إن الإجابة
على هذا السؤال تقتضي تقسيم الفترة الحديثة والتي سبقت الانتفاضة الجماهيرية في 25
يناير الماضي إلى ثلاث مراحل ، الأولى تبدأ منذ بدايات القرن الـ19 وتنتهي عند
انتصار الثورة الإسلامية في إيران سنة 1981 ، والثانية تنتهي مع انتصار المقاومة
الإسلامية في لبنان على الكيان الصهيوني في يوليو 2006 ، والثالثة تنتهي مع انتصار
الانتفاضة المصرية في يناير 2011 .
مقدمة
يحلو للكثير من الكتّاب والباحثين في مصر محاولة الإيحاء بأن المصريين ومنذ دخول الإسلام إلى بلادهم تميزوا بالانسجام المذهبي المتفق مع المذهب السني السائد في الفترة الحالية، وبالتالي فإن كل المذاهب التي نشأت خلال الحضارة الإسلامية لم تكن في أفضل الأحوال سوى حالة طارئة في ظروف غير طبيعية.
بالرغم من الانتشار
الجماهيري الهائل الذي يحظى به التصوف في الوسط الإسلامي المصري خلال الفترة
الحالية ، لدرجة اعتباره التيار الديني الأكبر ، حيث يؤكد بعض الباحثين على تجاوز
تعداد أتباعه المنتظمين بين طرقه المتنوعة عشرة ملايين مسلم ، إلا أنه ، أي التصوف
، لم يحظ بنفس هذا الانتشار والجماهيرية في مصر منذ بداية نشأته ، وذلك على الرغم
من أن المؤسس الحقيقي للتصوف هو المصري ذو النون .
لم تكن سياسات التطبيع مع الكيان الصهيوني سوى مجرد مسمى
شامل يتسع مدلوله لحزمة ضخمة من الإجراءات الاقتصادية التي تسعى لتسهيل عملية
النهب المنظم لثروات وإمكانيات للبلد العربي المستهدف من هذه السياسات عبر عرقلة
دولاب تطوره الصناعي ومساعيه للاستقلال الاقتصادي ومن ثم دمجه في إطار الإجراءات
المتخذة من قبل دول المركز الرأسمالي لتنظيم قواعد العمل في العالم أجمع .
ومن هنا من
الضروري النظر إلى الكيان الصهيوني ومشروعه المدعوم من الغرب بصورة مخالفة للصورة
النمطية المنتشرة كمجرد مؤامرة دينية يهودية على الأرض العربية والإسلامية، أو حتى
انحياز غربي مسيحي متعصب ضد المسلمين والعرب، أو كنتيجة لسيطرة اليهود على مراكز
صنع القرار في أوروبا وأمريكا، فالواقع أن اليهود في هذه الحالة هم مجرد وسيلة في
يد الرأسمالية البريطانية والأمريكية لا أكثر .
