الأربعاء، 14 سبتمبر 2016

التحالف المستقبلي بين روسيا والعالم العربي

خريطة رحلة ابن فضلان لبلاد الروس والبلغار

   تتخذ علاقات التحالف بين الدول أشكالاً متنوعة سواء في القاعدة التي انطلق منها هذا التحالف أو مدى تكامله ؛ فهناك التحالف الذي يقوم على أسس اقتصادية كحلف الأطلسي الذي يجمع في عضويته الدول الرأسمالية الكبرى ويسعى للحفاظ على مصالحها وبالتالي فإن الحلف يشمل كذلك قوة عسكرية ضخمة وتنسيقاً امنياً وسياسياً بين دوله .

   كما توجد كذلك علاقات تحالف قائمة على التقارب الأيدلوجي كحلف وارسو الذي قام بين الدول ذات الأيدلوجية الماركسية ؛ وثمة علاقات تحالف قارية كالاتحاد الأوروبي ، وهو اتحاد سياسي واقتصادي وعسكري ؛ وعلاقات تحالف قائمة على الخلفيات الثقافية التي نشأت بناء على فترات الاحتلال السابقة كدول الكومنولث البريطاني ، والدول الفرانكفونية المرتبطة بالثقافة الفرنسية .

   هناك تجمعات أقل تنسيقاً مثل العلاقة بين إسبانيا ودول أمريكا اللاتينية الناطقة بالاسبانية ، أو العلاقات بين الدول العربية في إطار الجامعة العربية ، أو بين الدول الإسلامية ضمن منظمة المؤتمر الإسلامي والتي تقوم على أسس دينية .

   وبالرغم من أن كل علاقات التحالف السابقة شهدت تعاوناً اقتصادياً بين أعضائه ، بل أن حلف وارسو كان يمتلك قوة عسكرية مشكلة من بين الدولة الأعضاء وتنسيقاً امنياً واقتصادياً مشابهاً لحلف الأطلسي ؛ لكن سقوطه في التسعينات ، وفشل باقي علاقات التحالف السابقة في تطوير أوضاعها لمرحلة التكامل الحقيقي بين الأعضاء على غرار حلف الأطلسي ، وفشل الاتحاد الأوروبي في الاحتفاظ بأعضائه ووجود مساع لدى بعض الدول للانفلات مرة أخرى مثل انجلترا التي قررت الانفلات بالفعل[1] ، وهناك تعهدات انتخابية بفرنسا أطلقها اليمين المتطرف بإجراء استفتاء على بقاء فرنسا ضمن الاتحاد الأوروبي في حال فاز بالانتخابات الرئاسية المزمع إجرائها في 2017[2] ، ربما يضع الشكوك حول قدرة التحالفات الأيدلوجية والثقافية والمناطقية وحتى الدينية على الاستمرار .

   على أن الفترة الراهنة والتي تشهد أزمة كبيرة تعاني منها الرأسمالية كنمط إنتاج منذ عام 2008 ، ربما تجبر العديد من الدول على إعادة التشكل مرة أخرى في أحلاف جديدة تتجاوز العلاقات السابقة ، يكون هدفها الأول الحفاظ على كياناتها ووحدة أراضيها أمام احتمالات التفتت والانقسام بمواجهة هجمات الكيان الرأسمالي الأكبر والذي يرغب في استمراره على قيد الحياة لأطول فترة ممكنة حتى لو كان على حساب دول وشعوب ضخمة ومستقرة ومتحدة منذ قرون طويلة .

   وتناقش هذه الورقة فرص وجود تحالف قوي ومتشعب بين روسيا كأحد القوى الكبرى في العالم ، وبين العالم العربي والذي يواجه العديد من المخاطر في الفترة الأخيرة سواء اقتصادية أو أمنية تؤثر على استقراره السياسي ، والدول الأخرى التي يمكن أن تسعى للانضمام إلى هذا التحالف الجديد ، وأهمية دور مصر في تأسيسه .

   1 الروس والعرب (خلفية تاريخية)

   ليس من الواضح وجود علاقات بين الروس والعرب قبل الإسلام ، أو حتى في بدايات الفترة الإسلامية والتي شهدت توغل الفتوحات العربية بالقرب من مناطق تواجد الروس في آذربيجان وأرمينيا .

   وتفيد النصوص التاريخية أن أول تماس تم بين الروس والعرب كان عبر مسالة دينية ، عندما سعت الكثير من شعوب المنطقة لتجاوز وثنيتها واعتناق الديانات السماوية ، فاعتنق ملك الخزر الديانة اليهودية في محاولة للحفاظ على استقلال مملكته ما بين الخلافة العباسية الإسلامية في بغداد والإمبراطورية البيزنطية المسيحية في القسطنطينية[3] ، واعتنق معه شعبه الخزري هذه الديانة ، وهو الأمر الذي دفع ملوك المنطقة لمحاولة حماية استقلالهم من سطوة المملكة اليهودية ، فاعتنق ملك البلغار الإسلام ووضع نفسه تحت حماية الخلفية العباسي في بغداد[4] ، بينما اعتنق الملك الروسي فلاديمير المسيحية الأرثوذكسية ، حيث تشير المصادر الروسية إلى أنه رغم إعجابه بالتشريعات الإسلامية لكنه اعترض على تحريم الإسلام للخمر قائلة عبارته : " راحتنا في خمرنا " ، كما تشير المصادر الإسلامية إلى أن الوفد الذي أرسله الملك الروسي إلى خوارزم لمعرفة أحوال المسلمين اعتنق أربعة من أعضائه الدين الإسلامي[5] .

   وبديهي أن الخمر ليست هي السبب الجوهري في رفض ملك الروس اعتناق الإسلام بالرغم من قبوله لاعتناق بعد أتباعه ورعاياه لهذا الدين ، ومن الممكن أن يكون الملك الروسي قد فضل اعتناق المسيحية الأرثوذكسية كي لا يخضع لسلطة دينية من قبل الخليفة المسلم ، خاصة وأن الإمبراطورية البيزنطية رغم حرصها على نشر المسيحية الأرثوذكسية لكنها كانت سلطة علمانية في جوهرها ولا تحمل وجهاً دينياً كنظيرتها في الغرب (الدولة الرومانية المقدسة) التي خضعت لسلطة البابا في الفاتيكان .

   وبحسب ما ذكره ابن فضلان فإن الروس والعرب كان بينهما العديد من الصلات التجارية جعلت بعض العادات والتقاليد العربية معروفة للروس ، مثل عادات الجنائز والدفن ، إلا أن العلاقات بين الشعبين لم تتطور إلى علاقات سياسية[6] .

   لقد شهدت العلاقات الروسية / العربية تطورات جديدة بعد بروز الروس كقوة كبرى في أوروبا ، وصدامهم مع الدولة العثمانية في الفترة من 1768 – 1774 ، حيث وجد الأسطول الروسي بقيادة الكونت ألكسي أرولوف نفسه مضطراً للتواجد في البحر المتوسط لمحاصرة بقايا الأسطول التركي ، وفي نفس الوقت دعم حركات التمرد ضد العثمانيين التي قادها حاكم مصر علي بك الكبير بمساعدة حليفه في فلسطين الأمير ضاهر العمر ، ويذكر قسطنطين باسيلي مبعوث الإمبراطورية الروسية في سوريا وفلسطين في كتابه أن علي بيك وضاهر العمر قدما الدعوة للسفن الروسية بالتواجد على الشاطيء السوري ، معترفاً بأن هذه السفن قد دعمت عمليات علي بيك الكبير وضاهر العمر ضد العثمانيين[7] ، وبالرغم من أن هذا الدعم لم يؤد لانتصار المتمردين ، فإنه قد جعل الإمبراطورية الروسية تسعى للتأثير في أوضاع الشام مثلما كانت دائماً تتبنى قضايا الشعوب الإرثوزكسية الخاضعة للدولة العثمانية ، وهو ما يشير إليه قسطنطين باسيلي في كتابه[8] .

   وإذا كانت روسيا قد دعمت محاولة مصر الاستقلال عن الدولة العثمانية في أواخر القرن الثامن عشر ، فقد شهدت بدايات القرن التاسع عشر صداماً بين الجيشين المصري والروسي ، حيث تمكن الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا من إخماد ثورة المورة التي قام بها اليونانيون سنة 1827 حيث تمكن من إخضاع العاصمة اليونانية أثينا ، مما أدى لتدخل الدول الأوروبية التي خشيت من أن يؤدي هذا الانتصار لجعل شرق البحر المتوسط بحيرة مصرية ، بعد أن عين السلطان محمود العثماني ، محمد علي باشا والياً على كل من كريت وبلاد المورة سنة 1824 .

   كانت روسيا ، بالاضافة لكل من إنجلترا وفرنسا قد قررتا إيقاف التقدم المصري في اليونان ، وقد شاركت الدول الثلاث في تحطيم الأسطول المصري بنفارين سنة 1828 ، مما أدى لقيام إبراهيم باشا بإخلاء اليونان من القوات المصرية ، واحتلالها من قبل الفرنسيين ، قبل أن تحصل على اعتراف بالاستقلال من قبل السلطان العثماني بموجب معاهدة أدرنة في سبتمبر 1828 .

   كما كانت روسيا في العهد القيصري من بين الدول التي سعت لإيقاف تقدم محمد علي بعد إنتصار الجيش المصري على نظيره العثماني في نصيبين سنة 1839 ، واتفقت مع إنجلترا وفرنسا وبروسيا بالاضافة مع الدولة العثمانية على عقد معاهدة لندن 1840 والتي أجبرت محمد علي على إيقاف مشروعاته لتشكيل دول قومية عربية وسحب الجيش المصري من سوريا والحجاز وغيرها من المواقع التي سيطر عليها واكتفاء الأسرة العلوية بحكم مصر والسودان[9] .

   ومن المؤكد أن الروس في هذه الفترة لم يكونوا على عداء خاص بالعالم العربي بقدر ما كانوا حريصين على ضمان استقلال الشعوب الأرثوذكسية السلافية الخاضعة للدولة العثمانية الخصم الحقيقي لإمبراطوريتهم ، والتي كانت مصر أحد ولاياته ، ولكن من ناحية أخرى فأن الروس كانوا يشعرون بالقلق من المشروعات التوسعية لمحمد علي باشا في الشام وتركيا مما كان يمكن أن يهدد طموحاتهم في المقابل[10] .

   لم تتوقف المساع الروسية للمشاركة في تقرير مصير العالم العربي الخاضع للدولة العثمانية ، ففي أعقاب معاهدة لندن سالفة الذكر برزت عدد من التناقضات بين الدول التي تحالفت في هذه المعاهدة ، فقد نافس العثمانيون روسيا في العلاقات التجارية مع بريطانيا والنمسا بحيث اعتبر بالمرستون في تصريحات له بمجلس العموم أن إنهيار تركيا قد يكون مؤشراً على إنهيار التجارة البريطانية . أما النمسا فقد كانت تجارتها بالاساس تعتمد على حرية الملاحة في نهر الدانوب وأدى تزايد طلب النمسا على الحبوب التي تنتجها الدولة العثمانية إلى قيام روسيا بعرقلة التجارة النمساوية والإنجليزية في نهر الدانوب اعتماداً على معاهدة 1829 التي أعطتها الحق بالاشراف على هذا مصب النهر وتجارته .

   من ناحية أخرى نشب صراع ديني كبير بين الفرنسيين والروس حول الإشراف على الأماكن المقدسة في فلسطين ، وبعدما استمرت الهيمنة في السيطرة على تلك المناطق للمسيحيين الروم الإرثوزكس ، فإن عام 1848 شهد تعيين جوزيف فاليرغا كبطريك لاتيني على القدس وكانت من أهم التعليمات التي زود بها هي مقاومة نفوز الإرثوزكس بالمدينة المقدسة .

   وقد زاد من توتر الأوضاع رغبة القيصر الروسي نيقولا في إحياء مشروعات تقسيم الدولة العثمانية ، ومفاوضاته حول هذا المشروع مع البريطانيين الذين رفضوها ، مما أدى بعد عدة تداعيات إلى نشوب حرب القرم سنة 1853 والتي شارك فيها الجيش المصري ضمن تحالف عثماني شمل كذلك الانجليز والفرنسيين بالاضافة للنمساويين بشكل صوري وانتهت سنة 1856 بهزيمة روسيا[11] .

   على أن الموقف من روسيا لدى العرب والمصريين منهم على وجه الخصوص كان قد تغير تماماً في الفترة اللاحقة عندما بدأت الأطماع الإمبريالية الغربية في الظهور بوضوح للحصول على الولايات العثمانية العربية والسيطرة عليها ، وهو ما جعل الشعوب العربية تتعامل مع روسيا كحليف ، خاصة أن الإمبراطورية الروسية لم تبد أي أطماع في البلدان العربية واقتصر صراعها مع العثمانيين والدولة القاجارية في إيران بالاضافة للمستعمريين الغربيين وكل هذه القوى كانت تمثل تهديداً مباشراً للروس[12] .

   يقول الرحالة الروسي ألكسندر فاسيليفيتش يليسييف حول مشاعر العرب تجاه الروس في ثمانينات وتسعينات القرن التاسع عشر : " المسلمين هناك لم يعودوا يساوون الروسي لا بالألماني ، ولا بالفرنسي ، ولا سيما بالانجليزي . وفي كل مكان حيث كان ينم عني زيي القومي فقط ، في كل مكان كنت اصادف موقفاً ودياً واسمع الترحيبات وعبارات باللغة الروسية المكسرة ، ولم ألق عداء في أي مكان . وحتى في الأوقات الأخيرة لقصف مدينة الإسكندرية ، عندما كان البدو وعامة المصريين يضربون الأوروبيين ضرباً مبرحاً ، كانت كلمتا (أنا موسكوفي) تنقذان الروس من المصري المشترك "[13] .

   وقد شهدت هذه الفترة محاولات الإمبراطورية الروسية للتواجد في الخليج الفارسي ومحاولة عقد تحالفات مع مشايخ هذه المنطقة والتي كان الانجليز يسعون لبسط سيطرتهم عليها ، وسعى وزير الخارجية الروسي عبر أرسال قطع من البحرية الروسية للخليج إلى التوضيح للانجليز أن روسيا تعتبر الإبحار في الخليج سهل المنال أما سفن كل الأمم وهو ما أزعج الانجليز بكل تأكيد خاصة عندما أرسل الروس أطباء إلى الخليج وقاموا بمعالجة المواطنيين المحليين من الطاعون مجاناً[14] .

   لقد تطورت المواقف الروسية من القضايا العربية عقب قيام ثورة أكتوبر الشيوعية عام 1917 والتي تبنت الدفاع عن قضايا الكادحين في كل أنحاء العالم ، ومن بينهم العالم العربي ، وكان أول ما قامت به الثورة السوفيتية هو فضح إتفاقية سايكس بيكو سيئة الصيت والتي كانت تقضي بتقطيع أوصال الدول العربية وتقسيمها بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى ، كما أعلن لينين أن هدف حكومته هو توحيد الجبهة الشرقية ضد الإستعمار الأوروبي مؤسسة ما عرف باسم (عصبة تحرير شعوب الشرق)[15] .

   لقد كان للثورة البلشفية صدى واسع في العالم العربي إلى درجة الحديث لفتوى للميرزا محمد الشيرازي المجتهد الأكبر للشيعة بكون البلاشفة اصدقاء الإسلام[16] ، ووجهت عملية المخابرات البريطانية مس بيل اتهاماً صريحاً للميرزا محمد رضا نجل المجتهد الأكبر بأنه يروج للبلشفية في كربلاء[17] ، كما تم تأسيس الحزب الشيوعي المصري الأول في عشرينات القرن العشرين وشارك به عدد من رجال الدين المسلمين ، بل تشير بعض الإحصاءات إلى أن هذا الحزب ضم لصفوفه ثلاثة آلاف عضو من طلبة الأزهر الشريف ، وهو رقم ضخم جداً في هذه الفترة[18] .

   والواقع أن العديد من الأنظمة التي حققت التحرر الوطني في العالم العربي اعتمدت لحد كبير على الدعم السوفيتي لبناء اقتصادها الوطني المستقل ونهضتها الصناعية بالإضافة للاعتماد على التسليح والخبرات العسكرية الروسية من أجل تشكيل جيوشها الوطنية ، وما تزال المشاريع الصناعية التي شيدتها مصر بمساعدة الخبراء السوفيت إبان عهد الزعيم جمال عبد الناصر كالسد العالي ومجمع حلوان للحديد والصلب ومصنع الألومنيوم في نجع حمادي وغيرها من المشاريع التي يبلغ إجمالي عددها نحو مائة مشروع ، تشكل حجر الأساس للاقتصاد المصري ، وقد قدمت مساعدات مماثلة لغيرها من الدول العربية مثل الجزائر والعراق وليبيا وسوريا خلال الحقبة السوفيتية[19] .

   على أن تفكك الاتحاد السوفيتي في مطلع 1991 ، وتغير الاستراتيجية الروسية بالاتجاه إلى الغرب الأوروبي أدى إلى تراجع العلاقات بين الجانبيين خاصة مع الدول التي كانت حليفاً تقليدياً للاتحاد السوفيتي ، كما أن دعم بعض الدول العربية للتمرد الذي قام به جوهر دوداييف رئيس جمهورية الشيشان على الاتحاد الروسي أدى لزيادة الأثر السلبي بين الجانبين[20] .

   إن الاستعراض التاريخي السابق للعلاقات بين روسيا والعالم العربي يؤكد على أنه ، ومنذ الصعود الروسي كقوة عسكرية كبرى في العالم ، لم تكن هناك مطامع إستعمارية تجاه البلدان العربية بالرغم من بعض المصادمات التي تمت مع الجيش المصري المشارك في الصراعات ضمن الجيش العثماني ، مع كون الصدام الأساسي مع الدولة العثمانية في تركيا وليس مع الأقاليم العربية التي كانت تابعة لها .

   بل أن هذا الاستعراض يشير إلى أن سمعة الدولة الروسية سواء في المرحلة القيصرية أو المرحلة السوفيتية لدى المواطن العربي كانت جيدة للغاية بسبب مساندتها لهذه الأقاليم في مواجهة العسف العثماني والإمبريالية الغربية .

   الإنهيار المقبل للرأسمالية :

   في العام 2008 تعرضت الرأسمالية إلى هزة عنيفة بعد الصعوبات التي واجهتها الأسواق المالية في وول ستريت ولندن ونيويورك وأدت لاختفاء مصرفين من أكبر أربع مصارف في أمريكا ، كما خسر 25 ألف أجير حول العالم وظائفهم ، نتيجة أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة .

   على أن الخلفية الأساسية للأزمة الرأسمالية الحالية نشأت في فترة أسبق وتحديداً في الفترة بين عامي 1971 – 1973 حينما إنهارت أسعار الصرف شبه الثابتة لنظام بريتون وودز ، مما أدى للتوسع في استثمار الأسهم والإقراض المصرفي على الصعيد العالمي إثر تدويل أسواق رأس المال ، وخصوصاً أسواق النقد ، وهو ما دشن ما قد يحسب أنه عولمة النشاط الاقتصادي نظراً لتعقيد العلاقات الاقتصادية العالمية[21] .

   وبالرغم من أن الأزمات طالما ضربت الاقتصاد الرأسمالي عبر تاريخه ، إلا أن هذه الأزمة تعد الأسوأ منذ الأربعينات التي شهدت الحرب العالمية الثانية ، وقد نشأت نتيجة هذا التشكل التشكل الجديد للرأسمال ، وتحول كتلة هائلة منه إلى النشاط المضارب ، وبالتالي اختلال العلاقة بين الرأسمال المنتج والمال البنكي لمصلحة الأخير ، مما أدى لنشوء هذه الأزمة الجديدة والأكثر تعقيداً من تلك الأزمات الدورية التي كانت الرأسمالية تمر بها ومازالت مستمرة رغم كل محاولات تجاوزها[22] .

   لقد كانت " العولمة " إذن هي سبب المشكلة الكبرى التي تعاني منها الرأسمالية في الفترة الحالية ، لكنها كذلك سبب عدم قدرة العالم الرأسمالي على الحل الجوهري لهذه المشكلة ، فتحول الاقتصاد من قطاع الإنتاج إلى القطاع المالي أدى لتحكم الطغم المالية بمجمل الاقتصاد ، وبالسلطة في الدول الرأسمالية ، بحسب تعبير سلامة كيلة[23] : " هذا الأمر فرض أن تتحكم الطغم المالية بمجمل الاقتصاد، وبالسلطة في الدول الرأسمالية، وأن تفرض منطقها عالميا، لكنه فرض كذلك أن تصبح آليات النهب هي السائدة في مجمل النمط الرأسمالي، ومن ثم يصبح الشكل الريعي هو الشكل (الطبيعي) في الأطراف، وأن يعود مبدأ (الإفقار المطلق) هو الشكل المهيمن من جديد في المراكز الإمبريالية (تخفيض الأجور، والتخلي عن الضمان الاجتماعي والصحي والتعليم المجاني، وزيادة العاطلين عن العمل).  وإذا كانت أزمة فيض الإنتاج قد عادت بعد نهوض أوروبا واليابان من جديد، ووضعت الاقتصاد الحقيقي في أزمة عميقة، فقد أوجد الشكل الجديد للرأسمال بهيمنة الطغم المالية (التي تنشط في المضاربات والمشتقات المالية وأسواق الأسهم والمديونية) أزمة أخطر، هي تلك المتعلقة بتضخم القيم دون وجود فائض قيمة، والذي يتمثل في تصاعد قيم المواد (وهنا العقارات والأسهم والعملة وحتى السلع الغذائية) بشكل تضخمي نتيجة المضاربات المالية "[24] . وبالتالي فإن الحل يفترض القضاء على هذه الطغم المالية المسيطرة : " هذا التشكل للرأسمالية - وهو التشكل الأحدث الذي يتسم بسيطرة الطغم المالية - يؤشّر على أنها باتت تعاني من تضخم سرطاني لا علاج له، لهذا دخلت في دائرة الأزمات المستمرة، وفي وضعية إدارة الأزمة دون التفكير في إمكانية حلها، بالضبط لأن حلها يفترض شطب الطغم المالية ذاتها، وحرق تراكم مالي هائل بات عبئاً على الاقتصاد الحقيقي، ولهذا سنشهد أزمة مستمرة متصاعدة، مع انهيارات متتابعة بين الحين والآخر يمكن أن تطيح بدول "[25] .

   في كتابهما " فخ العولمة " يقول هانس – بيتر مارتن وهارالد شومان عن هذه الرأسمالية التي كانت صاعدة بقوة إندفاع الطائرات النفاثة : " هي في طريقها لهدم الأساس الذي يضمن وجودها : أعني الدولة المتماسكة والاستقرار الديموقراطي . فالتغيير وإعادة توزيع السلطة والثورة يقضيان على الفئات الاجتماعية القديمة بسرعة لا تعطي الجديد فرصة لأن يتطور على نحو متزامن معها . وهكذا أخذت البلدان التي تعتبر حتى الآن بلدان الرفاهية تستهلك رأسمالها الاجتماعي ، الذي يضمن لها حتى الآن الوحدة والتماسك ، بخطى سريعة جداً تفوق حتى الخطى التي تدمر بها البيئة "[26] .

   ويشير المؤلفان إلى تداعيات العولمة في أمريكا والتي انتشرت فيها الجريمة كالوباء ، وأصبح المواطنون ينفقون على حراسهم ضعف ما تنفق الدولة على الشرطة في حين تعاني أوروبا واليابان وكذلك الهند والصين من التفتت وتنقسم إلى قلة قليلة من الرابحين وأغلبية ساحقة من الخاسرين[27] .

   إن " العولمة " إذن في مرحلة صعودها تفترض تآكل قدرات الدولة وتقييد فاعليتها ، وتحويل السياسيين لرجال مسلوبي الإرادة ، كما يقول المؤلفان : " فسواء تعلق الأمر بتحقيق العدالة الاجتماعية أو بحماية البيئة أو بالحد من سلطة وسائل الإعلام [المتحيزة – المترجم] أو بمكافحة الجريمة العابرة للحدود ، صارت الدولة إذا ما أرادت تحقيق هذا أو ذاك بمفردها ، مرهقة مثقلة الكاهل ، وإن أرادت تحقيقه بمشاركة وتعاون دوليين فإن حصيلة ذلك هي الفشل والإخفاق دائماً . وإذا ما ظلت الحكومات تتحجج في كل المسائل المستقبلية الجوهرية بما يمليه عليها الاقتصاد المعولم من مواقف لا قدرة لها على التحكم بها ، فعندئذ تصبح السياسة برمتها مسرحاً يضم حشداً من رجال مسلوبي الإرادة ، وتفقد الدولة الديموقراطية شرعيتها "[28].
   ويؤكد دكتور سمير أمين في محاضرته بندوة العرب والنظام العالمي الجديد سنة 1998 ، على أن أحد أهداف العولمة هو ضرب النظم الحكومية وتفتيت المجتمعات  : " هذا النوع من العولمة لا يمكن أن ينتج أي نوع من السلام أو القبول الاجتماعي . فهو نظام قائم على الانفجار المستمر، على انفجارات وانتفاضات مستمرة . فسياسة إدارة الأزمات [تتم] إما من خلال التدخل العسكري المباشر، كما حدث في حرب الخليج الثانية، أو من خلال تحريك القوة التي تؤدي إلى التخلص من نظم الدولة باسم الإثنية والدين واللامركزية، لدرجة أن الهدف هو (إدارة الأزمة) من خلال ضرب النظم الحكومية، نظم الدولة وكسرها نهائياً، وتفتيت المجتمعات إلى مجتمعات لا نهاية لها على أسس إثنية ودينية وغيرها. وسياسة إدارة الأزمة لها جانبان : جانب اقتصادي يتمثل في أسعار الفائدة والديون الخارجية، وجانب سياسي يتمثل في الاستغلال الواعي للقوى التي تؤدي إلى تفتيت النظم، نظم الدولة "[29] .

   ويعترف حتى المؤيدين للعولمة بأنها سوف تؤدي لضعف دور الدولة ، إلا أن بول هيرست وجراهام طومبسون ، يؤكدان على أن الدولة القومية لن يكون هناك مجال للتخلي عنها : " على حين أن إدعاء الدولة بالسيطرة الحصرية على رقعة أراضيها قد تقلصت بفعل الأسواق العالمية ووسائل الإتصال الجديدة ، فإنها لا تزال تحتفظ بدور مركزي واحد يكفل لها قدراً كبيراً من السيطرة على الإقليم وضبط السكان . فالبشر أقل حراكاً من النقود والسلع والأفكار ، وهم يظلون ، بمعنى ما ، (مؤممين)، يعتمدون على جوازات السفر وسمات الدخول والإقامة ومؤهلات العمل . وإن دور الدولة الديموقراطية ، كمالك لرقعة الأرض ، يكمن في ضبط سكان هذه الرقعة ، وهذا يمنحها شرعية محددة فريدة ، عالمياً ، حيث أن لها الحق في النطق باسم هؤلاء السكان "[30] .

   ويرى المؤلفان أن الثقافة الكوزموبوليتية والتي ستنشأ عن هذه العولمة سوف تمنح الدولة دوراً جديداً في تدبير أمور هذا التنوع في اللغات والأديان المنتشرة في المدن الكبرى خاصة بالدول المتقدمة ، بأن تتصرف كسلطة عمومية تتيح لهذه الجماعات المتوازنة التعايش وحل النزاعات فيما بينها[31] .

   وربما كانت تصورات هيرست وطومبسون حقيقية بالنسبة لمرحلة ما قبل أزمة 2008 ، حيث كان من الممكن بالنسبة للمركزية الرأسمالية في أمريكا وأوروبا واليابان[32] والتي تحرك إقتصادها الشركات التي لا دولة لها ، بحسب تعبير الياباني كينيتشي أومي ، الاكتفاء بالضغط من أجل إضعاف التدخل الحكومي في الاقتصاد والتمكين لسيطرة الشركات على الهيئات الحكومية ، عبر المطالبة بلا مركزية بعض الوحدات السياسية على الأكثر .

   ويضيف المؤلفان الانجليزيان أنه في عالم مثل هذا : " لابد لفاعلية القدرة العسكرية القومية من أن تضعف . إذ لن يعود بالوسع استخدامها لتحقيق غايات اقتصادية ، لأن سيطرة الدولة القومية في المجال الاقتصادي تكون قد تلاشت إلى حد كبير "[33] .

   على أن اللامركزية التي كانت تمثل أحد وسائل ضرب نظم الدولة فيما قبل أزمة 2008 ، تحولت في الفترة الحالية إلى مسعى حثيث من أجل التفتيت الكامل وإعادة تشكيل الوحدات السياسية في مناطق الأطراف ومناطق الرأسمالية الطرفية ، دون تدخل عسكري مباشر وإنما عبر ما ذكره سمير أمين بدقة في ندوته : " الاستغلال الواعي للقوى التي تؤدي إلى تفتيت النظم، نظم الدولة " .

  لقد تطلب الصعود السريع للعولمة عسكرة الإمبريالية[34] ، بحسب تعبير الدكتور سمير أمين في كتابه " ما بعد الرأسمالية المتهالكة " الصادر في 2003 ، بحيث شهد العالم تدخلات عسكرية مباشرة للولايات المتحدة في مناطق متفرقة كانت تسعى من خلالها لمحاولة تحطيم القوى التي يمكن أن تمثل تهديد ماثل ومستقبلي كروسيا ويوغسلافيا والصين والهند ، وتحت هذا المسعى كان تدعيم أوروبا وأمريكا للمتمردين الشيشانيين والتدخل الأمريكي في يوغسلافيا بمباركة أوروبية ، ويرى سمير أمين أن : " الهدف المعلن لاستراتيجية الهيمنة الأمريكية هو عدم التسامح إزاء وجود قوة قادرة على الاعتراض على أوامر واشنطن ، والبحث عن كيفية تفكيك البلدان المعتبرة (كبيرة أكثر من اللزوم) ، وخلق أكبر عدد ممكن من البلدان الركيكة ، التي يسهل إقامة قواعد أمريكية فيها من أجل حمايتها . دولة واحدة يحق لها أن تكون كبيرة ، هي الولايات المتحدة ، بحسب تعابير آخر ثلاثة من رؤسائها ، (بوش الكبير ، كلينتون ، بوش الصغير) "[35] .

   ويرى سمير أمين في كتابه سالف الذكر أن غزو الولايات المتحدة لأفغانستان كان يستهدف التحكم بالمفصل الذي كان ، منذ القدم ، ولا يزال ، يقطع أو يربط بين آسيا (الصين والهند) ، وبين أوروبا وأفريقيا . ويضيف بشكل تنبوئي : " عندئذ تكون الولايات المتحدة قد ضيقت الخناق على حليفها الأوروبي المُخضَع ، وعلى الدول العربية التي تعتبر شعوبها خطراً محتملاً (مصر ، سوريا ، العراق ...) ، وعلى روسيا والهند والصين ، التي ينظر إلى طاقاتها ، دائماً كتهديد ماثل ومستقبلي[36] .

   على أن فشل سياسات التدخل العسكري الأمريكي المباشر في تحقيق الأهداف النهائية للرأسمالية المركزية وكونه أحد أسباب الأزمة التي عصفت بها منذ عام 2008[37] ، أجبر الأمريكيين على سحب قواتهم من العراق بشكل كامل[38] ، والتقليل من تواجدها في كل من أفغانستان[39] والخليج العربي عقب التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران[40] .

   وبغض النظر عن المحاولات الأمريكية لتفتيت الوحدات السياسية التي تشكل خطورة عليها ، كما أشار الدكتور سمير أمين ، فإن تفتت الوحدات السياسية يمثل أحد أهم مظاهر سقوط أنماط الإنتاج ، وهو ما برز بوضوح في أوروبا بعد فشل الحروب الصليبية والأزمة التي عانى منها الإقطاع الأوروبي بدءاً من القرن الثاني عشر ، حيث نمت المدن الأوروبية في غرب أوروبا معتمدة على حركتي التجارة والصناعة ، وتشكلت جمهوريات في بعضها مثل البندقية ومارسيليا ، ولندن بدرجة أقل ، واتجهت الكثير من المدن نتيجة رغبتها في حماية مكتسباتها الاقتصادية إلى نزعة أكبر من الاستقلال مقابل ضعف سيطرة السلطة المركزية الإقطاعية[41] .

   ومن الملاحظ أنه بينما كان الإقطاع يعاني من الضعف والهزال نتيجة استنزافه في الحروب الصليبية ، فإن المدن بعد حصولها على قدر أكبر من الاستقلالية ، تمكنت عبر نمو نمط إنتاج جديد اعتمد بالأساس على التجارة وتطور الصناعات الحرفية ، من الازدهار الاقتصادي وهو ما تطور لاحقاً لثورة برجوازية تجارية .

   ويشير هانس بيتر مارتن وهارالد شومان إلى توقعات الإيطالي المختص بشئون المستقبل ريكاردو بيتريلا بسعي العولمة لتكرار هذا المصير وأن السلطة ستكون : " في أيدي مجموعة متحدة من رجالات أعمال دوليين وحكومات مدن ، همها الأول هو تعزيز القوة التنافسية لتلك المشاريع والمؤسسات العالمية المستوطنة في مدنها "[42] .

   وإذا كانت النزعة التفتيتية المنتشرة في مناطق الأطراف وخاصة بالشرق الأوسط وإفريقيا وحتى شرق أوروبا وربما الشرق الأقصى لاحقاً ، هي نتيجة مباشرة لضغوط الرأسمالية التي تسعى لعلاج أزماتها على حساب دول وشعوب هذه المناطق ، كما أشرت سابقاً ، خاصة أن الوحدات السياسية الكبرى مهما بلغ ضعفها لم تعد محتملة بالنسبة للرأسمالية الغربية ، فإن هذه الميول للتفتيت ومع تراكم الأزمة سوف تمتد كذلك إلى المركزية الرأسمالية ذاتها ، كونها من أهم علامات إنهيار نمط الإنتاج بشكل عام والرأسمالية بشكل خاص .

   الإفلات من السقوط (التجربة الروسية)
  
   إن التساؤل الذي يطرح نفسه في اللحظة الحالية هو : إذا كان تفتت الوحدات السياسية أحد مظاهر انهيار أنماط الإنتاج في غرب أوروبا ، فهل يشمل هذا المظهر شرق أوروبا والعالم الثالث ؟

   الواقع أن ضعف الدولة المركزية وتراخي يدها عن الأقاليم يمثل حالة موحدة في التاريخ بشكل عام ، إلا أن طبيعة الشرق التي تتميز بكون مظاهر إقطاعه غير متكاملة ويفتقد إلى أهم هذه المظاهر وهي الملكية الخاصة الحقيقية للأرض ، مما أدى إلى تمييع الحدود وتداخلها ما بين الطبقات وكون الصراعات الاجتماعية تفتقد للقدر الكافي من الحدية والوضوح ، وارتباط مصالح الطبقة التجارية بالإقطاع وهزال موقفها وعدم قدرتها على القيام بدورها التاريخي ؛ وبالتالي فإن تراخي يد الدولة لا يمنح مجال كبير لتفتيت الوحدات السياسية بقدر ما كان يسمح لأحد الأسر الإقطاعية الإقليمية بالسيطرة على الدولة أو بقيام كيان سياسي إقطاعي بديل[43] .

   لكن ماذا عن الانهيار الرأسمالي ؟ إن واقع ونتائج المساع الأمريكية في تفتيت بعض الدول القومية الشرقية ، مثل روسيا ، مصر ، العراق وسوريا يؤكد أن الأمر ليس بهذه السهولة ، بالرغم من أن أغلب هذه الدول تتكون من تنوعات إثنية ودينية يمكن استغلالها في تحقيق هذا الغرض ، لكن حتى هذه التنوعات التي ارتبطت بعلاقات متشعبة مع الدولة القومية المركزية لفترات طويلة لم تتقبل فكرة هذا التفتت بسهولة نتيجة للطبيعة الشرقية سالفة الذكر بالإضافة لظروف الوضع السياسي الراهن والمنافسات الداخلية بين الإقطاع السياسي القائم[44] .

   لقد عانت روسيا كثيراً جراء تبني الرئيس السابق بوريس يلتسين لاقتصاد السوق ومحاولته التحول من الشيوعية إلى الرأسمالية دون دعم شعبي حقيقي[45] وفي مطلع عام 1999 كانت الإصلاحات الاقتصادية قد أدت إلى انخفاض الإنتاج الصناعي بمرتين تقريباً ، أما الإنتاج الزراعي فقد تقلص بمقدار الثلث ، وتراجعت استثمارات الدولة بـ 60% مقارنة بما كانت عليه قبل الإصلاح ، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي إلى 59% من مستوى عام 1990 ، وهو مالم يحدث أثناء الحرب الوطنية العظمى ضد النازية . وتقلص الاستهلاك السنوي للفرد في المتوسط من السلع الغذائية الأساسية مقارنة بعام 1989 . كما تقلصت النفقات على البنية الأساسية الاجتماعية ، وتشير بعض التقديرات إلى أن حجم الأموال المهربة من الداخل إلى الخارج بلغ 300 مليار دولار في عام 1998[46]

   وكان طبيعياً في هذه الظروف أن تنتشر النزعات الانفصالية لدى بعض الكيانات المنضمة للاتحاد الروسي ، مثل التمرد الشيشاني والذي لقى تعاطفاً من الغرب الأوروبي وبعض الدول العربية ، كما أشرنا سابقاً . وبديهي أن الاستمرار وضع الدولة بهذا الشكل الضعيف كان يهدد بانهيارها وربما انهيار الاتحاد الروسي ، وعودة الدولة الروسية إلى ما قبل عصر القيصر بطرس الأكبر[47] .

   لقد كان أهم ما سعى إليه الرئيس بوتين لمواجهة هذا المصير السيئ لروسيا هو تقوية مركزية الدولة في مواجهة الأطراف المكونة للاتحاد الفيدرالي الروسي ، والعمل على إنهاء النزعات الانفصالية ، وإخضاع طواغيت المال الذين كونوا ثرواتهم خلال فترة الخصخصة التي تبناها الرئيس السابق يلتسين[48] .

   لقد بدأ الرئيس فلاديمير بوتين بعد انتخابه للمرة الأولى في مارس 2000 بمحاولات القضاء على التمردات الإثنية التي شهدتها روسيا ، عبر تقوية الدولة المركزية ، وينقل كتاب " أحاديث مع فلاديمير بوتين " تصوره للأوضاع التي عاشتها روسيا في هذه الفترة : " كان يمكن للقوقاز أن ينفصل بأكمله .. وبعد ذلك يمتد الانفصال لمنطقة الفولجا وباشكيريا وتتارستان .. وعندما تصورت ذلك وجدت أن النتائج ستكون مفزعة بسبب أعداد اللاجئين الذين ستضطر أوروبا وأمريكا لاستقبالهم في حال ما إذا تفككت روسيا "[49] .

   ومن الممكن أن نلمح في تصريح الرئيس بوتين إشارة ما لمسئولية أوروبا وأمريكا عن محاولات إسقاط روسيا وتفكيكها مما يستلزم تحذير العالم الرأسمالي الغربي من مغبة مثل هذه الممارسات .

   لقد كانت سيطرة موسكو على الجمهوريات المكونة للاتحاد الروسي ضعيفة للغاية في عهد يلتسين وخاصة بعد منح هذه الجمهوريات حق الانتخاب المباشر لحكامها ، وبالتالي فقد تمتع حكام هذه الجمهوريات بصلاحيات واسعة ونفوذ اقتصادي في فترة التسعينات مكنهم من تحدي المركز ، وهو ما شكل خطورة على كيان الاتحاد الروسي[50] ، وقد عالج الرئيس بوتين هذه المشكلة بتقسيم الاتحاد الروسي لسبعة دوائر فيدرالية تضم كل دائرة عدة مكونات للاتحاد الروسي ، وبموجب هذا المرسوم الصادر في مايو 2000 فإن هذه المكونات لم تعد ضمن الاتحاد الروسي فقط وإنما باتت جزءاً من تقسيم إداري يخضع للمركز مباشرة[51] .

   وفي نفس العام أصدر بوتين قراراً بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للبرلمان في روسيا (مجلس الشيوخ) ، والذي كان سابقاً يتكون من حكام المكونات الفيدرالية ورؤساء المجالس التشريعية بها ، لكن التعديل الجديد نص على ان المجلس يتكون من ممثلين اثنين يجري تعيينهما من قبل قيادات مكونات الاتحاد الروسي بعد الاتفاق مع السلطة المركزية في الكرملين[52] ، وهو ما قيد أكثر من النزعة الانفصالية لهذه المكونات .

   وكان الأجراء الأكثر حزماً في سنة 2004 بعد الأحداث الإرهابية بمدرسة بيسلان في أوسيتيا الشمالية جنوب روسيا ، حيث قام بإلغاء الانتخاب المباشر لحكام مكونات الاتحاد الروسي ، ونص التعديل على أن يقوم الكرملين  بترشيح شخص ليتولى منصب الحاكم وعلى المجالس التشريعية المصادقة على الشخص المختار ، كما أصبح من حق الرئيس عزل أي من هؤلاء الحكام أو ابعاده عن منصبة ، وقد أكد الرئيس بوتين على أن هذا القانون يأتي ضمن ضرورات مكافحة الإرهاب التي تحتاج لمركزة السلطة وإنشاء منظومة إدارية تعمل ككيان واحد[53] .

   لقد مكنت هذه الإجراءات الرئيس الروسي من إعادة الاتزان مرة أخرى للبلاد ، وحمايتها من الاختراقات الغربية ، عبر إعادة تقوية سلطة الدولة ، وهو ما لم يكن ممكناً دون السيطرة كذلك على الطبقة الرأسمالية التي تشكلت عقب سقوط الاتحاد السوفيتي مستغلة فترة الانفتاح والخصخصة التي تبناها الرئيس يلتسين ، والذي لم يعن كثيراً بما يمكن لهذه الطبقة أن تسببه من مشاكل في حال ترك لها المجال للتراكم دون حدود ، حيث كان الاقتصاديين الذين تبنوا مشروعات الخصخصة يتوقعون خطأ بأن تؤدي آليات السوق إلى ضبط الأوضاع دون تدخل حكومي ، وهو ما عبر عنه أناتولي تشوبايس مهندس هذه السياسات في عهد الرئيس السابق يلتسين : " إلى الأمام نحو الملكية الخاصة .. إلى الأمام نحو الرأسمالية .. لأن التحرك إلى الخلف سيسبب الكثير من المشاكل .. لذلك علينا عمل كل ما يمكننا من الابتعاد عن الشيوعية "[54] .
   وقد نشأ نتاجاً لسياسات الخصخصة مصطلح " الأوليجاركية " والذي كان يشير سابقاً لحكم القلة لكنه في روسيا كان يشير إلى الرجال الذين كانوا قادرين على شراء الشركات التي تسيطر عليها الدولة مقابل أسعار بخسة . وكان المبرر الذي يقدمه أناتولي تشوبايس ، هي ضرورة الحد من دور الحكومة في الاقتصاد ، ومن ثم إنتقال الصناعات المهمة مثل الطاقة والاتصالات والسيارات لتكون بأيدي القطاع الخاص ، وهو ما دفع بوريس نيمتسوف أحد الذي عملوا ضمن فريق الرئيس يلتسين بهذه الفترة ، وحتى أناتولي تشوبايس نفسه إلى تسميتها برأسمالية قطاع الطرق ، بعد أن برزت سلبياتها بوضوح[55] .

   لقد سيطرت هذه الأوليجاركية على الواقع في روسيا ، عبر هيمنتها على وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة ، وبالتالي فقد كان على الرئيس الروسي الجديد ضرورة تحجيم تأثيرها كي يتمكن من إعادة ضبط الأوضاع في البلاد ، ويقول الباحث د. هاني شادي أن الرئيس : " طرح عليهم مجموعة من الشروط .. في مقدمتها الكف هم التدخل في سياسة الدولة والكرملين ، ومساعدة الحكومة في برامجها الاجتماعية لمساعدة الفقراء ومحدودي الدخل ، وتسديد الضرائب والكف عن المعارك الطاحنة فيما بينهم "[56] . وبديهي أن قبول الأوليجاركية المالية بهذه الشروط كان سيعني فشل مشروع إضعاف الدولة الروسية لخدمة سيطرة الاقتصاد المعولم عليها ، مما أدى بالفعل إلى الصدام بين بوتين وطواغيت رأسمال الروسي وانتهت بهروب البعض لخارج روسيا والقبض على البعض الآخر والاستيلاء على شركاتهم وإدارة من قبل الحكومة الروسية ، كما قامت كذلك بتقاسم ملكية بعض الشركات ، لتعتمد الدولة الروسية في سيطرتها على القطاعات الاقتصادية الأكثر أهمية على شركات كبرى ذات ملكية حكومية – خاصة[57] .

   إن هذه السيطرة على حركة الرأسمالية في روسيا وإخضاعها لإرادة الدولة ، امتدت كذلك إلى وسائل الإعلام التي كانت مملوكة للأوليجاركية سواء بشكل مباشر أو عبر إخضاعها لسيطرة رجال أعمال موالين للدولة الروسية[58] .

   ومع إعادة تقوية المركز والقضاء على تفكك وترهل جهاز الدولة في روسيا وعلى سيطرة الأوليجاركية الرأسمالية ، فقد استطاع الرئيس فلاديمير بوتين القضاء على التمردات التي شهدتها بعض المناطق كما تمكن لحد كبير من تحجيم نسب الفساد في الجهاز الإداري والتي كان يتغول بدعم من هذه الطبقة الجديدة كأحد مظاهر سيطرتها على الأوضاع بشكل عام .

   إن هذا الانجاز للرئيس بوتين أدى لعودة روسيا مرة أخرى كقوة عظمى مؤثرة في العالم وقادرة على مواجهة المشروعات الإمبريالية الغربية ، وتبني مشروعات بديلة بالتعاون مع الدول الصديقة لها .

   الدول العربية وخطر السقوط

   كانت نهايات عام 2010 ساخنة للغاية حيث اشتعلت في السابع عشر منشهر ديسمبر أحداث الثورة التونسية ، التي قضت على حكم زين العابدين بن علي الممتد منذ نوفمبر لسنة 1987[59] على أثر قيام الشاب محمد البوعزيزي بإضرام النار في نفسه إحتجاجاً على قيام إحدى شرطيات البلدية بمصادرة عربة بيع خضار يقتات منها ، وعقب نجاح هذه الثورة في 14 يناير في إجبار بن علي على الرحيل ، اشتعلت الثورة في مصر بداية من يوم 25 يناير 2011 واستمرت حتى 11 فبراير من نفس العام لتنجح بدورها في إجبار مبارك على الرحيل[60] ، وقد تلا نجاح الثورة المصرية اشتعال التظاهرات في أكثر من بلد عربي مثل ليبيا ، اليمن ، البحرين والجزائر . وقد نجح اليمنيون والليبيون بالفعل في إزاحة علي عبدالله صالح ومعمر القذافي ، بينما فشلت التظاهرات في البحرين والجزائر في تغيير نظم الحكم بها .

   في مصر كانت تطورات الأوضاع مختلفة ، ومنذ مظاهرات 6 أبريل 2008 والتي أبرزت حجم السخط الشعبي على الرئيس السابق حسني مبارك[61] ، كان الجميع يدرك أن نظامه يتهاوى وأن المشكلة هي في البحث عن بديل يتمكن من شغل الفراغ الناشيء عن غياب رئيس استمر في الحكم لفترات طويلة[62] .

   كان نجاح الجماهير المصرية في إزاحة مبارك من السلطة ضخماً بكل تأكيد وتتويج لحالة التهميش الاجتماعي لقطاعات كبيرة من الشرائح والطبقات والتي ارتبطت تاريخياً بالدولة المصرية واشتهرت بكونها من أشد المؤيدين لها ، لكن مع تطبيق سياسات النيوليبرالية والخصخصة[63] على يد جمال مبارك نجل الرئيس السابق والذي انتشرت العديد من الأنباء حول مشروعات توريث الحكم له خدمة لأغراض الشركات فوق القومية في الغرب وبدعم من كبار رجال المال والأعمال المصريين الملتفين حوله بلجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ، فقد تعرضت هذه الطبقات والشرائح الاجتماعية الوسطى والدنيا ، وحتى من بين الرأسمالية المصرية ذات الطبيعة الطفيلية بالأساس ، فقد تعرضت قطاعات منها للضرر بعد سعي أقطاب المال اعتماداً على دعم السلطة للقضاء على المنافسة في السوق المصرية واحتكار الثروات .

   لقد اقترنت هذه المشروعات بسقوط الجهاز الإداري للدولة المصرية في حالة غير محتملة من شرعنة الفساد والمحسوبية وانتقال الوظائف العامة من الآباء للأبناء[64] ، بالإضافة إلى القمع الأمني غير الواعي لأي معارضة ، والقضاء على كل المؤسسات التي كان من الممكن ممارسة النشاطات السياسية الشرعية عبرها كالأحزاب والنقابات ، والتي تعرض معظمها لضربات أمنية أدت لتفكيك معظم الأحزاب القائمة ، ووضع العديد من النقابات تحت الحراسة القضائية[65] .

   لم يكن الانفجار الجماهيري في 25 يناير ، الموافق لذكرى عيد الشرطة المصرية ، مستغرباً لأي متابع للأحداث بعد أن فقدت الدولة القائمة دعم الطبقات والشرائح التي طالما اشتهرت عبر التاريخ بكونها مؤيدة لها ، نتيجة تطبيق الدولة لسياسات العولمة وتعرضها للضعف والهزال ، وتخليها عن دورها التقليدي في حياة المواطن المصري والمتمثل في حماية مصالحة ، وهو الدور الذي طالما دفع المصريين للارتباط بحكوماتهم لمرحلة التقديس في العصور القديمة .

   على أن المشكلة الحقيقية هي أن فترة حكم مبارك شهدت نجاح مدو لمشروعات تدجين النخبة المصرية المثقفة والسياسية ، بحيث لم تجد الجماهير لحظة إنفجارها حزباً أو مجموعة سياسية واعية تمتلك مشروعاً بديلاً قادر على قيادة الدولة الأقدم في العالم[66] ، ومن هنا فقد تمكنت جماعة الإخوان المسلمين عبر الدعم الأمريكي من القفز على هذه الموجه الثورية ، بالرغم من عدم إمتلاكها لأي مشروع سياسي كذلك ، لكنها كانت أكثر تنظيماً من ناحية الحركة ولديها العديد من وسائل التقرب من الشعب المصري عبر المساجد[67] والجمعيات الدينية والتي تمتلك بدورها المال الكافي لتقديم خدمات مخفضة للجماهير كالعيادات الطبية والحج والعمرة ودفن الموتى ، وتقديم إعانات للفقراء ، وهو ما مكنهم من السيطرة على المناطق الريفية المصرية والتي تعرضت للإهمال من الحكومة المصرية طوال عهد مبارك[68] .

   كان الأمريكيين يعتبرون أن جماعة الإخوان المسلمين ، والتي لا تختلف رؤيتهم الاقتصادية والاجتماعية عن رؤية مبارك ، سوف تتمكن من تحقيق مشروعاتهم في مصر عبر مواصلة إخضاع الدولة المصرية لمشروعات العولمة الاقتصادية والسياسية بكل ما يتبعها من آثار ، سبق الإشارة إليها ، على الوضع التاريخي للدولة المصرية ، وعلى القيمة الكبرى للجيش لدى المصريين عبر تجريده من استقلاله الاقتصادي والقضاء على مشروعاته الصناعية والتي مثلت البقية الباقية من الصناعة الوطنية المصرية[69] .

   لقد بلغت الدولة المصرية خلال فترة حكم الإخوان حداً غير مقبول من الترهل سمح للمجموعات الدينية الرجعية لمحاولة ممارسة فرض أفكارها ومعتقداتها على المصريين ، وشهدت مصر حالة من الاضطهاد للمسيحيين والطوائف الإسلامية من غير الطائفة السلفية ، وهو ما تم تكريسة عبر مواد دستور 2012 التي نصت على إسلامية وسنية وسلفية الدولة المصرية للمرة الأولى في تاريخ مصر الحديث[70] .

   كانت مصر إذن خلال فترة حكم الإخوان معرضة للتفكيك بعد تعرض الدولة لأقصى قدر من الهزال ، وبروز الدعوات الانفصالية لدى المجموعات النوبية[71] في الجنوب وبعض المحافظات الأخرى ، بالرغم من كونها تحمل قدر كبير من المبالغة وانعدام الواقعية ، لكن ظهورها في هذه الفترة مثل أحد مظاهر الاحتجاج الشعبي المصري على غياب دور الدولة وكان من الممكن أن يتطور لما هو أسوأ لو استمر حكم الإخوان لخمس سنوات أخرى[72] .

   وبالتالي كان تدخل الجيش المصري في الصراع بين القوى السياسية وانحيازه للإرادة الشعبية التي برزت بمنتهى القوى في يوم 30 يونيو 2013 وما بعده حتى عزل مرسي يوم 3 يوليو من نفس العام ، هو استجابة لتساؤلات المصريين الدائمة عن موقفه تجاه ممارسات المجموعات المتطرفة في الشارع المصري وفي القضايا الداخلية والخارجية للدولة ، وتطبيقاً لدوره التقليدي الذي يقوم به منذ عهد محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة[73] .

   ومن الملاحظ وجود بعض التشابهات في المسار الذي سار عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي مع مسار الرئيس فلاديمير بوتين في روسيا ، ومن غير المعروف لو كان هذا التشابه راجع لقراءة من الرئيس المصري لتجربة الرئيس الروسي أم بمحض الصدفة ولبعض التشابه في الظروف .

   فقد تسلم الرئيس السيسي البلاد في 2014 ، وهي تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية مشابهة لما شهدته روسيا في فترة التسعينات ، حيث أضطر للتعامل العسكري مع محاولات المجموعات الإرهابية تأسيس ما يشبه الدولة الدينية في سيناء عقب سقوط الإخوان ، معترفاً بأن مصر تعاني من إنهيار الدولة ومن الضروري إعادة بنائها ، وبالتالي فقد طالب الرأسمالية المصرية بضرورة التعاون مع الدولة في مشروعاتها[74] ، كما فعل الرئيس الروسي ، ولم يكن رد فعل الرأسمالية المصرية مختلفاً عن ردود أفعال نظيرتها في روسيا ، وبينما قبل بعض الرأسماليين التعاون مع الدولة ، فإن النسبة الأكبر منهم لم تعلن الرفض وإنما قامت بممارسات ضاغطة على الدولة من أجل إجبارها على اتخاذ الطريق الذي يمكنها من السيطرة الأوضاع ، وسخرت في سبيل هذا الهدف ما تمتلكه من إعلاميات ذات إمكانيات ضخمة[75] .

   والواقع أنه بالرغم من أن مرحلة المواجهة مع رجال الأعمال المعادين للدولة لم تدخل بعد حيز الصدام الكامل ، وربما لن يكون الصدام بنفس الصورة التي شهدتها الأوضاع في روسيا ، فإن بعض التقارير الصحفية تؤكد على اقترابها من دون شك في الفترة القادمة ضمن محاولات الرئيس لإعادة بناء قدرات الدولة والحفاظ على وحدتها[76] ، كما أن تعزيز الجيش المصري لقدراته الاقتصادية يصب بكل تأكيد في محاولاته لمواجهة سياسات العولمة التي تسعى الرأسمالية الطفيلية لفرضها على الدولة المصرية .

   الموقف في سوريا بدا مختلفاً ، حيث تحولت التظاهرات التي تبنتها المعارضة السورية في 15 مارس 2011 إلى حرب أهلية شاركت فيها مجموعات سلفية بدعم من بعض الدول الإقليمية التي كانت لها مشروعات خاصة .

   ومن الضروري الإشارة إلى أن تنبؤ الدكتور سمير أمين بوجود رغبة أمريكية في تحطيم الدول والوحدات السياسية الكبيرة في الشرق الأوسط مثل مصر وسوريا والعراق ، كان صائباً للغاية حيث تعرضت هذه الدول ، بالاضافة لليمن وليبيا ، ومازالت لمحاولات الإسقاط والتفتيت ، مع استثناء واحد وهي أن هذه المحاولات لم تتم عبر التدخل العسكري المباشر وإنما عبر زيادة التناقضات بين المكونات الإثنية والدينية لهذه الدول ، واستخدام المجموعات السلفية الرجعية في المحاجزة بين مناطق النفوذ لهذه المكونات .

   وكانت البداية بسوريا التي صارت مفككة بالفعل عبر سيطرة عدد من المجموعات السلفية على أراض متفرقة وشاسعة من البلاد نتيجة الدعم الكبير من قبل الغرب وبعض الدول المجاورة ، وأصبحت وحدتها السياسية تعاني من مخاطر التفكك الفعلي ، لولا التدخل الروسي والايراني في هذه الصراع من أجل حماية الدولة والأراضي السورية من الانهيار ؛ وهو ما تكرر في العراق الذي تعرض لهجمات تنظيم داعش والذي تمكن في فترة قصيرة من الاستيلاء على أراض واسعة من شمال العراق ، وامتد نفوذه إلى الشرق السوري كذلك ، قبل أن تقوم الدولة العراقية باستعادة السيطرة على غالبية هذه الأراض بواسطة الجيش العراقي والحشد الشعبي[77] .

   لقد كشفت تصريحات مايكل هايدن مدير المخابرات الأمريكية السابق عن توقعه باختفاء أكثر من دولة عربية من الخارطة قريباً ، مؤكداً على أنه لم يعد هناك وجود فعلي لكل من سوريا والعراق بحسب تصوره[78] ، بالإضافة إلى سقوط كل من ليبيا واليمن في حالة من الفوضى السياسية أدت للتدخلات الأجنبية في البلدين مما زاد الأوضاع سوءاً ، وجعل البلدين كذلك مرشحين للاختفاء كدولتين عربيتين[79] ، بل أن فكرة عودة التقسيم إلى اليمن لما قبل عام 1990 والذي شهد وحدة الشمال مع الجنوب لم تعد سراً في الفترة الحالية وتتحدث عنها التقارير الإعلامية الأمريكية والعربية ، بالإضافة إلى احتمالات تقسيم الجنوب اليمني ذاته ، كمقابل للخسائر التي تعرضت لها السعودية ودول التحالف العربي بعد فشلها في تحقيق نتائج ملموسة من الحرب اليمنية الدائرة حتى الآن عبر ضم حضرموت (الغنية بالنفط) إلى السعودية ، وهو ما تحدث عنه موقع جلوباليست الأمريكي ، كما نشرت بعض المواقع العربية رسالة من تجار حضارمة إلى الملك السعودي يطلبون فيها ضم مدينتهم إلى الدولة السعودية[80] .

   لقد فضحت تصريحات هايدن حقيقة المشروع الذي يسعى الأمريكيين لتطبيقه بمنطقة الشرق الأوسط ، في هذه المرحلة ، عبر استخدام الجماعات المتطرفة بهدف تفكيك وحدة أراض هذه البلدان وتحويلها لدويلات صغيرة ، بل أن مدير المخابرات الأمريكية السابق لم يستبعد حتى لبنان من خطر الاختفاء كدولة موحدة رغم صغر مساحتها[81] .

   التحالف الجديد

   لقد كان للتدخل الروسي أثر إيجابي كبير في دعم الدول العربية (مصر ، العراق وسوريا) أثناء مواجهتها للإرهاب المستهدف تفكيك هذه الدول القومية ، وبديهي أن كل من روسيا والصين وحتى إيران لديهم الوعي الكاف بأن نجاح مخططات التفتيت في الشرق الأوسط سوف تمتد بكل تأكيد إلى مساحات أكبر ، خاصة أن كل من هذه الدول المتواجدة على خطوط تماس مع الشرق تضم بين ترابها الوطني مكونات دينية وعرقية متعددة .

   لقد برز التهديد الغربي المباشر لروسيا في أواخر عام 2013 عندما اشتعلت تظاهرات يورو ميدان التي قادها أنصار التكامل مع الاتحاد الأوروبي ، قبل أن تتحول لمواجهات مسلحة مع أدت لعزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وصعود الأحزاب الموالية للغرب إلى السلطة ، وقد أدت هذه النتيجة بالتالي لاشتعال مظاهرات مضادة في جنوب شرق أوكرانيا الذي يتحدث أغلبه باللغة الروسية احتجاجا على سياسات الحكومة الجديدة تجاه اللغة الروسية وتجاه التحالف مع الغرب ضد روسيا ومطالبين بعلاقات متوازنة وإقامة نظام فيدرالي في البلاد .

   وفي أعقاب الاحتجاجات المضادة صوت سكان شبه جزيرة القرم ذات الأغلبية الروسية في شرق أوكرانيا على الانضمام إلى روسيا في استفتاء عام ، ثم أعلنت جمهوريتي دونتسك ولوجانسك الشعبيتين الاستقلال عن أوكرانيا ، وقد أدت هذه التطورات بالدول الغربية إلى فرض عقوبات على روسيا وكل من شبه جزيرة القرم بالاضافة لجمهوريتي دونتسك ولوجانسك الشعبيتين ، وردت روسيا بفرض عقوبات مقابلة على الدول التي فرضت عقوبات عليها .

   لقد ترافقت هذه العقوبات مع قيام السعودية بمؤامرة خفض أسعار البترول التي كان الهدف الواضح منها الاضرار بالاقتصاد الروسي والإيراني ، مما كشف عن حقيقة كون روسيا وإيران مازالا مستهدفين بالفعل من قبل الرأسمالية المركزية[82] ، عبر إشعال الاضطرابات على مقربة من كلا الدولتين بما يؤثر على استقرارهما ، كما أن استمرار الاضطرابات في أفغانستان يشكل خطورة على الدول المحيطة وخاصة الصين والهند ، كما سبق وأشار الدكتور سمير أمين .

   إن هذه الأوضاع التي تمثل خطورة على كيانات مجموعات كبيرة من دول المنطقة قد تمثل قاعدة قوية لتحالف جديد لهذه الدول التي ستجد نفسها مضطرة لتوصل إلى صيغته بحيث تتمكن من التكامل الاقتصادي والسياسي وحتى العسكري والأمني ، وسوف ينقسم هذا التحالف إلى ثلاث مجموعات من الدول :

   المجموعة الأولى : الدول التي تسعى لتفادي اقتراب الإضطرابات السياسية والاجتماعية من حدودها كأحد تداعيات الأزمة الاقتصادية الرأسمالية ونتيجة هجمات مشروع الاقتصاد المعولم ، وهي دول روسيا ، الصين ، إيران ، الهند . وهذه المجموعة من الدول قد تنضم لها دول أخرى من قارات بعيدة عن الأحداث لكنها تعرضت مؤخراً لاضطرابات تهدد وجودها أو معرضة لها مثل فنزويلا وبوليفيا ، بالإضافة للبرازيل التي تعاني من الاضطراب بالفعل في الفترة الحالية وذلك في حالة عودة الاشتراكيين للحكم في الانتخابات القادمة .

   المجموعة الثانية : تتكون من الدول الشرقية التي تعرضت بالفعل للاضطرابات السياسية والاجتماعية لكنها مازالت قادرة على المواجهة وتسعى للتماسك وإعادة بناء كيانها كدولة قومية موحدة مثل مصر ، الجزائر وتونس .

   المجموعة الثالثة : تتكون من الدول التي كادت تسقط بالفعل لولا التدخل من قبل روسيا ، الصين وإيران لحمايتها من السقوط التام الذي سيؤدي لنتاج سلبية عليها مثل سوريا ، العراق ، ليبيا واليمن .

   إن هذه التكامل بين المجموعات الثلاث سيؤدي إلى إعادة الكيانات القومية لدول المجموعة الثالثة ، والحفاظ على دول المجموعة الثانية من السقوط ، بالإضافة إلى حماية دول المجموعة الأولى من تلقي المؤثرات السلبية لسقوط المجموعتين الأوليين .

   وبالنسبة لدول المجموعتين الثانية والثالثة ، والمكونتين من دول عربية ، فقد تابعت هذه الدول النتائج المباشرة لتفتيت دول شقيقة مثل الصومال والسودان ، والأخير مازال مرشحاً لتفتيتات أخرى على أسس إثنية وهو ما يطالب به سكان جبال النوبة ودارفور ، وبالرغم من أن كلا المنطقتين ذوي أغلبية مسلمة كسكان السودان العرب ، لكن الاختلافات الاثنية التي يغذيها إنعدام الوعي وفساد النخبة السياسية في الخرطوم قد يؤدي لنتائج أسوأ ستمثل خطورة على مصر ، والدول المحيطة[83] .

   ومثل هذا المصير قد تواجهه الجزائر التي ستتأثر قطعاً بما يحدث في مالي من صراعات بين الحكومة وبين الطوارق الذين بدورهم يشكلون نسبة ذات وزن في العديد من الدول ، ومع كونهم ينتمون للقومية الأمازيغية فإنهم قد يحظون بتعاطف المكونات الأمازيغية الممتدة في شمال أفريقيا من المغرب وحتى مصر وكذلك في دول مالي والنيجر وتشاد ، وهو يعني احتمالات إمتداد الصراعات الإثنية إلى هذه الدول ولو بدرجات متفاوتة[84] .

   إن هذا التصور المفزع على أمن دول شمال أفريقيا سوف يؤدي بهذه الدول إلى الارتباط بهذا التحالف ، الذي ستقوم من خلاله دول المجموعة الأولى بتقديم الدعم المالي والاقتصادي والعسكري لتطوير أجهزة ومؤسسات دول المجموعة الثانية ، كما ستشارك كلاً من المجموعتين الأولى والثانية في تحالف عسكري وأمني يستهدف دعم دول المجموعة الثالثة وإعادة تقويتها وتقوية وحدتها السياسية في مواجهة فكرة التفتيت والصراعات الدينية والإثنية ، وفي المقابل سوف تمنح دول المجموعتين الثانية والثالثة دول المجموعة الأولى خصوصيات في مجال الاستثمار والتطوير الصناعي على أراضيها ، وكذلك في مجالات التبادل التجاري . كما يمكن لدول المجموعة الثانية أن تحقق استفادة إقتصادية من إعادة تعمير دول المجموعة الثانية والتي ستحتاج إلى كثافة في الايدي العاملة وحتى الشركات ذات الخبرة في المجالات المختلفة ، ومن خلال التنسيق بين دول هذا التحالف فإن دولة كمصر يمكنها تعويض الكثير من خسائرها الاقتصادية الناتج عن عودة مواطنيها العاملين في الخليج العربي مؤخراً والمنضمين إلى رصيد البطالة لديها .

   إن قاعدة التحالف إذن في هذه المرة لن تكون إقتصادية أو أيدولوجية أو حتى ثقافية وإنما ستكون أمنية بالأساس ، مما سيتبعه تطورات أخرى في التحالف ستشمل مجالات أخرى مما سيفرضه واقع الاستهداف الرأسمالي المعولم لهذه الدول كمجموع .

   لقد بدا من الواضح أن معظم التحالفات القديمة والتي نشأت في الأربعينات والخمسينات مثل منظمات الجامعة العربية ، عدم الانحياز ، المؤتمر الإسلامي ، قد أصبحت بلا فاعلية حقيقية وبلا تأثير ، وحتى فيما يتعلق بالدول العربية والإسلامية وغيرها المنضمة لتحالفات الكومنولث البريطاني والدول الفرانكفونية ، فإن هذه التحالفات كانت قائمة بالأساس على الخلفيات الإمبريالية لبريطانيا وفرنسا في هذه المناطق وسعي كلا الدولتين لفرض مصالحهما السياسية والاقتصادية وثقافتهما على مستعمراتهما السابقة ، وبالتالي فإن هذه الدول لم تحقق الكثير من المكاسب من تحالفات بهذا الشكل .

   إن الفارق في التحالف الجديد هو أن كل من الدول روسيا ، الصين ، إيران والهند ، ليست لديهم مشروعات إمبريالية تجاه دول المجموعتين الثانية والثالثة ، وهو ما أثبتته التجربة التاريخية ، بالإضافة إلى أن فكرة التحالف الجديد سوف تعتمد على كون دول المجموعات الثلاث تعاني بالكامل من تهديد الإمبريالية الأمريكية والأوروبية وإن كان بدرجات متفاوتة .

   لقد قامت الدول المتحالفة على أرض الواقع وهم : روسيا والصين وإيران ببعض الخطوات الواقعية التي قد تشير إلى التوجه نحو تحالف من هذا النوع ، ولعل أولى هذه الخطوات هي تبني الصين لمشروع إحياء طريق الحرير التاريخي منذ عام 2013 ، والذي ستقع على مساراته 65 دولة ليصل بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا ، وسيغطي نحو ثلثي سكان العالم وثلث الناتج المحلي الإجمالي العالمي . كما أن هذا الطريق سيتخذ مساران أحدهما بري والآخر بحري .

   ومن المتوقع أن يحقق هذا الطريق التجاري الضخم العديد من مكاسب الاقتصادية للدول العربية التي ستحظى بمرور هذا الطريق عبرها وعلى الأخص مصر ، التي بدورها قامت بعمل مشروع قناة السويس الجديدة كأحد وسائل إثبات جدارتها وأهميتها على هذا الطريق في مساره البحري ، بالإضافة إلى الاتفاق المصري الصيني لإنشاء منطقة صناعية ومدينة متكاملة على خليج السويس وهو ما سيرفع من قيمة قناة السويس بتواجدها ضمن هذا الطريق[85] .

   الخطوة الثانية قامت بها روسيا بالمشاركة مع إيران مؤخراً عبر الاتفاق على مشروع ممر الشمال – الجنوب والذي سيربط بين الهند ، إيران ، آذربيجان ثم روسيا وشمال أوروبا عبر ممر مائي وخطوط سكك حديدية ، وهو مشروع سوف يتحرك باتجاه طولي ، على عكس حركة مشروع طريق الحرير الذي تتبناه الصين والذي سيتحرك باتجاه عرضي[86] .

   المشروع المشترك بين روسيا وإيران وآذربيجان سوف يؤدي لتقوية التحالف بين دول المنطقة المستفيدة من مروره عبر أراضيها ، لكن يبقى موقف مصر من هذا الممر والذي يرى البعض أنه قد يؤدي لتأثيرات سلبية على قناة السويس .

   إن المشروع بشكل عام سوف يؤدي إلى حسم توجهات الدولة المصرية ناحية هذا التحالف الجديد سواء بهدف رعاية مصالحها التي قد تتعرض للضرر أو بهدف الاستعانة بالدعم الاقتصادي والعسكري لهذه الدول وربما التنسيق لتحقيق الاستفادة من هذا المشروع كذلك[87] .

   ويضمن مشروع ممر الشمال – الجنوب نقل البضائع من روسيا عبر أوروبا إلى البحر الأبيض المتوسط ومنه عبر قناة السويس إلى الهند التي تعود لترتبط بروسيا عبر البر ، وبالتالي فالضرر المتوقع لن يكون كبيراً ، ولكنه قد يتحول إلى فائدة تعويضية بحال جرى مد خطوط السكك الحديدية لهذا الممر عبر العراق والشام إلى سيناء ، وهو ما سيحقق فائدة خاصة لروسيا التي تعاقدت مع مصر بالفعل لإقامة منطقة صناعية ببورسعيد ضمن مشروع تنمية محور قناة السويس ، والتي أعلنت روسيا أنها تنوي استثمار ما يصل لـ 4,6 مليار دولار من خلالها وتوفير ما يقرب من 77,5 فرصة عمل من خلالها[88] .

   إن الخطوط والمسارات المعلنة حتى الآن للمشروعين تؤكد على أن تطبيقهما سوف يفرض حالة من التداعيات السياسية على المنطقة ، لعل أهمها ضرورة تحقيق الاستقرار السياسي في أفغانستان وطرد القوات الأجنبية بها ، كي لا تتمكن الرأسمالية المركزية الخاضعة لسيطرة أمريكا من إيقاف طموحات المشروعين للتطور والتكامل .

   كما سيكون من الضروري كذلك منح العراق وسوريا وحتى اليمن الاستقرار والحافظ على الوحدة القومية لهذه الدول كونها مرشحة للتواجد ضمن مسارات المشروعين في إطار التكامل الاقتصادي .

   أما مصر فهي البوابة التي سيمكن من خلالها تحقيق التكامل الشامل بين دول المجموعة الأولى وبين دول المجموعتين الثانية والثالثة نظراً لما تمتلكه من وضع قيادي بالنسبة للعالم العربي بشكل عام ، كما أنها ستكون المدخل الذي سيتم عبره امتداد التحالف بكافة مجالاته للشمال الأفريقي وحتى الجنوب السوداني ، وسيكون من اللازم على الدول المتحالفة حالياً التوصل لاتفاق التنسيق مع مصر ودعمها كي تتمكن من تحقيق الاستقرار الذي سيكفل لها المشاركة بأقصى فاعلية في هذا التحالف الجديد .

   خاتمة

   ثمة نتائج تم التوصل إليها ، من المهم استعراضها في خاتمة هذه الدراسة :

   1 – أن روسيا كدولة وعلى مدار تاريخها من القيصرية ثم الشيوعية وخلال الفترة الديمقراطية التالية لم يكن لها أطماع إمبريالية في العالم العربي ، بل أنها وعلى خلال دول غرب أوروبا لم ترغب سوى في التعاون مع دول الخليج أو مصر لايجاد ميناء عبر المياه الدافئة .
   2 – تقترب الرأسمالية العالمية من التهاوي كنمط إنتاج ، ولعل أحد علامات هذا الانهيار هو تحول رأس المال من الاستثمار في قطاعات الانتاج إلى الاستثمار في القطاعات المالية وهو ما تسبب في الأزمة الأخيرة سنة 2008 .

   3 – كانت الرأسمالية المركزية المكونة من (أمريكا ، أوروبا ، اليابان) تسعى لتفتيت بعض الدول القومية التي قد تمثل خطر على مشروعاتها في المستقبل كالصين وروسيا والهند ، وفي العالم العربي العراق وسوريا ومصر ، وقامت بالسعي للتدخل العسكري المباشر من أجل تحقيق هذا الغرض ، لكن بعد الأزمة المالية سنة 2008 ، فقد أصبح تفتيت جميع الدول القومية والعودة لصحوة المدن الحرة كالتي حدثت في نهايات الاقطاع الأوروبي بالعصور الوسطى هو الحل الأساسي عبر الضغط الاقتصادي من ناحية وعبر استخدام الجماعات المتطرفة لاثارة النعرات الإثنية والدينية في الدول المستهدفة .

   4 – أن مساع التفتيت التي تقوم الرأسمالية المركزية بزعامة الولايات المتحدة سوف لن تستثني حتى حلفائها في أوروبا واليابان بفترات لاحقة ، ولكن فشل هذا المشروع في مناطق الأطراف سيعني تراجعه وارتداده على الغرب .

   5 – تعرضت روسيا في التسعينات وعقب إنهيار حلف وارسو والاتحاد السوفيتي إلى محاولة رأسمالية لإسقاط وحدتها القومية عبر إضعاف دور المركز لمصلحة الرأسمال الطفيلي ، وإحياء العصبيات الدينية والقومية بين مكونات الاتحاد الروسي ، وهو ما عالجه الرئيس فلاديمير بوتين عبر تقوية دور المركز والقضاء على سطوة الرأسمال الطفيلي وأدواته الإعلامية .

   6 – شهد العالم العربي منذ أواخر عام 2010 عدة تحركات جماهيرية في مواجهة فساد وقمع الانظمة القائمة وسعت حركات الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات المتطرفة لركوب موجتها مستغلة الدعم الأمريكي ، خاصة في مصر ، بهدف تطبيق مشروعاتها في سيطرة الاقتصاد المعلوم على أكبر دولة عربية مما كاد يعرضها للتفكك والانهيار ، لكن تدخل الجيش المصري أدى لإفشال هذا المشروع .

   7 – قامت المركزية الأوروبية بمحاولات لتفتيت دول ليبيا وسوريا والعراق واليمن ، وهي محاولات لقيت بعض النجاح في البداية لكن التدخل الروسي / الإيراني / الصيني أدى لاستعادة هذا الدول لقدراتها على المقاومة والاحتفاظ بوحدتها القومية .
   8 – إن المخاوف الأمنية على كيانات عدد من الدول التي تضم روسيا ، الصين ، إيران والهند بالاضافة للدول العربية سوف يؤدي لنشأة تحالف جديد يعتمد على التعاون في مجالات متعددة أبرزها المجالين العسكري والأمني بالإضافة للتعاون الاقتصادي .

   9 – اتخذت كل من الصين وروسيا وإيران خطوات عملية ستساهم لتسهيل إقامة هذا التحالف عبر مشروعي طريق الحرير الصيني وممر الشمال – الجنوب الروسي / الإيراني .

   10 – إن تطبيق المشروعين سيحتاج إلى إعادة إستقرار الأوضاع في أفغانستان وفي العراق وسوريا واليمن ، وكذلك في الشمال الأفريقي عبر مصر كون هذه الدول تمثل الإمتداد للمشروعين ، وهو ما سيؤدي ضرورة لإنشاء هذا التحالف بين الدول المعنية .

أحمد صبري السيد علي
باحث تاريخي
المنصورة 14 سبتمبر 2016




[1] روسيا اليوم . الطريقة البريطانية في تفكيك أوروبا . موقع قناة روسيا اليوم . https://arabic.rt.com . بتاريخ (28 يونيو 2016) .
[2] روسيا اليوم . لوبان تتعهد حال فوزها بإجراء استفتاء على بقاء فرنسا في أوروبا . موقع قناة روسيا اليوم https://arabic.rt.com . بتاريخ (3 سبتمبر 2016) . وبغض النظر عن فرص اليمين في الفوز بالانتخابات فإن إطلاق مثل هذه الوعود الانتخابية يشير لوجود حوار مجتمعي بين الفرنسيين حول جدوى الاتحاد الأوروبي .
[3] د.م. دنلوب . تاريخ يهود الخزر . ترجمة / د. سهيل ذكار . طبعة دار حسان . الطبعة الثانية . دمشق 1990 . ص 135 .
[4] أحمد بن فضلان . رسالة بن فضلان في وصف الرحلة إلى بلاد الترك والخزر والروس والصقالبة . تحقيق / د. سامي الدهان . مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق . دمشق 1960 . ص 119 ، 146 .
[5] روسيا اليوم . الإسلام والمسلمون في روسيا عبر العصور . موقع قناة روسيا اليوم https://arabic.rt.com بتاريخ (3 سبتمبر 2016) .
[6] بن فضلان . م . س . ص 164 .
[7] قسطنطين بازيلي . سوريا وفلسطين تحت الحكم العثماني . تحقيق / د. إيرينا سميلانسكايا . ترجمة / طارق معصراني . طبعة دار التقدم . موسكو 1989 . ص 56 – 59 .
[8] م . س . ص 15 ، 16 .
[9] البكباشي إبراهيم فؤاد شرف . فتوحات الجيش المصري في عهد محمد علي باشا الكبير . موقع فاروق مصر http://www.faroukmisr.net . بتاريخ (3 سبتمبر 2016) .
[10] بازيلي . م . س . ص 230 – 235 .
[11] د. عبدالرؤوف سنو . حرب القرم : ممهداتها وتطوراتها ونتائجها (1853 – 1856) . موقع الدكتور عبدالرؤوف سنو www.abdelraoufsinno.com . بتاريخ (3 سبتمبر 2016) .
[12] فيتالي ناؤومكين . سفن روسية في الخليج العربي 1899 - 1903 . ترجمة / سليم توما . طبعة دار التقدم . موسكو 1990 . ص 3 ، 5 .
[13] م . س . ص 7 . الكسندر فاسيليفيتش يليسييف (1858 ـ 1895 ) طبيب ورحالة، ولد عام 1858 م في مدينة " سفيابورغ في فنلندا. أكمل دراسة الطب الجراحي وخدم طبيبا حربيا في تركستان، وفي مناطق البلطيق وفنلندا. شملت رحلاته الأولى شمال روسيا وفنلندا والأورال على حدود روسيا الآسيوية. في عام 1881 زار مصر وسوريا، وفي عام 1882 زار شبه الجزيرة الاسكندينافية. كما زار مصر من جديد في عامي 1883 ـ1884م، ثم زار فلسطين ومنها عن طريق اليونان وصقلية وصل إلى طرابلس، ثم زار تونس والجزائر ووصل إلى غدامس. فيما بين عامي 1893 ـ 1894م زار السودان وإثيوبيا . أجرى دراسات في البلدان التي زارها وبالأخص حول علم الأجناس وعلم السلالات البشرية والطب . وبداية من عام 1878 م بدأ بنشر رحلاته في بعض الدوريات العلمية، وأصدر على حدة كتابا بعنوان" في أرجاء العالم" في ثلاثة مجلدات ضمنه تفاصيل رحلاته . (د. محمد الطاهر الحفيان . رسوم نادرة لمدينتي طرابلس وغدامس . مدونة طرابلس الغرب http://kreerlibya.blogspot.com . بتاريخ 3 سبتمبر 2016 ) .
[14] م . س . ص 9 .
[15] د. مؤيد شاكر الطائي . كيف عرف العراقيون ثورة أكتوبر 1917 ؟ . موقع المدى http://almadasupplements.com . بتاريخ ( 3 سبتمبر 2016) .
[16] م . س . بتاريخ ( 3 سبتمبر 2016) .
[17] م . س . بتاريخ ( 3 سبتمبر 2016) .
[18] عبدالقادر ياسين . الحركة الشيوعية المصرية . طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب . القاهرة 2012 . ص 19 .
[19] فلاديمير يفتوشينكوف . بعد فترة من السكون: روسيا والعالم العربي في مرحلة جديدة . موقع الاستثمار والتجارة http://www.ru4arab.ru . بتاريخ (3 سبتمبر 2016) .
[20] العرب . روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي تبحث عن دور غائب . موقع العرب http://www.alarab.co.uk . بتاريخ (7 سبتمبر 2016) .
[21] بول هيرست ، جراهام طومبسون . ما العولمة ؟ الاقتصاد العالمي وإمكانات التحكم . ترجمة / د. فالح عبدالجبار . دورية عالم المعرفة . الكويت 2001 .ص 35 .
[22] سلامة كيلة . الأزمات تلاحق العالم الرأسمالي . مقال بموقع الجزيرة http://www.aljazeera.net . بتاريخ (8 سبتمبر 2016) .
[23] ينقل الباحث رأي سلامة كيلة مع تحفظه على بعض آراءه السياسية وخاصة فيما يتعلق بالقضية السورية . وسلامة كيلة مثقف فلسطيني من مواليد مدينة بيرزيت فى فلسطين سنة 1955، حائز على بكالوريوس فى العلوم السياسية من جامعة بغداد سنة 1979 .
[24] م . س . بتاريخ (8 سبتمبر 2016) .
[25] م . س . بتاريخ (8 سبتمبر 2016) .
[26] هانس – بيتر مارتن ، هارالد شومان . فخ العولمة . ترجمة / عدنان عباس علي . مراجعة / د. رمزي زكي . دورية عالم المعرفة . الكويت 2003 . ص 47 .
[27] م . س . ص 47 .
[28] م . س . ص 48 .
[29] يوسف سلامة . الثقافة والسلطة في ظل العولمة . مقال بموقع معابر http://www.maaber.org . بتاريخ (8 سبتمبر 2016) .
[30] بول هيرست ، جراهام طومبسون . م . س . ص 380 .
[31] م . س . ص 393 .
[32] م . س . ص 24 .
[33] م . س . ص 27 .
[34] سمير أمين . ما بعد الرأسمالية المتهالكة . ترجمة / د. فهمية شرف الدين ، د. سناء أبو شقرا . طبعة دار الفارابي . بيروت 2003 . ص 126 – 135 .
[35] م . س . ص 132 .
[36] م . س . ص 136 .
[37] مسعود محمد . م . س . بتاريخ (9 سبتمبر 2016) .
[38] ياسر الطيار . القوات الأمريكية تنسحب من عراق ممزق سياسياً وأمنياً . موقع دي برس http://www.dp-news.com . بتاريخ (9 سبتمبر 2016) .
[39] رأي اليوم . جنرال أمريكي لا يستبعد ابطاء الانسحاب الامريكي من أفغانستان . موقع رأي اليوم http://www.raialyoum.com . بتاريخ (9 سبتمبر 2016) .
[40] أيمن الأمين . بسحب حاملة الطائرات "روزفلت".. هل باعت أمريكا الخليج؟ . موقع مصر العربية http://www.masralarabia.com . بتاريخ (9 سبتمبر 2016) .
[41] هربرت فيشر . تاريخ اوروبا في العصور الوسطى . ترجمة / محمد مصطفى زيادة ، السيد الباز العريني . طبعة دار المعارف . القاهرة 1950 . القسم الأول . ص 221 – 223 .
[42] هانس بيتر مارتن وهارالد شومان . م . س . ص 62 .
[43] يمكن اعتبار كل من مصر وإيران كنموذجين واضحين لهذا التصور ، فضعف السلطة المملوكية في مصر والمغولية في إيران أدى لسيطرة العثمانيين على مصر وسيطرة الأسرة الصفوية على إيران ، وهو ما ينطبق لحد ما على روسيا كذلك.
[44] يلاحظ على سبيل المثال المنافسات الداخلية بين الزعامات الكردية والاتهامات المتبادلة بينهم ، بالاضافة للمنافسة بين هذه الزعامات في العراق ونظيرتها في تركيا وإيران وسوريا .
[45] د. هاني شادي . التحول الديمقراطي في روسيا من يلتسين إلى بوتين . طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب . القاهرة 2015 . ص 52 ، 53 .
[46] م . س . ص 107 – 109 .
[47] بوغانوف . حياة بطرس الأكبر . ترجمة / خيري الضامن . طبعة دار التقدم . موسكو 1990 . ص 5 ، 398 – 404 . يعتبر عصر بطرس الأكبر مفصلياً في تاريخ روسيا الحديث كونه الحاكم الذي جعل من روسيا دولة عظمى في أوروبا والعالم .
[48] د. هاني شادي . م . س . ص125 .
[49] م . س . ص 126 ، 127 .
[50] م . س . ص 126 .
[51] م . س . ص 127 ، 128 .
[52] م . س . ص 128 .
[53] م . س . ص 129 .
[54] م . س . ص 136 ، 137 .
[55] كريم المالكي . المعارض الروسي بوريس نمتسوف . مقال بموقع الراية http://www.raya.com . بتاريخ (11 سبتمبر2016) .
[56] د. هاني شادي . م . س . ص 140 ، 141 .
[57] م . س . ص 141 – 145 .
[58] م . س . ص 145 ، 146 .
[59] الجزيرة . الثورة التونسية .. باكورة الربيع العربي . تقرير بموقع قناة الجزيرة www.aljazeera.ne . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[60] احتفالات ثورة 25 يناير . تاريخ الثورة المصرية . تقرير بموقع احتفالات ثورة 25 يناير http://www.sis.gov.eg . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[61] محمد ربيع . عمال المحلة أيقونة المطالب العادلة ومحركى المياة الراكدة ضد نظام مبارك . مقال بموقع البديل http://elbadil.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) . أحمد صبري السيد علي . ماذا بعد 6 أبريل (رؤية تاريخية) . مقال بمدونة بهزاد http://ahmadsabryali.blogspot.com.eg . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[62] تابع الباحث شخصياً أحداث هذه التظاهرات في مدينة المحلة يوم 6 أبريل وحالة الاستنفار الأمني المشددة في الأيام التالية له .
[63] جلال أمين . مصر والمصريون في عهد مبارك . طبعة دار الشروق . الطبعة الأولى . القاهرة 1911 . ص 111 .

[64] م . س . ص 72 .
[65] م . س . ص 10 .
[66] أحمد صبري السيد علي . النخبة البائسة | النخبة المصرية ما بين التدجين والبذاءة الثورية . مقال بمدونة بهزاد http://ahmadsabryali.blogspot.com.eg . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[67] حرصت جماعة الإخوان المسلمين وغير من الجماعات الدينية المتشددة على التواجد بكثافة في المساجد الصغيرة التي يتم انشائها أسفل الوحدات السكنية الأهلية بغية الحصول على اعفاء من الضرائب ، وهي مساجد غير خاضعة لوزارة الأوقاف ولا رقابة للحكومة عليها في تلك الفترة ، وقد اضطرت الحكومة المصرية في فترة مواجهة الإرهاب في تسعينيات القرن الماضي لمحاولة السيطرة على هذه المساجد لكنها لم تحقق نجاحات كبيرة  في هذا الشأن .
[68] عادل حمودة . الهجرة إلى العنف .. التطرف الديني من هزيمة يوليو إلى اغتيال أكتوبر . طبعة دار سينا للنشر . الطبعة الأولى . القاهرة 1987 . ص 259 .
[69] سعت الكوادر الإخوانية على صفحات مواقع التواصل الاجتماعية للسخرية من الصناعات التي يقوم بها الجيش والتي تمثل دعماً للمواطنين الفقراء عبر وصفه بـ " جيش المكرونة " وهو وصف أثار استياء كل قطاعات الشعب المصري التي ترى أن هذه الصناعات الوطنية هي ما يحميها من جشع رجال الأعمال كونها تقدم لهم بأسعار مخفضة .
إيهاب شوقي . لماذا تريد أمريكا الإخوان والتيارات الإسلامية ؟ . مقال بموقع شبكة الأخبار العربية http://www.anntv.tv . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[70] أدى الوضع الاقتصادي السيء وحادثة قتل الشيخ الشيعي حسن شحاته برفقة 4 من رفاقه على يد السلفيين في قرية أبو مسلم بمحافظة الجيزة والتمثيل بجثامينهم إلى شحن المصريين بشكل عام ضد هذه المجموعات المتطرفة وهو ما مكن الجيش في 3 يوليو من إزاحة الرئيس الإخواني محمد مرسي .
[71] النيلين . حركة كتالة النوبية أول حركة انفصالية مسلحة في مصر . تقرير بموقع النيلين http://www.alnilin.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[72] ظهرت في أوساط النوبيين حركة كتالة (الحركة الشعبية لاستقلال النوبة) ، وهي حركة لم يكن لها دور حقيقي في الأوساط النوبية ، لكن بروزها كحركة إنفصالية كان يمثل حدثاً غير معتاد على الأذن المصرية . وقد أصدرت الحركة بعد شهر من تأسيسها بياناً هددت فيه بالإعلان عن انفصال المنطقة من إسنا إلى وادي حلفا واستقلالها عن مصر . جدير بالذكر أن كلمة كتالة تعني حرب حتى الموت باللغة النوبية .
[73] لقد شهدت مصر خلال هذه الفترة تدخل الجيش لانقاذ مصر من التبعية للإنجليز في 1881 بقيادة أحمد عرابي باشا ، كما شهدت تدخلاً آخر بقيادة الرئيس جمال عبدالناصر برفقة الضباط الأحرار في 1952 لانقاذ مصر من فساد الحياة السياسية وفساد النخبة الحاكمة وتبعيتها للإمبريالية البريطانية .
[74] الطليعة . الرئيس: علي رجال الاعمال أن يردوا الجميل لمصر . تقرير بموقع الطليعة http://www.altaly3anews.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[75] حسن شراقي . لماذا صادرت نيابة السيسي أموال 17 رجل أعمال الآن؟ . مقال بموقع عربي 21 http://arabi21.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
الزمان . تقارير سيادية تكشف عن تآمر رجال أعمال وسياسيين على السيسي وبرلماني سابق يتهم السفارة الأمريكية بتمويل المؤامرة . تقرير بموقع الزمان http://www.azzaman.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[76] جمال عبدالمجيد . ضربة قاتلة لمافيا الفساد . مقال بموقع الوفد http://alwafd.org . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[77] أحمد صبري السيد علي . الأنفاس الأمريكية بين الاعتداءات على العراق وغزة . مقال بمدونة بهزاد http://ahmadsabryali.blogspot.com.eg . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
أحمد صبري السيد علي . هل تنفجر الأزمة العراقية بعد تحرير الموصل ؟ . مقال بمدونة بهزاد http://ahmadsabryali.blogspot.com.eg . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
خليل أندراوس . التحالف التشاؤمي في الشرق الاوسط . مقال بموقع الجبهة http://www.aljabha.org . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[78] العالم . رئيس الـCIA السابق: 3 دول عربية ستختفي عن الخريطة! . تقرير بموقع قناة العالم http://www.alalam.ir . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[79] عبدالباسط غبارة . ليبيا وخطر الفوضى . مقال بموقع بوابة أفريقيا الإخبارية http://www.afrigatenews.net . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[80] يمن برس . تقرير أمريكي: السعودية تفكر في تقسيم اليمن بعد فشل العدوان . تقرير بموقع يمن برس http://www.yemenipress.net . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
الشوكة برس . بالوثائق : السعودية تسعى لضم حضرموت إليها كحصة ما بعد عاصفة الحزم وضمن مخطط تقسيم اليمن . تقرير بموقع الشوكة برس http://alshawka-press.net . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
أبابيل . خارطة تقسيم اليمن الجديد الإمارات تسعي للسيطرة على الجنوب واقامة دول اليمن الجنوبي . تقرير بموقع أبابيل http://ababiil.net . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[81] أشرت فيما سبق من هذا البحث إلى أن الفترة القادمة ربما تشهد سقوط الوحدات السياسية للدول وبروز دور المدن كوحدات بديلة مثلما حدث في نهايات الاقطاع .
[82] روسيا اليوم . أوكرانيا توقظ عفريت الحرب الباردة بين روسيا والغرب . تقرير بقناة روسيا اليوم https://arabic.rt.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[83] النذير السر . تقسيم السودان .. المخطط المخيف . مقال بموقع ألوان http://www.alwandaily.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[84] هيسبريس . أكاديمي مغربي يحذر من مخاطر تداعيات الوضع في مالي . تقرير بموقع هيسبريس http://www.hespress.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
يتواجد الأمازيغ المتحدثين بالامازيغية في مصر بواحة سيوة ، لكن هناك قبائل أمازيغية تعيش في الصعيد رغم تحدثها اللغة العربية مثل قبل هوارة وهي أكبر قبائل الصعيد عدداً وقوة .
[85] أحمد سمير الجندي . مبادرة "طريق الحرير" وتغير المشهد الاقتصادي والأمني في الشرق الأوسط . مقال بموقع المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية http://www.rcssmideast.org . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
وسام عبدالمجيد . طريق الحرير الجديد وقناة السويس . مقال بموقع مصر العربية http://www.masralarabia.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
النيل . مصر تعرض على الصين إقامة منطقة صناعية متكاملة . تقرير بموقع قناة النيل http://www.nile.eg . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
محمد حماد . المنطقة الاقتصادية الصينية بالعين السخنة تستهدف جذب استثمارات جديدة بقيمة مليارى دولار . تقرير بموقع الأهرام http://gate.ahram.org.eg . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[86] سبوتنك . مشروع روسي إيراني ضخم ينافس "قناة السويس" المصرية . تقرير بموقع سبوتنك http://arabic.sputniknews.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[87] خالد عبد المنعم . ممر دولي يهدد قناة السويس ويعيد رسم خريطة التحالفات الإقليمية . مقال بموقع البديل http://elbadil.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .
[88] روسيا اليوم . روسيا تستثمر 4.6 مليار $ بمنطقة صناعية بمصر . تقرير بموقع قناة روسيا اليوم https://arabic.rt.com . بتاريخ (14 سبتمبر 2016) .

ليست هناك تعليقات: