الاثنين، 23 مايو 2005

الخلفيات والنتائج الاجتماعية لثورة الإمام الحسين (ع)

لوحة فارسية عن كربلاء


الخلفيات والنتائج الاجتماعية لثورة الإمام الحسين (ع)

(1)
   يمثل التساؤل حول دوافع وخلفيات اشتعال الثورات في التاريخ مثاراً لجدل لا ينتهي ، ما بين المؤرخين التقليديين والذين يعتبرون الثورة مجرد قرار فوقي من زعيم أو قائد في لحظة تاريخية معينة ، وهم بالتالي يحملونه وحده أيضاً أسباب فشل أو نجاح هذا التحرك .


   وفي المقابل فإن بعض المؤرخين وخاصة ذوي التوجهات الاجتماعية اليسارية يرون أن الثورة ليست قراراً فوقياً فردياً ، وإنما هناك دوافع وخلفيات اجتماعية تمثل حالة ضغط على الزعامة والقيادة التاريخية المكلفة والمؤهلة من طبقات وشرائح معينة بالمجتمع لقيادة هذا التحرك والذي يعبر بالتأكيد عن مطالبات ومصالح لهذه الطبقات والشرائح .
   إن اعتبار الثورة فعلاً فوقياً فردياً في جوهره لا يمكن أن يكون واقعياً خاصة مع كون الجماهير الكادحة وما تتعرض له من أضرار اقتصادية هي المنخرط الأساسي في هذا التحرك وهو ما يجعله فعلاً اجتماعياً بالأساس يجب على قيادته أن تراعي في شعاراتها ومطالبها مصالح هذه الجماهير واحتياجاتها ، بغض النظر عن الطبيعة الاجتماعية لهذه القيادة .
   والواقع أن الغالبية العظمى من المؤرخين السابقين كانوا يميلون للرأي الأول ، حيث اعتبروا أن ثورة الإمام الحسين ع كانت قراراً طائشاً اتخذه حفيد النبي (ص) بناء على خداع الكوفيين أو انسياقاً للتهور الثوري لبعض القيادات الشيعية في الكوفة . ومن الغريب أن هذا التصور امتد كذلك للباحثين التاريخيين المحدثين وحتى المستشرقين منهم ، بالرغم من التطور المذهل الذي شهده التاريخ كعلم في العصر الحديث بعد اكتشاف وصياغة المناهج البحثية المختلفة .
   لقد تعرض الإمام الحسين (ع) من أصحاب هذه الآراء إلى انتقادات لاذعة والتي وجهت له اللوم لأسباب مختلفة ، كالخروج على ولي الأمر لدى المؤلفين المسلمين التقليديين ، أو لعدم الاستعداد الجيد للثورة والتعامل الطفولي معها من قبل المستشرقين ، بالإضافة لاتهام الإمام الحسين (ع) بأنه لم يعتمد في ثورته سوى على كونه حفيد النبي (ص) دون أي مؤهل آخر يكفل له نجاح تحركه الثوري خاصة بعد رفض الغالبية العظمى من السلف الصالح الخروج على الخليفة الأموي ، بحسب الاحتجاج الذي يعتمد عليه المؤلفين المسلمين التقليديين .
   من جهة أخرى نال العراقيون ، خاصة الكوفيون منهم ، نصيبهم من الإهانات والامتهانات التاريخية باعتبارهم الذين دعوا حفيد النبي (ص) للقدوم إليه وغرروا به ثم تخلوا عنه وساهموا بقتله عندما استجاب لهم ، وبالتالي فهم مسئولين عن ما مثلته ثورة الحسين (ع) من إشكالية لا يمكن حلها في التراث الإسلامي حتى الآن .
   وفي المقابل لم يتم توجيه أي انتقادات ذات قيمة للخليفة الأموي المسئول الأساسي عن هذه الكارثة ، أو لواليه على الكوفة عبيد الله بن زياد الذي نفذ أوامر سيده بمنتهى القسوة ، وبالرغم من أن الغالبية العظمى من المسلمين مازالوا يتعاطفون مع الإمام الحسين (ع) كونه حفيد النبي (ص) ، فإن الكثيرين منهم كذلك يرون أن قيامه بالثورة كان خطأ منذ البداية .
   إن ما تسعى إليه هذه الدراسة المصغرة هو محاولة الإجابة عن التساؤلات :
   1 – هل الثورة فعل فوقي قيادي ، أم استجابة لحراك اجتماعي وظروف سياسية ضاغطة ؟
   2 – هل أخطأ الحسين (ع) في قيادته لهذه الثورة ؟
   3 – هل يمكن اعتبار ثورة الحسين (ع) ثورة فاشلة بشكل عام ؟
   إن هذه التساؤلات الثلاث ربما يمكنها أن توضح قدر من طبيعة الفعل الثوري للإمام الحسين (ع) والذي لا يهتم به الباحثين ، حتى الذين يتعاطفون حفيد النبي (ص) ، قدر اهتمامهم بالبكائيات التقليدية دون وعي بأهمية الحدث وقيمته التاريخية .
   الخلفيات الاجتماعية للثورة
   كان صعود الأسرة الأموية على رأس السلطة في العالم الإسلامي إيذاناً بعودة السيطرة للأرستقراطية القرشية ، التي سبق لها الصدام مع الدعوة الإسلامية ، مرة أخرى ، بعد الكبوة المؤقتة التي تعرضت لها عقب نجاح الثورة على الخليفة الثالث وتولي الإمام علي بن أبي طالب (ع) السلطة .
   إن هذه العودة الجديدة للأرستقراطية القديمة كانت تحمل بعض الاختلافات عن سابقتها، فبالطبع سُمح لأفرادها بالعودة لحيازة الأراضي والإقطاعيات مرة أخرى[1] ، كما جرى تحويل أراضي الصوافي والتي كانت موقوفة على بيت المال إلى إقطاعات لأفراد الأسرة الحاكمة، أو من دار في فلكها من زعامات القبائل والولاة والقواد[2] ، على أن الملاحظ هو تغير شكل حيازة الأرض الزراعية والتي كانت طوال العهود السابقة قاصرة بشكل عام على " حيازة الانتفاع "[3]، إلا أن في العهد الأموي تحول هذا الشكل إلى " حيازة الملكية "، وهو تحول جاء في إطار القوانين التي أصدرها معاوية لتقوية وضع الإقطاع[4]، وتدلنا الوسائل الجديدة في طريقة اقتناء وحيازة الأرض على صحة هذا التصور، كان الإحياء هو الوسيلة التقليدية والتي تقوم على استصلاح الأراضي وزراعتها، وظلت هذه الوسيلة مستخدمة في العصور اللاحقة، وفي العهد الأموي ظهرت وسائل أخرى ناتجة عن التحول إلى الملكية كالشراء، والتوريث[5]، كما ظهرت وسيلة ثالثة في إطار الصراع السياسي هي غصب الأراضي الخاضعة لانتفاع الموالين لزعماء المعارضة[6]، وهو ما قد يوضح أن الملكية المشار إليها كانت ناقصة ومرتبطة بالموقف من الدولة ، ولم تكن إقطاعاً بالمعنى المعروف في أوروبا ، وقد أطلق عليه المفكر المصري سمير أمين مسمى نمط الإنتاج الخراجي[7] .
   من ناحية أخرى شهدت الطبقة التجارية الكبرى نوعاً من الازدهار بسبب عودة الهدوء السياسي والاتصال مرة أخرى بين مناطق العالم الإسلامي، على أن هذا لم يعن انتهاء أطماع قادتها في الحكم، وإن كانت قد انقسمت على نفسها إلى تيارين، الأول يقوده عبد الله بن الزبير ويسعى لانتهاز أي فرصة كي يصعد إلى السلطة، وقد احتفظ هذا التيار بسماته التجارية التقليدية وأفكاره المستقاة من تجربة الخليفتين الأول والثاني، وأدى عداء الأمويين له إلى اكتسابه لبعض الشعبية فيما بعد، والثاني يقوده عبد الله بن عمر وقد تحالف مع السلطة الأموية، وعلى الرغم من أنه كان يدعو لنفس الأفكار إلا أن الكثير من كوادره تمكنت بسبب تحالفها مع الأمويين من حيازة إقطاعات ضخمة وتولي مناصب كبيرة في الدولة الأموية، والواقع أن هذا التيار لم يلبث أن أصبح من المروجين للسياسات الأموية[8] .
   أما الطبقات والفئات الصغرى كصغار الملاك وصغار التجار والحرفيين وعمال الأراضي فقد عانوا من الإجراءات الأموية التي أطاحت بمكتسباتهم في عهد علي، وخاصة طبقة صغار التجار التي تضررت من عودة السماح بحيازة الإقطاعيات الكبيرة والاحتكار والذي وجه ضربة كبرى لدورها بسبب سيطرة الإقطاعيين وكبار التجار المطلقة على أسعار السلع، وبالتالي فقد شكلت هذه الطبقات النسبة الغالبة من قيادات وكوادر المعارضة بشكل عام وإن اختصت المعارضة الشيعية بتأييد الغالبية منهم[9].
   إن أدبيات الثورة الحسينية أنها سعت للتعبير عن مصالح هذه الطبقات ، ففي خطبة الحسين قبل خروجه بمكة قبل خروجه للثورة نلمح نفس الآراء والمبادئ التي أقام عليها علي بن أبي طالب خلافته : " أسلمتم الضعفاء في أيديهم فمن بين مستعبد مقهور ومستضعف على معيشته مغلوب "[10] كما نلمح نفس هذه الآراء في الرسائل المتبادلة بين الحسين وأقطاب الشيعة بالكوفة، فقد ورد في رسالة الشيعة بقيادة سليمان بن صرد إلى الحسين : " الحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد، الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها أمرها، وغصبها فيئها، وتأمر عليها بغير رضىً منها، ثم قتل خيارها واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها "[11]، إن هذا النص يشير إلى عدة آراء سياسية واجتماعية كانت من أهم أسباب الثورة، حيث ينتقد الديكتاتورية السياسية التي مارسها معاوية بن أبي سفيان، واحتكار الثروة والنفوذ بين الطبقة الإقطاعية والأسرة الحاكمة، في مقابل الحرية السياسية والمساواة والعدل الاجتماعيين الذين كانا من مميزات خلافة علي بن أبي طالب ، وهو ما كان يطمح إليه فقراء الكوفة وخاصة العجم منهم كما أشار المغيرة بن شعبة في أحد مناقشاته مع المختار بن أبي عبيد[12] .
    وعلى المستوى الاجتماعي فقد أدت سيطرة الإقطاع إلى عودة نفوذ زعامات القبائل العربية مرة أخرى والتي قامت بالتآمر حتى على أبناء قبائلهم من الموالين لعلي بن أبي طالب أو المنتمين للخوارج مما أدى إلى نجاح السلطة الأموية في القضاء على الكثير من قيادات المعارضة الشيعية والخارجية[13]. كما استطاعت السلطة الأموية اجتذاب زعامات أخرى معارضة إلى صفوفها لعل أهمها شبث بن ربعي التميمي والذي كان من قيادات الخوارج، وزياد بن أبيه وكان من المحسوبين على الشيعة[14].
   إن هذه القرارات وما أدت إليها من نتائج لم تساهم في تقوية الإقطاع الخراجي فقط وإنما ساهمت أيضاً في ربطه بالعلاقة مع الدولة الأموية مما سمح لمعاوية بن أبي سفيان فيما بعد بمحاولة تغيير أسلوب انتقال السلطة وإرساء مبدأ التوريث سعياً لتولي ابنه يزيد الخلافة من بعده، وهو الأسلوب الذي كان مرفوضاً من قبل العرب والمسلمين عموماً خاصة مع وجود الحسين بن علي والذي يحظى بشرعية كبرى لكونه الحفيد الثاني للرسول(ص) إضافة إلى اشتمال المعاهدة على نص يمنحه حق خلافة الحسن في تطبيق نصوصها خاصة في البند الخاص بتولي السلطة، إضافة إلى وجود الكثير من التحفظات الأخلاقية التي سجلت على سلوكيات يزيد بن معاوية[15]، وقد تقبلت معظم الشخصيات الإقطاعية هذا الترشيح ليزيد إلا أن معاوية فشل في إقناع القيادات الكبرى من الصحابة أو أبنائهم وهم الممثلين الأساسيين لطبقة كبار التجار والطبقات الكادحة وخاصة الإمام الحسين بن علي بتولي يزيد رغم لجوءه إلى التهديد ومحاولة فرضه بالقوة[16].
   على أن وفاة معاوية والتي اقترنت بحالة من السخط الاجتماعي في العراق بشكل عام والكوفة بشكل خاص ، قد حملت بعض الطموحات لدى العراقيين بإمكانية استعادتهم لصدارة المشهد السياسي مرة أخرى .
   فقد تضرر الكوفيون بشكل عام من انتقال العاصمة إلى الشام ، وأدت إجراءات ربط الإقطاع بالسلطة الأموية إلى استحواذ دمشق على معظم الثروة في العالم الإسلامي كنتيجة تالية لاستحواذها على السلطة ، وبالتالي فقد كان الكوفيون ، بما فيهم الذين استفادوا من الإجراءات الأموية ، يفضلون عودة العراق لصدارة المشهد السياسي مرة أخرى رغبة منهم في عدم انتقال أي قدر من الثروة إلى دمشق[17] ، وربما كان هذا السبب هو ما دفع بعض الوجهاء الكوفيين المعروفة بولائهم للأمويين لمكاتبة الإمام الحسين (ع) عقب وفاة معاوية ، لكن هذه الرغبة لم تكن لتبلغ أبداً حد محاولة إحياء مشروعات الإمام علي (ع) مرة أخرى بشكل كامل كما كان يرغب الإمام الحسين (ع) ، وبالتالي فقد تغير موقع هؤلاء الوجهاء سريعاً بمجرد أن أبدت دمشق رغبة جدية في القضاء على الثورة .
   ومن الضروري الإشارة إلى أن الحماقة السياسية للخليفة الأموي أدت إلى الدفع لمصلحة قرار الثورة خاصة بعد ما طلب من أمير المدينة ضرورة الحصول على البيعة من الإمام الحسين بكل الطرق حتى لو كانت بالإرهاب[18] ، وربما كان هذا الشطط من الخليفة الأموي نتيجة وعيه ومستشاريه بأن الإمام الحسين (ع) لن يقدم هذا التنازل على الإطلاق تجاه يزيد بما يعني القبول بممارسات الأسرة الأموية الاستبدادية ومنحها شرعية دينية تكفل لها البقاء لفترات طويلة ؛ وتحطم بشكل كامل حركة المقاومة المتصاعدة في مواجهتها ، خاصة وأن الإمام الحسن (ع) بالرغم من صلحه الاضطراري مع معاوية فقد كان حريصاً على تأكيد عدم قبوله بأي شرعية لمعاوية وإجراءاته عبر اشتراط رفض اعتباره أميراً للمؤمنين وتضمينه لنصوص معاهدة الصلح[19] .
   لم يكن قرار الثورة إذن مجرد قرار فردي للإمام الحسين (ع) بقدر ما كان استجابة واعية لتحرك طبقات وشرائح اجتماعية متنوعة في المجتمع الكوفي والعراقي تعرضت مصالحها لأضرار متفاوتة في العهد الأموي ، وكانت لحظة انفجارها تقترب في كل الأحوال ، وبالرغم من أن المرويات تشير لإدراك الإمام الحسين (ع) حقيقة فشل تحركه الثوري[20] ، فإن الاستجابة لإرادة الجماهير الثورية يمثل اختياراً وحيداً بالنسبة لأي قيادة مهما كان وعيها بالنتائج النهائية لتحركها ، ويمكننا هنا تشبيه الثورة الحسينية في أحداثها بأحداث كومونة باريس سنة 1871 م ، فبالرغم من توقع كارل ماركس لفشل تحرك العمال الباريسيين ، إلا أنه قام بتدعيم هذا التحرك عندما أعلن العمال الكومونة ، مقدراً في هذه اللحظة أن الظرف السياسي قد فرضه عليهم هذا التحرك عندما وضعت حكومة تيير أمام الباريسيين حلين لا ثالث لهما إما قبول التحدي والنضال ، وإما الاستسلام بلا نضال ، ويعلق ماركس قائلاً : " ولو تحقق الحل الثاني لكان تفسخ معنويات الطبقة العاملة كارثة اعظم بكثير من خسارة أي عدد كان من الزعماء "[21] . ومن هذه المقولة يمكن تفهم موقف الإمام الحسين (ع) الذي اعتبر أن استشهاده وأهل بيته يمثل خسارة أقل من تثبيت التحريفات والتشويهات للدين الإسلامي التي صاغها معاوية في فترة حكمه ، بما يعني القضاء على أي محاولة ثورية لاحقة لاستعادة الصيغ الحقيقية التي جسدها الإمام علي (ع) .

أحمد صبري السيد علي
المنصورة 20 مايو 2017




[1] محمود إسماعيل . سوسيولوجيا الفكر الإسلامي . القاهرة 1988 . ج 1 ص 62، محمد بن عبدوس الجهشياري – كتاب الوزراء والكتاب . تحقيق / مصطفى السقا وآخرون . القاهرة 2004 . صـ 26.
[2] م . س . ص 62 .
[3] م . س ص 63 ، البلاذري . فتوح البلدان . نسخة كومبيوترية . ج 1 ص 12 . يبدو من المرويات بالفعل أن الانتفاع كان خاصاً بالأراضي الخصبة أما الأراضي المستصلحة فليست هناك رؤية واضحة حول وضعها، ومن المحتمل أن تكون قد خضعت بالفعل للملكية وخاصة في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان، وربما تدلنا رواية البلاذري على صحة هذه الرؤية : " لما ولي معاوية الشام والجزيرة لعثمان بن عفان رضي الله عنه أمره أن ينزل العرب بمواضع نائية عن المدن والقرى ويأذن لهم في اعتمال الأرضين التي لا حق فيها لأحد "، كما أشار إلى أن قطائع عمر وعثمان بالشام استمرت إلى مرحلة قيام الدولة العباسية ، ومن الضروري الإشارة إلى أن حيازة الانتفاع يقصد بها الحيازة بقصد الزراعة والاستصلاح وليس البيع أو التوريث وهو ما تشير إليه بعض المرويات عن النبي (ص) كما توضح بعض المرويات إلى أن كل ما قد يكتشف من مواد في هذه الأرض كالملح مثلا كانت الأرض ترد للملكية العامة على أن هذه القطائع بيع بعضها بعد وفاة النبي (ص) وليس في حياته وخاصة في فترة خلافة عمر بن الخطاب . (البلاذري . ج1 ص 10 ، 12 ، محمد علي نصر الله . نظام ملكية الأراضي في الإسلام .. نموذج أراضي السواد . طبعة دار الحداثة . الطبعة الأولى . بيروت 1982 . ص 98، 99 .) .
[4] إن التحول لإقطاع الملكية اعتبر قاعدة في عهد معاوية بن أبي سفيان، إلا أن مقدماته بدأت في عهود سابقة وخاصة في عهد الخليفتين الثاني والثالث حيث تذكر المرويات أنه كانت بعسقلان قطائع أقطعت من عهد عمر وعثمان ، مما يعني أنها خضعت للتوريث، كما ذكر البلاذري أن معاوية اشترى أراض من بعض اليهود بوادي القرى وقد انتقلت إلى ابنه يزيد عن طريق الميراث ، ومن الواضح أن هذا الشراء تم في عهد أحد الخلفاء الثلاثة الأوائل ومن غير المتوقع أن يكون لليهود وجود حقيقي في تلك المنطقة من الجزيرة العربية في خلافة معاوية بن أبي سفيان، كما أنه لم تكن له سيطرة على الجزيرة العربية طوال خلافة علي بن أبي طالب . (البلاذري . ج1 ص 4 ، 10) .
[5] محمود إسماعيل . م . س . ج 1 ص 62. كان التوريث مرفوضاً في عهد علي بن أبي طالب وهناك نصوص صريحة عنه تزم هذا النوع من تناقل الملكية وهي تتناسب مع رفضه المعروف للإقطاع، ولا يعد ذلك تعارضاً مع ما كان مباحاً في عهد النبي، فالواقع أن ممارسات النبي أيضاً تشير إلى رفضه للإقطاع لكن الأوضاع الاقتصادية التي عاصرها كانت مختلفة، كما أن إقطاع الأراضي – الصغيرة من ناحية الحجم - مثل استثناء لبعض المهاجرين الذين ضحوا بممتلكاتهم في سبيل الدعوة (حبيب الله بايدار . التفسير الثوري للجانب الاقتصادي في الإسلام . ترجمة / إبراهيم الدسوقي شتا . (من كتاب " تفسيرات عن الملكية والعمل ورأس المال من وجهة نظر الإسلام ") . ص 204 . (جزء أورده د . إبراهيم الدسوقي شتا . الثورة الإيرانية الجذور والأيدلوجية . بيروت 1979).
[6] محمود إسماعيل . م . س . ج 1 ص 62 ، الجهشياري . م . س . ص 26 .
[7] عيداروس القصير . الاشتراكية في السياسة والتاريخ – خرافة الطريق الثالث . الطبعة الأولى . القاهرة 2002 . ص 43 . صاغ المفكر المصري سمير أمين مفهوم نمط الإنتاج الخراجي كبديل عن نمط الإنتاج الآسيوي الذي ظهر في كتابات ماركس سابقاً واعتبر أن نمط الإنتاج الإقطاعي والتشكيلة الإقطاعية التي سادت أوروبا في القرون الوسطى ، هي صورة ضعيفة ومفككة أو طرفية من نمط الإنتاج الخراجي والتشكيلة الخراجية اللذين يمثلان منظومة تاريخية مرت بها جميع المجتمعات التي تخطت مرحلة الشيوعية البدائية وطور الإنتاج المشاعي الذي عبر عن بدء تحللها .
[8] المسعودي . مروج الذهب ومعادن الجوهر . تحقيق / محمد محي الدين عبد الحميد . القاهرة 1967 . ج 2 ص 46 ، ابن كثير . البداية والنهاية . نسخة كومبيوترية . ج 8 أحداث سنة 60 هـ (صفة مخرج الحسين إلى العراق)، أحداث سنة 63 ه ، أبو مخنف لوط بن يحيى . مقتل الحسين . نسخة كومبيوترية . ص 4 ، 10 ، 94 ، ابن الأثير . الكامل في التاريخ . نسخة كومبيوترية . ج 2 ص 50 . تشير المصادر السابقة إلى مواقف شخصيتين من قيادات هذا التيار ، وهما عبد الله بن عمر بن الخطاب، وعمر بن سعد بن أبي وقاص، فرغم رفض الأول مبايعة يزيد بن معاوية في البداية إلا أنه قبلها عقب وفاة معاوية بل أنه حاول إقناع الحسين بعدم القيام بالثورة، كما رفض الاشتراك مع أهل المدينة في الثورة على يزيد، أما الثاني فرغم عدم رغبته الواضحة في قتل الحسين فإنه قبل القيام بهذه المهمة عندما هدد بالعزل من ولاية الري، مما يشير بوضوح إلى حجم النفوذ والثروات التي امتلكها أقطاب هذا التيار من خلال تعاونهم مع السلطة الأموية.
[9] يوليوس فلهوزن . الخوارج والشيعة . ترجمة / عبد الرحمن بدوي . القاهرة 1985 . ص 100 ، رسول جعفريان . الشيعة في إيران .  نسخة كومبيوترية . ص 4 . ينقل يوليوس فلهوزن عن الطبري هذه المقولة التي وجهها زياد بن أبيه إلى أشراف الكوفة : " أنتم معي ، بينما إخوانكم وأبنائكم وعشائركم مع حجر ، فإن لم تظهروا لي براءتكم بالأفعال ، فسآتيكم بأهل الشام "، وهو يعترف على مضض بهذه الشعبية التي حازها التيار الشيعي، والواقع أن عداؤه للشيعة يبدو واضحاً من كم التلفيقات العقائدية الساذجة التي أوردها في كتابه .
[10] هادي العلوي . شخصيات غير قلقه في الإسلام . بيروت 1997 . صـ 76 .
[11] لوط بن يحيى . م . س . صـ 15، 16 .
[12] محمد باقر المجلسي . بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار . تحقيق / محمد باقر البهبودي . طبعة مؤسسة الوفاء . بيروت 1983 . ج 45 ص 352 .
[13] يوليوس فلهاوزن . م . س . ص 44 ، 45 ، 100 .
[14] د . عامر النجار . الخوارج " عقيدة وفكراً وفلسفة " . القاهرة 1994 . ص 47 ، المسعودي . م . س . ج 2 ص 5 ، 6 . يذكر المسعودي أن بسر بن أرطأة احتجز ابني زياد لإجباره على الدخول في طاعة معاوية أثناء الصراع بينه وعلي، كما يذكر قصة تحالفه مع معاوية بن أبي سفيان وإلحاق معاوية نسب زياد بآل أبي سفيان (المسعودي . ج2 ص 5 ، 6) .
[15] ابن كثير . م . س . ج 8 أحداث سنة 64 هـ (ترجمة يزيد بن معاوية) . وصف ابن كثير يزيد بن معاوية : " وقد روي أن يزيد كان قد اشتهر بالمعازف وشرب الخمر والغناء والصيد واتخاذ الغلمان والقيان والكلاب والنطاح بين الكباش والدباب والقرود وما من يوم إلا يصبح فيه مخموراً وكان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال ويسوق به ويلبس القرد قلانس الذهب وكذلك الغلمان وكان يسابق بين الخيل وكان إذا مات القرد حزن عليه وقيل أن سبب موته أنه حمل قردة وجعل ينقزها فعضته "، " وكان فيه أيضاً إقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات وإماتتها في غالب الأوقات "، والغريب أن كل هذه المواصفات لم تمنع المؤرخ السلفي ابن كثير من الدفاع باستماتة عن يزيد بن معاوية .
[16] المسعودي . م . س . ج 2 ص 20، 21، 22 ، هاشم معروف الحسني . سيرة الأئمة الإثنى عشر . بيروت 1990 . القسم الثاني ص 49، 50، 51 (نقلاً عن أسد الغابة لابن الأثير) .
[17] يوليوس فلهاوزن . م . س . ص 98 .
[18] ابن الأثير . م . س . ج2 ص 50 . نصت الرسالة التي أرسلها يزيد لعامله على المدينة على ضرورة الحصول على بيعة الحسين وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بأي وسيلة : " أما بعد فخذ حسيناً وعبد الله بن عمر وابن الزبير بالبيعة أخذاً ليس فيه رخصة حتى يبايعوا " أما اليعقوبي فيذكر النص بطريقة أخرى " إذا أتاك كتابي هذا فأحضر الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير ، فخذهما بالبيعة لي فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث لي برؤسهما "(الشيخ محمد صنقور . قراءة في مقتل الحسين . نسخة كومبيوترية . ص 16) .
[19] توفيق أبو علم . الحسن بن علي . دار المعارف . القاهرة 1990 . ص 181، 182 .
[20] لوط بن يحيى . م . س . صـ 78 ، المفيد . الإرشاد . بيروت 1993 . صـ 75 ، ابن الأثير . م . س . صـ 51 .
[21] ناصر حسين . في ذكرى ميلاد كارل ماركس . مقال بموقع الحزب الشيوعي العراقي http://www.iraqicp.com بتاريخ 18 آذار 2017 .

ليست هناك تعليقات: