الجمعة، 7 أكتوبر 2016

الخلفيات الطبقية لثورة الإمام الحسين

لوحة ملحمة الشهيد للفنان العراقي كاظم حيدر
تحميل البحث بصيغة pdf من موقع مجلة الكلية الإسلامية الجامعة بالنجف الأشرف . عدد 43 مجلد 4 



   كان صعود الأسرة الأموية على رأس السلطة في العالم الإسلامي إيذاناً بعودة السيطرة للأرستقراطية القرشية ، التي سبق لها الصدام مع الدعوة الإسلامية ، مرة أخرى ، بعد الكبوة المؤقتة التي تعرضت لها عقب نجاح الثورة على الخليفة الثالث وتولي الإمام علي بن أبي طالب (ع) السلطة . 

   وقد أدى نجاح معاوية في استقطاب قيادات الإقطاع الكوفي وتحريكهم ضد الإمام الحسن بن علي (ع)[1] بل والتدبير لاغتياله عقب فض الاشتباك العسكري بين الطرفين[2] إلى إطلاق يده في اتخاذ العديد من القرارات التي من شأنها ترسيخ وتقوية هذا النمط .

   إن هذه العودة الجديدة للأرستقراطية القديمة كانت تحمل بعض الاختلافات عن سابقتها، فبالطبع سُمح لأفرادها بالعودة لحيازة الأراضي والإقطاعيات مرة أخرى[3] ، كما جرى تحويل أراضي الصوافي والتي كانت موقوفة على بيت المال إلى إقطاعات لأفراد الأسرة الحاكمة، أو من دار في فلكها من زعامات القبائل والولاة والقواد[4]، على أن الملاحظ هو تغير شكل حيازة الأرض الزراعية والتي كانت طوال العهود السابقة قاصرة بشكل عام على " حيازة الانتفاع "[5]، إلا أن في العهد الأموي تحول هذا الشكل إلى " حيازة الملكية "، وهو تحول جاء في إطار القوانين التي أصدرها معاوية لتقوية وضع الإقطاع[6]، وتدلنا الوسائل الجديدة في طريقة اقتناء وحيازة الأرض على صحة هذا التصور، كان الإحياء هو الوسيلة التقليدية والتي تقوم على استصلاح الأراضي وزراعتها، وظلت هذه الوسيلة مستخدمة في العصور اللاحقة، وفي العهد الأموي ظهرت وسائل أخرى ناتجة عن التحول إلى الملكية كالشراء، والتوريث[7]، كما ظهرت وسيلة ثالثة في إطار الصراع السياسي هي غصب الأراضي الخاضعة لانتفاع الموالين لزعماء المعارضة[8].

   من ناحية أخرى شهدت الطبقة التجارية الكبرى نوعاً من الازدهار بسبب عودة الهدوء السياسي والاتصال مرة أخرى بين مناطق العالم الإسلامي، على أن هذا لم يعن انتهاء أطماع قادتها في الحكم، وإن كانت قد انقسمت على نفسها إلى تيارين، الأول يقوده عبد الله بن الزبير ويسعى لانتهاز أي فرصة كي يصعد إلى السلطة، وقد احتفظ هذا التيار بسماته التجارية التقليدية وأفكاره المستقاة من تجربة الخليفتين الأول والثاني، وأدى عداء الأمويين له إلى اكتسابه لبعض الشعبية فيما بعد، والثاني يقوده عبد الله بن عمر وقد تحالف مع السلطة الأموية، وعلى الرغم من أنه كان يدعو لنفس الأفكار إلا أن الكثير من كوادره تمكنت بسبب تحالفها مع الأمويين من حيازة إقطاعات ضخمة وتولي مناصب كبيرة في الدولة الأموية، والواقع أن هذا التيار لم يلبث أن أصبح من المروجين للسياسات الأموية[9]، أما الطبقات والفئات الصغرى كصغار الملاك وصغار التجار والحرفيين وعمال الأراضي فقد عانوا من الإجراءات الأموية التي أطاحت بمكتسباتهم في عهد علي، وخاصة طبقة صغار التجار التي تضررت من عودة السماح بحيازة الإقطاعيات الكبيرة والاحتكار والذي وجه ضربة كبرى لدورها بسبب سيطرة الإقطاعيين وكبار التجار المطلقة على أسعار السلع، وبالتالي فقد شكلت هذه الطبقات النسبة الغالبة من قيادات وكوادر المعارضة بشكل عام وإن اختصت المعارضة الشيعية بتأييد الغالبية منهم[10].

    وعلى المستوى الاجتماعي فقد أدت سيطرة الإقطاع إلى عودة نفوذ زعامات القبائل العربية مرة أخرى والتي قامت بالتآمر حتى على أبناء قبائلهم من الموالين لعلي بن أبي طالب أو المنتمين للخوارج مما أدى إلى نجاح السلطة الأموية في القضاء على الكثير من قيادات المعارضة الشيعية والخارجية[11]. كما استطاعت السلطة الأموية اجتذاب زعامات أخرى معارضة إلى صفوفها لعل أهمها شبث بن ربعي التميمي والذي كان من قيادات الخوارج، وزياد بن أبيه وكان من المحسوبين على الشيعة[12].

   إن هذه القرارات وما أدت إليها من نتائج لم تساهم في تقوية الإقطاع فقط وإنما ساهمت أيضاً في ربطه بالعلاقة مع الدولة الأموية مما سمح لمعاوية بن أبي سفيان فيما بعد بمحاولة تغيير أسلوب انتقال السلطة وإرساء مبدأ التوريث سعياً لتولي ابنه يزيد الخلافة من بعده، وهو الأسلوب الذي كان مرفوضاً من قبل العرب والمسلمين عموماً خاصة مع وجود الحسين بن علي والذي يحظى بشرعية كبرى لكونه الحفيد الثاني للرسول(ص) إضافة إلى اشتمال المعاهدة على نص يمنحه حق خلافة الحسن في تطبيق نصوصها خاصة في البند الخاص بتولي السلطة، إضافة إلى وجود الكثير من التحفظات الأخلاقية التي سجلت على سلوكيات يزيد بن معاوية[13]، وقد تقبلت معظم الشخصيات الإقطاعية هذا الترشيح ليزيد إلا أن معاوية فشل في إقناع القيادات الكبرى من الصحابة أو أبنائهم وهو الممثلين الأساسيين لطبقة كبار التجار والطبقات الكادحة وخاصة الإمام الحسين بن علي بتولي يزيد رغم لجوءه إلى التهديد ومحاولة فرضه بالقوة[14].

   من ناحية أخرى كانت القيادات الشيعية تحاول تمهيد الساحة للقيام بثورة ضد الأمويين عقب وفاة معاوية بن أبي سفيان، ويبدو أن شعبية الحسين الجارفة بالإضافة إلى جهود هذه القيادات وممارسات الأمويين قد ساعدتها إلى حد كبير في حشد الجماهير ضد الأمويين ... ورغم إدراك معاوية بن أبي سفيان لهذه التحركات إلى أنه اضطر لغض الطرف عنها ربما رغبة في الدعاية لتولية يزيد وعدم القيام بأي تصرف من شأنه تهييج مشاعر العداء تجاهه[15].

   لقد أدت وفاة معاوية إلى إحياء آمال القيادات الشيعية في القضاء على الأمويين فقامت بالترويج للقيام بثورة تحت قيادة الحسين وحظيت هذه الدعوة باستجابة قطاعات واسعة من أبناء الطبقات الكادحة وصغار التجار الأمر الذي أحرج الزعامات الإقطاعية الموالية للسلطة الأموية وخشيت معه سقوط زعامتها القبلية، فاضطرت معظم هذه الزعامات إلى مسايرة هذا الوضع الجماهيري مؤقتاً وإرسال تأييدهم لهذه الثورة إلى الحسين[16]، كما تحركت الشيعة بالبصرة وقامت بعقد بعض الاجتماعات السرية ويبدو أنهم أرسلوا خطاباً مع مندوبهم يزيد بن بنيط[17].

   لقد أدرك الخليفة الجديد أن سلطته لن تكتسب الشرعية إذا لم يعترف بها الحسين بن علي وممثلا طبقة كبار التجار عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر، وبينما كان الأول من أنصار الصدام مع الإقطاع الأموي، كان الثاني يتبنى اتجاهاً استسلامياً، وبالتالي فعندما وصلت رسالة الخليفة لأمير المدينة بضرورة الحصول على بيعة هذه القيادات الثلاثة بكل الطرق حتى لو كانت بالإرهاب[18] - ويبدو من نص الرسالة أن النتيجة الوحيدة لعدم قبول هذه القيادات للبيعة هو القتل - لم يجد الوالي الأموي صعوبة في إقناع عبد الله بن عمر بالبيعة[19] بينما رفض الحسين البيعة[20]، أما عبد الله بن الزبير فقد اضطر للهرب إلى مكة[21]، وقد لحق به الحسين في اليوم التالي مصطحباً أفراد أسرته باستثناء محمد بن الحنفية ولا يبدو من النصوص أن محمد بن الحنفية اعترض على الثورة ضد يزيد بل تشير المرويات إلى أن خروج الحسين إلى مكة كان حسب نصيحته[22]، وتشير بعض المرويات إلى أن الحسين فضل بقائه في المدينة كي يخبره بتطورات الموقف، ويبدو أن هذا السبب ليس الوحيد وربما كان إشراف محمد بن الحنفية على التنظيمات الشيعية في حال فشل الثورة كقيادة ثانية من الأسباب التي دعت الحسين لإبعاده عن الأحداث[23]، وقد أدى تمكن الحسين وعبد الله بن الزبير من الهروب لمكة دون الاعتراف بالخليفة إلى عزل الوالي الأموي عن المدينة[24].

   لقد أدرك كل من الحسين وابن الزبير أن وجودهما بمكة في هذا الوقت ربما يمثل لهما حصانة بسبب اقتراب موسم الحج، وقد استغلت القيادات الشيعية هذه المناسبة في بعث الرسل برسائل التأييد للحسين[25]، وتشير بعض المرويات إلى أنه تلقى رسائل مؤيدة من زعامات الشيعة في الكوفة والبصرة واليمن والمدائن وأقطار إسلامية أخرى[26]، مما قد يشير إلى أن الحسين والتنظيمات الشيعية كانت تخطط لثورة شاملة ضد الأمويين تبدأ من الكوفة.

   كان الحسين يعي تماماً أن السلطة الأموية لن تمهله كثيراً بعد انتهاء الموسم ولذلك فقد سارع بإرسال مندوبه مسلم بن عقيل إلى الكوفة، كما أرسل مندوباً[27] آخر إلى البصرة كُلف بإجراء اتصالات مع بعض الزعامات البصرية كالأحنف بن قيس ومالك بن مسمع والمنذر بن الجارود ومسعود بن عمرو وقيس بن الهيثم ويزيد بن مسعود النهشلي في محاولة لتوسيع رقعة الثورة والدعاية لأهدافها، إلا أن المنذر بن الجارود وهو أحد الذين راسلهم الحسين أبلغ الوالي الأموي عبيد الله بن زياد بتحركات الشيعة في البصرة مما مكن عبيد الله من إجهاض هذه التحركات مبكراً وتذكر المرويات أن منذر بن الجارود خشي أن يكون هذا المندوب من جواسيس عبيد الله بن زياد فقام بتسليمه نسخة الرسالة التي وصلته، مما قد يعطي صورة عن التدابير الأمنية التي كان هذا الوالي يعتمد عليها في كشف تحركات المعادين للسلطة الأموية[28]، إلا أن المرويات الشيعية تشير إلى أن أحد هؤلاء الزعماء وهو يزيد بن مسعود النهشلي استطاع حشد المؤيدين للحسين من بني تميم وبني حنظلة وتجهيزهم لمساندة الحسين عند وصوله للكوفة[29].

   أما مسلم بن عقيل فقد أقام في منزل المختار بن أبي عبيد الثقفي وقام باستقبال وفود الشيعة والمؤيدين لقيام الثورة تحت زعامة الحسين، ويبدو أن شعوره بكثافة عدد هؤلاء المؤيدين الذي بلغ حسب بعض المرويات ثمانية عشر ألف وحسب مرويات أخرى أربعين ألف، جعله يعجل من إبلاغ الحسين بضرورة القدوم كما قلل من الاحتياطات الأمنية رغم تشديد الحسين في التزام السرية حتى وصوله إلى الكوفة[30] مما أدى إلى تمكن الوالي الأموي النعمان بن بشير من كشف هذه التحركات، إلا أنه في المقابل لم يتخذ أي إجراءات عنيفة في مواجهتها[31] الأمر الذي استفز الزعامات المناصرة لبني أمية ودفعها لتحذير الخليفة من تساهل الوالي الذي قد يؤدي لسقوط الكوفة في يد الثوار، ويبدو أن الخليفة كان لديه بعض المعلومات عن تحركات الحسين خاصة مع اكتشاف بعض هذه التحركات في البصرة كما ساهمت الحاشية في إقناعه بضرورة أن ضم الكوفة لولاية عبيد الله بن زياد رغم عداء الخليفة له[32].

   لقد اعتمد عبيد الله بن زياد في الكوفة ذات التدابير الأمنية لمواجهة الثورة، فقد طلب من العرفاء[33] كتابة أسماء المعارضين للحكم الأموي سواء من الخوارج أو الشيعة، أو ضمان عدم قيامهم بأي تحرك ضد السلطة كما ضمن هذا الأمر كالعادة تهديد بالصلب والحرمان من العطاء لمن يوجد في عرافته أي معارض للسلطة[34] .

   لقد أدركت قيادات الشيعة في الكوفة خطورة إجراءات عبيد الله الأمنية، فقامت بتدبير خطة لاغتياله اشترك فيها شريك بن الأعور، وهانئ بن عروة المرادي، ومسلم بن عقيل فقد استغل الأول حضور ابن زياد لعيادته أثناء مرضه وطلب من هانئ بن عروة ومسلم اغتياله، وقد كان من ضمن الخطة أن ينتقل مسلم بن عقيل بعدها للسيطرة على القصر بينما ينتقل شريك بن الأعور لقيادة الشيعة في البصرة والسيطرة عليها، إلا أن المرويات تختلف في ذكر أسباب فشل هذه الخطة، فبينما تحمل رواية لوط بن يحيى مسئولية الفشل على هانئ بن عروة ومسلم بن عقيل بسبب كراهية الأول أن يقتل عبيد الله في بيته وتورع الثاني عن اللجوء إلى هذه الوسيلة فإن المرويات الأخرى تشير إلى مسئولية إحدى زوجات هانئ بن عروة والتي تدخلت لمنع مسلم من اغتيال عبيد الله بن زياد في بيت زوجها خوفاً من انتقام الأمويين[35]، والواقع أن المروية الأولى مهتمة أكثر بإظهار مدى الورع الأخلاقي للهاشميين حتى في لحظات الصراع السياسي، بينما تبدو المروية الثانية أكثر مصداقية وواقعية.

   لقد كان من نتائج فشل عملية الاغتيال أن كلف الوالي جهازه الأمني بدس الجواسيس على قيادات الشيعة الذين تم اكتشاف أمرهم وقد نجح أحد هؤلاء في التقرب من مسلم بن عوسجة الأسدي أحد الدعاة للثورة ومنحه ثلاثة آلاف درهم للمساهمة في تمويلها، ولم يخف مسلم بن عوسجة امتعاضه من اكتشاف العوام لدوره في الثورة إلا أنه في المقابل ارتكب خطأ آخر حيث قام بتدبير مقابلة بينه وبين مسلم بن عقيل في دار هانئ بن عروة المرادي - التي كان مسلم قد انتقل إليها كنوع من التحايل على التدابير الأمنية لابن زياد - للحصول على بيعته، وقام بتسليم المال إليه وبالتالي وبعد فترة استطاع هذا الرجل التعرف على كافة أسرار التحرك الشيعي ونقلها لابن زياد[36] الذي استدعى هانئ بن عروة مع مجموعة من زعماء القبائل اليمينية وطالبه بتسليم مسلم بن عقيل، إلا أن هانئ رفض طلب الوالي معتمداً على أن زعامات قبيلته مذحج سوف يتدخلون بقوة في حال حاول الوالي قتله، ويبدو أن الوالي كان قد عقد اتفاقاً مع زعماء هذه القبيلة وعلى رأسهم كثير بن شهاب وعمرو بن الحجاج وهو ما يبدو من رد الساخر للوالي حينما هدده هانئ بانتقام قبيلته : " وا لهفاه عليك أبالبارقة تخوفني ؟! " ثم أمر باعتقاله بعد أن تعرض لضرب عنيف، وقد تلا هذا الحادث قيام أشراف قبيلة مَذحج بمظاهره شكلية تماماً أمام قصر الوالي للاطمئنان بأن هانئ بن عروة لم يقتل كما أعلنوا بيعتهم ليزيد[37].

   لقد أدرك مسلم بن عقيل بأنه أصبح مضطراً لخوض مواجهة مع الوالي الأموي ابن زياد قبل اكتمال استعداداته مستغلاً حالة السخط لدى الكادحين من الكوفيين، وقد بدا للوهلة الأولى أن الوالي الأموي سوف يخسر هذه المواجهة بسبب الحشد الضخم الذي انضم لمسلم بن عقيل والذي اضطره إلى الاحتماء بالقصر مع أشراف المدينة[38]، إلا أنه استطاع اللعب على وتر الانتماءات القبلية، وتذكر المرويات أن ابن زياد كلف كل زعيم قبيلة بإقناع أبناء قبيلته بالتراجع عن مناصرة مسلم بن عقيل والحسين، كما قام هؤلاء الأشراف بتحذير الجماهير من انتقام الخليفة وجيوشه الجرارة القادمة من الشام، ومن ناحية أخرى قاموا بتقديم الوعود لهم بتحسين الظروف المعيشية إذا تخلوا عن مسلم بن عقيل[39]، وقد نجحت هذه الوسيلة في التأثير على الجماهير وتخديرها عن التفاعل مع الثورة، مما أدى لفشل تحرك مسلم بن عقيل ثم القبض عليه وقتله وقتل هانئ بن عروة في اليوم التالي[40] .

   أما الحسين فقد استقر بمكة طوال الفترة من شعبان إلى ذي الحجة، وتذكر المرويات أنه اضطر لمغادرة مكة قبل اكتمال الحج خوفاً من إلقاء السلطة الأموية القبض عليه، وقد تحرك الحسين في يوم 8 ذي الحجة قبل معرفته بقتل مسلم بن عقيل[41]، إلا أن المرويات تذكر لقاء الفرزدق به خارج مكة وإخباره ببعض حقائق الأوضاع في الكوفة في صيغة مقتضبة " قلوب الناس معك وأسيافهم عليك "[42]، كما تذكر محاولات الوالي الأموي لإعادته والتي بدأت باستخدام القوة إلا أن الحسين ومرافقيه كانوا مستعدين لمثل هذه المواجهة كما يبدو أن والي مكة لم يكن لديه أي رغبة في قتل الحسين حيث تذكر المرويات أن المجموعتان تقاتلتا بالسياط، واضطر الوالي بأن يرسل إلى الحسين تعهد بالأمان كإجراء أخير، على أن كل هذه المحاولات لم تجعل الحسين يتراجع عن التحرك إلى الكوفة[43] التي قام واليها الأموي عبيد الله بن زياد باتخاذ كافة الاستعدادات لمنع الحسين من الوصول إليها، فوضع بعض شرطته بقيادة الحصين بن نمير لمراقبة الطريق بين القادسية[44] وخفان[45]، والطريق ما بين القادسية والقطقطانة[46]، وقد تمكنت هذه القوات من القبض على رسول الحسين إلى الكوفيين قيس بن مسهر الصيداوي وقتله[47]، ويبدو أن الحسين أرسل أيضاً رسالة إلى أتباعه في البصرة بقيادة يزيد بن مسعود النهشلي لاتخاذ الاستعدادات اللازمة للتحرك في نفس توقيت سيطرته على الكوفة وتقول المرويات أن يزيد بن مسعود استعد بالفعل للتحرك العسكري إلا أن أخبار استشهاده – الحسين - وصلته قبل أن يتخذ القرار النهائي بهذه الخطوة[48].

   ومن الواضح أن الوالي الأموي كان حريصاً على عدم وصول أخبار التطورات الأخيرة إلى الحسين تمهيداً لمحاصرته قبل اتخاذه أي إجراءات للدفاع عن نفسه أو الاستنجاد بأنصاره في أي من الولايات الأخرى، فتشير المرويات التاريخية إلى أن بعض الأعراب والمناصرين للحسين قد انضموا له في الطريق من مكة إلى الكوفة اعتقاداً منهم بأن الكوفة أصبحت تحت سيطرته[49]، إلا أن الحسين وصلته أنباء التطورات في الكوفة عن طريق بعض الموالين له من الأسديين ولم يحاول إخفائها بل عرض الموقف على أتباعه والأعراب الذين رافقوه مما ساهم في تخلي بعضهم عنه واضطراره إلى مواصلة الطريق ربما بسبب إدراكه أن رجوعه لن يعني حصوله على الأمان بل سيعني البيعة أو القتل عند يزيد، وبالتأكيد لم يكن الحسين الذي أدرك فشل الثورة يرغب في الوقوع تحت سيطرة يزيد بن معاوية مما جعله يفضل مواصلة تحركه باتجاه الكوفة، ومن الممكن أنه كان مازال لديه بعض الأمل في تجاوز هذا الفشل للثورة[50]، إلا أن إحدى فرق المراقبة الأموية استقبلته بالقرب من بلدة شراف[51] بقيادة الحر بن يزيد التميمي، ومن الواضح أن هذه الفرقة كانت مكلفة بملازمة الحسين حتى دخوله الكوفة لمنعة من الاتصال بأتباعه بها أو بالبصرة وعدم السماح له بالعودة إلى المدينة[52]، وقد تعامل قائد الفرقة وجنودها مع الحسين تعاملاً يليق بكونه حفيد النبي(ص) وتذكر المرويات أنهم – القائد والجنود - اعتبروا الصلاة خلف الحسين نوع من الشرف، بل أن قائد الفرقة - الحر بن يزيد - حينما رفض الحسين طلبه بالذهاب إلى عبيد الله بن زياد أقترح عليه أن يتخذ طريقاً آخر لا يؤدي إلى الكوفة ولا يعيده إلى المدينة حتى لا يضطره للقبض عليه وتسليمه لعبيد الله بن زياد[53]، وقد استجاب الحسين إلى هذا الاقتراح واستمر في التحرك حتى وصل إلى صحراء نينوى في الثاني من محرم حيث وصلت أوامر عبيد الله بن زياد إلى الحر بن يزيد بألا يسمح للحسين بدخول أي من القرى القريبة[54] .

   ومن الواضح أن الأمويين كانوا يريدون الانفراد بالحسين بعيداً عن المناطق المأهولة تحسباً لإثارة مشاعرهم المتعاطفة مع حفيد النبي، أو خوفاً من وصول أخبار هذا الصراع إلى أنصاره وانضمامهم إليه أثناء المعركة، ويبدو أن خطتهم الأساسية كانت تعتمد على قيام عبيد الله بن زياد بالسيطرة على الأوضاع في الكوفة والبصرة، بينما يقوم الجيش الأموي بأسر الحسين وإدخاله الكوفة، إلا أن تعديل هذا الأمر ربما ارتبط بعدم ثقة ابن زياد في قدرته على ضبط الأوضاع بالمدينتين في حال دخل الحسين الكوفة على هذه الهيئة، مما دفعه لتغيير الخطة والابتعاد بالحسين إلى الصحراء وتخييره ما بين البيعة والقتل قبل معرفة أنصاره بهذه الأحداث. 

   لقد انضم في اليوم التالي أربعة آلاف مقاتل بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص إلى الفرقة الأموية المرافقة للحسين ، وهو عدد مبالغ فيه ولا يتناسب مع قلة عدد المرافقين للحسين، على أن الغرض الأساسي من هذه الكثافة العددية للجيش الأموي إحكام الحصار على الحسين بحيث لا يستطيع الاستنجاد بأتباعه، ورغم محاولات عمر بن سعد لتجاوز الصدام مع الحسين إلى درجة التورط في تلفيق التصريحات على لسان الحسين بالرغبة في الذهاب إلى يزيد ومبايعته على أمل ألا يكلف بقتاله ، فإن إصرار عبيد الله بن زياد على اعتراف الحسين بشرعية يزيد وإصرار الحسين على الرفض وضعه في موقف الصدام بالفعل[55] .

   وقد بدأت أولى مظاهر الصدام بمنع الحسين وأتباعه من الماء في السابع من محرم[56]، في محاولة لإنهاكهم قبل المواجهة المرتقبة والتي كادت أن تتم يوم التاسع من محرم إلا أن الحسين طلب من عمر بن سعد تأجيلها يوماً آخر[57]، وتذكر المرويات أن أصحاب الحسين وأقاربه من بني جعفر وعقيل وأبناء علي بن أبي طالب رفضوا التخلي عنه في ليلة العاشر من محرم وأصروا على خوض المواجهة رغم سماحه لهم بتركه[58]، وقد شهد اليوم العاشر حادثة تحول موقف الحر بن يزيد وانضمامه إلى الحسين عقب اكتشافه أن القيادة الأموية عازمة فعلاً على قتل حفيد النبي، ويبدو من المرويات أن كثير من جنود الجيش الأموي لم يتوقعوا أن تقدم القيادة الأموية على هذا التصرف بل تشير إلى أن الكثير من هؤلاء كانت تراوده نفس الرغبة في الانضمام للحسين[59] .

   وبالتأكيد كانت نتيجة المواجهة محسومة مسبقاً بسبب هذا الفارق الكبير في العدد والعتاد بين الفريقين، إلا أن المرويات تشير إلى كم من محاولات الانتقام الساذجة التي ارتكبها الجيش الأموي مع الحسين حتى بعد قتله كوطئ جسده بالخيل[60] والتشهير بنسائه[61] ورأسه[62] ثم إرسالهم إلى يزيد في دمشق بهذه الصورة المهينة[63]، والتي استمرت في مخيلة قطاعات كبيرة وضخمة من المسلمين لم تستطع أن تتحمل مثل هذا المشاهد ومنحت للتنظيمات الشيعية وغيرها من التنظيمات المعارضة فيما بعد مادة دسمة وواقعية للتعبئة الجماهيرية في مواجهة الأمويين[64] .

   لقد كان العامل الاجتماعي شديد الوضوح في أحداث هذه الثورة، ففي خطبة الحسين قبل خروجه بمكة قبل خروجه للثورة نلمح نفس الآراء والمبادئ التي أقام عليها علي بن أبي طالب خلافته : "أسلمتم الضعفاء في أيديهم فمن بين مستعبد مقهور ومستضعف على معيشته مغلوب "[65] كما نلمح نفس هذه الآراء في الرسائل المتبادلة بين الحسين وأقطاب الشيعة بالكوفة، فقد ورد في رسالة الشيعة بقيادة سليمان بن صرد إلى الحسين : " الحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد، الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها أمرها، وغصبها فيئها، وتأمر عليها بغير رضىً منها، ثم قتل خيارها واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها "[66]، إن هذا النص يشير إلى عدة آراء سياسية واجتماعية كانت من أهم أسباب الثورة، حيث ينتقد الديكتاتورية السياسية التي مارسها معاوية بن أبي سفيان، واحتكار الثروة والنفوذ بين الطبقة الإقطاعية والأسرة الحاكمة، في مقابل الحرية السياسية والمساواة والعدل الاجتماعيين الذين كانا من مميزات خلافة علي بن أبي طالب . 

   إن هذا النص يشكك في مصداقية بعض الآراء التي تحاول أن تشير إلى وجود مبدأ الوراثة السياسي لدى الشيعة، والذي يرتبط أكثر بسيادة نمط الإنتاج الإقطاعي، والواقع أن التشيع لم يحصل أبداً إلا على أنصار معدودين في الأوساط الإقطاعية الذين اعتنقوا مبادئ علي بن أبي طالب، ومن ناحية أخرى يحمل هذا النص رفضاً مطلقاً لمبدأ الوراثة الملكي، وعلى الرغم من أن كاتبوا هذه الرسائل هم نفس الشخصيات التي ناصرت علي ثم الحسن ثم الحسين، فالواضح أن الدوافع لا علاقة لها بمبدأ الوراثة بقدر ما ارتبطت بالمميزات المتعددة لعلي وابناه من بعده كالعلم الديني والدنيوي، ورفضهم للتحريفات التي مورست على التشريع الإسلامي لصالح الطبقات المالكة للثروة سواء الإقطاعية أو التجارية الكبرى، بالإضافة إلى كونهم الأقرب للنبي بالطبع.

   إن فشل ثورة الحسين كان نتيجة مباشرة لعدة عوامل لعل أهمها الإجراءات التي اتخذها معاوية بن أبي سفيان والتي ربطت الإقطاع بالدولة الأموية، مما أدى إلى سقوط عوامل الانتماء والتعصب القبلي لدى معظم الزعامات الإقطاعية القبلية في مقابل ضمان استمرار حيازة المزيد من الأراضي الزراعية والحصول على العطاء، كما اختلفت تماماً وسيلة الحصول على النفوذ، ففي فترات سابقة كان النفوذ داخل القبيلة وسيلة للحصول على نفوذ داخل الدولة، إلا أن هذه الإجراءات أدت إلى تحول جديد فقد أصبح الحصول على نفوذ داخل القبيلة يرتبط بالارتباط بالدولة.

   العامل الثاني يتمثل في موقف طبقة كبار التجار من هذه الثورة، فرغم التفتت التي كانت تعانيه ما بين تيارين أحدهما يصطدم بالسلطة والآخر يتحالف معها، فإن كلا التيارين اختار التخلي عن الحسين في هذه المواجهة وإن كانت دوافع كل منهما مختلفة بالطبع، فالتيار الأول بقيادة عبد الله بن الزبير كانت له حساباته المستقلة وتشير المرويات بوضوح إلى أن الحسين كان واعياً لتحركات وطموحات ابن الزبير في الحكم وكراهيته لوجود الحسين في الحجاز[67]، وقد أشارت هذه المرويات إلى محاولة ابن الزبير إقناع الحسين بالتحالف معه والعمل تحت قيادته على أن تكون له الكلمة الأولى، إلا أن الحسين رفض الفكرة ربما لوعيه بمدى اختلاف الأهداف بين التيارين[68]، وقد قرر هذا التيار التخلي عن الحسين وعدم الانخراط في المواجهة على أمل استغلال نتائجها فيما بعد في المواجهة المقبلة مع الأمويين، أما التيار الثاني الذي كان يقوده عبد الله بن عمر فقد تحالف مع الدولة حفاظاً على مكتسباته بل أن عمر بن سعد بن أبي وقاص وهو أحد رموز هذا التيار كان قائد الجيش الأموي في هذه المذبحة، وهو رغم محاولاته تجنب قتل الحسين إلا أنه لم يتورع عن قتله وتكليف جنوده بوطئ جسده عندما هدد بتجريده من ممتلكاته وعزله عن منصبة[69] .

   ويبقى العامل الثالث المتمثل في قطاعات الكادحين والحرفيين وصغار التجار وهي القطاعات التي اعتمد عليها الحسين أصلاً في ثورته، والتي تنازعتها عوامل الضعف بسبب إيمانها بانتماءاتها القبلية وخضوعها بالتالي للزعماء القبليين المواليين بدورهم للأمويين، بالإضافة إلى ضعف المهارات التنظيمية لقياداتها المعاصرة للثورة خلافاً للقيادات السابقة والتي تمكن معاوية من قتلها والتخلص منها سواء أثناء صراعه مع علي بن أبي طالب أو عقب وفاة الحسن، وما قامت به السلطة الأموية بمساعدة الزعماء القبليين بإضعاف الوعي الديني والسياسي لأبناء هذه الطبقات والشرائح، حيث لم يتوقع أفرادها قيام السلطة الأموية بقتل الحسين حتى لو رفض البيعة وكان هذا التصور سبباً في تخلي الكثيرين منهم عن الثورة، وقد استطاعت السلطة الأموية استغلال هذه العوامل بأسلوب زكي مكنها من تفتيت وحدة هذه الطبقات والشرائح الاجتماعية وتحييدها في المواجهة مع الحسين.

   لقد أدى استشهاد الحسين بن علي مع أنصاره وأفراد أسرته بهذه الوحشية إلى حدوث هزة ضخمة في البناء القبلي للمجتمعات العربية وخاصة بالكوفة، فقد صدمت الجماهير المسلمة بهذه النتيجة القاسية بينما لم يمر على وفاة النبي 50 عاماً، وحمَّلت زعماء القبائل والسلطة الأموية مسئولية قتل الحسين، ولم تصلح كل محاولات التبرير والتشويه الذي اختلقتها السلطة لتجاوز هذا الحدث[70] ، وظهرت ردود الأفعال بسرعة في ثورة أهل المدينة[71] والتي شارك فيها الشيعة وإن لم يشارك فيها الإمام علي بن الحسين علناً[72]، ثم ثورة عبد الله بن الزبير في مكة والتي استطاعت استغلال الحدث للتحريض على الأمويين[73]، وتذكر المرويات التاريخية أيضاً أن مقتل الحسين كان من أسباب ثورة نجدة بن عامر الخارجي على الأمويين[74]، وثورة التوابين في الكوفة[75] وبعدها ثورة المختار بن أبي عبيد الثقفي والتي مثلت نموذجاً جديداً في العمل السياسي الشيعي والذي أصبح يخضع ظاهرياً لقيادة أشخاص لا ينتمون للأسرة العلوية بينما يخضعون هم في الباطن لنفوذ الإمام العلوي، وقد حصلت هذه الثورة على مباركة الإمام علي بن الحسين[76]، واعتمدت على قطاعات الكادحين والحرفيين والعبيد[77]، وشهدت المرحلة المروانية من الدولة الأموية عدة ثورات أخرى استخدمت اسم الحسين، كثورة ابن الأشعث والتي ضمت العديد من العناصر الشيعية وإن لم تكن كلها منتمية إلى الشيعة[78]، وثورة الوصفاء بقيادة المغيرة بن سعيد وحمزة بن عمارة البربري[79] .

   على أن النهاية الحقيقية لما تبقى من الإقطاع القبلي كان على يد ثورة زيد بن علي، والتي رغم فشلها مثلت ضربة نهائية للإقطاع، حيث تكررت للمرة الثانية أحداث ثورة الحسين[80]، إلا أن الدولة الأموية كانت قد أصيبت بالإرهاق، فشهدت المناطق الشرقية العديد من الثورات الشيعية والخارجية التي استنزفت قواها، كما قام الحزب الشيعي باستخدام سلاح العصبية القبلية لإثارة الاضطرابات بين العناصر الإقطاعية الجنوبية والشمالية بالجيش الأموي، حيث تذكر المرويات أن العناصر الشيعية كلفت الشاعر الشيعي الكميت بإلقاء قصيدة يسخر فيها من العرب الجنوبيين[81] مما تسبب في إثارة العصبية بين العرب النزاريين والعرب اليمنيين والتي كانت أحد أسباب نجاح الثورة الشيعية بقيادة عبد الله بن معاوية والتي اتخذت أصفهان عاصمة وقاعدة لها[82] .

   أما الطبقة التجارية فعقب فشل تجربة عبد الله بن الزبير وثورة ابن الأشعث التي قامت بمشاركتها، وبمشاركة بعض العناصر الإقطاعية وقيادات شيعية لجأت إلى العمل تحت راية آل البيت واستطاع العباسيون استغلال هذا التوجه الجديد وضم معظم هذه العناصر بالإضافة إلى العناصر الفارسية الثرية إلى صفوف حركتهم السرية[83]، كما قامت ببث بعض الدعايات التي تشير إلى الدعوة للإمام (الرضا من آل محمد) بين الجماهير الشيعية في المناطق الشرقية من الدولة لضمان تأييدها[84]، وفي بعض الأحيان تم تلفيق وصية مزيفة على لسان أبو هاشم أحد أشهر أبناء البيت العلوي، تمنح العباسيين الشرعية في خلافة علي بن أبي طالب كأحد أفرع البيت الهاشمي[85] .

   لقد استطاع الحُسين رغم استشهاده أن يفقد الدولة الأموية وكافة إجراءاتها الدينية والاقتصادية والسياسية شرعيتها، بل أنه نجح في إفقاد العباسيين أيضاً أي شرعية لهم عندما تبنوا إجراءات شبيهة بما قام به الأمويين رغم قرابتهم الجسدية من النبي(ص)، ويبدو من الواضح تأثير ثورة الحسين ومبادئها على الثورات الشعبية التي قامت ضد الأسرة العباسية، كثورة المقنع الخراساني وثورة بابك الخرمي، وثورة القرامطة.

   وعلى الرغم من أن كثير من المؤرخين والباحثين والمستشرقين قد انتقدوا موقف الحسين واتهموه بشق الأمة والمجتمع الإسلامي وسوء التقدير والنظرة السطحية والانسياق لطيش الشيعة، وغيرها من الاتهامات[86] ، فالواقع أن معظم هؤلاء إنما يتجاهلون أن الحسين لم يكن يملك أية خيارات، فإما رفض الاعتراف بيزيد والقتل، أو الاعتراف بيزيد والحصول على الحياة، وأيضاً تأكيد شرعية الشخص (يزيد أو معاوية) والنموذج الذي تولى عن طريقه (سواء بالقوة أو بالوراثة)، وما سيصدره من تشريعات، وبالتأكيد فإن النتيجة الأكيدة لهذا الاعتراف هو صمود الدولة الأموية ربما لقرون أكثر من أعوامها الاثنتين والتسعين، وانتفاء أي حق في الثورة مستقبلاً، والتضحية بكل هذه الجماهير الكادحة، وسواء صحت المرويات عن أن الحسين كان يدرك أنه سيقتل أو أن النبي تنبئ بمقتله[87] فإن موقف الحسين كان حماية لنضال آباءه وللمعتقد الإسلامي من التلفيقات والتشوهات الكثيرة التي قامت بها السلطة والمتعلقين بها من الفقهاء والمؤرخين.


[1] المفيد . الإرشاد . بيروت 1993 . ج 2 ص 12 .
[2] أبو الفرج الأصفهاني . مقاتل الطالبيين . تحقيق السيد أحمد صقر . بيروت (بدون ذكر سنة الطباعة) . ص 73 ، المفيد . م . س . ج 2 ص 16، 17.
[3] محمود إسماعيل . سوسيولوجيا الفكر الإسلامي . القاهرة 1988 . ج 1 ص 62، محمد بن عبدوس الجهشياري – كتاب الوزراء والكتاب . تحقيق / مصطفى السقا وآخرون . القاهرة 2004 . صـ 26.
[4] م . س . ص 62 .
[5] م . س ص 63 ، البلاذري . فتوح البلدان . نسخة كومبيوترية . ج 1 ص 12 . يبدو من المرويات بالفعل أن الانتفاع كان خاصاً بالأراضي الخصبة أما الأراضي المستصلحة فليست هناك رؤية واضحة حول وضعها، ومن المحتمل أن تكون قد خضعت بالفعل للملكية وخاصة في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وربما تدلنا رواية البلاذري على صحة هذه الرؤية : " لما ولي معاوية الشام والجزيرة لعثمان بن عفان رضي الله عنه أمره أن ينزل العرب بمواضع نائية عن المدن والقرى ويأذن لهم في اعتمال الأرضين التي لا حق فيها لأحد "، كما أشار إلى أن قطائع عمر وعثمان بالشام استمرت إلى مرحلة قيام الدولة العباسية (البلاذري . ج1 ص 10 ، 12) .
[6] إن التحول لإقطاع الملكية اعتبر قاعدة في عهد معاوية بن أبي سفيان، إلا أن مقدماته بدأت في عهود سابقة وخاصة في عهد الخليفتين الثاني والثالث حيث تذكر المرويات أنه كانت بعسقلان قطائع أقطعت من عهد عمر وعثمان ، مما يعني أنها خضعت للتوريث، كما ذكر البلاذري أن معاوية اشترى أراض من بعض اليهود بوادي القرى وقد انتقلت إلى ابنه يزيد عن طريق الميراث ، ومن الواضح أن هذا الشراء تم في عهد أحد الخلفاء الثلاثة الأوائل ومن غير المتوقع أن يكون لليهود وجود حقيقي في تلك المنطقة من الجزيرة العربية في خلافة معاوية بن أبي سفيان، كما أنه لم تكن له سيطرة على الجزيرة العربية طوال خلافة علي بن أبي طالب . (البلاذري . ج1 ص 4 ، 10) .
[7] محمود إسماعيل . م . س . ج 1 ص 62. كان التوريث مرفوضاً في عهد علي بن أبي طالب وهناك نصوص صريحة عنه تزم هذا النوع من تناقل الملكية وهي تتناسب مع رفضه المعروف للإقطاع، ولا يعد ذلك تعارضاً مع ما كان مباحاً في عهد النبي، فالواقع أن ممارسات النبي أيضاً تشير إلى رفضه للإقطاع لكن الأوضاع الاقتصادية التي عاصرها كانت مختلفة، كما أن إقطاع الأراضي – الصغيرة من ناحية الحجم - مثل استثناء لبعض المهاجرين الذين ضحوا بممتلكاتهم في سبيل الدعوة (حبيب الله بايدار . التفسير الثوري للجانب الاقتصادي في الإسلام . ترجمة / إبراهيم الدسوقي شتا . (من كتاب " تفسيرات عن الملكية والعمل ورأس المال من وجهة نظر الإسلام ") . ص 204 . (جزء أورده د . إبراهيم الدسوقي شتا . الثورة الإيرانية الجذور والأيدلوجية . بيروت 1979).
[8] محمود إسماعيل . م . س . ج 1 ص 62 ، الجهشياري . م . س . ص 26 .
[9] المسعودي . مروج الذهب ومعادن الجوهر . تحقيق / محمد محي الدين عبد الحميد . القاهرة 1967 . ج 2 ص 46 ، ابن كثير . البداية والنهاية . نسخة كومبيوترية . ج 8 أحداث سنة 60 هـ (صفة مخرج الحسين إلى العراق)، أحداث سنة 63 ه ، أبو مخنف لوط بن يحيى . مقتل الحسين . نسخة كومبيوترية . ص 4 ، 10 ، 94 ، ابن الأثير . الكامل في التاريخ . نسخة كومبيوترية . ج 2 ص 50 . تشير المصادر السابقة إلى مواقف شخصيتين من قيادات هذا التيار  ، وهما عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعمر بن سعد بن أبي وقاص، فرغم رفض الأول مبايعة يزيد بن معاوية في البداية إلا أنه قبلها عقب وفاة معاوية بل أنه حاول إقناع الحسين بعدم القيام بالثورة، كما رفض الاشتراك مع أهل المدينة في الثورة على يزيد، أما الثاني فرغم عدم رغبته الواضحة في قتل الحسين فإنه قبل القيام بهذه المهمة عندما هدد بالعزل من ولاية الري، مما يشير بوضوح إلى حجم النفوذ والثروات التي امتلكها أقطاب هذا التيار من خلال تعاونهم مع السلطة الأموية.
[10] يوليوس فلهوزن . الخوارج والشيعة . ترجمة / عبد الرحمن بدوي . القاهرة 1985 . ص 100 ، رسول جعفريان . الشيعة في إيران .  نسخة كومبيوترية . ص 4 . ينقل يوليوس فلهوزن عن الطبري هذه المقولة التي وجهها زياد بن أبيه إلى أشراف الكوفة : " أنتم معي ، بينما إخوانكم وأبنائكم وعشائركم مع حجر ، فإن لم تظهروا لي براءتكم بالأفعال ، فسآتيكم بأهل الشام "، وهو يعترف على مضض بهذه الشعبية التي حازها التيار الشيعي، والواقع أن عداؤه للشيعة يبدو واضحاً من كم التلفيقات العقائدية الساذجة التي أوردها في كتابه .
[11] م . س . ص 44 ، 45 ، 100 .
[12] د . عامر النجار . الخوارج " عقيدة وفكراً وفلسفة " . القاهرة 1994 . ص 47 ، المسعودي . م . س . ج 2 ص 5 ، 6 . يذكر المسعودي أن بسر بن أرطأة احتجز ابني زياد لإجباره على الدخول في طاعة معاوية أثناء الصراع بينه وعلي، كما يذكر قصة تحالفه مع معاوية بن أبي سفيان وإلحاق معاوية نسب زياد بآل أبي سفيان (المسعودي . ج2 ص 5 ، 6) .
[13] ابن كثير . م . س . ج 8 أحداث سنة 64 هـ (ترجمة يزيد بن معاوية) . وصف ابن كثير يزيد بن معاوية : " وقد روي أن يزيد كان قد اشتهر بالمعازف وشرب الخمر والغناء والصيد واتخاذ الغلمان والقيان والكلاب والنطاح بين الكباش والدباب والقرود وما من يوم إلا يصبح فيه مخموراً وكان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال ويسوق به ويلبس القرد قلانس الذهب وكذلك الغلمان وكان يسابق بين الخيل وكان إذا مات القرد حزن عليه وقيل أن سبب موته أنه حمل قردة وجعل ينقزها فعضته "، " وكان فيه أيضاً إقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات وإماتتها في غالب الأوقات "، والغريب أن كل هذه المواصفات لم تمنع المؤرخ السلفي ابن كثير من الدفاع باستماتة عن يزيد بن معاوية .
[14] المسعودي . م . س . ج 2 ص 20، 21، 22 ، هاشم معروف الحسني . سيرة الأئمة الإثنى عشر . بيروت 1990 . القسم الثاني ص 49، 50، 51 (نقلاً عن أسد الغابة لابن الأثير) .
[15] هاشم معروف الحسني . م . س . قسم 2 ص 45، 48 . تذكر المرويات أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية رسالة يحذره فيها من أن بعض الزعماء الحجازيين والعراقيين يتوافدون على الحسين وأنه يعد للقيام بثورة ضده، كما توجد بعض الروايات التاريخية التي تشير إلى تحذير معاوية لابنه يزيد من قتل الحسين في حالة قيامه بثورة، وهذا التحذير يؤكد وجود بعض المعلومات لدى معاوية عن تحضيرات شيعية للثورة، والواقع أن قيام الحسين بثورة كان متوقعاً من أجهزة الأمن الأموية، كما أن نصيحة معاوية بعدم قتل الحسين لم تكن سوى خوفاً من أن يؤدي إلى سقوط الدولة الأموية .
[16] المفيد . الإرشاد . م . س . ج 2 ص 36 – 38 .
[17] ابن الأثير . الكامل في التاريخ . م . س . ج 2 ص 50 . يروي ابن الأثير خبر خروج يزيد بن بنيط كنتيجة لاجتماع الشيعة بالبصرة .
[18] ابن الأثير . م . س . ج2 ص 50 . نصت الرسالة التي أرسلها يزيد لعامله على المدينة على ضرورة الحصول على بيعة الحسين وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بأي وسيلة : " أما بعد فخذ حسيناً وعبد الله بن عمر وابن الزبير بالبيعة أخذاً ليس فيه رخصة حتى يبايعوا " أما اليعقوبي فيذكر النص بطريقة أخرى " إذا أتاك كتابي هذا فأحضر الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير ، فخذهما بالبيعة لي فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث لي برؤسهما "(الشيخ محمد صنقور . قراءة في مقتل الحسين . نسخة كومبيوترية . ص 16) .
[19] ابن الأثير . م . س . ج2 ص 50 ، ابن كثير . م . س . ج 8 أحداث سنة 60 هـ (صفة مخرج الحسين إلى العراق) ، أبو مخنف لوط بن يحيى . مقتل الحسين . م . س – ص 10، 94 .
[20] ابن الأثير . م . س . ج2 ص 50 ، لوط بن يحيى . م . س . ص 5، 6 .
[21] ابن الأثير . م . س . ج2 ص 50 ، لوط بن يحيى . م . س . ص 7 .
[22] ابن الأثير . م . س . ج2 ص 50 ، لوط بن يحيى . م . س . ص 8 .
[23] هاشم معروف الحسني . م . س . جـ 2 صـ 54، 55 .
[24] ابن الأثير . م . س . جـ 2 ص 50 .
[25] ابن الأثير . م . س . جـ 2 ص 50 ، لوط بن يحيى . م . س . من صـ 15 إلى صـ 18 ، المفيد . م . س . جـ 2 صـ 36، 37، 38 . كان وجود الحسين بمكة في هذه الفترة يمثل مشكلة لكل من الوالي الأموي الذي لا يستطيع أن إلقاء القبض على الحسين أو وقف الدعايات الثورية التي يبثها بين الجمهور المسلم، وعبد الله بن الزبير الذي أدرك أن الجماهير لن تخضع لقيادته في وجود الحسين .

[26] ابن نما الحلي . مثير الأحزان . نسخة كومبيوترية . صـ 27، 28، 29 ، هاشم معروف الحسني . م . س . جـ 2 صـ 57 .
[27] تذكر بعض المرويات أنه مولى اسمه سليمان ويكنى بأبي رزين، كما تذكر له اسماً آخر وهو زراع السدوسي، وكان نص الرسالة : " إني أدعوكم إلى الله وإلى نبيه فإن السنة قد أميتت فإن تجيبوا دعوتي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد " .
[28] م . س . صـ 27 ، ابن الأثير . م . س . جـ2 صـ 50 ، لوط بن يحيى . م . س . صـ 25، 26 .
[29] م . س . صـ 27 - 29 . تذكر المرويات أن يزيد بن مسعود النهشلي أرسل إلى الحسين هذه الرسالة : " بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فقد وصل إلينا كتابك وفهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له من الأخذ بحظي من طاعتك وبنصيبي من نصرتك وإن الله لم يخل الأرض قط من عامل عليها بخير أو دليل على سبيل نجاة وأنتم حجة الله على خلقة ووديعته في أرضه تفرعتم من زيتونة أحمدية هو أصلها وأنتم فرعها فأقدم سعدت بأسعد طائر فقد ذللت لك أعناق بني تميم وتركتهم أشد تهافتاً في طاعتك من الإبل الظماء لورود الماء يوم خامسها وقد ذلل لك بنو سعد وغسلت درن صدورها بماء سحابة مزن حتى استهلت برقها فلمع "(!) ولم تذكر المرويات أن الحسين وجه إليه أي أوامر بالخروج إلا أنها تذكر أن يزيد بن مسعود جهز أتباعه للخروج بالفعل إلا أنه بلغه قتل الحسين قبل التحرك مما قد يشير إلى وجود رسالة من الحسين تم فيها تحديد موعد للقاء، وتجدر الإشارة إلى أن يزيد بن مسعود النهشلي هو أخو ليلى بنت مسعود زوجة علي بن أبي طالب وقد أنجبت منه وليدين عبيد الله وأبو بكر وقد اشتركا مع الحسين في هذه الثورة .

[30] م . س . صـ 26 ، لوط بن يحيى . م . س . صـ 20 ، المفيد . م . س . جـ 2 صـ 41 ، ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 50 .
[31] ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 50 ، لوط بن يحيى . م . س . صـ 21، 22 ، المفيد . م . س . جـ 2 صـ 41 . تذكر المرويات اسم شخصيتين من أشراف الكوفة قامتا باحتجاج على سياسة النعمان بن بشير خوفاً من سقوطها بيد أنصار الحسين وأرسلت إلى يزيد رسالة تحذير من هذه السياسة، وهما عبد الله بن مسلم بن سعيد الحضرمي حليف بني أمية، وعمارة بن عقبة، كما تذكر اسم شخصية تعد من ممثلي الطبقة التجارية الكبرى والتي تحالفت مع الإقطاع وهو عمر بن سعد بن أبي وقاص .
[32] لوط بن يحيى . م . س . صـ 22، 23 ، ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 50 ، المفيد . م . س .  جـ 2  صـ42 .
[33] يوليوس فلهوزن . م . س . صـ 106 . جمع كلمة عريف وهو لقب رئيس الفصيلة الحربية ورئيس القسم في المدينة .
[34] م . س . صـ 106 ، المفيد . م . س . صـ 45 ، ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 50 ، لوط بن يحيى . م . س . صـ 27 .
[35] ابن نما الحلي . م . س . صـ 31، 32 ، لوط بن يحيى . م . س . صـ 32، 33 ، ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 50 ، أبو الفرج الأصفهاني . مقاتل الطالبيين . بيروت (بدون ذكر تاريخ الطباعة) . صـ 98، 99 .
[36] يوليوس فلهوزن . م . س . صـ 106، 107، ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 50 ، لوط بن يحيى . م . س . صـ 31، 32، 34 ، أبو الفرج الأصفهاني . م . س . صـ 97، 98، 99 ، المفيد . م . س . جـ 2 صـ 45، 46 .
[37] لوط بن يحيى . م . س . صـ 37 - 40 ، المفيد . م . س . جـ 2 صـ 48 - 51 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 33، 34 ، أبو الفرج الأصفهاني . م . س . صـ 99، 100 ، ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 50 .
[38] لوط بن يحيى . م. س . صـ 40، 41، 42 ، المفيد . م . س . جـ 2 صـ 51، 52 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 34 ، أبو الفرج الأصفهاني . م . س . صـ 100، 101 ، ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 50 .
[39] لوط بن يحيى . م . س . صـ 43 – 45 ، المفيد . م . س . جـ 2 صـ 52 – 54 ، أبو الفرج الأصفهاني . م . س . صـ 101، 102 ، ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 50 . تذكر المرويات أن عبيد الله بن زياد استعان بزعامات القبائل للتأثير على الثائرين الذين كانوا ينتمون لكل القبائل المقيمة بالكوفة فاستعان بكثير بن شهاب من مذحج ومحمد بن الأشعث من كندة والقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعي من تميم وحجار بن أبجر العجلي وشمر بن ذي الجوشن من بني عامر، وتذكر المرويات نتيجة هذا التحرك : " أن المرأة كانت تأتي ابنها أو أخاها فتقول . انصرف الناس يكفونك، ويجيء الرجل إلى ابنه أو أخيه فيقول غداً يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشر انصرف فيذهب به " .
[40] المفيد . م . س . جـ 2 من صـ 58 إلى صـ 64 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 35، 36، 37 ، أبو الفرج الأصفهاني . م . س . من صـ 104 إلى صـ 107 ، ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 50 .
[41] لوط بن يحيى . م . س . صـ 66، 67 ، المفيد . م . س . جـ 2 صـ 66، 67 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 38 ، أبو الفرج الأصفهاني . م . س . صـ 110 ، ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 51 .
[42] المفيد . م . س . جـ 2 من صـ 67 .
[43] لوط بن يحيى . م . س . صـ 67 – 70 ، المفيد . م . س . جـ 2 صـ 68، 69 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 39 ، ابن الأثير . م . س . جـ 2 صـ 51 .
[44] القادسية : بلدة صغيرة على مقربة من الكوفة تأسست في عهد كسرى أبرويز، ويعود أصل تسميتها بالقادسية إلى دهقان هراة وكان يطلق عليه لقب (قادس هراة)، ويذكر القزويني أن من أسباب تأسيس كسرى أبرويز لهذه المدينة هو مواجهة العرب (زكريا بن محمد القزويني . آثار البلاد وأخبار العباد . القاهرة 2003 . جـ 1 ص 239) .
[45] خفان : موضع شمال القادسية (ياقوت الحموي . معجم البلدان . القاهرة . جـ 3 صـ 331) .
[46] القطقطانة : موضع قرب الكوفة كان به سجن النعمان بن المنذر (ياقوت الحموي – م . س – جـ 4 صـ 374) .
[47] لوط بن يحيى . م . س . صـ 71، 72 ، المفيد . م . س . صـ 70، 71 ، السيد ابن طاوس . اللهوف على قتلى الطفوف . نسخة كومبيوترية . مركز آل البيت العالمي للمعلومات . صـ 75 – 77 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 42، 43 . اختلفت المرويات التاريخية حول شخصية مبعوث الحسين إلى أقطاب الشيعة بالكوفة حيث نص بعضها على كونه عبد الله بن يقطر إلا أن أغلب المصادر تتحدث عن شخصية أخرى وهي شخصية قيس بن مسهر الصيداوي .
[48] ابن نما الحلي . م . س . صـ 27 – 29 ، ابن طاوس . م . س . صـ 38 - 42 .
[49] لوط بن يحيى . م . س . صـ 79 ، المفيد . م . س . صـ 75، 76 ، ابن طاوس . م . س . 73 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 .
[50] لوط بن يحيى . م . س . صـ 78 ، المفيد . م . س . صـ 75 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 . تذكر المرويات أن بعض المرافقين للحسين قالوا له : " إنك والله ما أنت مثل مسلم بن عقيل ولو قدمت الكوفة لكان الناس إليك أسرع " .
[51] شراف : موضع بمنطقة نجد (ياقوت الحموي – م . س – جـ 3 صـ 331) .
[52] لوط بن يحيى . م . س . صـ 81 ، المفيد . م . س . صـ 76، 77 ، ابن الأثير – م . س – صـ 51 .
[53] لوط بن يحيى . م . س . صـ 83 – 85 ، المفيد . م . س . صـ 79 – 81 ، ابن طاوس . م . س . صـ 77، 78 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 47 .
[54] لوط بن يحيى . م . س . صـ 93 ، المفيد . م . س . صـ 83 ، ابن طاوس . م . س . صـ 78 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 48 . ذكر لوط بن يحيى أن بعض الشيعة من الكوفة قد حضر لمناصرة الحسين تحت قيادة الطرماح بن عدي، وتذكر المروية أن الطرماح اقترح على الحسين أن يقوم باللجوء إلى جبل يدعى اجأ ووعده بأن يدعمه بقبيلته طيء، إلا أن الحسين رفض هذا الاقتراح، كما أشارت الرواية أن الطرماح استأذن الحسين في الذهاب للكوفة لمنح أسرته بعض المال والعودة للقتال معه، إلا أن الحسين قتل قبل لحاقه به .
[55] لوط بن يحيى . م . س . صـ 94 – 104 ، المفيد . م . س . صـ 84 – 89 ، ابن طاوس . م . س . صـ 85 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 50 . تذكر المرويات أن عمر بن سعد قال لشمر بن الجوشن عندما سلمه رسالة عبيد الله بن زياد بضرورة خضوع الحسين لحكمه : " لا يستسلم والله حسين إن نفس أبيه لبين جنبيه " .
[56] لوط بن يحيى . م . س . صـ 98 ، المفيد . م . س . صـ 86 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 .
[57] لوط بن يحيى . م . س . صـ 106 ، المفيد . م . س . صـ 90، 91 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 52 .
[58] لوط بن يحيى . م . س . صـ 108، 109 ، المفيد . م . س . صـ 91 - 93 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 ، ابن طاوس . م . س . صـ 90 – 93 ، ابن نما . م . س . صـ 52، 53 .
[59] لوط بن يحيى . م . س . صـ 112، 114 ، المفيد . م . س . صـ 99 – 101 ، ابن طاوس . م . س . صـ 102 – 104 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 ، ابن نما . م . س . صـ 58 – 60 .
[60] أبو الفرج الأصفهاني . م . س . صـ 119 ، المفيد . م . س . صـ 113 ، ابن طاوس . م . س . صـ 135 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 78 .
[61] المفيد . م . س . صـ 114، 115 ، ابن طاوس . م . س . صـ 143 – 145 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 ، ابن نما الحلي . م . س . صـ 85 .
[62] المفيد . م . س . صـ 117 ، ابن طاوس . م . س . صـ 163، 164 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 .
[63] أبو الفجر الأصفهاني . م . س . صـ 119 ، المفيد . م . س . صـ 11 ، ابن طاوس . م . س . صـ 171 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 ، ابن نما – م . س – صـ 97 – 99 .
[64] لوط بن يحيى . م . س . باب " الوقائع المتأخرة بعد قتل الحسين وأصحابه " .
[65] هادي العلوي . شخصيات غير قلقه في الإسلام . بيروت 1997 . صـ 76 .
[66] لوط بن يحيى . م . س . صـ 15، 16 .
[67] م . س . صـ 14 ، ابن الأثير . م . س . صـ 50 .
[68] م . س . صـ 66 ، م . س . صـ 51 .
[69] م . س . صـ 102 ، 104 .
[70] يوليوس فلهوزن . م . س . صـ 114، 120، 121 .
[71] قام المدينيين بالثورة في سنة 63 هـ استجابة لحالة الصدمة والغضب العارم الذي اجتاح العالم الإسلامي بعد قتل الحسين، وقد شارك الحزبين التجاري بقيادة عبد الله بن الزبير، والشيعي في هذه الثورة، واشتركت بعض الشخصيات التي لم تنتمي رسمياً إلى أي من الحزبين وكان اشتراكها نوع من ذر الرماد في العيون بعد تخاذلها عن الخروج مع الحسين (المسعودي . م . س . صـ 53، 54) .
[72] م . س . صـ 54 ، 55 ، أبو الفرج الأصفهاني . م . س . صـ 123 ، 124 . لم يشارك الإمام علي بن الحسين في الثورة وإن شارك ممثلين عن الشيعة فيها كأبو بكر وعون ابنا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وجعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب (ابن الحنفية).
[73] ابن الأثير . م . س . صـ 52 . ذكر ابن الأثير الخطبة التحريضية التي ألقاها عبد الله بن الزبير عقب قتل الحسين : " إن أهل العراق غدرٌ فجرٌ إلا قليلاً وإن أهل الكوفة شرار أهل العراق وإنهم دعوا الحسين لينصروه ويولوه عليهم فلما قدم عليهم ثاروا عليه فقالوا : إما أن تضع يدك في أيدينا فنبعث بك إلى ابن زياد بن سمية فيمضي فيك حكمه وإما أن تحارب فرأى والله أنه هو وأصحابه قليل في كثير فإن كان الله لم يطلع على الغيب احداً أنه مقتول ولكنه اختار الميتة الكريمة على الحياة الذميمة .... أفبعد الحسين نطمئن إلى هؤلاء القوم ونصدق قولهم ونقبل لهم عهداً لا والله لا نراهم لذلك أهلاً أما والله لقد قتلوه طويلاً بالليل قيامه كثيراً في النهار صيامه أحق بما هم فيه منهم وأولى به في الدين والفضل أما والله ما كان يبدل القرآن غياً ولا بالبكاء من خشية الله حداً ولا بالصيام شرب الخمر ".
[74] ابن الأثير . م . س . صـ 52 .
[75] لوط بن يحيى . م . س . صـ 249، 255، 259 . قامت ثورة التوابين كنوع من غضب الكادحين تجاه الأشراف والأعراف القبلية التي أدت لقتل الحسين، ولم تكن تحت إطار تنظيمي كما لم تكن قيادتها تمتلك القدرة على القيادة السياسية والعسكرية مما دفع المختار بن عبيد الله الثقفي إلى تحذير الشيعة من الثورة بهذه الطريقة الفوضوية تحت تأثير مشاعر الغضب والذنب، وكانت بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي، المسيب بن نجبة الفزاري، عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي، عبد الله بن وال التيمي ورفاعة بن شداد البجلي من والكوفة وسعد بن حذيفة بن اليمان من المدائن، وقد اتفق هؤلاء على انتخاب سليمان بن صرد كقائد عام لهذا التحرك .
[76] محمد باقر المجلسي . بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار . بيروت 1983 . جـ 45 صـ 365 ، 366 (نقلاً عن كتاب جعفر بن نما الحلي " شرح الثأر " ) . تذكر بعض المرويات التاريخية أن المختار بن عبيد الله ادعى أنه مكلف من قبل محمد بن الحنفية ووصفه بـ " المهدي " ، ويبدو المبالغة في هذه المرويات حيث أن المهدي كعقيدة لدى كل المسلمين ترتبط بكونه من نسل النبي وهو ما يفتقده محمد بن الحنفية ، ومن الممكن أن تكون هذه الكلمة (المهدي) مجرد وصف لحالة التقوى لدى محمد بن الحنفية وليست منصباً إمامياً ، وتذكر المرويات الشيعية أن علي زين العابدين قبل عرض المختار للقيام بالثورة وكلف عمه محمد بن الحنفية بالقيادة السياسية لهذه الثورة : " يا عم لو أن عبداً زنجياً تعصب لنا أهل البيت، لوجب على الناس موازرته، وقد وليتك هذا الأمر، فاصنع ما شئت " ، وقد ذكر ابن نما خطبة المختار عندما وصلته أنباء موافقة علي بن الحسين على القيام بالثورة : " يا معشر الشيعة إن نفراً أحبوا أن يعلموا مصداق ما جئت به، فخرجوا إلى إمام الهدى والنجيب المرتضى وابن المصطفى المجتبى فعرفهم أني ظهيره ورسوله، وأمركم بإتباعي وطاعتي "، ومن الواضح أن الإمام الذي يقصده المختار بهذه الصفات هو علي بن الحسين .
[77] م . س . صـ 352 ، محمود إسماعيل . فرق الشيعة . القاهرة 1995 . صـ 14 ، يوليوس فلهوزن . م . س . صـ 129 .
[78] أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني . المصابيح . تحقيق / عبد الله الحوثي . صنعاء 1999 . (نسخة كومبيوترية) . فصل (الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب) ، السيد حسن الأمين . ثورة الأحرار على الحجاج . دراسة في مجلة المنهاج . بيروت 1997 . العدد الثامن . صـ 181 وما بعدها . عبد الله بن حمزة المنصور بالله . المجموع المنصوري . تحقيق / عبد السلام عباس الوجيه . صنعاء 2000 . (نسخة كومبيوترية) . فصل (الخلاف بين الشيعة في الإمامة بعد الحسنين " رأي الزيدية " ) . ذكرت المصادر الزيدية أن هذه الثورة قامت باسم الحسن بن الحسن بن علي ، وهي مروية مذهبية أكثر منها واقعية، فرغم أن نسبة كبيرة من قادة الثورة كانوا من الشيعة ككميل بن زياد وأعشى همدان وعامر بن وائلة وعبد الرحمن بن أبي ليلى وسعيد بن جبير وأبو البختري الطائي ، إلا أن دعوتهم لم تكن باسم الحسن بن الحسن، ولعل عدم تعرض الأمويين للحسن سواء قبل الثورة على عكس المصير الذي انتهى إليه قادة هذه الثورة الذين وقعوا في يد الحجاج يعد الدليل الأقوى على عدم صحة هذه المروية ، بل أن بعض المصادر تذكر معاتبة عبد الملك بن مروان للحسن على ما وصل إلى سمعه من تأييده للثوار وإنكار الحسن بن الحسن لعلاقته بالثورة والثوار ، والواقع أن المصادر الزيدية تحاول تبرير إعتقادها بإمامة الحسن بن الحسن رغم مخالفته لأسس الإمامة الزيدية والتي تعتمد على المطالبة العلنية بالإمامة والجهاد ، وهو ما لم يقم به الحسن بن الحسن حتى في حالة ثبوت قيام هذه الثورة باسمه، فتظل الحقيقة أنه لم يقم بقيادة الثورة ولم يشارك في أي من أحداثها وهو ما يعد مخالفة أيضاً للمذهب الزيدي، خاصة أن كل العلويين الذين يعتقد الزيديين بإمامتهم هم من قاموا بقيادة الثورات في مواجهة السلطة القائمة باستثناء الحسن بن الحسن .
[79] ابن الأثير . م . س . جـ 3 صـ 85 ، النوبختي . فرق الشيعة . بيروت 1984 . صـ 27، 28، 59 ، يوليوس فلهوزن . م . س . صـ 155 .
[80] أبو الفرج الأصفهاني . م . س . صـ 133 وما بعدها ، يوليوس فلهوزن . م . س . صـ 154 - 156 .
[81] المسعودي . م . س . جـ 2 صـ 180، 181 .
[82] أبو الفرج الأصفهاني . م . س . 165 وما بعدها ، يوليوس فلهوزن . م . س . صـ 157 .
[83] محمود إسماعيل . فرق الشيعة . م . س . صـ 35 ، حسين قاسم العزيز . البابكية . دمشق 2000 . ص 102، 103 .
[84] الطبري (محمد بن جرير) . تاريخ الرسل والملوك . تحقيق / محمد أبو الفضل إبراهيم . القاهرة 1977 . جـ 7 . صـ 49، 50 .
[85] عبد القاهر البغدادي . الفرق بين الفرق . بيروت 1987 . صـ 28 ، المسعودي . م . س . جـ 2 . صـ 188 ، النوبختي . م . س . صـ 33 ، السيوطي . تاريخ الخلفاء . بيروت 1974 . صـ 239 . إدعى العباسيون حصولهم على وصية من أبي هاشم، وهو بالتأكيد إدعاء كاذب، حيث تذكر المرويات أن أبو هاشم منحهم هذه الوصية المزعومة في سنة 98 هـ، بينما بدأت الدعوة العباسية في سنة 87 هـ، ويبقى التساؤل كيف يترك أبو هاشم كل هذه الشخصيات العظمى من البيت العلوي كمحمد الباقر وزيد بن علي وجعفر الصادق بالإضافة إلى أبناؤه هو شخصياً ويمنحها للعباسيين ؟، وذلك في حالة كونه يمتلك وصية بالفعل، فالإمامة الشيعية منذ بدايتها اعتمدت على النسب النبوي وليس النسب العلوي، وهو الشرط المتحقق فقط في أبناء الحسن والحسين.
[86] هاشم معروف الحسني . م . س . صـ 86، 87، 89، 90 .
[87] المفيد . م . س . 129 – 131 ، السيوطي . م . س . صـ 193، 194 .


نشر البحث في مجلة الكلية الإسلامية الجامعة بالنجف الأشرف المجلد 4 عدد 43 لسنة 2017 ويمكن تحميله من الرابط التالي :
الخلفيات الطبقية لثورة الإمام الحسين عليه السلام

هناك تعليقان (2):

- يقول...

لم اقرا المقال ولكن لدي ما اقوله بالنسبة للعنوان و السردية

يا رفيق لا يمكنك اسقاط المسطرة الاوروبية المركزانية على التاريخ العربي ، بكلمات اخرى تمرين كريم مروة ليس بجيد هو تمرين استشراقي كما هو الحال لديك
لا يمكنك قراءة تاريخنا بعيون الغرب و طريقة تحقيبه لها .
تقبل مروري

أحمد صبري السيد علي يقول...

يا رفيق انت قلت انك لم تقرا المحتوى فعلى اي اساس اعتبرت انني اقرا تاريخنا بعيون الغرب ؟