الأحد، 27 نوفمبر 2011

تأثير الإمام الخميني على الحالة الثورية في العالم العربي


 مقدمة : (الانتقال الثوري بين الجماهير)
1 - دور قيادة الإمام الخميني في انتصار الثورة
2 - تأثير الإمام الخميني على الحالة الثورية في العالم العربي
3 - ما بعد التأثير
خاتمة : (ما أنجزته تعاليم الإمام الخميني في العالم العربي)


   مقدمة : (الانتقال الثوري بين الجماهير)
   لم يكن ما تمكنت الثورتين المصرية والتونسية الأخيرة وما تلاهما من ثورات عربية من إثباته قاصراً على مصداقية القاعدة الأساسية حول الثورة كفعل ، والتي تؤكد أن توافر الظروف المادية والمعنوية للانفجار الثوري يؤدي لحتمية انتصاره مهما كان العنف الأمني المستخدم ضد حركة الجماهير والمتسلح بالعديد من أجهزة المراقبة الأكثر تطوراً ، أو ربما إعادة إحيائها في مواجهة الرؤى الرأسمالية والتي أدعت أن نهاية التاريخ سوف تتوقف عند نظمها مستبعدة خروج أي ثورات موجهة إليها بالأساس .
   إلا أن القاعدة الأكثر أهمية والتي أثبتتها الثورات العربية الأخيرة يرتبط بحركة الانتقال الثوري بين الجماهير التي تتفق في المعاناة من نفس الظروف السياسية ، الاقتصادية والاجتماعية ، وهي الحقيقة التي طالما سعت إعلاميات الحكومات العربية من التنكر لها حتى في الوقت الذي كانت فيه جماهيرها تخرج إلى الشوارع مستخدمة نفس الشعارات ونفس المطالب .
   ويتعلق الأمر في هذه القاعدة الثانية بتناقل خبرات العمل على أرض الواقع بين قيادات الثورات الجماهيرية في البلدان المختلفة ومن ثم محاولة إعادة صياغتها بما يتناسب مع خصوصية كل شعب على حده ، وكذلك الاستفادة من الطرق التي سبق استخدامها للتعامل السياسي مع المناورات التي تلجأ لها الأنظمة القمعية في محاولتها الالتفاف على مطالبات الجماهير بما لا يؤدي لخسارتها لمواقعها .
   إن إنتصار أي ثورة جماهيرية يؤدي بكل تأكيد لدفع تجربتها ونقلها إلى جماهير الدول الأخرى التي تشاركها نفس المعاناة ، وتقوم بدورها بإعادة انتاج التجربة وتضيف إليها خبراتها الخاصة قبل أن تتولى تصديرها إلى منطقة ثالثة .
   إن التجربتين التونسية والمصرية تشيران بكل وضوح إلى المعنى الجوهري لعبارة الإمام الخميني حول تصدير الثورة ، والذي فشلت إعلاميات الدول القمعية في العالم العربي في فهمه إلا عبر عقلياتها الأمنية وهو ما أدى بدوره إلى فشلها في التعامل مع حركة الجماهير عندما توفرت القوانين المادية والمعنوية لانفجارها .
   لقد كانت تجربة الثورة الإسلامية في إيران ضخمة بالفعل من الناحية الجماهيرية ، وربما كانت قوتها الأساسية في أنها قد قامت في مواجهة السلطة والإمبريالية الغربية في الوقت الذي كانت فيه هذه الأخيرة بأوج قوتها وأندفاعها تجاه السيطرة على العالم ، الأمر الذي سمح لهذه الثورة بأن تحتفظ بتوهجهها وتأثيراتها على الجماهير العربية والإسلامية بشكل عام ووعيهم بقدرتهم على تحقيق الأهداف مهما كانت القدرات الأمنية والعسكرية للأنظمة الاستبدادية .
   وبالتالي يبدو من العبث محاولة نفي تأثير الثورة الإسلامية في إيران وتعاليم الإمام الخميني على الحالة الثورية في العالم العربي عبر الاحتجاج بالخصوصية القومية والمذهبية لإيران ، خاصة أن هذه الخصوصيات لم تمثل عائقا أمام إجماع الشعب الإيراني المتعدد القوميات والمذاهب على الانتماء للثورة ودعمها ، ونفس هذه الخصوصية لم تمنع الشعب البحريني ذا الغالبية الشيعية أو الشعب الكردستاني في شمال العراق من التأثر بالشعب المصري السني المذهب والعربي من الناحية القومية ، وإن كانت بكل تأكيد تضفي قدر من الخصوصية على بعض تفاصيل التحرك الجماهيري .
   إن حالة التوحد في المعاناة الاقتصادية والاجتماعية والقمع السلطوي ما بين الشعوب تمثل الأساس في انتقال روح الثورة بين الشعوب والتي تتجاوز كل عناصر الخصوصيات عند أنفجارها ، وإن كان وجود قدر من الاتفاق في هذه الخصوصيات يسمح بتسريع حركة التأثير لا أكثر .

   1 – أوضاع العالم العربي عند انتصار الثورة الإسلامية
   كانت إيران مع بدايات عام 1979 حالة استثنائية في الشرق الأوسط ، ففي الوقت الذي كان الثوار على وشك تحقيق الانتصار النهائي للثورة الإسلامية ، كانت الولايات المتحدة الأمريكية في المقابل تستعد لوضع اللمسات النهائية للترتيبات التي أرادتها في المنطقة الأكثر أهمية بالنسبة لها من الناحية الاقتصادية .
   حيث نجحت الدبلوماسية الأمريكية في الإلتفاف على الانتصار المصري في معركة 1973 على الكيان الصهيوني ، ليتحول بغرابة بالغة إلى انتصار للكيان الصهيوني عبر إخراج مصر القوة العربية الأكبر والأقوى من دائرة الصراع الذي تولت قيادته منذ عام 1948 ، عن طريق معاهدة كامب ديفيد التي وقعها الرئيس المصري محمد أنور السادات مع رئيس الوزراء الصهيوني مناحم بيجين تحت الرعاية الأمريكية ، وبالتالي اكتسب الكيان الصهيوني للمرة الأولى اعترافا بشرعية وجودة على الأراضي الفلسطينية من أكبر القوى المواجهة له ، كما اكتسبت المشروعات الأمريكية في المنطقة داعما كبيراً من خلال إنضمام القيادة المصرية بكل ثقلها العربي إلى مشروعها الإمبريالي .
   وفي المقابل أدى قبول السادات لصلح منفرد مع الكيان الصهيوني إلى شق الصف العربي الهش بالأساس ، وبروز دول الرفض بقيادة النظام البعثي في العراق ، ونقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس وهي ردود أفعال لم تكن بريئة تماما خاصة من الجانب العراقي[1]· .
   كما تمكنت بناء على هذا التفكك في الجبهة العربية من تحجيم حركة المقاومة الفلسطينية بعد انفجار الحرب الأهلية في لبنان سنة 1975 ، والتي أدت لاحقا لاخراج المقاومين من بيروت وانتقالهم إلى تونس بعد الغزو الصهيوني للبنان في مطلع الثمانينات ، وهكذا فقد أصبحت الحدود الصهيونية في كل من الشمال اللبناني والجنوب المصري آمنة تماماً بعد أن كانت قد نجحت في تأمين الحدود مع الأردن عقب أحداث ايلول الأسود عام 1969 .
   وبالتالي فلم يعد هناك الكثير من المهام بالنسبة للأمريكيين لإعلان بسط سيطرتهم المتكاملة على المنطقة ضمن صراعها الضخم ضد الكتلة الشيوعية - أو التي كانت تصف نفسها بهذه الصفة - بقيادة الاتحاد السوفيتي والتي كان من الواضح أنها قد بدات تعاني تحت تأثير الضربات المتوالية من الغرب ، خاصة أن الدول التي استمرت ولو ظاهرياً خارج نطاق السيطرة الأمريكية كانت قادرة على قبول عقد صفقات مع الأمريكيين في سبيل الحصول على مكاسب خاصة[2]· .
   من ناحية أخرى ومع السيطرة الواضحة على الانظمة السياسية في العالم العربي فقد تم إحداث التحول في النظم الاقتصادية ببلد ضخم كمصر حيث سعى السادات للابتعاد بشكل تدريجي عن الاشتراكية القومية التي تبناها الرئيس جمال عبد الناصر وفتح المجال بشكل غير منضبط للرأسمالية المصرية للسيطرة على الاقتصاد ، وهو ما هدد بشكل مباشر المكتسبات التي حققتها الطبقتين المتوسطة والفقيرة في العهد الناصري ، وعلى الرغم من هذه الاجراءات الاقتصادية كانت خاصة بمصر دون بقية الدول العربية فإن تردي الوضع الاقتصادي المصري كان من المتوقع أن يؤثر بوضوح على العالم العربي في حال أدى لمردود سياسي عبر التحركات الجماهيرية ، وقد تعرض النظام المصري لخطر واضح في عام 1977 عندما قامت الجماهير المصرية بانتفاضة الخبز والتي رغم شعاراتها الاقتصادية كانت بالاساس تعبيرا عن غضب الجماهير من تحييد مصر في الصراع مع الكيان الصهيوني ومعاهدة كامب ديفيد ، وقد تمكن السادات من تجاوز هذه الأزمة بصعوبة بالغة وبمعاونة الانظمة العربية الخليجية المؤيدة للمشروع الأمريكي .
   وبديهي أن تؤدي هذه الأوضاع الجديدة إلى انحسار الشعبية الضخمة لليسار الشيوعي والقومي في الشارع العربي والذي تولى قيادة الحركات الجماهيرية في فترة الخمسينات والستينات ، خاصة مع ما أفرزته من أوضاع إجتماعية جديدة سعت لتهميش القاعدة الجماهيرية التي يعتمد عليها بين صفوف العمال والفلاحين ، وبرزت في مصر محاولات قام بها الرئيس السادات لاستغلال الحركات السلفية المتمسحة بالدين في مواجهتهم ، مستغلا سقوط الحالة الناصرية عقب هزيمة 1967 والتي اسقطت معها – رغم سلبياتها – الحالة الثورية بشكل عام[3] .
   كما أن الاتحاد السوفيتي الداعم الأساسي للكثير من هذه النظم والحركات لم يبد حرفية دبلوماسية وهو يخسر بسهولة مواطن نفوذه في الشرق الأوسط وبدا غير قادر على القيام بدعم حقيقي أو على الأقل التشجيع على قيام أي تحركات ثورية في مواجهة الإمبريالية الغربية .
   لم تكن الساحة إذن مهيأة بأي حال لنشوب ثورة جماهيرية ضخمة في بلد كإيران ، خاصة أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتي تعد الضاغط الأكبر باتجاه الانفجار الثوري أو على الأقل ما يؤدي لدعم هذا الانفجار وإكسابه للجماهيرية الكاسحة لم تتأزم بالشكل الخانق الذي يؤدي لنقطة اللاعودة مع النظام الشاهنشاهي الراسخ في المجتمع الإيراني ، كما أن السيطرة السياسية الأمريكية على الساحة والوضع الديني (المذهبي) والقومي (الفارسي) المتفرد لإيران مقارنة بالجوار العربي وحتى الإسلامي· ، وسلبية القطب الشيوعي في مواجهة التمدد الرأسمالي الغربي لم يكن ليسمح بمنفذ واحد لانتصار ثورة أو إكسابها أي زخم حقيقي يمكنها من تقويض اركان نظام على غرار نظام الشاه السابق ، كما أنه لم يكن ليسمح على الإطلاق بوجود تأثير حقيقي لها في الأوساط المحيطة إذا تمكنت بالفعل من تحقيق الانتصار الجماهيري

   2 – دور قيادة الإمام الخميني في انتصار الثورة
   إن الخلفيات السابقة تشير بوضوح إلى وجود عامل خاص ساهم في الدفع باتجاه الثورة في إيران والذي نشأ بدوره من خلال الخصوصيات المذهبية والدينية في إيران والتي منحت علماء الدين قدرا كبيرا من الاستقلالية عن الجهاز الإداري للدولة ، كما أجبرت السلطة على ضرورة النظر بقدر الاحترام لوضع المراجع نشأت بالأساس من هيبتهم الراسخة لدى الجماهير .
   كانت تجربة حركة تأميم النفط التي قادها محمد مصدق في خمسينات القرن الماضي ضد الشاه والتي شهدت تحالفا بين قوى سياسية متنوعة ليبرالية ، اليسارية ودينية وتمكن الشاه وجيشه من إسقاطها ، تعني بكل وضوح أن القوى السياسية الإيرانية التقليدية قد فشلت تماما بكل فروعها ، حتى الديني منها ، في حشد الشارع الإيراني ضد الشاه ، نظرا لقدرة الأخير استغلال التناقضات بين اتجاهاتها المختلفة ، ونجاحه في تفتيتها تماماً ، وامتصاص سخونة الشارع في الوقت المناسب[4]· .
   لقد كانت مبادرة الإمام الخميني في تحريكه للشارع الإيراني للمرة الأولى في محرم 1963 كرد فعل على بنود الثورة البيضاء – كما أطلق عليها الشاه – إشارة واضحة إلى ما يمتلكه من تأثير تجاه الجماهير وقدرة على تحريك الشارع الإيراني في مواجهة الشاه بكل وضوح الذي فوجيء بمظاهرات تنتقده علناً وللمرة الأولى منذ إسقاطه لمصدق في عام 52 ، وخلا هذه الفترة كان أقصى ما تمكنت القوى المعارضة من القيام به هو قيادة الجبهة الوطنية لإضرابات مايو 1961[5] .
   بالتأكيد أدرك الشاه أن وجود شخصية كالامام الخميني سوف يؤسس لحركة جماهيرية قوية نظراً لارتفاعه فوق تناقضات الحركات السياسية ، وعدم انغماسه في الاساليب الانتهازية التي استخدمتها هذه القوى وأدت إلى تفتتها ، وصلابته في التشبث بما يعتقده صحيح[6]· ، وبالتالي ففي نوفمبر 1964 أتخذ القرار الذي رآه الأفضل بالنسبة له كديكتاتور ، وهو ترحيل الإمام الخميني إلى تركيا لابعاده عن الساحة في إيران وعدم السماح له بإنزال الفكر السياسي من حالته النخبوية إلى الحالة الجماهيرية التي تؤدي إلى نزول الناس إلى الشارع في مواجهته ، والقضاء على كل الآثار التي تركتها حركته في سنة 1963[7] .
   كانت ملامسة الامام الخميني للواقع ونقده الصريح للأوضاع والقرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشاه أثر واضح في الدفع بالطبقة الوسطى والمهمشين والطبقات الكادحة إلى الساحة ، نتيجة إرتباط هذه الطبقات القوي بالمرجعية ، ولم يكن ما فعله الإمام الخميني سوى أنه قدم حقيقة العلاقة بين الدين وواقع المجتمع الذي يتأثر في حركته وتطوراته بالسياسة والاقتصاد إلى الجماهير وبالتالي فقد أخرجه من دائرة الحوزة إلى الدائرة الشعبية الأكبر معتمدا على سيرة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام .
   وبالتالي فرغم استخدام الشاه للاجراءات القمعية فإن حركة الثورة لم تتوقف نظرا لان الذي يمنحها الدفعة الأساسية لم يتوقف كذلك ولم يقبل الحلول الوسطية وواصل الصراع حتى في المنفى وبعد نجاحه في الرحيل من تركيا إلى النجف الاشرف وطوال 15 عاماً استمرت الجماهير مرتبطة بهذه الشخصية التي تمكنت من صياغة منهجية للثورة ومواجهة الاستبداد مستمدة من الدين والسيرة المعروفة والمتيقنة للأئمة من أهل البيت ع ، بحيث أصبح على أتباع أهل البيت ع التعامل مع عقيدة الانتظار للامام الحجة عج بإيجابية فعالة[8] .
   وبقدر ما تكون الدوافع الاقتصادية والاجتماعية ضاغطة للغاية في الدفع باتجاه الثورة الجماهيرية ، وتتمكن من خلق قياداتها العملية ، فإن الثورة الإسلامية في إيران أثبتت قدرة الدين كذلك على الدفع الجماهيري حتى مع عدم توافر الظروف المهيئة للثورة ، عندما تتوافر القيادة القادرة على قراءته بوعي وتتحرك بمنتهى الصرامة تجاه أهداف محددة ودون مساومات وتلاعب بطموحات الجماهير ، وهو ما لم يكن مقبولا لدى المثقفين الغربيين وخاصة الماركسيين منهم الذين اعتبروا الايدلوجيات الدينية صالحة للثورة الاجتماعية في العصور الوسطى ، والتي تميزت بشكل عام بسيادة الفكر الديني ، لكنها غير قادرة على قيادة ثورة تغيير تحررية ضد الرأسمالية في المرحلة الحديثة والتي تتميز بسيادة الأيدلوجيات العلمية[9]· .
وبالرغم من الاعتراف الماركسي بأن الدين قد يمثل أيدلوجية للعديد من الحركات الاجتماعية التحررية ، إلا أنه تم تصنيفها كحركات تنتمي للبرجوزاية الصغيرة والتي نتيجة لوضعها الطبقي لا يمكنها أن تنجح في صياغة أيدلوجية تحررية جذرية[10]· .
   إن استعراضنا للآراء الماركسية حول قدرة الايدولوجيا الدينية على الثورة يهدف بالاساس إلى إبراز مدى تميز المذهب النابع من أئمة أهل البيت في هذه الناحية ، كونه الوحيد الذي بناء عليه شيدت عقيدة ثورية جذرية أدت لثورة جماهيرية وشعبية حققت انتصاراً ضخماً ومدوياً في الوقت التي كانت فيه الرأسمالية تحقق أنتصارها الأكبر بالانتقال التدريجي لمرحلة العولمة الاقتصادية والثقافية .
   ورغم أن الحالة الثورية لمذهب أهل البيت قد نجحت أكثر من مرة في قيادة جموع الفلاحين للتأسيس لدول شيعية سعت للقضاء على الإقطاعين العباسي والمغولي وإقامة ديموقراطيات فلاحية ، كالقرامطة والسربداريين والمشعشعين ، وحتى جمهورية جيلان في عشرينات القرن الماضي[11] ، إلا أن معظمها لم يتمكن من الحفاظ على رؤيته الاجتماعية المستمدة من دولة النبي (ص) والإمام علي ، وتطورت في النهاية إلى دول إقطاعية[12] وإن كانت بصورة أكثر جاذبية من نظيراتها الأخرى نتيجة صغر حدود دولها وخضوعها لحصار النمط الاقطاعي .
   وبالتالي من الممكن تصور حجم الانجاز الذي قدمه الإمام الخميني في صياغته للعقيدة الفكرية التي كان لها الفضل الأول في تحريك الثورة الإسلامية ، والتأسيس للدولة بصورة تحافظ على استمرارية رؤيتها الفكرية ثابتة وغير قابلة للتحريف .
   ومن الضروري هنا الاشارة إلى أنه بالرغم من أن طبيعة المرجعية الدينية عند الشيعة والتي تتميز باستقلالها الاقتصادي عن الدولة منح الامام الخميني القدرة الكاملة على التحرك بشكل أفضل ، وحرم الشاه من سلاح أساسي تستغله النظم الديكتاتورية بشكل عام حينما ترغب في الحد من انتشار المنظومة الفكرية أو التأييد لأي ثائر عبر اللجوء للحرمان الاقتصادي لاتباعه ، إلا أن هذه الخاصية توفرت سابقاً للكثير من علماء الدين كالميرزا حسن الآشتياني ، والسيد أبوالقاسم الكاشاني[13] ومع ذلك لم يتمكنوا من تحقيق انتصارات كاملة على السلطات المعاصرة لهم (القاجارية والبهلوية) نظراً لافتقادهم إلى صياغة رؤية متكاملة لفكرة الدولة ، وبالتالي فقد افتقدوا للطموح وانتهت معظم الثورات تحت قيادتهم لمطالبات إصلاحية لم يستفد منها الشعب إلى لفترات محدودة .
   لقد كانت القوة التي اعتمدت عليها الثورة الاسلامية في إيران مختلفة تماماً ، خلفية دينية مذهبية ثورية بطبيعتها ، قيادة واعية وتمتلك طموحاً وأهدافا ورؤية محددة للدولة البديلة ، وأخيراً ظروف اقتصادية وإجتماعية سيئة وواقع سياسي ضعيف ومهتريء أدى لدعم الغضب الجماهيري ، وهو على العكس تماما من الأسس الأصلية لأي ثورة أخرى والتي تبدأ من السبب الأخير عن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتتدرج إلى الدعم الديني كمحتمل وليس كاساس .

   3 - تأثير الإمام الخميني على الحالة الثورية في العالم العربي
   لقد شهدت الفترة ما بين 1979 حيث تمكنت الثورة من الانتصار وحتى الآن ضخ دماء جديدة في الثورة بالعالم العربي ضد الهيمنة الاستعمارية والتي كانت على وشك السيطرة الكاملة على الأوضاع في الشرق الأوسط بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني من قبل السادات .
   ويعترف الكاتب العلماني عادل حموده أن الثورة الإسلامية في إيران قد منحت المعارضة الإسلامية في مصر الكثير من القوة : " وقد بدأ الصدام بين السادات وهذه الجماعات بعد نجاح الثورة الإسلامية الإيرانية ، وسقوط الشاه ، وفراره ، وانهيار عرش " الطاووس " الذي كان يجلس عليه أمام كاميرات التليفزيون التي نقلت ما حدث إلى العالم كله .
   أنعشت الثورة " الخومينية " الأمل في صدور الجيل الجديد من السلفيين الإسلاميين ، وجعلته يتصور أن تكرارها في بلد آخر مسألة في متناول اليد .
   مجدوا الثورة .. ورفعوا صورة الخوميني .. وترجموا مقالات رجالها ! "[14] .
   والواقع أن الثورة الإسلامية في إيران لم تلهم الإسلاميين فقط ، فقد ألهمت كذلك التيارات السياسية اليسارية والقومية التي أثار أعجابها جماهيرية الثورة واهتمام الإمام الخميني بالجانب الاجتماعي والفروقات الطبقية ، وهو الجانب الذي كان غائبا على الدوام في الخطاب الديني المصري[15]· ، وقد ظهر هذا الاحتفاء اليساري بالثورة الايرانية ومباديء الامام الخميني في قصائد الشاعر اليساري أحمد فؤاد نجم والتي انشدها الراحل الشيخ إمام وهي القصائد " الخالق الناطق " ، " التضليل " ، " الأقوال المأثورة " ، " أول الكلام " و" طهران "[16] ، والتي سعت لتوضيح الصورة الحقيقية للثورة في مواجهة التضليل الإعلامي الذي مارسه الإعلام الحكومي في مصر ضد الثورة .
   لقد أدى نجاح الثورة الإسلامية بجميع التيارات المصرية إلى التوقف ودراسة آلياتها مرة أخرى بعد أن رأت بوضوح ما يمكن أن تحققه الجماهير الصامتة في العالم الشرقي والذي لم يعتد مثل هذا النوع من الثورات المنفصلة عن الجيش ، خاصة أن نجاح الثورة جاء في المرحلة التي كانت التيارات السياسية القومية واليسارية قد تلقت فيها ضربات قاسية للغاية .
   والواقع أن مصر كانت الدولة المرشحة للتأثر الأكبر بالثورة الإسلامية في إيران نظرا للظروف المتشابهة بين البلدين من حيث قدرة الحكومة على إماتة صوت التيارات السياسية ، إلا أن الفارق الأساسي بين الدولتين أظهره الباحث الأمريكي باري روبن في كتابه " التطرف الاسلامي في السياسة المصرية "[17] ، فبينما كان الامام الخميني يمتلك برنامجا إجتماعيا واضحا يعتمد على تراث واضح من الانحياز للطبقات المستضعفة ، لم يكن أحد مشاهير الدعوة الاسلامية كالشيخ عبدالحميد كشك (ره) يشير من قريب أو بعيد إلى كيفية القضاء على الفساد الذي ينتقده بسخرية لاذعة سوى ضرورة تطبيق الحكم الإسلامي ، وحتى في هذه النقطة لم يوضح آليات تحقيق هذه الامنية ، وبالتالي بقيت خطبه في النهاية مشهد حاد ينتهي في المسجد على حد تعبير الكاتب· .
   لكن في كل الاحوال كان مشهد الجماهير الايرانية الغفيرة في الشوارع مثيرا لاعجاب الجميع ، وقد اختزنته الذهنية السياسية المصرية بكافة تنوعاتها ومنح الحركة الجماهيرية المصرية بضع أنفاس قليلة للمواجهة قبل أن يتمكن النظام من قمعها تماما في تسعينات القرن الماضي· .
   في المقابل كان التأثير الأبرز للإمام الخميني يبدو أكثر وضوحا في العراق والشام والخليج الفارسي ، حيث تواجدت في هذه المناطق الأرضية المؤهلة لتلقيها ونموها في ظروف قد تكون شبيهة ، ورغم أن كل من العراق ولبنان على سبيل المثال كانت توجد به حركات إسلامية فاعلة حتى قبل انتصار الثورة الاسلامية في إيران ، إلا أنها بكل تأكيد حصلت على دفعة قوية وروح جديدة في مواجهة الاوضاع القائمة بعد الثورة ، سواء من الناحية المعنوية لدى الجماهير والقيادات أو من خلال انتقال خبرات العمل والاداء والفكر السياسي إليها ، كما تأثرت بكل تأكيد برؤية الامام الخميني الفقهية والسياسية ، ففي العراق أيد الشهيد محمد باقر الصدر والذي رعى الحركة الاسلامية في العراق فكرة ولاية الفقيه ، التي نادى بها الإمام الخميني منذ سنة 1969 ، واستمر تأييده هذا حتى استشهاده سنة 1980[18] وبناء على هذه النظرية قامت الجماهير العراقية بانتفاضتي صفر سنة 1977 ، ورجب سنة 1979 ضد الديكتاتورية البعثية .
   وبرغم من نجاح النظام البعثي في الافلات من كل هذه الازمات السياسية بفعل تأييد الحكومات العربية والأمريكيين لبقاء النظام البعثي في العراق[19] ، إلا أن الحالة الثورية استمرت كذلك تحت قيادة الشهيد الصدر الثاني محمد محمد صادق الصدر والذي أيد كذلك ولاية الفقيه[20] ، كما اعتمدت إلى الانتفاضة الشعبانية سنة 1991 التي انطلقت ، في قطاعات كبيرة منها ، تحت زعامته الروحية من البصرة والناصرية على نفس هذه الرؤى المتأثرة بآراء الإمام الخميني .
   والواقع أن تدخل الحكومات العربية في قضية تحرر العراق هو الذي منع الشعب العراقي من الحصول على ثمرة كفاحه في الانتفاضة الشعبانية وأبقى على التأييد الأوروبي للنظام البعثي ، إلا أنه في المقابل فقد ساهم انتشار آراء الامام الخميني بين أوساط النشطاء العراقيين في الابقاء على الحالة الثورية بالعراق بعد أن تمكن النظام من القضاء على التيارات الوطنية الأخرى وقام بتشريد كوادرها وعلى رأسهم الحزب الشيوعي العراقي[21] .
   وبالتأكيد كان من الطبيعي أن يمتد هذا التاثر إلى باقي الدول الخليجية وخاصة البحرين التي برزت فيها الحالة التقدمية الاسلامية بشكل فاعل ، واعتمدت في معظمها على تأثير الثورة الإسلامية وما حملته من من أفكار الإمام الخميني والتي مثلت الأساس الذي قامت عليه هذه الحالة ، خاصة أنها لم تنشأ بالفعل إلا بعد نجاح الثورة الإسلامية [22]، في الوقت الذي كانت فيه الساحة قاصرة سابقا على القوى القومية (ناصرية وبعثية) واليسارية (لينينية ، ماوية) خاصة أن هذه التيارات بدأت نشاطها منذ الستينات وأثناء المواجهة مع الإحتلال الانجليزي [23].
   وقد شهد العمل السياسي لهذه الحالة الإسلامية بروز خصوصية ملحوظة في أدائها بصفة عامة من ناحية مرونتها الفكرية الكبيرة وقدرتها على تقبل الآخر والتعامل معه على أساس الأرضية المشتركة وتحجيم عناصر الخلاف ، وهو ما أدى في فترات لاحقة إلى وجود تحالف بين القوى الإسلامية التي قامت بتاثير من أفكار الإمام الخميني وبين القوى الوطنية المختلفة معها أيدلوجيا وخاصة اليسارية منها بناء على المشترك الأساسي بين الطرفين وهو المطالبة بالحريات والمواطنة والعدالة الإجتماعية[24] ، وهي خصوصية لا أظن أن الساحات السياسية المصرية والعربية قد شهدتها على الإطلاق فيما يتعلق بالتحالف بين قوى إسلامية وقوى يسارية ، ففي الوقت الذي تحالف فيه الإخوان المسلمين في مصر مع الليبرالية المصرية الممثلة في الوفد في الثمانينات (انتخابات مجلس الشعب سنة 1984) ، لم يحدث أن تحالفوا أبداً مع التيار القومي بتنوعاته أو مع أي من فصائل اليسار الماركسي[25] .
   هذا التوجه المرن تجاه التعامل مع الآخر وأطروحته الفكرية لم يكن خاص بالحركة الاسلامية في البحرين ، فقد شهد الحراك الإسلامي في الكويت والذي نشأ بشكل فاعل عقب انتصار الثورة الإسلامية في إيران متأثرا بطروحات الإمام الخميني حالة من التواصل مع التيارات القومية العربية واليسارية الماركسية[26]· ، وقد اسفر هذا التواصل عن حركة مسجد شعبان سنة 1979 والتي قامت بها مجموعة من الكويتيين الذين شعروا بخطورة استمرار تغييب مجلس الأمة ورأي الشعب ، وقد اعتبر بعض المثقفين الكويتيين أن هذا التحرك كان السبب وراء عودة الحياة البرلمانية للكويت مرة أخرى[27]· .
  والواقع أن قدرة التجمعات الإسلامية المتأثرة بفكر الإمام الخميني على إيجاد الأرضية المشتركة بينها وبين الآخر الأيدولوجي ، بالاضافة لقدرتها على التعايش مع الواقع السياسي والالتزام به هو دليل رسوخ الحالة الوطنية لهذه التجمعات بكل تأكيد .
   على أن لبنان وفلسطين كان لهما النصيب الأكبر في التأثر بالرؤية الثورية للإمام الخميني ربما لوجودهم على خط الصدام المباشر مع الإمبريالية الغربية والتي كانت تدعم الكيان الصهيوني في محاولاته للقضاء على القوى الرافضة له في كلا البلدين.
   كان لانتصار الثورة الإسلامية في إيران صدى كبير في فلسطين ، ويذكر الكاتب الصحفي فهمي هويدي أن عقب إعلان إنتصار الثورة إجتاحت المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا فرحة عارمة مستشعرين أنهم باتو على أبواب النصر ، وتوالى إطلاق الرصاص في الهواء تعبيراً عن عودة البسمة إلى الشفاه الفلسطينية[28]· .
   وبالرغم من أن العلاقات ما بين الثورة الإسلامية في إيران وبين منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تقود الحراك الفلسطيني منفردة في هذه الفترة لم تستمر بشكل جيد إلى النهاية ، إلا أن رد الفعل الذي أشار إليه فهمي هويدي يوضح إلى أي حد كانت الجماهير الفلسطينية تعتبر نجاح الثورة في إيران إنتصاراً لقضيتها وهو بالتأكيد ما أدى إلى تلقيها للمباديء الثورية التي أطلقها الإمام الخميني ، وكان رد فعلها على هذه المباديء سريع للغاية حيث قام الشهيد فتحي عبدالعزيز الشقاقي أثناء وجوده في مصر للدراسة بجامعة الزقازيق بتأليف كتاب " الخميني .. الحل الإسلامي والبديل " سنة 1979 ، وقد تحول هذا الكتاب إلى الدستور المعبر عن المنظومة السياسية والأيدلوجية لمنظمة الجهاد الإسلامي في فلسطين[29]· .
   في كتابه " الخميني .. الحل الإسلامي والبديل " والذي صدر في 122 صفحة عام 1979 يبدي الشهيد فتحي الشقاقي إعجاباً هائلاً بالإمام الخميني وقدرته على تحريك الشعب الإيراني في المقدمة " جاء شتاء 78 .. لم يكن بارداً تماماً .. فقد جاء الربيع مبكراً إلى إيران .. إنه ربيع الثورة يتسلل بروعة تاريخية لم تسجل من قبل .. ذكي الخطوات .. يتسم بوعي عصري وجمال عاشق .. إن للعمائم السوداء دور في الربع الأخير من القرن العشرين .. وللطرحات النسائية السوداء دور أيضاً ..
   ووقف العالم مشدوهاً وهو يرى السيدة الإيرانية تهبط من جبال قم وشيراز وتبريز إلى شوارع طهران .. رافعة قبضتها في وجه العسكر .... ووقف الإعلام الغربي وتلامذته حائرين متخبطين .. يغمسون أقلامهم في مداد الشيطان ليكتبوا عن آية الله الذي التف حوله ملايين الجماهير العطشى للحرية والعودة إلى الله .... ووقف الكومبيوتر الأمريكي عاجزاً عن فهم علاقة استشهاد الحسين منذ أكثر من 1300 عام بسقوط نظام كان يعتبر أكثر النظم العصرية في غرب آسيا "[30] .
   والواقع أن هذا الإنبهار الواضح بما يحدث في إيران والذي صدر قبل انتصار الثورة بني قاعدته على أساس من التقارب في الفترة الأخيرة (أي السابقة على الثورة) بين الشيعة والسنة كما أشار في ذات المقدمة ، في محاولة للتجاوز على ما كان يسعى السلفيون لنشره في هذه الفترة من تشويهات للشيعة عندما شعروا باقتراب الثورة[31] .
   يشير فتحي الشقاقي في بدايات الكتاب إلى الدافع الذي أدى به لهذا الانفعال بالثورة الإسلامية في إيران ، من خلال تأكيده على فشل الطروحات الليبرالية والاشتراكية في الحفاظ على استقلال الأمة العربية ، بل أنها أدت لوقوع مئات من الكيلو مترات تحت الإحتلال الصهيوني ، مؤكداً أن الإنقلابات العسكرية التي قامت في العالم العربي بمصر وليبيا والسودان وغيرها إنما هي مجرد محاولات لإجهاض رياح التغيير القادمة على هذه المنطقة .
   وفي خلال فصله الأول سعى الشقاقي إلى توجيه بعض الردود تجاه الطروحات الليبرالية والماركسية لعل أهمها رده على ما قاله المفكر الماركسي العراقي هادي العلوي في دعواه بأنه لا يوجد تناقض بين الإسلام والاستعمار على أساس أن الإستعمار لا يحارب الأديان لأنها لا تحاربه بدورها ، والإسلام كعقيدة لا شأن له بالاستعمار ، وبالتالي فالأيدلوجية الثورية تتعارض مع الدين وليس للدين بدوره أن يقدم اي مساهمة في كفاحنا الحالي ضد الاستعمار والأمبريالية[32]· ، وهنا تساءل الشقاقي إن كان هادي العلوي قد قرأ تاريخ أمته ؟ أم أنه كمثقف ثوري لا يجب عليه النظر إلى الوراء ؟ في إشارة واضحة لحقيقة أن علماء الدين كانوا على الدوام ضمن قيادات المواجهة مع الاستعمار .
   ويشير الشقاقي في صفحة 30 من كتابه إلى تميز الثورة الإسلامية ومباديء الإمام الخميني والمتمثل في القدرة على إيجاد صياغة ثورية للفكر الإسلامي لتحويله من ثرثرة مثقفين إلى مجال لتعبئة الجماهير والتواصل معها وربطها بالحركة للحفاظ على تاريخها وتراثها ومصالحها[33] ؛ هذا التميز يقوم – من وجهة نظر الشقاقي – على الحوار الداخلي والنقد الذاتي ، وفي هذه الجزئية يرى الشقاقي أن الحركة الإسلامية بصفة عامة لديها حساسية شديدة تجاه النقد ، وهو ما تمكن الإمام الخميني من تجاوزه بالفعل[34] .
   وفي خاتمة فصله عن الإمام الخميني يؤكد الشقاقي أن الثورة الإسلامية في إيران هي ثورة إسلامية بمعناها القرآني الرحب : " إنها ليست ثورة طائفة دون طائفة ، إن القواسم المشتركة بين جناحي المسلمين السنة والشيعة لتكاد بل هي فعلاً تشكل جسد هذه الثورة بدءا من منطلقاتها وأهدافها ووسائلها وبواعثها .. إن الخلاف المطروح بين أهل السنة والشيعة حول إمامة الأئمة الإثنى عشر وعصمة الأئمة لا يشكل – لا سلباً ولا إيجاباً – أي تأثير في طبيعة الثورة ومسارها "[35].
   إن هذه الرؤية التي يقدمها الشهيد فتحي الشقاقي للثورة الإسلامية في إيران تشير إلى أن تأثره بها لم يكن مجرد حالة إنبهارية بحجم الجماهير التي احتشدت في شوارع طهران تأييدا للإمام الخميني ، بقدر ما هو تأثر بالمنهج والأسلوب والأفكار ، ومحاولة لنقلها إلى الوسط العربي القريب من إيران – وخاصة الفلسطيني - للاستفادة من هذه التجربة ، وقد قام الشهيد فتحي الشقاقي بالفعل بمحاولة تطبيق هذه الرؤية التي استخلصها عبر تأسيسه لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين ، والتي أكد فيها على ضرورة تجاوز الحواجز المذهبية في التواصل الفكري والكفاحي بين طوائف المسلمين بهدف الوصول في النهاية للهدف المشترك وهو تحرير الأرض الفلسطينية من الوجود الصهيوني .
   وبالرغم من أن الثورة الإيرانية قد دعمت الكفاح الفلسطيني بشكل عام ، بدءاً من منظمة التحرير الفلسطينية ، وانتهاء بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة[36]· ، إلا أن حركة الجهاد كانت في الأساس المعبر عن المرحلة الفكرية في الكفاح ضد الصهيونية لما بعد الثورة الإسلامية ، والتي سعت بالأساس لمنح القضية الفلسطينية بعداً إسلامياً وإنسانياً عاماً بعد أن كانت قاصرة على الأبعاد القومية في المراحل السابقة .
   والواقع أن مما تميز به فكر الإمام الخميني الثوري ، هو قدرته على تجاوز الحالة المذهبية التي كانت طاغية في العالم الإسلامي ، والانفتاح على الآخر المسلم دون حدود ، وهو ما سمح للوسط السني بالاستفادة من هذا الفكر والتأثر به ، وإذا كان من المقبول أن يتم هذا التاثر من الجانب القومي واليساري نظراً للخلفية العلمانية لكلا الفكرين التي لا ترى إشكال بالأساس في الاستفادة من أي طروحات حتى لو كانت دينية ، فإن هذه القدرة على تجاوز الحالة المذهبية في الشرق والتي اختزنت قرون من الاضطهاد والنفي المتبادل للآخر لم تكن لتحدث لولا ما اتسم به هذا الخطاب من شمولية إنسانية وإسلامية أثبتت مصداقيتها بشكل واضح من خلال التجربة العملية .
   على الجانب اللبناني والذي ربطته ظروف الجغرافيا تواجد فصائل المقاومة الفلسطينية به بالقضية الفلسطينية وبالمقاومة ، لم تكن لبنان بعيدة عن مجال التأثر بالفكر الثوري للإمام الخميني ، حيث تواجد مجموعة من علماء الدين الذين تبنو هذا الفكر .  
   كانت الحالة الإسلامية الثورية قد بدأت من الأساس في الستينيات عبر نشاطات مجموعة من العلماء مثل السيد موسى الصدر الذي أسس حركة المحرومين كحركة إجتماعية وسياسية تكونت للدفاع عن حقوق المناطق المستضعفة في الجنوب والبقاع وأحزمة البؤس حول بيروت والتي تكونت نتيجة الهجرة من الريف إلى ضواحي العاصمة ، كما أنشأ حركة أفواج المقاومة اللبنانية (أمل) كجناح عسكري للحركة لمواجهة الاحتلال الصهيوني عام 1974[37]· .
   كما كانت هناك العديد من النشاطات للسيد محمد حسين فضل الله في منطقة النبعة في شرق بيروت ، حيث أسس جمعية أسرة التآخي ، وكانت له دروس أسبوعية في بعض مناطق بيروت وضواحيها ، كما اسس جميعة المبرات الخيرية[38] .
   ومع قيام الثورة الإسلامية في إيران وجدت الأفكار الثورية للإمام الخميني التربة الملائمة للتأثير في الأوضاع خاصة أن أوضاع المقاومة بشقيها الفلسطيني واللبناني في لبنان كانت سيئة للغاية نتيجة ظروف الحرب الأهلية والتي أرادت أمريكا والكيان الصهيوني دفن القضية الفلسطينية عن طريقها[39] .
   وفي عام 1982 وكرد فعل على الاجتياح الصهيوني للبنان قامت المجموعات الإسلامية المتأثرة بالثورة الإسلامية والإمام الخميني بمواجهة القوات الصهيونية وإعاقة تقدمها في خلدة بالمشاركة مع السوريين والقوى المقاومة الأخرى اللبنانية والفلسطينية[40] ، ورغم افتقادها للخبرة والأسلحة والمعدات إلا أنها تمكنت من تحقيق بعض العمليات التي ساهمت - مع عمليات فصائل المقاومة الأخرى - عن طريقها في إجبار القوات الصهيونية على الخروج من بيروت[41] ، لتدخل لبنان في أحداث إتفاق 17 أيار بين الحكومة اللبنانية والكيان الصهيوني[42]· ، وهو الاتفاق الذي رفضته كل قوى المقاومة وخاصة المتأثرة بالثورة الإسلامية : " كنا نلاحظ أن اتفاق 17 أيار أدخل لبنان في وضع فقد فيه استقلاله ، بحيث أصبح الجنوب أرضاً قد تحمل الهوية اللبنانية ، ولكنها في المسألة الأمنية والعسكرية والإقتصادية ، تعيش واقع الهوية الإسرائيلية"[43] .
   في هذه المرحلة رأى بعض علماء الدين الذين تأثروا بنهج الإمام الخميني تأسيس تشكيل إسلامي يكون مرتبطاً بهذا النهج ومتأثر بتجربته الجديدة مع الحفاظ على الخصوصية اللبنانية ، وتمحور هذا المشروع حول ثلاثة أهداف :
1 - الإسلام هو المنهج الكامل الشامل الصالح لحياة أفضل ، وهو القاعدة الفكرية والعقائدية والإيمانية والعملية التي يُبنى عليها هذا التشكيل .
2 - مقاومة الاحتلال الإسرائيلي كخطر على الحاضر والمستقبل ، وله أولوية المواجهة ، لما له من أثر على لبنان والمنطقة ، وهذا يستلزم إيجاد بنية جهادية تُسخَّر لها كل الإمكانات للقيام بهذا الواجب .
3 - القيادة الشرعية للولي الفقيه كخليفة للنبي (ص) والأئمة ، وهو الذي يرسم الخطوط العريضة للعمل في الأمة، وأمره ونهيه نافذان[44] .
   وقد تلا تحديد هذه الأهداف صياغة ما عرف بوثيقة التسعة والتي ضمت ثلاثة من علماء البقاع وممثلين عن ثلاثة مجموعات إسلامية ، وثلاثة من المنتمين لحركة أمل الإسلامية[45]· ، ويذكر الشيخ نعيم قاسم أن وثيقة التسعة عرضت على الإمام الخميني الذي أبدى الموافقة عليها ، وبالتالي قررت المجموعات الإسلامية حل تشكيلاتها المستقلة وإنشاء تشكيل واحد سمي لاحقاُ " حزب الله " ، وقد دعمت الجمهورية الإسلامية هذا التشكيل الجديد عبر إرسال قوات من الحرس الثوري لتدريب المقاومين في البقاع .
   كان تأسيس المقاومة الإسلامية في لبنان على المستوى العسكري والسياسي هو التمثل الأكبر لأفكار الإمام الخميني على أرض الواقع ، والذي سمح باستمرار المقاومة إنطلاقاً من الأراضي اللبنانية بعد أن كان العدو الصهيوني قد تمكن بالفعل من طرد المقاومة الفلسطينية من لبنان أثر الحرب الأهلية اللبنانية ، وبدا أن هذا المشروع قد انتصر بالفعل لولا استمرار المقاومة الإسلامية الممثلة في حزب الله وبروزها في الفترة اللاحقة بالمشاركة مع جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول) والتي توقف نشاطها في التسعينات نتيجة لبعض التعقيدات السياسية وسقوط الاتحاد السوفيتي في هذه الفترة[46]· ، وقد انضم بعض مقاتليها خاصة من الحزب الشيوعي اللبناني إلى صفوف المقاومة الإسلامية[47] ، بينما تمكنت المقاومة الإسلامية من مواصلة نشاطها والذي كلل في النهاية بإنتصار المقاومة وإنسحاب الكيان الصهيوني من جنوب لبنان في مايو 2000 ، ثم الانتصار مرة أخرى عليه في حرب تموز 2006 .

   4 - ما بعد التأثير :
   يتشكك الكثيرون من المتابعين في وجود تأثير حقيقي للثورة الإسلامية في إيران على الثورات التي قامت في العالم العربي كمصر وتونس واليمن والبحرين ، مؤكدين أن هذه الثورات هي بنت بيئتها فقط ولم تتأثر بالثورة الإيرانية والتي تبتعد زمنياً عن هذه الثورات .
   مثل هذه الشكوك تسعى للفصل غير المنطقي بين الحالات الثورية في العالم ، وهي بالتأكيد قد تصدق في مقولتها أن هذه الثورات بنت بيئتها بالأساس ، لكن في المقابل لابد توضيح أن العمل السياسي المعارض من خلال هذه الثورات نشأ بالأساس عبر مثقفين تأثروا في رؤيتهم وكتاباتهم بما حدث في الثورة الإسلامية في إيران ، وقد سبق أن أوضحنا أن هذا التاثير لم يكن قاصراً على الإسلاميين فقط ولا حتى على المؤيدين للثورة ، فالعمل الثوري يمكن تناقل خبراته حتى عبر المختلفين من الناحية الأيدلوجية .
   إن الجماهيرية الكبرى التي حظت بها هذه الثورات إنما كانت عبر إيمان هذه النخب بقدرة الجماهير على التغيير على نفس النسق الذي رأوه في الثورة الإسلامية ، كما أن الثوار في مصر على سبيل المثال استخدموا بعض الآليات التي لجأ إليها الإيرانيون كالإنطلاق من المساجد يوم الجمعة ، وقيام البعض بإرتداء الأكفان يوم 8 فبراير بميدان التحرير كدليل على الاستعداد للاستشهاد في سبيل الحرية[48] ، ومثل هذه الوسيلة ليست متواجدة في التراث المصري ولم يلجأ إليها المصريون في الانتفاضات الجماهيرية السابقة وخاصة سنة 1919 أو انتفاضة الخبز في السبعينات ، وإنما هي بالتأكيد انتقلت إلى وعيهم وثقافتهم عبر الثورة الإسلامية في إيران والتي استخدمت ومازالت تستخدم هذه الوسيلة[49] نقلاً عن التقاليد والأعراف المتبعة في المواكب الحسينية منذ فترات زمنية طويلة .
   وإذا كانت هذه الثورات لم تحمل نفس شعارات الثورة الإسلامية المعادية بوضوح لأمريكا والكيان الصهويني لظروفها الخاصة ، فإنها بالتأكيد اختزنت في وعيها هذا العداء المتجذر للإمبريالية الأمريكية والصهيونية ، والتي برزت بوضوح عبر المطالبات بإيقاف مد هذا الكيان بالغاز المصري ، ومحاصرة سفارة الكيان الصهيوني يوم 8 أبريل الماضي ، ورغم أن الشعوب العربية بصفة عامة لا تحتاج لتعلم كراهية الكيان الصهيوني من أي ثورة أخرى ، فإن مرور ثلاثين عاماً من الاستسلام الصامت كان كفيلاً على الأقل بإماتة فكرة المواجهة مع هذا الكيان ، لو مرت دون انتصارات حقيقية تشير إلى حقيقة ضعفة في المواجهة الحقيقية مع منظومة ثورية غير فاسدة ، ولم يتم هذا سوى عبر إنجازات المقاومة في لبنان وفلسطين والتي بدورها تأثرت كثيراً بالثورة الإسلامية كما تابعنا ، وربما يكون من الضروري الإشارة إلى أن التحرك الأول والذي يعد الممهد للثورة المصرية كان في 6 أبريل من العام 2008 خلال الفترة التي شهدت فيها مصر حالة من التفاعل السياسي عقب إنتصار المقاومة الإسلامية في لبنان على الكيان الصهيوني بحيث تحول السيد حسن نصر الله إلى السياسي الأكثر شعبية بين المصريين[50]· ، وهو ما أدى لاستفزاز الحكومة المصرية في عهد مبارك وقامت في رد فعلها ببعض التصرفات التي اثارت السخرية· .
   إن ما يجب على الجميع الاعتراف به أن الثورات لا تنشأ دون تأثر بنظيرتها السابقة ولو في الآليات ، وربما حتى في المطالبات التي تسعى لتحقيقها ، والثورات العربية رغم أن الظروف العالمية كانت مدعمة لنشوبها نتيجة ضعف الرأسمال بصفة عامة بعد الأزمة المالية في 2008 ، فإنها كحالة أيدلوجية كان من الممكن أن تقتصر على بعض المطالبات الإصلاحية البسيطة دون السعي لإسقاط الأنظمة ، خاصة مع الحالة المتردية التي وصلت إليها الشعوب العربية بما جعل الفساد والتغييب الذهني مسألة تقليدية لا تستحق التوقف عندها كثيراً ، إلا أن الدفعة التي تلقتها في السبعينات عبر الثورة الإسلامية في إيران ، ثم إنتصار المقاومة الإسلامية في لبنان عامي 2000 و 2006 كان له دور كبير في الحفاظ على الحالة الثورية وجماهيريتها لدى الشعوب العربية .
   في مقاله المنشور بجريدة الوطن والمعنون " خطبة مصرية في طهران " حاول الكاتب الإسلامي فهمي هويدي أن ينفي وجود تأثير ما للثورة الإسلامية في إيران على الثورة الثورات العربية بشكل عام والمصرية بشكل خاص محاولاً الإيحاء بأن المتطابقات التي سبق الإشارة إليها هي مجرد متشابهات التي تقل كثيراً عن التمايزات والاختلافات بين الثورتين[51] .
   الواقع أن الأستاذ فهمي هويدي نسي في غمرة سعيه لإثبات إستقلالية الثورة المصرية ، أن الإنتماء الطبقي الحقيقي لقيادات هذه الثورة يتمثل في البرجوازية المتوسطة والصغيرة ، وهذه الطبقة غير قادرة بالأساس على قيادة ثورة مظفرة حتى النهاية مع السلطة الحاكمة في بلد كمصر نظراً لتذبذب وضعها الطبقي من حيث إنتمائها للبرجوازية من ناحية ومعاناتها من الاستغلال الإمبريالي من ناحية أخرى ، وطوال تاريخها لم تتمكن بالأساس من استلام ثمار إنتفاضاتها حتى لو كانت بشكل عسكري كثورة 1952 ، إذ سرعان ما انقلب أنور السادات ثم مبارك على كل منجزات هذه الثورة دافعاً بالاقتصاد والسياسة المصريين إلى التبعية[52] ، وبالتالي فقد كانت بالأساس تحتاج إلى النموذج الثوري الذي يجعلها على قناعة بقدرة الجماهير على إسقاط الأنظمة نهائياً .
   كما تناسى هويدي بينما يعدد أوجه الشبه والاختلاف بين الثورتين ، أن المتشابهات والتي تمثلت في الجماهيرية ، وتغيير النظم وقلب سياساتها ، والفوضى التي شاعت بعد سقوط الحاكم وأخلت بنظام العمل في كافة أجهزة الدولة ، والتأثير الاستراتيجي للثورتين على المستوى الإقليمي ، هي في مجملها تنتمي للأسس العقائدية للثورة المصرية بصفة خاصة والعربية بصفة عامة ، في حين أن التمايزات التي أستعرضها هويدي كالقاعدة الدينية للثورة الإسلامية مقابل القاعدة الوطنية للثورة المصرية ، والقيادة والإيدلوجية الواضحتين للثورة الإيرانية مقابل الغموض القيادي والإيدولوجي للثورة المصرية ، وحضور السياسات الخارجية في شعارات الثورة الإيرانية ، مقابل هامشيتها في شعارات الثورة المصرية ، وموقف الجيش الإيراني المختلف عن موقف نظيره المصري أثناء الأحداث ، هي في الواقع من التفاصيل التي ترتبط بالواقع الذي تعيشه الثورة والذي يجبرها على تحديد أولويات وآليات تحرك مختلفة[53] .
   لقد كان المتابعين الصهاينة أكثر من فطن لحالات التأثر بالثورة الإيرانية أثناء الأحداث في مصر ، حيث أبدى رئيس الوزراء الصهيوني تخوفاته من استنبات التجربة الثورية الإيرانية في مصر خلال كلمة ألقاها أمام الكنيست الصهيوني يوم الثاني من فبراير بعد تأكده من فشل مبارك في إحتواء الأزمة[54] ، بعدها قام السفير الصهيوني السابق في مصر إيلي شاكيد بتأكيد مخاوف رئيس وزراء كيانه ، ومعبراً عن رغبته في أن تستمر مصر معتدلة كي تتمكن من مواجهة إيران الشيعية .
   الواقع أن التحذيرات الصهيونية لا تنطلق من مخاوف دعائية بقدر ما هي نتيجة وعيهم بأن التشابه الكبير بين الثورتين يحمل كذلك تشابهاً في المواقف التي سيتخذها الثوار المصريين من كيانهم .
   على أنه من الضروري القول بأن ما اعتبره الكاتب فهمي هويدي إختلافات ليس صحيحاً تماماً ، فالقاعدة الوطنية المزعومة للثورة المصرية لم تنفي إرتكان الثوار المصريين على الدين حتى مع إختلاف الأيدلوجيات ، كما أن القاعدة الدينية التي قامت عليها الثورة الإيرانية لم تنف كذلك تأييد المخالفين لها للثورة ، حتى على مستوى الخلاف المذهبي ، حيث شاركت الجماهير السنية في الثورة تحت قيادة الإمام الخميني كغيرها من الإيرانيين كما يشير فهمي هويدي ذاته في كتابه " إيران من الداخل "[55] .

   خاتمة : (ما أنجزته تعاليم الإمام الخميني في العالم العربي)
   في كتابه عن حزب الله في لبنان عقب انتصاره على الكيان الصهيوني في 2006 قال البريطاني كريس هارمن حول تجربة المقاومة الفلسطينية نقلاً عن مقال كتبه طالب فلسطيني إسمه ابراهيم علي في مجلة " إنترناشيونال سوشياليزم " في أوائل عام 1969 : " إن حرب يونيو ، التي فضحت وجود حالة مؤكدة من الفساد والإفلاس لهذه الأنظمة ، أجبرت الفلسطينيين على إعادة تقييم موقفهم تجاه تلك الدول .. وقد عبر ذلك عن نفسه من خلال الدعم الشعبي الجارف لمنظمات حرب العصابات ، التي تعمل باستقلال عن الحكومات العربية"[56].
   كانت الهزيمة العربية في هذه الحرب إيذاناً بنهاية مرحلة المواجهة التي ترعاها أنظمة سياسية لم تأت من خلال ثورة الجماهير ، ومع أن إنتصار الجيش المصري في أكتوبر 1973 كان رائعاً للغاية إلا أن السادات قام بإستغلاله لإتمام عملية الفصل بين المقاومة والحكومات العربية التي كانت في الواقع تسعى لاستغلال المقاومة في صراعاتها أكثر من تقديم الدعم لها ، بما كاد أن يؤدي إلى موتها تدريجياً بعد أن أصبحت عبئاً على هذه الحكومات[57] .
   إن الإنجاز الأساسي الذي قامت به الثورة الإسلامية في إيران وتعاليم الإمام الخميني هو قيامها بالتأسيس للتجربة الجديدة للمقاومة والتي تقوم على النضال من اسفل[58] عبر الانطلاق من خلال قناعات القواعد الجماهيرية ، وهي الميزة الأساسية للثورة الإيرانية ، والتي نقلتها كذلك كفكرة وآلية عمل لدى الحركات التي تاثرت بها ، وبالتالي فإن هذا التميز هو ما يفسر قدرة هذه الحركات الثورية على تحقيق نجاحات كبيرة سواء من الناحية الميدانية أو الجماهيرية .
   لقد كانت الثورة الإسلامية في إيران فعلاً استثنائياً في منطقة الشرق الأوسط ، لم يكن متوقعاً على الإطلاق في هذه الفترة ، ولا كانت الأوضاع في هذه الفترة من الممكن أن تؤدي إليه ، وبالتالي ترك أثره على كافة الحركات السياسية في العالم العربي بحيث لا يمكن الادعاء بأن هناك حركة سياسية لم تتأثر بشكل أو بآخر بهذا الدوي الذي أحدثته الثورة وتعاليم الإمام الخميني الذي بدا زعيماً مثيراً للدهشة وعلى غير العادة في هذه المناطق التي اعتادت طوال فترات الخمسينات والستينات على الزعماء العسكريين وإنقلاباتهم التي تسمى لاحقاً في إعلامياتهم بالثورات .
   وبقدر ما كانت غرابة الحالة الجديدة على الشرق ، كان التاثر أيضاً ضخماً رغم كل المحاولات التي بذلتها القوى الدولية لامتصاص وهجها الثوري عبر إغراقها في حرب مفروضة مع النظام العراقي ، إلا أن هذا الوهج الثوري استمر وتمكن من الحفاظ على حالة النهوض بكل المنطقة التي إرتكنت على قوة دفع هذه التجربة بكل ثقلها بعد أن انسحب اليسار في التسعينات من المواجهة المسلحة عقب تفكك الاتحاد السوفيتي ولجوء بعض الدول كالصين للسياسات البراجماتية إلى درجة الاعتراف بالكيان الصهيوني سنة 1991 بهدف الحصول على تقنيات عسكرية غربية وأمريكية عن طريقه ، بالاضافة للتكنولوجيا الغربية المتطورة والتي لا تستطيع الحصول عليها من الغرب[59] .
ومن الغريب أنه في الوقت الذي أصبحت فيه الولايات المتحدة قطباً أوحد في العالم ، بحيث تصور الكثيرين أن القضية الفلسطينية قد انتهت تماماً خاصة عقب قبول قيادة منظمة التحرير سنة 1991 التفاوض واضطرارها للفرح بالعظمة التي ألقيت لها عبر تأسيس جزر منعزلة في الضفة الغربية وغزة ، فإن هذا الوهج الثوري لأفكار الإمام الخميني الثورية كان يدفع لتحقيق أحد أهم الإنتصارات القاسية على الكيان الصهيوني تحقق بشكل مدوي في مايو 2000 لتتحقق فيما بعد سلسلة من الانتصارات الميدانية والسياسية أدت في النهاية إلى وضع متأزم بالنسبة لهذا الكيان أصبح فيه يعيد وضع علامات الاستفهام مرة أخرى حول إن كان سوف يكون قادراً على البقاء في المستقبل ، بعد أن كان هذا التساؤل قد أنتحى تماماً .
يبقى في النهاية الإشارة إلى أن انتصار الثورتين المصرية والتونسية ، واشتعال الوهج الثوري في المنطقة ككل إنما يعد تتويجاً لدعوة الإمام الخميني لكل الشعوب المستضعفة بضرورة الثورة على كل النظم الحاكمة الرجعية والتابعة للإمبريالية الأمريكية ، وهو رغم تأخره كثيراً إلا أنه أتى في اللحظات التي توفرت فيها قوانينه المادية ، وهو في الواقع مجرد بداية لانتصار أكبر سوف تكون هذه الشعوب قادرة على تحقيقه بعد زوال الحاجز الذي كان يفصل بينها وبين تلقيها بشكل سليم لرؤية الإمام الخميني الثورية عبر استفادتها من هذه الرؤية في تطوير حركتها الثورية لتحقيق الاستقلال الكامل في قرارها السياسي والاقتصادي .




[1] - أحمد أبو مطر . من ملف صدام حسين السياسي وعلاقته ببعض الأطراف الفلسطينية . موقع زيتونه www.zeitoonah.com بتاريخ (22/3/2011) ، حردان التكريتي . المذكرات . موقع عراق الأحرار www.iraqalahrar.com بتاريخ (22/3/2011) .
·  جدير بالذكر أن التأييد الظاهري للنظام البعثي في العراق لم يمنعه من القيام بحركات إغتيال للعديد من النشطاء الفلسطينيين منهم نعيم خضر في بروكسل و وائل زعتر في روما وزهير محسن في فرنسا وعصام السرطاوي في لشبونة ، وهو ما يشير إلى أن النظام العراقي لم يكن يسعى بالأساس لخدمة القضية الفلسطينية بقدر ما كان يسعى لاستغلالها لتحقيق طموحات إقليمية خاصة ، وقد اعترف حردان التكريتي أحد اقطاب البعث أن حزبه كانت لديه خطط خاصة لانتزاع قيادة العالم العربي من القاهرة ، كما كانت لديه إتصالات مسبقة بالبريطانيين والكيان الصهيوني .
[2] - إبراهيم زيدان . مساومة الكويتيين لصالح من ؟ . موقع زيتونه www.zeitoonah.com بتاريخ (22/3/2011) ،
·  في محاورة بين القاضي رائد جوحي وصدام حسين حول شنه الحرب ضد إيران أجابه بأن هذا السؤال يجيب عنه الرئيس الأمريكي بوش الأب والذي كان نائباً للرئيس الأمريكي رونالد ريجان .
[3] - عادل حمودة . الهجرة إلى العنف . طبعة دار سينا للنشر . القاهرة 1987 . ص 60 – 63 .
· تتميز إيران من الناحية المذهبية بغلبة المذهب الشيعي الاثنى عشري بين شعبها والذي تصل نسبته إلى 92 % في بعض التقديرات ، على عكس الجوار الإسلامي والعربي الذي يغلب عليه المذهب السني باستثناء دول العراق وآذربيجان والبحرين ، كما تتميز بانتشار اللغة الفارسية بين ابنائها ، مع وجود لغات أخرى كالتركية الآذرية والبختيارية ، وهذه التميزات ربما تضعف من احتمالات التواصل والدعم الديني أو القومي مع الخارج .
[4] - إبراهيم الدسوقي شتا . الثورة الإيرانية (الجذور – الأيدلوجية) . طبعة دار الوطن العربي . بيروت 1979 . ص 96 – 72 .
· شهدت حركة تأميم النفط تحالفاً بين رئيس الوزراء محمد مصدق وآية الله العظمى الكاشاني ، كما انضم إلى هذا التحالف كذلك حزب توده الشيوعي ، إلا أن الخلافات التي دبت بين هذه التيارات المختلفة وتخلي حزب توده عن دعم مصدق بسبب الخلافات الأيدلوجية بين الطرفين أدى إلى تمكن الشاه من إطلاق الجيش على المؤيدين لتأميم النفط وتمكن في النهاية من القضاء عليهم تماماً .
[5] م . س . ص 77 ، 78 .
[6] فهمي هويدي . إيران من الداخل . طبعة الأهرام . الطبعة 4 . القاهرة 1991 . ص 50 .
· قضى الإمام الخميني شهرين في السجن قبل أن يوضع في الإقامة الجبرية في أحد أحياء طهران وأفرج عنه في 5 أبريل سنة 1964 .
[7] فهمي هويدي . م . س . ص 52 .
[8] م . س . ص 39 – 45 .
[9] مايكل لوفي . الماركسية والدين . ترجمة بشير السباعي . مقال بموقع www.assuaal.net بتاريخ (4/4/2011) ، فرديريك انجلز . ثورة الفلاحين في ألمانيا . ط دار دمشق . القاهرة (بدون ذكر سنة الطبع) . ص 46 – 53 ، 158 ، 159 .
· في الخلاف بين قدرة الايدولوجيا الدينية المرتبطة بالاقطاع على الثورة ، وبين الايدولوجيا العلمية يقارن فردريك أنجلز في كتاب ثورة الفلاحين في ألمانيا بين الثورتين الألمانيتين سنة 1525 والتي اعتمدت على منظومة دينية معادية للبروتستانتية الرسمية ، وبين ثورة 1848 – 1850 التي قامت بدعم من البرجوازية : " من استفاد من ثورة 1525 ؟ الأمراء ، ومن استفاد من ثورة 1848 ؟ كبار الأمراء ملكا النمسا وبروسيا ، ووراء الأمراء في عام 1525 وقف صغار سكان المدن الذين كان الامراء قد ربطوهم بعجلتهم بواسطة الضرائب ، ووراء الملوك في عام 1850 – وراء النماس وبروسيا – يقف البرجوازي الكبير الحديث الذي كان يسرع في اخضاعهم لسيطرته عن طريق الدين القومي ، وخلف البرجوازي الكبير تقف البروليتاريا .
لقد كانت ثورة 1525 مسألة ألمانية داخلية ، وكان الانجليز والفرنسيون والبوهيميون والمجريون قد انتهوا من حروب الفلاحين لديهم عندما بدأ الألمان حربهم . ومادامت ألمانيا منقسمة فستظل أوروبا منقسمة . ولم تكن ثورة 1848 مسألة ألمانية داخلية . بل كانت مرحلة في حركة أوروبية عظيمة . وامتد أثر القوى الدافعة لها – خلال فترة قيامها – إلى آفاق أبعد من الحدود الضيقة لبلد واحد ... وهذا هو السبب في أن ثورة 1848 – 1850 لا يمكن أن تنتهي إلى ما انتهت إليه ثورة 1525 " ، وبصفة عامة فإن أنجلز – بحسب مايكل لوفي - يرى أن الدين يتعرض لتحولات في العصور التاريخية المختلفة : فهي تبدو في البداية بوصفها ديانة للعبيد ، ثم بوصفها أيديولوجية ملائمة للهيراركية الإقطاعية وأخيرا بوصفها أيديولوجية تتميز بالتكيف مع المجتمع البرجوازي .
[10] الدين والاشتراكية والثورة . الشرارة . مقال بموقع www.e-socialists.net بتاريخ (4/4/2011) ، غياث نعيسه . الموقف الماركسي من الظاهرة الدينية . مقال بموقع www.e-socialists.net بتاريخ (4/4/2011) .
· إنتقد الكاتب غياث نعيسة طريقة تعامل الماركسيين مع قضية الوعي الديني واصفا إياها بالأتوماتيكية دون أي وعي بطروحاتها ، ورغم أن غياث نعيسة لم يختلف كثيرا في رؤيته للدين عن من يسعون لحصر التحركات الدينية في إطار البرجوازية الصغيرة فإن مقاله دعا لاتخاذ مواقف أكثر إيجابية من الدين .
[11] إبراهيم الدسوقي شتا . م . س . ص 54 – 56 .
[12] بتروشوفسكي . الاسلام في إيران . ترجمة وتعليق / السباعي محمد السباعي . القاهرة 1999 . ص 249 ، 250 ، 349 – 355 ، 358 .
[13] فهمي هويدي . م . س . ص 64 ، 65 .
[14] عادل حموده . م . س . ص 161 ، 162 .
[15] م . س . ص 163 .
· عقب الكاتب العلماني عادل حمودة على نصوص نقلها من مؤلفات علي شريعتي : " ولابد من الاشارة إلى الرؤية الاجتماعية للدين التي يتمتع بها د . علي شريعتي . ولابد أن نعترف أن هذه الرؤية غائبة عن أعين هذه الجماعات . لذلك .. فأغلب الظن أنها روجت لها من باب الدعاية والإعجاب بالثورة الإيرانية .. ليس أكثر " .
[16] أحمد فؤاد نجم . الأعمال الشعرية الكاملة . طبعة دار ميريت . ط 1 القاهرة 2005 . ص 196 – 200 ، 207 – 210 ، 211 – 213 ، 217 ، 218 ، 219 ، 220 .
[17] عبدالله كمال . البحث عن الخوميني في حدائق القبة . عرض لكتاب " التطرف الإسلامي في السياسة المصرية " للباحث باري روبن . مجلة روزاليوسف . عدد 3365 . 7 ديسمبر 1992 .
· إنتهى الكاتب إلى نتيجة أساسية وهي أنه لا يمكن وجود الخوميني في مصر طالما أن دعاة التطرف هم من أمثال الشيخ كشك (ره) ، وطالما ان رجال الازهر يرون الحل في زيادة المرتبات .
· شهدت مصر في الثمانينات صدامات كبيرة في الحكومة والعمال المصريين كانت أضخمها في إضرابات قطاع النسيج في كفر الدوار والمحلة والاسكندرية عام 1984 وإضرابات عمال السكة الحديد والحديد والصلب وقد قابلها النظام بمنتهى العنف ووصل الامر باطلاق الرصاص الحي على العمال المضربين ، بينما لم تشهد التسعينات سوى إضراب عمال كفر الدوار سنة 1994 والذي تعامل النظام معه بمنتهى العنف كذلك ، ويرجع المحللون اليساريون هذا الهدوء في الحركة العمالية إلى سياسات التكييف الهيكلي التي سعت لخصخصة الشركات وخروج العمال على المعاش المبكر ، وبالتالي فقد تأثر الحراك السياسي عموما في هذه الفترة .
[18] نبيل الكرخي . خطأ المنهج وقرائن سوء النية في مؤلفات عادل رؤوف . مقال بموقع الباحث الشخصي www.nabilalkarkhy.net بتاريخ (12/4/2011) .
[19] صباح محسن كاظم . الانتفاضة الشعبانية ، من أجهضها ، أمريكا أم دول الجوار ؟ . مقال بموقع الحوار المتمدن . عدد 2031 بتاريخ (12/4/2011) .
[20] حامد محمود . ثقافة التيار الصدري بين المرجعية والعشائرية . مقال بموقع إسلام أونلاين . بتاريخ (12/4/2011) .
[21] شوكت خازندار . صدام حسين وناظم كزار والذكريات الأليمة . مقال بموقع الحوار المتمدن . عدد 1636 بتاريخ (15/4/2011) .
[22] ميرزا الخويلدي . البحرين .. تاريخ من التحولات السياسية وأزمتها الراهنة هي الأخطر . تقرير بموقع صحيفة الشرق الأوسط www.aawsat.com بتاريخ (15/4/2011) ، فهمي هويدي . م . س . ص 201 ، 202 .
[23] م . س . تقرير بموقع صحيفة الشرق الأوسط www.aawsat.com بتاريخ (15/4/2011) .
[24] م . س . تقرير بموقع صحيفة الشرق الأوسط www.aawsat.com بتاريخ (15/4/2011) .
[25] عبده زينه . تقارب بين الوفد والإخوان في مصر . تقرير بموقع الشرق الأوسط www.aawsat.com . عدد 9345 صدر 29 يونيو 2004 . بتاريخ (17/4/2011) .
[26] قراءة لكتاب د فلاح عبدالله المديرس (بدون ذكر الكاتب) . الحركة الشيعية في الكويت . مقال بموقع فيصل نور www.fnoor.com بتاريخ (17/4/2011) .
· أشار كاتب المقال حول كتاب د . فلاح المديرس إلى أن أحد كبار رموز اليسار في الكويت وهو أحمد الخطيب كان من الخطباء الدائمين في مسجد شعبان وهو أحد أهم مساجد الشيعة وقد نشأت بالمسجد حركة إسلامية تبنت مباديء الإمام الخميني .
[27] سامي ناصر خليفة . الخطيب .. ومسجد شعبان . مقال بموقع الرأي ميديا www.alraimedia.com بتاريخ (17/4/2011) .
· ذكر الكاتب أن الحكومة الكويتية قامت بقمع التحرك مستخدمة العنف ، كما قامت بسحب جنسية السيد المهري وطرده وعائلته بالكامل خارج الكويت ، ولم تعد إليه الجنسية مرة أخرى إلا بعد انتهاء حرب الخليج الثانية وطرد الاحتلال الصدامي من الكويت .
[28] فهمي هويدي . م . س . ص 385 .
· ذكر الكاتب فهمي هويدي أن ياسر عرفات زعيم منظمة التحرير الفلسطينية كان الزعيم العربي الأول الذي زار طهران عقب نجاح الثورة الإسلامية ، ولاقى هناك إستقبالاً حافلاً من الإمام الخميني وقيادة الثورة ومن الشعب الإيراني ، كما نقل عبارة هاني الحسن في أصفهان حينما قال : " إن القرآن دستورنا والحسين هو المثل الأعلى للشباب الفلسطيني ، والخميني هو زعيمنا وقائدنا " م . س . ص 387 ، 390 .
[29] محمد رحيم عيوضي . معالم الثورة الإسلامية : تحليل وتقييم . موقع البينة www.albainah.net بتاريخ (22/4/2011) .
· لابد من الإشارة إلى أن موقع البينة في الأساس معادي للتشيع ، إلا أن الكاتب في هذا المقال كان يقوم بالنقل السلبي لفقرات من مصادر تحدثت عن الثورة الإسلامية في إيران وعلاقتها بالحركات السياسية الناشئة بعدها بتأثير من الثورة الإسلامية .
[30] الشهيد فتحي عبدالعزيز الشقاقي . الخميني .. الحل الإسلامي والبديل . طبعة دار المختار الإسلامي . القاهرة 1979 . ص 5 ،6 .
[31] م . س . ص 5 ، فهمي هويدي . م . س . ص 324 ، 325 .
[32] م . س . ص 27 .
· ما قاله الباحث هادي العلوي يعد غريباً للغاية خاصة أن المواجهات مع الاستعمار في بدايات هذا القرن كانت تحت رعاية علماء الدين الشيعة بالأساس في العراق وإيران ، بالإضافة لغيرها من الدول العربية ، ومقولته التي نقلها الشهيد الشقاقي في حال صحتها تواجه إشكالا كبيراً في حال تم وضعها تحت قواعد المادية التاريخية ، فإذا اعتبرنا أن المؤسسات الدينية هي المعبرة عن الدين فإن هذه المؤسسات بالتأكيد تعبر في جوهرها عن مصالح طبقية بالتأكيد ستكون مصطدمة بالمحتل الدخيل ، ولكن إذا اعتبرنا الدين عقيدة بعيداً عن المؤسسات ، فأعتقد أن هناك ما يكفي من النصوص الدينية التي تحرض المسلمين لمواجهة أي اعتداء عليهم ، وبالتالي لا أدري كيف تحدث هادي العلوي بهذا الشكل .
[33] م . س . ص 30 .
[34] م . س . ص 30 ، 31 .
[35] م . س . ص 48 ، 49 .
[36] واشنطن تدرج كتائب حزب الله في العراق ومستشارا بـ « فيلق القدس » الإيراني في قائمة الإرهاب . تقرير أخباري بموقع صحيفة الشرق الأوسط www.aawsat.com . عدد 11179 صادر في 4 يوليو 2009 . بتاريخ (26/4/2011) ، تعزيز العلاقات بين ایران والدول العربية والاسلامية هو شان يهم الامة ويخدم قضاياها . تقرير إخباري بموقع رحماء www.rohama.org بتاريخ (26/4/2011) .
· جدير بالذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية أعتبرت الجهاد الإسلامي وحماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من المنظمات الإرهابية نظراً لعلاقتها بإيران ، وقد صرح القيادي قال في حركة الجبهة الشعبية لؤي القريوتي : " ان الدور الايراني مرحب به في عالمنا العربي ، لان اهدافه واضحة ونبيلة وهي رفع الظلم والاضطهاد عن شعوب المنطقة ، ورفع الهيمنة الاميركية والسيطرة على ثروات شعوب المنطقة ".
[37] نعيم قاسم . حزب الله (المنهج .. التجربة .. المستقبل) . الفصل الأول الرؤية والأهداف ، فقرة : ظروف التأسيس . موقع الشيخ نعيم قاسم www.naimkassem.net بتاريخ (26/4/2011) .
· لم يتمكن السيد موسى الصدر إكمال مشروعه الثوري حيث قام النظام الليبي بخطفه في سنة 1978 على أثر زيارة قام بها إلى ليبيا ، ومازال مصيره مجهولاً حتى الآن .
[38] م . س . الفصل الأول الرؤية والأهداف ، فقرة : ظروف التأسيس . موقع الشيخ نعيم قاسم www.naimkassem.net بتاريخ (26/4/2011) .
[39] علي حسن سرور . العلامة فضل الله والتحدي الممنوع . طبعة دار الملاك . بيروت 1992 . ص 72  .
[40] الشيخ نعيم قاسم . م . س . الفصل الأول الرؤية والأهداف ، فقرة : ظروف التأسيس . موقع الشيخ نعيم قاسم www.naimkassem.net بتاريخ (1/5/2011) .
[41] علي حسن سرور . م . س . ص 77 .
[42] ذكرى إتفاق 17 أيار 1983 . تقرير إخباري بموقع إنباء www.inbaa.com بتاريخ (29/4/2011) .
· نص الاتفاق على انهاء حالة الحرب بين لبنان و " إسرائيل "، وعلى التعهد بانسحاب القوات " الإسرائيلية " من لبنان خلال 8-12 أسبوعاً من سريان الاتفاق، وإنشاء منطقة أمنية تنفّذ فيها ترتيبات أمنية متفق عليها، وتأليف لجنة اتصال مشتركة لبنانية ـ "إسرائيلية" ـ أميركية للإشراف على تنفيذ الاتفاق، وتنبثق منها لجنة الترتيبات الأمنية، ولجان فرعية، وإنشاء مكاتب اتصال في البلدين، والتفاوض لعقد اتفاقات تجارية، وامتناع كل فريق عن أي شكل من أشكال الدعاوى المعادية للفريق الآخر، والغاء المعاهدات والقوانين والأنظمة التي تعتبر متعارضة مع هذا الاتفاق .
[43] علي حسن سرور . م . س . ص 82 .
[44] الشيخ نعيم قاسم . م . س . الفصل الأول الرؤية والأهداف ، فقرة : ظروف التأسيس . موقع الشيخ نعيم قاسم www.naimkassem.net بتاريخ (1/5/2011) .
[45] م . س . الفصل الأول الرؤية والأهداف ، فقرة : ظروف التأسيس . موقع الشيخ نعيم قاسم www.naimkassem.net بتاريخ (1/5/2011) .
· انشقت "حركة أمل" الإسلامية برئاسة نائب الرئيس السيد حسين الموسوي، عن حركة أمل التي يرأسها الأستاذ نبيه بري، بعد اختلاف على الموقف السياسي من تطورات ما بعد الاجتياح . جاء ذلك اثر تشكيل هيئة الانقاذ التي ضمت إلى الأستاذ نبيه بري عن حركة أمل، قائد القوات اللبنانية بشير الجميل، ورئيس الحركة الوطنية وليد جنبلاط، ورئيس الحكومة شفيق الوزان، والتي عقدت أول اجتماع لها برئاسة رئيس الجمهورية الياس سركيس في 20 حزيران 1982 بعد 14 يوماً على الاجتياح الإسرائيلي للبنان.وذلك اعتراضا من المنشقين على مشاركة حركة أمل بشخص رئيسها في هيئة الإنقاذ .  
[46] اليسار اللبناني . موسوعة ويكيبيديا . موقع ويكيبيديا http://ar.wikipedia.org (1/5/2011) .
· تحمل جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية الحكومة السورية في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد مسئولية القضاء على مشروعها لمقاومة الكيان الصهيوني في الجنوب وتوقفه نهائياً عام 1990 لصالح المقاومة الإسلامية نتيجة خلافات لبعض قياداتها مع القيادة السورية ، دون الإشارة إلى حقيقة أن القيادة السورية لم تكن لتتخذ هذه الخطوة إلا نتيجة مباشرة لتخلي الاتحاد السوفيتي عن دعم هذا المشروع ، كما أنها اصطدمت كذلك بحزب الله في البداية ، وقد نقل الباحث اليساري الإنجليزي كريس هارمن عن الشيخ نعيم قاسم أن القوات السورية قتلت 27 عنصراً من حزب الله سنة 1987 عندما دخلت لبنان لايقاف الحرب الأهلية . (كريس هارمن . حزب الله وحرب إسرائيل الخاسرة . موقع مركز الدراسات الإشتراكية بالقاهرة www.e-socialists.org (1/5/2011) . ص 8 ) .
[47] كريس هارمن . م. س . موقع مركز الدراسات الإشتراكية بالقاهرة www.e-socialists.org (1/5/2011) . ص 7.
[48] محتجون يرتدون أكفانهم .. ومشاهير ينضمون للمظاهرات . تقرير إخباري بموقع جريدة الوطن www.al-watan.com . عدد العدد 5637   08/02/2011 . بتاريخ (1/5/2011) .
[49] فهمي هويدي . م . س . ص 267 .
[50] عمرو الباز . حسن نصرالله هو الأكثر شعبية بين المصريين . موقع أهل القرآن www.ahl-alquran.com نشر بتاريخ 16 أكتوبر 2006 . بتاريخ (1/5/2011) .
· كانت هذه هي نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية في الفترة من 3 أغسطس حتى 20 أغسطس 2006 ، وشملت العينة المجرى الاستطلاع عليها 1700 فردا يمثلون فئات مختلفة من الشعب والتي تبدأ أعمارهم من 18 سنة فأكثر .. وشملت العينة خمسة عشر محافظة، منها القاهرة والجيزة والإسكندرية وأسوان، والدقهلية والشرقية وأسيوط وسوهاج، ومطروح وسيناء ، وكانت نتيجتها حصول السيد حسن نصر الله على المركز الأول بنسبة 82 % تلاه الرئيس الإيراني أحمدي نجاد برصيد 71 % ، ثم القيادي الفلسطيني خالد مشعل 60 % ، وجاء الداعية يوسف القرضاوي في المركز العاشر برصيد 28 % .
· إعتاد المصريون إطلاق إسم الشخصيات الشهيرة وخاصة المحبوبة على الأنواع الفخمة من البلح عند إقتراب شهر رمضان ، وفي 2006 أطلق المصريون اسم السيد حسن نصرالله على أفضل هذه الأنواع والذي وصل سعره إلى 25 جنيهاً للكيلو ، فما كان من الحكومة المصرية سوى السعي لمنعه من الأسواق في رمضان التالي وهو ما اثار سخرية الكثيرين .
[51] فهمي هويدي . خطبة مصرية في طهران . موقع صحيفة الوطن http://alwatan.kuwait.tt . نشر بتاريخ 24 مايو 2011 . بتاريخ (13/6/2011) .
[52] مجدي عبدالهادي وآخرون . التاريخ – الثورة – التأويل . دار عرب للنشر . ط 1 المنصورة 2011 ص 44 ، 60 – 62 .
[53] م . س . موقع موقع صحيفة الوطن http://alwatan.kuwait.tt . نشر بتاريخ 24 مايو 2011 . بتاريخ (13/6/2011) .
[54] محمود معاذ عجور . الموقف الإسرائيلي من ثورة 25 يناير . موقع الأهرام الرقمي http://digital.ahram.org.eg . عدد أبريل 2011 . بتاريخ (13/6/2011) .
[55] فهمي هويدي . إيران من الداخل . م . س . ص 353 ، 354 .
[56] كريس هارمن . م . س . ص 8 .
[57] علي حسن سرور . م . س . ص 78 .
[58] كريس هارمن . م . س . ص 5 .
[59] عناوين في العلاقات الصينية الاسرائيلية . تقرير إخباري على موقع المركز العربي للمعلومات بالصين www.arabsino.com نشر بتاريخ 15/5/2008 . بتاريخ (1/5/2011) .

ليست هناك تعليقات: