الأحد، 5 يونيو 2016

هل تنفجر الأزمة العراقية بعد تحرير الموصل ؟


ماذا بعد النجاح المتوقع للشعب العراقي في تحرير الموصل والقضاء على داعش هناك ؟


يخطيء من يظن أن من قاموا بانشاء داعش ودعمها كي تتوغل في العراق بهذا الشكل ، مستغلة نقطة الضعف الرئيسية المتمثلة في التشظي الحزبي والطائفي ، كانت لديهم أي آمال بقدرة التنظيم على البقاء لفترات طويلة أو حتى خطط لدعم هذا البقاء ؛ لكن المهمة الرئيسية لهذا التنظيم هي ما تحقق بالفعل ولم تعد هناك حاجة لبقائه أكثر .

ما فعله تنظيم داعش بالأساس هو نجاحه في الفصل بين الموصل وكردستان من جهة وبين السلطة التنفيذية في بغداد من جهة أخرى ، وبالتالي فحتى عندما ينجح العراقيين في القضاء على داعش بالموصل ، فإن هذا النجاح سيكون إيذاناً ببدء الأزمة وليس بحلها .

ونقلاً عن مركز الدراسات الأمريكية والعربية ، فقد كشف معهد كارنيجي المخطط القادم عقب التحرير المتوقع للموصل : " معظم زعماء العرب السنة يتبنون فكرة نقل السلطة بعيدا عن بغداد .. وان وجود نظام سياسي لامركزي هو الافضل لقضيتهم؛ وعقدوا مع الاكراد (زواجا ودياً) قائما على مصالحهم المشتركة ازاء تهديد بغداد؛ واحد افضل الحلفاء السنة لحكومة كردستان هو مثال الالوسي" الذي يقيم في كردستان منذ 2011 " .

إذن فإن حكومة كردستان العراق والتي استغلت تواجد تنظيم داعش بشكل جيد لتعزيز انفصالها الواقعي عن الحكومة المركزية في بغداد ، تسعى لإيجاد حائل جغرافي " سني " بينها وبين الحكومة المركزية في بغداد التي يسيطر عليها الشيعة بحسب التقسيمة الطائفية السياسية ، تمهيداً لإعلان استقلال دولة كردستان والذي تحدث عنه البارزاني أكثر من مرة بكل صراحة .

إن هذا الحائل الجغرافي والطائفي لن يتوقف دوره عند حماية الدولة الكردية الوليدة ، بل سيتجاوز في مرحلة لاحقة لاعتباره القاعدة التي ستنطلق منها الطموحات السنية في الاستقلال مناطقهم عن السيطرة المركزية الشيعية ، فمنذ سقوط صدام حسين كان الخوف من الطموحات الاستقلالية للاكراد هو ما يربط العرب من الشيعة والسنة مما حقق حالة من التوازن في العلاقات بينهما ، ومع خروج الأكراد من المعادلة فإن سقوط التوازن بين الطرفين العربيين سيكون مؤكداً خاصة مع ما كشفه معهد كارنيجي من طموحات العشائر العربية في الموصل لحكم لا مركزي في المستقبل .

وربما يرسخ هذه النزعة للانفصال أن الموصل تاريخيا كانت اقرب لحلب والشام من العراق ، ويعتبرها الأتراك من الناحية الجغرافية  إمتداداً لهضبة الأناضول ، وفي المقابل فإن حلب أقرب من الناحية اللغوية والثقافية للموصل من دمشق ، وهنا ، ومع الدعم التركي الطامح لاستعادة الموصل منذ الحرب العالمية الأولى والتي أكدتها كلمة الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك سنة 1920 أمام مجلس الأمة التركي : " حدود امتنا, من الإسكندرون جنوباً, وفي الجنوب الشرقي تضم الموصل, السليمانية وكركوك وهذا ما نقوله " ، فإن الدولة السنية الجديدة قد لا تكتفي بضم المحافظات ذات الغالبية السنية العربية في العراق فقط وإنما قد تكون مجالاً لمحاولة ضم حلب السورية إليها كذلك ، ضمن حالة إعادة التقسيم للدول الشرق أوسطية على أسس طائفية وعرقية ، بما يمنح الكيان الصهيوني رئة تنفس جديدة تمنحه القدرة على البقاء لسنوات أكثر .

لكن تبقى عدة أسئلة عن : 
ما هو موقف إيران من هذا السيناريو المخيف ؟ 
وهل ستكون الدولة السنية في الموصل وحلب التي ستخضع للرعاية التركية بديهياً ، هي ثمن صمت الأتراك المؤقت عن دولة كردية وليدة ، مع التضحية بطموحات الاكراد في سوريا وتركيا ؟
وما هو موقف القوى الدولية الرافضة لمثل هذا التشظي الطائفي والعرقي كروسيا والصين ؟
والسؤال الأخير عن : ما هو موقف مصر الذي حذر رئيسها منذ فترة من الصراع السني الشيعي واثاره السلبية ؟

أن الاجابة عن هذه التساؤلات سوف توضح طبيعة ردود الافعال تجاه هذا السيناريو الذي تتجمع سحبه في الأفق ، لكن المؤكد أن الواقع الحالي مهيأ تماماً لمثل هذا المشروع الإمبريالي الذي يعده الأمريكيون والغرب لدعم الكيان الصهيوني تمهيداً لبدأ تقليل تواجدهم الفعلي في المنطقة .

ليست هناك تعليقات: