات الخارجية بجامعة جورج تاون في عام 2003 ، وقد قام بتأليف أو المساهمة في تأليف 35 كتابا وترجمت كتبه ومقالاته لأكثر من 21 لغة منها العربية والفارسية والأردية والباسا الإندونيسية والتركية واليابانية والصينية واللغات الأوربية. كما تم استضافته في العديد من اللقاءات والحوارات مثل صحيفة وول ستريت ، نيويورك تايمز ، واشنطن بوست ، السي ان ان ، السي بي إس ، البي بي سي والجرائد والمجلات ووسائل الإعلام بأوربا وآسيا والشرق الأوسط .
· برنارد لويس ، من مواليد 31 مايو 1916 بلندن ، ولد من أسرة يهودية من الطبقة الوسطى في لندن ، اجتذبته اللغات والتاريخ منذ سن مبكرة ، اكتشف عندما كان شابا اهتمامه باللغه العبرية ثم انتقل إلى دراسة الآرامية والعربية ، ثم بعد ذلك اللاتينية واليونانية والفارسية والتركية ، تخرج عام 1936 من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية (SOAS) ، في جامعة لندن، في التاريخ مع تخصص في الشرق الأدنى والأوسط ، حصل على الدكتوراه بعد ثلاث سنوات، من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية متخصصاً في تاريخ الإسلام ، وقد اتجه لويس أيضا لدراسة القانون، قاطعاً جزءاً من الطريق نحو أن يصبح محاميا ، ثم عاد إلى دراسة تاريخ الشرق الأوسط 1937 ، التحق بالدراسات العليا في جامعة باريس، حيث درس مع لويس ماسينيون وحصل على "دبلوم الدراسات السامية" في 1937. عاد إلى SOAS في عام 1938 كمساعد محاضر في التاريخ الإسلامي ، انتقل برنارد لويس إلى الولايات المتحدة حيث أصبح عمل كأستاذ محاظر بجامعة برنستون وجامعة كورنل في السبعينات ، حصل على الجنسية الأمريكية سنة 1982 كما حاز على العديد من الجوائز من قبل مؤسسات تعليمية أمريكية لكتبه ومقالاته في مجال الإنسانيات ، اتسمت آراء برنارد لويس بالسلبية تجاه العرب والمسلمين ، حيث عزى تأخرهم عن أوروبا لأسباب ثقافية ودينية ، كما رأى بأن العالم الإسلامي في حالة صراع مستمرة مع المسيحية وأن فترات السلم ليست إلا استعداد لفترات حرب قادمة ، لكنه في المقابل يعتبر أحد أبرز منكري مذابح الأرمن ، أدى موقفه هذا إلى محاكمته في فرنسا حيث قررت المحكمة كونه مذنبا بتهمة إنكار مذبحة ألأرمن وتغريمه مبلغ رمزي قدره فرنك فرنسي واحد .
[3] هنتنجتون . م . س . ص 341، 342 .
[4] محمد حسين يعقوب . ما هي العقيدة . موقع الربانية . الموقع الرسمي للشيخ محمد حسين يعقوب http://www.yaqob.com . بتاريخ 5/10/2011 .
[5] م . س . بتاريخ 5/10/2011 .
[6] الشيخ أحمد بن يحيى النجمي . الطائفة المنصورة . مكتبة الشيخ أحمد بن يحيى النجمي . موقع http://ahmadannajmi.net بتاريخ 5/10/2011 .
[7] الشيخ أحمد بن يحيى النجمي . الأجوبة النجمية على الأسئلة الفلسطينية . موقع الشيخ النجمي http://ahmadannajmi.net بتاريخ 5/10/2011 .
[8] علي بن عبدالقادر السقاف . موسوعة الفرق المنتسبة للإسلام . موقع الدرر السنية http://dorar.net/ . بتاريخ 25 / 10 / 2011 ج 1 ب 3 ف 9 م 2 بعنوان (موقف علماء أهل السنة من دعوى الأشاعرة أنهم من أهل السنة) .
[9] م . س . ج 1 ب 3 ف 1 م 6 بعنوان (تطور مذهب الأشاعرة) .
[10] م . س . ج 1 ب 4 ف 3 م 1 بعنوان (الاعتماد على العقل) .
· الحسن بن موسى النوبختي . أحد أشهر فلاسفة ومتكلمي الشيعة الإمامية ، تاريخ ميلاده ووفاته غير معلوم ، إلا أنه عاش في الفترة ما بين منتصف القرن الثالث واوائل القرن الرابع ، ومن المرجح أنه عاش حتى سنة 320 هجرية ، وقد اشتهرت أسرته بالارتباط بالأسرة العباسية رغم تشيعها .
[11] الحسن بن موسى النوبختي . فرق الشيعة . ت / هبة الدين الحسيني الشهرستاني . طبعة دار الأضواء . بيروت 1984 . ص 6 .
[12] أحمد صبري . الجذور الطبقية لثورة الإمام الحسين . ط دار الحمراء . بيروت 2008 . ص 39 – 41 ، 107 – 109 .
[13] أحمد صبري . م . س . ص 94 – 96 .
[14] المسعودي . مروج الذهب ومعادن الجوهر . القاهرة 1967 . ج 2 ص 101 – 103 .
·  يعد عامر بن شراحيل الشعبي هو المؤسس الحقيقي لهذه الطائفة عقب انكسار ثورة العراقيين بزعامة عبدالرحمن بن محمد بن الأشعث ، وبالرغم من أن الحجاج قتل تقريباً كل المشاركين في هذه الثورة إلا أن استثنى الشعبي من هذا الإجراء وولاه قضاء الكوفة ، وبعدها تحول الشعبي إلى المروج الأساسي لبني أمية وهو أحد مؤسسي المعتقدين الحشوي والإرجائي (المسعودي . م . س . ج2 ص 111، 112، محمود إسماعيل عبدالرازق . الحركات السرية في الإسلام . دار سينا - مصر ، دار الانتشار العربي – بيروت . ط 5 1997 . ص 44 ، 45) .
[15] محمود إسماعيل . م . س . ص 43 – 45 .
[16] عبدالله بن عدي . الكامل في الضعفاء – تحقيق / د . سهيل ذكار . مراجعة / يحيى مختار غزاوي . عن طبعة دار الفكر . بيروت 1988 . ج 7 ص 8 .

[17] محمود إسماعيل . م . س . ص 44، 45 ، النوبختي . م . س . ص 7 .
[18] محمود إسماعيل . م . س . ص 55 – 58 .
· في كتابه الحركات السرية في الإسلام ذكر الدكتور محمود إسماعيل أن المرجئة بدات كحركة تبريرية ثم تحولت إلى حركة ثورية مستدلاً بمشاركة المرجئة في ثورة ابن الأشعث ، ثم ثورة ابن المهلب وأخيرا ثورة الحارث بن سريج ، الواقع أن فكر الإرجاء لم يكن مطروحاً كاتجاه في الأوساط الحديثية بهذه الفترة ويبدو أن الشعبي كان هو المؤسس الحقيقي للصيغة التي جمعت هذا الفكر عبر مشاركته في العمل السياسي المنحاز للخلافة الأموية عقب فشل ثورة العراق بقيادة ابن الأشعث ، كما أن النصوص التاريخية لا تشير في الواقع إلى أن القضاء على بني أمية وسلطتهم من برامج الثورات اللاحقة كثورة ابن المهلب وثورة الحارث بن سريج بقدر ما كانت تهدف لإصلاح هذه السلطة ومعالجة ثغراتها ، وهو ما يدعونا للتفرقة بين ما قبل ثورة العراقيين بقيادة ابن الأشعث وما بعدها في حياة المرجئة والحشوية ، واعتبار أن الاستقرار الأموي في الخلافة هو الذي أدى لتشكيل الحشوية كطائفة بالاضافة للتفرعات التي نتجت عنها فيما بعد كالمرجئة مع أن كلاهما كان شيئاً واحداً في البداية .
[19] جلال الدين السيوطي . تاريخ الخلفاء . طبعة دار الفكر . القاهرة (بدون ذكر تاريخ الطباعة) . ص 270، 271 ، المسعودي . م . س . ج 2 ص 269 ، 270 .
[20] عبد الرحمن الشرقاوي . أئمة الفقه التسعة . طبعة دار الشروق . القاهرة 1991 . ص 99 ، 100 .
[21] م . س . ص 120 ، 123 ، 124 .
· كانت مدرسة الليث بن سعد والتي تكاملت على يد الإمام الشافعي تمثل نوع من التأقلم مع الأوضاع الجديدة التي سعت الدولة العباسية في مراحلها الأولى لتثبيتها والتي منحت الطبقة التجارية والإقطاع الإقليمي حالة من الحرية وقدراً من الاستقلال وهو ما انعكس على الحركة الثقافية في العالم الإسلامي بالايجاب .
[22] م . س . ص 134 .
[23] جلال الدين السيوطي . م . س . ص 243 .
[24] عبدالرحمن الشرقاوي . م . س . ص 137 – 139 .
[25] جعفر السبحاني . بحوث في الملل والنحل . موقع رافد http://www.rafed.net . بتاريخ 24 / 10 / 2011 . . ج 3 ص 263 .
[26] السيوطي . م . س . ص 320 ، 321 .
[27] جعفر السبحاني . م . س . ج 2 ص 22 – 24 ، 26 – 28 ، 30 .
[28] خليفة فهد . جحيم الحكم السعودي ونيران الوهابية . طبع دار صفا للنشر . لندن (بدون ذكر سنة الطبع) . ص 177 ، الجبرتي . تاريخ الجبرتي . اختيار / محمد قنديل البقلي . القاهرة 1958 . ج 8 ص 869 .
· كان من الواضح تعاطف عبد الرحمن الجبرتي مع الحركة الوهابية ولم يتردد في إظهار نقمته على مقاومة الشريف غالب للوهابيين بنفيه عن الملة " ... واستمر في الترسيم عند الشريف ليأخذ بذلك وجاهة عند الأتراك الذي هو على ملتهم " .
· محمد رشيد رضا ولد في 23 سبتمبر سنة 1865 في قرية القلمون بطرابلس بلبنان ، بدأت دراسته بقريته حيث كان والده إماماً لمسجدها ، ثم انتقل إلى طرابلس والتحق بالمدرسة الرشيدية الابتدائية ، ثم المدرسة الوطنية الإسلامية بطرابلس على يد الشيخ حسين الجسر والذي كان صوفياً وتأثر به ، تعرف على الشيخ محمد عبده أثناء وجود الأخير ببيروت ، إلا أنه لم يتمكن من اللقاء به سوى مرة واحدة ، وعقب رحيل الأخير إلى مصر لحق به رشيد رضا في سنة 1898 حيث أصدر مجلة المنار في نفس العام ، وعقب وفاة الشيخ محمد عبده أظهر الشيخ انتماؤه للفكر السلفي بعد تأثره بكتب ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب ، وقد توفي أثناء عودته من وداع الأمير السعودي سعود بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن في السويس يوم 22 أغسطس 1935 .
[29] أحمد صبحي منصور . جذور الحركة السياسية السلفية الراهنة (رؤية تحليلية أصولية تاريخية) . موقع القرآنيون http://www.ahl-alquran.com بتاريخ 9/10/2011 ، محمد أبو الإسعاد . السعودية والإخوان . طبعة مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الإنسان . القاهرة 1996 . ص 31 – 33 ، 34 .
· نقل الباحث محمد أبو الإسعاد رسالة الشيخ محمد رشيد رضا إلى الأمير شكيب أرسلان يعترف فيها بأن الدعم المالي السعودي قد مكنه من شراء منزل فخم (م . س . ص 34) .
[30] محمد أبو الإسعاد . م . س . ص 32، 33 .
[31] أحمد صبحي منصور . م . س . موقع القرآنيون http://www.ahl-alquran.com بتاريخ 9 / 10 / 2011 .
[32] مارسيل كولومب . تطور مصر . ترجمة / زهير الشايب . ط مكتبة مدبولي . القاهرة (بدون ذكر تاريخ الطباعة) . ص 174 ، 175 .
· أشار مارسيل كولومب بقدر من الاستغراب إلى أن كل هذه الجمعيات نشأت في بدايات سنة 1927 فجأة ، وطالب بضرورة دراسة الكيفية التي نشأت بها .
[33] م . س . موقع القرآنيون http://www.ahl-alquran.com بتاريخ 9 / 10 / 2011 .
[34] محمد أبو الإسعاد . م . س . ص 51 – 53 .
[35] مارسيل كولومب . م . س . ص 38 .
[36] نوال قاسم . تطور الصناعة المصرية منذ عهد محمد علي حتى عهد عبدالناصر . طبعة مكتبة مدبولي . القاهرة 1987 . ص 354 – 358 .
[37] عمر الشافعي . حول أول حزب شيوعي في مصر (1921 – 1924) . نشر بمجلة أوراق إستراكية بتاريخ 1 يوليو 2007 . موقع مركز الدراسات الاشتراكية http://www.e-socialists.net . بتاريخ 12 / 10 / 2011 .
[38] مارسيل كولومب . م . س . ص 159 .
[39] م . س . ص 162 .
[40] م . س . ص 158 .
· يرجى الملاحظة أن بداية تكوين السلفية عن طريق أهل الحديث أو الحشوية كان كذلك في فترة التحول إلى النمط الإقطاعي في العهد الأموي وأكتمل بوضوح عندما اكتمل هذا التحول في عهد عبدالملك بن مروان وهو نفسه الذي شهد الصياغة النهائية لهذه الطائفة .
· أعتبر مارسيل كولومب أن جمعيتي مصر الفتاة والإخوان المسلمين قد تاثرتا بأفكار الشيخ رشيد رضا ، والواقع أن هذا خطأ من الباحث فجمعية مصر الفتاة نشأت على يد أحمد حسين وفتحي رضوان من رحم جماعة الشباب الحر أنصار المعاهدة والتي أنشأها حزب الأحرار الدستوريين للدفاع عن معاهدة رئيس الحزب محمد محمود باشا وهندرسون المعتمد البريطاني في مصر سنة 1929 ، وقد عبرت مباديء الحركة الأولى عن نوع من الوطنية المصرية المتطرفة ، وسعت إلى خليط من الآراء الوطنية والقومية الإشتراكية في إطار الدين الإسلامي (ميساء محمود خليفة . أحمد حسين ودوره في الحياة السياسية المصرية . مقال من كتاب حركة مصر الفتاة في عيون العلماء . المركز العربي للدراسات . حزب العمل . موقع حزب العمل http://www.el-3amal.com بتاريخ 12 / 10 / 2011 .
[41] م . س . ص 57 ، 58 ، 63 – 66 .
[42] حسن البنا . مذكرات الدعوة والداعية . تقديم / أبو الحسن علي الحسني الندوي . موقع حسن البنا www.hassanalbanna.org . ص 13 ، 14 .
[43] جمال البنا . خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه . طبعة دار الفكر الإسلامي . القاهرة (بدون ذكر تاريخ الطباعة) . ص 28 ، 32 .
·  لم يشر جمال البنا بوضوح إلى حنبلية والده وإنما أشار إلى أنه سعى من خلال شرحه لمسند أحمد بن حنبل إلى أن يقدم فقهاً جديداً عبر استخلاص الأحكام عن طريق الأحاديث وليس من المذاهب ، وهي نفس طريقة الحنابلة الذين ورثوا أهل الحديث في العصر العباسي .
[44] جمال البنا . خطابات حسن البنا الشاب إلى أبيه . م . س . ص 30 – 32 .
[45] حسن البنا . م . س . ص 12 ، 13 .
[46] م . س . ص 14 – 16 .
[47] م . س . ص 19 ، 20 .
[48] م . س . ص 18 .
· لابد من الإشارة إلى أن حسن البنا كان على اتصال بالشيخين السلفيين رشيد رضا ومحب الدين الخطيب أثناء وجوده بالقاهرة للدراسة بكلية دار العلوم ، كما شارك في تأسيس جمعية الشبان المسلمين السلفية سنة 1927 ، وهي نفس الفترة التي من المفترض انه كان فيها عضواً بالطريقة الحصافية مما يثير العديد من التساؤلات .
[49] محمد أبو الإسعاد . م . س . ص 106 .
[50] حسن البنا . م . س . 47 ، 48 .
[51] محمد أبو الإسعاد . م . س . 70 – 72 .
[52] م . س . ص 85 ، 86 ، ناصر سعيد . تاريخ آل سعود . مطبعة الاتحاد . بيروت (بدون ذكر سنة الطبع) . ص 304 – 314 .
[53] م . س . ص 99 .
[54] م . س . ص 98 .
[55] أحمد صبحي منصور . م . س . موقع القرآنيون http://www.ahl-alquran.com بتاريخ 17/10/2011 .
[56] محمد أبو الإسعاد . م . س . ص 101 .
[57] جمال البنا . م . س . ص 52 – 55 .
[58] م . س . ص 55 ، 56 .
[59] فهمي هويدي . إيران من الداخل . طبعة الأهرام . القاهرة 1991 . ص 331 .
· ذكر فهمي هويدي نقلاً عن مصادر الإخوان أن حسن البنا إلتقى في الحج سنة 1948 بالمرجع الشيعي آية الله الكاشاني وأنهما تفاهما حول عدد من النقاط الرئيسية ، كما استقبل الإخوان الثائر الإيراني ضد الشاه السيد نواب صفوي قائد منظمة فدائيان إسلام في سوريا سنة 1953 ، وفي القاهرة سنة 1954 وقادوا حملة إحتجاج ضد إعدامه بواسطة نظام الشاه ، وهذا الموقف الإيجابي في ظاهرة من الشيعة يتعارض مع انتماء الإخوان للمدرسة السلفية التي ترفض التشيع بالأساس وتعتبره مذهب متهرطق وخارج عن العقيدة الصحيحة ويتطرف بعض علمائها في اعتباره ديانة مختلفة عن الإسلام ، ولعل كتاب محب الدين الخطيب أحد المؤثرين في شخصية حسن البنا عن الشيعة المعنون بـ " الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثنى عشرية " من أهم المؤلفات التي توضح الموقف السلفي من الشيعة .
[60] مارسيل كولومب . م . س . ص 176 ، 177 .
[61] رياض حسن محرم . الإخوان والعنف .. مؤامرة 1965 . موقع مركز الدراسات والأبحاث العلمانية في العالم العربي http://www.ssrcaw.org بتاريخ 27 / 10 / 2011 .
[62] جيلز كيبل . النبي والفرعون . ترجمة / أحمد خضر . طبعة مكتبة مدبولي . القاهرة 1988 . ص 8 .
[63] حسين محمد أحمد حموده . أسرار حركة الضباط الأحرار والأخوان المسلمون . ط دار الزهراء للإعلام العربي . القاهرة 1985 . ص 95 ، 100 ، رياض حسن محرم . م . س بتاريخ 27 / 10 / 2011 .
[64] هاني نسيرة . الجمعيات الخيرية والإنسانية الإسلامية في مصر (دراسة نظرية وميدانية) . موقع المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والخيرية http://www.ibh.me بتاريخ 25 / 10 / 2011 .
[65] رياض حسن محرم . م . س . بتاريخ 27 / 10 / 2011 .
· كان من بين المعتقلين في هذا التنظيم شخصيات حصلت على شهرة كبيرة لاحقاً ، كشكري مصطفى مؤسس تنظيم التكفير والهجرة ، ومحمد بديع مرشد الإخوان المسلمين حالياً . عادل حمودة . الهجرة إلى العنف . طبعة دار سينا للنشر . القاهرة 1987 . ص 171 ، رياض حسن محرم . م . س . بتاريخ 27 / 10 / 2011 .
[66] عادل حمودة . م . س . ص 97 ، 98 .
· فسر الكاتب عادل حمودة تسامح عبدالناصر مع هذه الجمعيات بل والأفكار الدينية في فترة الستينات رغم صدامه مع الإخوان بأن الدين في ظل التجربة الناصرية كان " أحد أوراق لعبة التوازن بين اليمين واليسار ، وكان من الطبيعي أن تكون الخاتمة لليمين ، فاللعب على أرضية الدين يربح فيه الأكثر تطرفاً " .
[67] هاني نسيرة . م . س . بتاريخ 25 / 10 / 2011 .
[68] مارسيل كولومب . م . س . ص 282 ، 283 .
· ذكر الباحث مارسيل كولومب أن الانتشار الكبير للافكار الشيوعية في الأوساط العمالية والشعبية قد أجبر كل من الوفد المعبر عن كبار الملاك المصريين والرأسمالية المصرية لاتخاذ منظومة دعائية أشتراكية رغبة منه في الحفاظ على زبائنه الانتخابيين وأعلن أنه حزب اشتراكي ، كما حرصت جماعة الاخوان المسلمون في القيام بدعاية واسعة لصالح العناصر المعدمة في المجتمع المصري ، أما جماعة مصر الفتاة فقد غيرت اسمها وبرنامجها وتحولت إلى ما عرف باسم الحزب الاشتراكي الديموقراطي .
[69] صلاح عيسى . مثقفون وعسكر . طبعة دار مدبولي . القاهرة 1986 . ص 346 .
· وصف صلاح عيسى فكر البرجوازية الصغيرة والذي تشكل منذ الثلاثينات بأنه كان يبحث عن حلم المستبد العادل ، وفي إطارها وضع حركات مصر الفتاة والإخوان المسلمين والضباط الأحرار .
[70] مجدي عبدالهادي وآخرون . 25 يناير (التاريخ . الثورة . التأويل) . طبعة دار عرب . المنصورة 2011 . ص 41 – 43 .
[71] عادل حمودة . م . س . ص 174 ، 176 ، 88 ، 89 .
· تنبهت القوى الناصرية لهذه المشكلة عقب الكشف عن تنظيم الإخوان بقيادة سيد قطب سنة 1965 ، وسعت عبر المعسكرات السياسية إلى محاولة تجاوزها ، ويرى الكاتب عادل حمودة أن هذا الكشف جاء متأخراً حيث لم تمهل الأحداث المتلاحقة بعدها النظام الناصري الفرصة لتدارك الخطأ خاصة عقب هزيمة يونيو 1967 .
· أشار صلاح عيسى إلى أن مشروع الرجوازية الصغيرة الذي عبر عنه الضباط الأحرار كان متنكراً لأي رؤية طبقية ، عاجزاً عن تحديد ملامحه ... يرفض الليبرالية لكنه لا يرفض الرأسمالية .
[72] عادل حمودة . م . س . ص 57 – 60 .
[73] م . س . ص 62 ، 63 .
[74] الندوة العالمية للشباب الإسلامي . جماعة أنصار السنة المحمدية . موقع صيد الفوائد http://www.saaid.net . بتاريخ 30/10/2011 .
[75] رفعت سيد أحمد . م . س . ص 122 .
[76] عادل حمودة . م . س . ص 136 .
[77] م . س . ص 136 ، 137 ، 138 .
· أشار عادل حمودة إلى أن نظام السادات لم يكتف بدعم الجماعات الدينية في الجماعة معنوياً وإنما دعمها مادياً كذلك إلى درجة السماح لها بحرية استخدام الأسلحة البيضاء في صدامها مع الطلبة اليساريين .
[78] رفعت سيد أحمد . م . س . ص 122 .
[79] رجاء جارودي . الأصوليات المعاصرة (أسبابها ومظاهرها) . طبعة دار عام ألفين . باريس 2000 . ص 78 ، 79 .
· يذكر رجاء جارودي أن هذه المجموعات " قلما تهتم بالاستثمار المنتج في تنمية العالم الثالث ، بل على العكس يضاربون في الأسواق المالية الغربية وخصوصاً الأمريكية . وهناك تضليلات ، مثل التبديل السنوي لمعدل أرباح الأسهم ، تسعى إلى إخفاء الواقع وهو أن الأمر يتعلق بفوائد – وبربا – كما هو الحال في كل المصارف " .
· هجوم المجموعات الإسلامية على صلح السادات مع الكيان الصهيوني لم يكن أصيلاً في الفكر السلفي ، وإنما يعتمد في خلفيته الأساسية على نوعية الحاكم ، وبالتالي فسوف يكون مقبولاً لهم أن يوقعه حاكماً يطبق الشريعة الإسلامية (كما يرونها) ، وفي المقابل ولأن السادات في التطور الأخير لنظرتهم إليه لم يكن مسلماً كما ينبغي ولم يطبق الشريعة الإسلامية فقد رفضوا هذا الصلح ، ويبرز هذا التناقض بوضوح في موقف المؤسسة السلفية السعودية من التدخل الأجنبي أثناء الاحتلال العراقي للكويت ، فبينما كانت سابقاً تعتبر من الناحية الدعائية أن الغرب هو العدو الأول للإسلام في محاولاتها لتحجيم المؤثرات الغربية على المجتمع السعودي (خاصة المتعلقة بالديموقراطية وحقوق الإنسان) ، فقد رحبت تماماً باستقدام القوات الأمريكية لتحرير الكويت وإقامة قواعد عسكرية دائمة في الخليج . (محمد بنيعيش . التغيير الاجتماعي عند الوهابية .. الآفاق والسلبيات . موقع http://membres.multimania.fr . الفصل الثاني . الحركة الوهابية بين سياسة التقرير والبترير . بتاريخ 31 / 10 / 2011) .
[80] عادل حموده . م . س . ص 163 ، 164 ، 166 ، 167 ، 269 .
[81] م . س . ص 72 ،
[82] م . س . ص 80 .
[83] م . س . ص 67 .
[84] م . س . ص 258 ، 259 .
[85] د . جلال أمين . ماذا حدث للمصريين . طبعة دار الشروق . القاهرة 2009 . ص 60 .
[86] م . س . ص 61 .
[87] م . س . ص 56 ، عبد المنعم منيب . خريطة الحركات الإسلامية في مصر . موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان http://www.anhri.net . بتاريخ 1 / 11 / 2011 ، عادل حمودة . م . س . ص 261 .
[88] م . س . بتاريخ 3 / 11 / 2011 .
[89] جلال أمين . مصر والمصريون في عهد مبارك . طبعة دار الشروق . القاهرة 2011 . ص 24 .
[90] م . س . ص 24 .
[91] م . س . ص 24 ، 25 .
[92] عادل حمودة . م . س . ص 259 .
[93] عبد المنعم منيب . م . س . بتاريخ 3 / 11 / 2011 .
[94] م . س . بتاريخ 3 / 11 / 2011 . الفصول الخاصة بجماعات الجهاد ، السماويين ، الجماعة الإسلامية ، التوقف والتبين والشوقيين .
[95] مجدي خليل . الإخوان المسلمون وتدمير العمل السياسي والنقابي . موقع الأهالي http://www.al-ahaly.com  . بتاريخ 3 / 11 / 2011 .
[96] أحمد محمود . المحاكمات العسكرية للمدنيين – الماضي والحاضر والمستقبل . موقع الأهرام http://www.ahram.org.eg . بتاريخ 6 / 11 / 2011 ، هاني صلاح الدين . الحرية لخيرت الشاطر والمعتقلين . موقع اليوم السابع http://www.youm7.com . بتاريخ 6 / 11 / 2011 .
· كانت أولى المحاكمات العسكرية في عهد مبارك في يناير سنة 1995 بتهمة إعادة إحياء تنظيم الإخوان واتهم فيها 49 عضو بالجماعة ، وشهدت هذه السنة محاكمتين عسكريتين في نوفمبر بنفس التهمة ، وفي سنة 1996 تم اعتقال 13 عضو بالجماعة من بينهم المرشد السابق محمد مهدي عاكف وإحالتهم للقضاء العسكري والتي سميت بقضية حزب الوسط ، وفي سنة 1999 تعرض 20 نقابياً إخوانياً لمحاكمة أخرى ، ثم كانت قضية أساتذة الجامعات سنة 2001 والتي أحيل فيها 22 استاذ جامعي للمحكمة العسكرية من بينهم المرشد الحالي محمد بديع ، وفي الفترة ما بين 2006 – 2007 جرت محاكمة 40 من القيادات الإخوانية عسكرياً بتهمتي غسيل الأموال والعمل على إحياء جماعة محظورة كم تمت مصادرة ثروات المحكوم عليهم ومن بينهم نائب المرشد المهندس خيرت الشاطر .
[97] هاني صلاح الدين . م . س . بتاريخ 6 / 11 / 2011 ، عبدالمنعم محمود . حوار صحفي مع خيرت الشاطر . موقع الدستور الأصلي http://www.dostor.org . بتاريخ 6 / 11 / 2011 .
[98] حسام السويفي . تفاصيل الصفقة بين الإخوان والنظام بعد الإفراج عن أبو الفتوح . موقع مصرس http://www.masress.com . بتاريخ 6 / 11 / 2011 ، أحمد عبدالفتاح . وثائق أمن الدولة : اتفاق مع الشاطر ومرسي على إخلاء دوائر في انتخابات 2005 . موقع المصري اليوم almasryalyoum.com . بتاريخ 6 / 11 / 2011 .
· أشارت صحيفة المصري اليوم في تحقيقها المنشور في 6 مارس 2011 إلى اكتشاف وثائق داخل مبنى أمن الدولة بمدينة نصر حول إجتماع عقد بين خيرت الشاطر نائب المرشد العام للاخوان ومحمد مرسي مسئول ملف الانتخابات بالجماعة في سنة 2005 للتنسيق حول دخول الجماعة للانتخابات وأعداد المرشحين ، بالإضافة إلى إلزام الجماعة بإخلاء بعض الدوائر لصالح مرشحين بعينهم .
[99] أحمد محمود . م . س . بتاريخ 9 / 11 / 2011 .
[100] صلاح شاكر . إضراب سائقي السكة الحديد عام 1986 . موقع مركز الدراسات الاشتراكية http://www.e-socialists.net . بتاريخ 6 / 11 / 2011 ، ناجي حسين . الحركة العمالية المصرية عند مفترق الطرق (الجزء الأول) . موقع مركز الدراسات الاشتراكية http://www.e-socialists.net . بتاريخ 6 / 11 / 2011 .
[101] عبدالمنعم محمود . م . س . بتاريخ 6 / 11 / 2011 .
[102] رولا ميشيل . لغز إبراهيم كامل رجل التوريث في عهد مبارك . موقع الجورنال http://elgornal.net . بتاريخ 8 / 11 / 2011 ، أحمد إمبابي . حوار مع أحمد الريان . موقع جريدة الرأي http://www.alraimedia.com . بتاريخ 8 / 11 / 2011 .
· اعترف أحمد الريان أنه كان منخرطاً في صفوف الجماعة الإسلامية بالجامعة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين .
[103] حسن الزوام . السلفيون وأمن الدولة ومخاوف الثورة المضادة . صحيفة أخبار العرب الألكترونية http://www.arabnews24.net . بتاريخ 6 / 11 / 2011 .
· كان موقف الدعاة السلفيين السلبي من الثورة دليلاً على وجود علاقات بينهم وبين النظام المصري بحسب رأي الكاتب حسن الزوام ، والذي استند إلى وثائق تم تهريبها من مقرات أمن الدولة التي سقطت بيد الثوار ، بل لقد وصل الأمر بالشيخ محمود عامر رئيس فرع جماعة أنصار السنة المحمدية بدمنهور إلى الدعوة لاستتابة الدكتور محمد البرادعي عن عدم طاعته للحاكم ، كما كان صاحب الدعوة لبيعة مبارك أميراً للمؤمنين بمصر ، وقد تعرض الباحث ذاته لموقف ثبت فيه تعاون قيادات الجمعية الشرعية في إبلاغ جهاز مباحث أمن الدولة عن مؤلفه " الجذور الطبقية لثورة الحسين " بدعوى أنه مؤلف يدعو للتشيع بالإضافة لإصدار ورقة من أربع صفحات تتهم الباحث بالكفر ، وبناء على هذا البلاغ من قبل الجمعية تم استدعاء الباحث مرتين لمبنى أمن الدولة للتحقيق معه .
[104] م . س . بتاريخ 6 / 11 / 2011 .
[105] م . س . بتاريخ 6 / 11 / 2011 .
[106] الكويت تمول السلفيين في مصر . موقع النهار http://www.annaharkw.com . بتاريخ 14 / 11 / 2011 ، ما طبيعة فضيحة التمويل السعودي للسلفيين في مصر ؟ . موقع قناة العالم الاخبارية http://www.alalam.ir . بتاريخ 14 / 11 / 2011 ، أحمد صبحي منصور . السعوديون وجنرالات مبارك ضد الثورة المصرية . موقع التقدمية http://www.taqadoumiya.net . بتاريخ 14 / 11 / 2011 .
· ظهرت العديد من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في مصر لعل أهمها أحزاب الحرية والعدالة ، الريادة ، النهضة ، التيار المصري ، حركة السلام والتنمية المعبرة عن الإخوان المسلمين ، بالإضافة لحزب الوسط المنشق عن الإخوان قبل الثورة ؛ وحزبا البناء والتنمية والأمة الجديدة المعبران عن الجماعة الإسلامية ، وأحزاب النور والفضيلة والإصلاح والأصالة والحضارة المعبرة عن التيارات السلفية ؛ بالاضافة لعدد من الحركات والائتلافات الشبابية المتنوعة الاتجاهات كالجبهة السلفية ، وائتلاف دعم المسلمين الجدد ، والشباب السلفي ، وسلفيو كوستا .
· تجمعت أحزاب العمال الديموقراطي ، الاشتراكيون الثوريون ، الحزب الشيوعي المصري ، الحزب الاشتراكي المصري ، حزب التحالف الشعبي الاشتراكي بالاتحاد فيما أطلق عليه " جبهة القوى الاشتراكية " . جوان ستيرن . أحزاب اليسار المصري تسعى للتحالف مع البرجوازية . موقع http://www.wsws.org . بتاريخ 14 / 11 / 2011 .
[107] أميرة هويدي . خمسة أحزاب والعدد مرشح للارتفاع : هل ينفرط عقد أخوان مصر بعد الثورة ؟ . موقع صحيفة السفير http://www.assafir.com 15 / 11 / 2011 ، يارا سامي . إنشقاقات الإخوان تتوالى : ثورة التحرير في مكتب الإرشاد . موقع صحيفة روزاليوسف http://www.rosaonline.net . العدد 2899 . بتاريخ  15 / 11 / 2011 .
· وصف الإخواني المنشق عبدالستار المليجي في حواره مع صحيفة روزاليوسف عمل الجماعة بأنه : " أصبح العمل كله سياسياً بحتاً ومادياً وبيزنس " في إشارة إلى هذه المصالح الاقتصادية التي حكمت موقف الجماعة ، وقد كرر جملته في نفس الحوار واصفاً إياه بأنه : " تجمع مصلحة " ، كما اتهم هذه الأحزاب بأنها تحصل على تمويلها من الخليج وخاصة السعودية التي تمول كل ما هو مضاد لفكرة أن تكون هناك جمهورية ديموقراطية في مصر على حد تعبيره ، وهو نفس الاتهام الذي وجهه الباحث في شئون الحركات الإسلامية ثروت الخرباوي للأحزاب التي شكلتها التيارات السلفية .
· تتشكل البرجوازية الوسطى بحسب تعريف ماو تسي تونج من الرأسمالية الوطنية في المدن والريف ، والتي تعارض طبقة كبار ملاك الأراضي والرأسماليين الكومبرادوريين التابعين للرأسمال الأجنبي .
[108] ماو تسي تونج . المؤلفات المختارة . مقال تحليل لطبقات المجتمع الصيني . طبعة بكين 1977 . المجلد 1 ص 16 – 19 .
· استخدمت هنا التعبير الإعلامي الشائع عن الحدث المصري الذي بدأ في 25 يناير ومازالت تفاعلاته وتبعاته تدور حتى الآن مع وجود اختلافات بين المحللين والباحثين حول صحة تسميته بالثورة من عدمه .
· تصنف التيارات الدينية بشكل عام ضمن اليمين ، إلا إنها حتى مع هذا التصنيف لا تمتلك مشروعاً خاصة في إطاره وبالتالي فكوادرها عرضه للتجاذبات بين الطرفين بحسب ما تقتضيه مصالحها ، وبشكل عام يطيب لدعاة السلفية وصف أنفسهم بالوسطية ، وهو وصف لا يعبر عن منهجية ثالثة بقدر ما يسعى للتغطية على الفشل في صياغة مشروع اقتصادي واجتماعي وسياسي مستقل .
· يختلف الواقع المصري بكل تأكيد عن الواقع في الجزيرة العربية سواء في الصعيد أو في الوجه البحري من حيث عدم رسوخ الواقع القبلي به ، بالاضافة لكونه مجتمعاً ذراعياً يرى للمرأة دوراً كبيراً في عملية الانتاج ، ومع التطور الصناعي في مصر خلال القرنين التاسع عشر والعشرين فقد تطور كذلك الواقع الاجتماعي في مصر بحيث أصبحت الفقهيات السلفية التقليدية غير مناسبة على الإطلاق وغير قابلة للتطبيق بشكل واقعي ، وهو ما دفع بعض الجماعات السلفية في الستينات والسبعينات لمحاولة الانعزال بشكل كامل عن المجتمع .
[109] عبدالمنعم منيب . م . س . ص 25 .
[110] م . س . ص 26 .
[111] م . س . ص 43 .
[112] حوار مع محمد المختار المهدي الرئيس العام للجمعية الشرعية . موقع جريدة الموجز http://www.elmogaz.com . بتاريخ 25/11/2011 .
· في هذا الحوار أكد الشيخ محمد المختار المهدي أن الجمعية تعتبر السلفيين متعصبين والصوفية مبتدعين ولو تنازلت السلفية عن العصبية لصارت صوفية ولو تنازل الصوفية عن البدع لصاروا سلفية .
[113] عبدالمنعم منيب . م . س . ص 27 ، 28 .
[114] م . س . ص 27 ، 28 .
[115] م .  س . ص 28 .
· لا تتبع هذه الفروع الأصل الجماعة في مصر من الناحية التنظيمية .
[116] م . س . ص 43 .
[117] وائل السمري . تحقيق بعنوان / مفاجآت تقرير تقصي الحقائق : المصيلحي وافق على تمويل خارجي للسلفيين بمئات الملايين قبل تركه الوزارة بساعات . موقع اليوم السابع http://www.youm7.com . بتاريخ 25 / 11 / 2011 .
[118] عبدالمنعم منيب . م . س . ص 31 ، جماعة التبليغ والدعوة .. النشأة والمسار . موقع http://aljawlah.com . بتاريخ 25 / 11 / 2011 .
[119] عبدالمنعم منيب . م . س . ص 31 .
[120] م . س . ص 32 .
· أثبتت تحريات المباحث أن العديد من نشطاء تنظيم الجهاد بدأوا إلتزامهم الديني على يد جماعة التبليغ والدعوة قبل انتقالهم للعمل بتنظيمات حركية مختلفة وبعضهم استمرت عضويته ونشاطاته في الجماعة دون انقطاع .
[121] م . س . ص 32 ، 33 .
[122] شعبان هدية ونورا فخري . شباب الإخوان يؤسسون حزب التيار المصري والجماعة ترد بفصلهم . موقع اليوم السابع http://www.youm7.com . بتاريخ 3 / 12 / 2011 .
[123] م . س . ص 84 .
[124] صالح الورداني . الحركة الإسلامية في مصر .. واقع الثمانينات . طبعة مركز الحضارة العربية . القاهرة 1991 . ص 54 .
[125] عبدالمنعم منيب . م . س . ص 86 .
[126] حفني وافي . الجماعة الإسلامية تتحالف مع 6 أحزاب لتوحيد الصف في الانتخابات . موقع الأهرام الرقمي http://digital.ahram.org.eg . بتاريخ 29 / 11 / 2011 .
[127] عبدالمنعم منيب . م . س . ص 43 ، 44 .
[128] م . س . ص 43 ، 44 .
[129] م . س . ص 44 ، 45 .
[130] م . س . ص 48 ، 49 ، 50 – 57 .
[131] م . س . ص 62 .
[132] م . س . ص 74 ، 75 .
· كثيراً ما اتهم الاخوان المسلمون الشيخ علي قاسم وهو أحد المشايخ السلفيين بالمنصورة بعلاقته مع الأمن وإبلاغه لهم عن أي إجتماع أو نشاط للجماعة في جامعة المنصورة ، كما تعرضت بشكل شخصي لموقف مع هذا الشيخ الشاب الذي كان طالباً في قسم اللغة العربية بكلية الآداب في نفس الوقت الذي كنت أدرس فيه بقسم التاريخ بنفس الكلية .
[133] مجموعة مقاطع مرئية لعلماء سلفيين متعددين مثل الشيخ محمد حسان ، الشيخ محمد سعيد رسلان ، الشيخ عبدالملك الزغبي ، الشيخ عبدالمنعم الشحات ، الشيخ مصطفى العدوي ، الشيخ حاتم فريد ، الشيخ محمود المصري والشيخ يوسف البدري . مدونة عودة مصر . http://returnegypt.blogspot.com . بتاريخ 3 / 12 / 2012 .
[134] عبدالمنعم منيب . م . س . ص 77 ، علي عبدالعال . الإسلاميون والموقف من التحالفات الانتخابية . موقع صحيفة الوفد http://www.alwafd.org . بتاريخ 29 / 11 / 2011 .
[135] عبدالمنعم منيب . م . س . ص 77 .
[136] أبو محمد المقدسي . مختصر تحذير البرية من ضلالات الفرقة الجامية المدخلية . من كتاب الجامع في الجامية (بدون مؤلف) . الطبعة الألكترونية الثانية . ص 9 ، بدون مؤلف . من هم الجامية . من كتاب كتاب الجامع في الجامية (بدون مؤلف) . الطبعة الألكترونية الثانية 1424 . ص 1 ، 2 .
لابد من توضيح أن هذا الكتاب الألكتروني عبارة عن تجميع لعدد من الكراسات الصغيرة التي ألفت ضد هذا الاتجاه الجديد ، ومعظمها بدون أسم لمؤلف .
[137] بدون ذكر اسم المؤلف . الجامع في الجامية . ج 1 ص 14 ، 15 .
· اتهم خصوم هذا الاتجاه الشيخ صفوت نور الدين بتلقي الدعم المالي من جمعية إحياء التراث الكويتية التي تتبع الجاميين المدخليين ، وأن هذا الدعم هو سر تبنيه لاتجاههم .
[138] صلاح الدين حسن . المدخلية .. تيار ديني ينصب نفسه ممثلاً حقيقياً للسلفية . موقع إسلاميون http://islamyun.net . بتاريخ 1 / 12 / 2011 ، مقطع مرئي من خطبة للشيخ اسامة القوصي . الشيخ اسامة القوصي – بعض الإتهامات للقوصي . موقع http://www.youtube.com . بتاريخ 1 / 12 / 2011 .
[139] مقطع مرئي من خطبة للشيخ اسامة القوصي . المتحولون - أسامة القوصي قبل وبعد جمعة الرحيل . موقع http://www.youtube.com . بتاريخ 1 / 12 / 2011 .
· وجه الشيخ اسامة القوصي انتقادات للشيخ المدخلي أحد رواد هذا الاتجاه في محاضراته بالرغم من إعجابه به وبانتاجه الفكري . (مقطع مرئي من خطبة للشيخ أسامة القوصي . الشيخ اسامة القوصي عن الشيخ ربيع المدخلي – رأي الألباني . http://www.youtube.com . بتاريخ 1 / 12 / 2011) .
[140] مقطع مرئي من خطبة للشيخ أسامة القوصي . الشيخ اسامة القوصي – تولي مسيحي الرئاسة . موقع http://www.youtube.com . بتاريخ 1 / 12 / 2011 .
