الاثنين، 2 أبريل 2007

نقد الأديان بين الرؤية والمخيلة ( تعقيباً على ردود كامل النجار ) 2 / 2


في تساؤلي حول مفهوم العقل الواعي لم يفهم كامل النجار الغرض من السؤال وربما لم أصغه بشكل واضح فعلاً ، إن التساؤل لم يكن عن توقيت ظهور هذا المفهوم وإنما عن حقيقته وحدوده ، بمعنى ما هي الممارسة التي يمكن أن نخضعها بشكل واضح ومتفق عليه بين البشر تحت مسمى العقل الواعي ، إن وعي الإنسان يمثل تراكم خبراته وتجاربه في استخدام الغريزة ، وهي مختلفة ما بين الشعوب والمناطق الجغرافية وهنا لا يمكننا أن نضع – بكل اطمئنان – فعل تحت مسمى العقل الواعي وننفي فعلاً آخر عنه ، وما يتصوره كامل النجار فعلاً ناتجاً عن العقل الواعي ، فيما يخص رأيه في القضية الفلسطينية على سبيل المثال ، سوف يعتبره الفلسطيني نوع من الخضوع لمالك القوة أي الهرب من المواجهة وهو أحد أجزاء العقل الغريزي كما ذكر كامل النجار في مقاله الأول : " فعندما عاش الإنسان في الغابة مع الحيوانات كان يتحكم فيه عقله الغريزي The subconscious الذي يجعل الحيوان يهرب أو يحارب " . 

نقد الأديان بين الرؤية والمخيلة ( تعقيباً على ردود كامل النجار ) 1 / 2

هناك تساؤل لابد من طرحه بالفعل عقب قراءة رد كامل النجار على نقدي لمقاله عن طبيعة الأديان المنشور في إيلاف : هل يستخدم كامل النجار منهج ما يؤسس عليه هذا النقد ؟ كنت آمل فعلاً أن يفهم كامل النجار من النقد السابق عيوب الأسلوب الذي يستخدمه في نقده السطحي للأديان والذي تأكد لي أنه لا يقوم على أي ثقافة حقيقية بتراثها ولا خلفيات نشأتها وتطوراتها وتغيراتها العقائدية ، لكنه قفز على هذه الإشكاليات بكل بساطة مدعياً بأن : " أما خلفيات النشأة التي يتحدث عنها السيد أحمد صبري، فليست ذات قيمة فعلية إذ أن النشأة للأديان الثلاثة كانت متشابهة في أنها نزلت في منطقة جغرافية صغيرة محدودة لا تمثل من العالم المعروف يومها إلا جزءاً يسيراً جداً " . 

نقد الأديان بين الرؤية والمخيلة ( نقد لمقال د / كامل النجار " في طبيعة الأديان " )


لا يبدو مقال كامل النجار أكثر من كونه مجرد محاولة للدخول في مشاجرة كلامية مع المؤمنين بالأديان على غرار مناظرات متكلمي العصور الوسطى مع فارق أساسي حيث تميز متكلمي هذه العصور – التي ربما يصفها البعض انطلاقاً من عجرفتهم الحضارية والعلمية بأنها متخلفة – باعتماد مناظراتهم على ثقافة حقيقية بالآخر ، فيما يلاحظ أن كامل النجار لا يتكلف حتى محاولة التظاهر بالاعتماد على أي ثقافة خاصة بالأديان التي تناولها في مقالة ، متجاوزاً هذه المشكلة باستخدام بعض مواقف اختارها بشكل انتقائي ملحوظ ، وحتى دون الإشارة إلى ارتباطها بخلفيات وواقع اجتماعي ضاغط لم يلتفت هو إليه . 

" المهمشون في التاريخ الإسلامي " للدكتور / محمود إسماعيل كتابة جديدة لتاريخ الحركات المجهولة والمشوهة


ربما لا يُعد اهتمام د. محمود إسماعيل بالحركات الاجتماعية شيئاً جديداً، من حيث تبنيه للمادية التاريخية كمنهج للبحث، وهو ما يشترك فيه معظم الباحثين التاريخيين الماركسيين، إلا أن أبحاث د.محمود إسماعيل تتميز بأنها الأكثر وعياً ونضجاً في استخدام المنهج المادي والتعامل مع النص، وهو ما تفتقر إليه مثيلاتها من الأبحاث الماركسية والتي تعاني من الازدواجية في تعاملها مع النصوص فترفض بكل جرأة الاتهامات التي يوجهها مؤرخو السلطة لهذه الحركات بالفساد الأخلاقي، ومن ناحية أخرى تقبل بكل بساطة الاتهامات التي يوجهها نفس المؤرخون وفي نفس النصوص لهذه الحركات بالفساد الديني، وهي مفارقة لم يقع فيها الدكتور محمود إسماعيل والذي أدرك مدى الربط المتعمد والمدروس الذي تقوم به هذه النصوص بين الخروج على الحاكم والخروج على الدين .