[141] مقطع مرئي من خطبة للشيخ أسامة القوصي . أسامة القوصي عن الموسيقى والآلات – الدف . موقع http://www.youtube.com . بتاريخ 1 / 12 / 2011 .
· من بين وثائق أمن الدولة التي تم اكتشافها أثناء الثورة تقارير ترصد انتشار هذا الفكر في مناطق القاهرة والدقهلية والبحيرة والمنوفية والمنيا ، وقد صيغت هذه التقارير سنة 2007 بقلم اللواء حسن عبدالرحمن مساعد أول وزير الداخلية ورئيس جهاز مباحث أمن الدولة ، وذكرت أسم الشيخ اسامة القوصي من بين عدد من العلماء السلفيين المتبعين للفكر المدخلي مثل ابو عبدالأعلى خالد عثمان المصري ، محمد سعيد رسلان ، علي حشيش ، إيهاب البديوي .
[142] عبدالمنعم منيب . م . س . ص 79 .
· قام اللواء عادل عبدالمقصود الضابط السابق بجهاز مباحث أمن الدولة بتأسيس حزب الأصالة المتبني للمنهج السلفي تحت رعاية شقيقه الداعية الإسلامي المنتمي لهذا التيار محمد عبدالمقصود ، ورغم أن علاقة القرابة بين الرجلين ليست بالضرورة إشارة لوجود تعامل في مجالات العمل ، إلا أن تأسيس ضابط شرطة سابق لحزب سلفي هو إشارة واضحة لوجود معاملات بين هذا الاتجاه السلفي والأمن على مستوى أكبر .
[143] م . س . ص 79 .
[144] المركز العربي للدراسات الإنسانية . حقيقة موقف السلفية المصرية من ثورة 25 يناير . موقع http://www.arab-center.org . بتاريخ 3 / 12 / 2011 .
[145] مقطع مرئي لفتوى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح حول أحداث التحرير يوم 19 نوفمبر والتي تشمل الشيخ محمد عبدالمقصود والشيخ محمد حسان . بيان الهيئة الشرعية بشأن أحداث التحرير 19/11/2011 . موقع http://www.youtube.com . بتاريخ 3 / 12/ 2011 ، مقطع مرئي للشيخ محمد عبدالمقصود . تعليق الشيخ محمد عبدالمقصود على ثورة الغضب الثانية . موقع http://www.youtube.com . بتاريخ 3 / 12 / 2011 ، مقطع مرئي للشيخ محمد حسان . الشيخ محمد حسان يطبل للجيش والمجلس العسكري على جبل عرفات . موقع http://www.youtube.com . بتاريخ 3 / 12 / 2011 .
[146] راجع صفحة إئتلاف شباب مصر الإسلامي على موقع التواصل الإجتماعي Facebook . http://www.facebook.com/shabab.egypt.islam . بتاريخ 3 / 12 / 2011 .
[147] راجع صفحة إئتلاف الشباب السلفي على موقع التواصل الإجتماعي Facebook . http://www.facebook.com/salafi.Youth?sk=info . بتاريخ 3 / 12 / 2011 .
[148] راجع صفحة إئتلاف دعم المسلمين الجدد على موقع التواصل الإجتماعي Facebook . http://www.facebook.com/NewMuslimsRights?sk=wall . بتاريخ 3 / 12 / 2011 .
[149] راجع صفحة حركة حازمون على موقع التواصل الإجتماعي Facebook . http://www.facebook.com/pages/%D8%AD%D8%A7%D8%B2%D9%85%D9%88%D9%86/175378559213894 . بتاريخ 3 / 12 / 2011 .
[150] راجع الصفحة الرسمية للجبهة السلفية بمصر على موقع التواصل الإجتماعي Facebook . http://www.facebook.com/gabhasalafia . بتاريخ 3 / 12 / 2011 .
[151] راجع الصفحة الرسمية لجبهة الإرادة الشعبية على موقع التواصل الاجتماعي Facebook . http://www.facebook.com/PopularWill?sk=info . بتاريخ 3 / 12 / 2011 .
[152] راجع صفحة سلفيو كوستا على موقع التواصل الإجتماعي Facebook . http://www.facebook.com/salafyocosta . بتاريخ 3 / 12 / 2011 .
· يرجى مراجعة التقسيم الذي وضعه ماو تسي تونج للبرجوازية الصغيرة والذي استعرضه الباحث في ص 31 ، 32 من هذا البحث .
[153] راجع البرنامج الخاص بحزب الوسط . موقع حزب الوسط http://www.alwasatparty.com . بتاريخ 4 / 12 / 2011 .
[154] ينص البرنامج المعلن لحزب الوسط على الفقرة التالية : " المواطنة أساس العلاقة بين أفراد الشعب المصري، فلا يجوز التمييز بينهم بسبب الدين أو الجنس أو اللون أو العرق أو المكانة أو الثروة في جميع الحقوق والالتزامات وتولى المناصب والولايات العامة بما فى ذلك منصب رئاسة الجمهورية  " . م . س . بتاريخ 4 / 12 / 2011 .
· بدأ الصراع بشكل واضح بين الطرفين في سبعينيات القرن الماضي ، في حين دخلت الدعوة السلفية إلى مصر بشكل منظم في بدايات القرن العشرين .
[155] مقطع مرئي . تحالف حزب النور مع الفلول في الاسكندرية . موقع يوتيوب http://www.youtube.com . بتاريخ 4 / 12 / 2011 ، مقطع مرئي . اتهامات متبادلة بين الحرية والعدالة والنور . موقع يوتيوب http://www.youtube.com . بتاريخ 4 / 12 / 2011 .
· اتهم حزب الحرية والعدالة المنبثق من الإخوان المسلمين حزب النور السلفي بممارسة مخالفات أثناء العملية الانتخابية بالاسكندرية من بينها التزوير وإتباع أساليب مشابهة لأساليب النظام السابق في إدارة العملية الانتخابية والاعتداء على أعضاء الحرية والعدالة والتحالف مع فلول النظام السابق ، ورد حزب النور بنفي هذه الاتهامات مؤكداً رفضه لترشيح الفلول على قائمته ، ووجه اتهام مماثل لحزب الحرية والعدالة بأنه يتعمد طوال الوقت الإساءة له بغرض تحقيق مكاسب سياسية بالرغم من ميثاق الشرف بينهما .

ليست هناك تعليقات: