الاثنين، 19 فبراير 2018

دولة الشيعة في السوس الأقصى

دولة الشيعة في السوس الأقصى 



تطرح الخريطة الدينية للمعتقدات التي انتشرت في أوساط القبائل الأمازيغية بالشمال الأفريقي عموما والمغرب الأقصى بشكل خاص ، تساؤلاً حول الدور التاريخي للعامل الجغرافي في إنتشار هذه المعتقدات المتنوعة ذات الطبيعة المعارضة للدولة المركزية ، والتي نشأت أساساً بالمشرق الإسلامي ، ولم تحقق ذات الانتشار في البيئة الجغرافية لنشأتها، كما أن التطور المذهبي لبعض هذه الطوائف ربما يطرح تساؤلات أخرى حول دور العامل الجغرافي في العلاقة بين الثقافات المحلية والدين وتأثرها في إعادة صياغته عقائدياً مرة أخرى .



   في كتابه عن الأدارسة ، أشار أستاذنا الدكتور محمود إسماعيل إلى أهمية العامل الجغرافي في تشكيل نمط الإنتاج بكل منطقة : " تبرز أهمية الجغرافيا الطبيعية والبشرية في توجيه تاريخ العصور الوسطى حيث لم يتسنى للإنسان بعد التحكم في طبيعة المكان . هذا ما تقرره النظرية المادية من المعرفة بالنسبة لمجتمعات ما قبل الرأسمالية ... ذلك أن المعطيات الجغرافية هي التي تفرز التوجهات الاقتصادية للسكان . كما أن التوجهات الاقتصادية هي التي تحدد وتصوغ البنى الاجتماعية التي من خلال صراعاتها يتخلق التاريخ "[1] .
   ويبقى التساؤل حول إن كان العامل الجغرافي يكتفي فقط بالتأثير في التوجهات الاقتصادية للسكان ، أو أنه يتجاوز كذلك إلى التأثير في سلوكياتهم السياسية تجاه السلطة المركزية ، وتقبلهم لمعتقدات معينة دون أخرى ؟! بالإضافة لتساؤل آخر حول قدرة العامل الجغرافي على التاثير في العلاقة بين الدين والثقافات المحلية ودور الأخيرة في عملية تطور المعتقد الديني ذاته ؟! وهو ما ستسعى هذه الدراسة للإجابة عليه .
   لقد سبق لأستاذنا الدكتور محمود إسماعيل أن ناقش مثل هذه القضية في دراسته عن إمارة برغواطة " حقيقة المسألة البرغواطية .. أضواء جديدة "[2] ، ذات الطبيعة الغامضة من الناحيتين السياسية والدينية ، والتي نشرت ضمن كتابه الهام " مغربيات " الصادر سنة 1977 بفاس ، كما ناقشها في دراسته عن " الأدارسة " ، وهو نفس الطريق الذي ستسير فيه هذه الدراسة حول إمارة أخرى في المغرب الأقصى تميزت بنفس الغموض الديني والسياسي ، ولا يعرف عنها سوى أنها كانت دولة شيعية دون تحديد لطبيعة الفرقة الشيعية التي تتبعها ، أو حتى لانتشارها ودورها السياسي .

   الخصوصية الجغرافية للمغرب الأقصى
      يعرف إقليم المغرب الأقصى جغرافياً بأنه يشمل الأراضي الواقعة بين تلمسان شرقاً والمحيط الأطلنطي غرباً ، ومن سبتة وطنجة شمالاً حتى صحراء سجلماسة جنوباً[3] .
   وبالنسبة للجغرافيا الطبيعية فان المغرب الأقصى يتميز بانتشار العوازل الجبلية الوعرة كجبال الريف في الشمال وسلاسل جبال الأطلس الكبير الممتدة من أكادير على المحيط الأطلسي جنوباً متجهة للشمال الشرقي ، الأطلس المتوسط المتواجد في شمال الأطلس الكبير ويفصل بينهما وادي سهل ملوية ، ويمتد من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي ، ويفصل بينها وبين جبال الريف ممر تارة ، والأطلس الصحراوي أو الأطلس الصغير ويمتد جنوب الأطلس الكبير ويشرف بسفوحه على سهل وادي درعة وبسفوحه الغربية على سهل وادي سوس ، بالإضافة للصحراء التي تقع إلى الشرق والجنوب من جبال أطلس .
   أما السهول في المغرب فتتواجد بين جبال الأطلس بأقسامه المختلفة وهي سهول مرتفعة ذات تربة خصبة مثل سهل الحوز وتادلة وسايس والشاوية ودكالة وعبدة ، كما تحف بالساحل الأطلسي بعض السهول الفيضية الخصبة[4] .

   الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في شمال إفريقيا في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري
   شهد القرن الثالث الهجري زيادة الأهمية التي وجهها الخلفاء العباسيين للجيش في محاولة لمواجهة التحديات الخارجية والانتفاضات الداخلية التي بدت أكثر عنفاً وقوة في أواخر عهد الخليفة هارون الرشيد مما كانت عليه في بدايات الصعود العباسي للسلطة[5] والذي شهد تبني الأسرة الحاكمة للعديد من الإصلاحات التجارية والزراعية والتي ساهمت في نمو القوى التجارية وسيطرتها على واقع الخلافة العباسية وهو ما بدا واضحاً من خلال الازدهار الاقتصادي في هذه الفترة[6] ، والنشاط الثقافي الضخم الذي رعاه الخلفاء العباسيون بداية من عهد الخليفة أبو جعفر المنصور والذي سمح بتدوين العلوم في عهده[7] . 
   وكان نجاح الجيوش العباسية ذات الغالبية التركية في قمع الانتفاضات الداخلية والحفاظ على حدود الدولة العباسية المترامية من الاعتداءات الخارجية[8] أثر بالغ في إحكام سيطرتهم على الجيش والتي لم تلبث أن تحولت إلى محاولة للسيطرة على الدولة بشكل تدريجي وصل إلى درجة القيام باغتيال الخليفة المتوكل بن المعتصم العباسي[9] وهي الحادثة التي شكلت بداية تسلط العنصر التركي على الخلافة العباسية بشكل صريح .
   وربما يبدو من الغريب أن تقترن العديد من الانتفاضات والثورات الشعبية الكبرى بالمرحلة الأولى من الحكم العباسي والتي شهدت الإصلاحات الاقتصادية والسياسية سالفة الذكر ، بالإضافة لنشاط معرفي ضخم ؛ لكن لابد من الإشارة إلى أن هذه الإصلاحات المتنوعة لم تؤد إلى تطورات كبيرة في الأوضاع الاجتماعية ولم تعن أبداً تحول الخلافة العباسية إلى دولة متلائمة مع الطبيعة الليبرالية للطبقة التجارية ، فهذه الأخيرة لم تفكر أبداً خلال محاولتها السيطرة على الدولة في القضاء على الإقطاع ، بل على العكس من الواضح أنها سعت إلى محاولة الارتباط به عبر توظيف مكاسبها التجارية في اقتناء الاقطاعات[10] ، والتركيز على تداول السلع الكمالية التي لم يمكن ترويجها إلا في الأوساط الأرستقراطية كالرقيق ، الثياب ، الحلي والتوابل ...الخ[11] ، وهو ما أدى لزيادة نسبة الواردات مقارنة بالصادرات[12] ، كما أثر بالسلب على تطور القطاع الحرفي الذي انحصر تداول منتجاته في نطاق الأسواق الداخلية[13] .
   ومن ناحية أخرى ساعدت الأخطار الداخلية والخارجية التي واجهت الدولة العباسية في استمرار سيطرة الطابع الإقطاعي على الخلافة[14] نتيجة سعي الخلفاء الدائم لاستخدام الإقطاعيات الزراعية كوسيلة لمكافأة القيادات العسكرية وضمان استمرار ولائها للبيت الحاكم[15] مما أدى إلى التغير للأسوأ عبر التحول تدريجياً من الإقطاع المدني إلى الإقطاع العسكري الذي أهمل وضع الأرض الزراعية[16] وأساء معاملة الفلاحين عبر الاستعانة بالدهاقنة لإدارتها ، وهؤلاء بدورهم أسرفوا في تسخير الفلاحين والعبيد للعمل في هذه الضياع[17]؛ كما حرص الخلفاء العباسيون على إخضاع معظم النشاطات الاقتصادية لسيطرتهم في محاولة لضمان عدم استغلالها في دعم أنشطة سياسية معارضة ، واستمرارها في ضخ ما يحتاجه القصر من أموال للإنفاق على مظاهر البذخ التي تعد من سمات المجتمع العباسي في هذه المرحلة[18] .
   يضاف إلى ذلك ما عانته الدولة العباسية من فساد جهازها الإداري ممثلاً في طبقة " الكتاب " التي سعت لتحقيق العديد من المكاسب على حساب كل من الدولة والطبقة التجارية في آن ، حيث استغل بعض الكتاب موقعهم في الجهاز الإداري واحترفوا التجارة وتمكنوا من تكوين ثروات هائلة[19] ، كما سعوا كذلك للتأثير في الأوضاع السياسية[20] ، الأمر الذي يفسر سعي الخلفاء العباسيين لتقليص نفوذهم عبر إجراءات مصادرة الثروات والعزل[21] ، على أن هذه الإجراءات لم تؤد إلى نتائج ملموسة ، فقد احتفظت هذه الطبقة بنفوذها نتيجة عدم سعي الخلفاء العباسيون لمواجهتها بشكل حاسم ، بل أنها تحولت بمرور الوقت إلى طبقة مغلقة توارثت المناصب والوظائف[22] .
   لقد ساهمت هذه المعطيات لحد كبير في تقليص المكتسبات الجماهيرية من الإصلاحات العباسية في مرحلتها الأولى ، كما حدت كثيراً من التطور الطبيعي المفترض للطبقة التجارية الإسلامية الصاعدة إلى درجة تحولها – بشكل عام - في النهاية لخدمة أوضاع الأرستقراطية العباسية وليس مواجهتها .
   ولم يكن من الغريب أن يبدأ تصدع الدولة العباسية في هذه الفترة ، حيث تمكن إدريس بن عبدالله بن الحسن من تأسيس دولة الأدارسة في المغرب الأقصى سنة 172 هجرية ، وبالرغم من أن هذه الدولة لم تكن الوحيدة في منطقة المغرب الأقصى والتي شهدت عدة دويلات مستقلة ، مثل إمارة نكور في الريف ، وبرغواطة في تامسنا وبني مدرار في سجلماسة ، إلا أنها كانت الأكثر خطورة انطلاقاً من كونها تمتلك أيدولوجيا كان لها نصيبها من الانتشار كما أن قادتها كانوا من أهل البيت النبوي وما يمتلكونه من تعاطف جماهيري ضخم في الوسط الإسلامي بشكل عام ، وبالتالي فقد كانت الوحيدة القادرة على تجاوز المغرب الأقصى واقتطاع أجزاء أكبر من أراضي العباسيين في المغرب .

   أثر الجغرافيا والخلفيات الاقتصادية والاجتماعية في التوزيع المذهبي والسياسي بالغرب الأقصى
   إن هذا التنوع الحاد في تضاريس إقليم المغرب الأقصى ما بين الجبال والسهول والصحاري ، قد ساهم كذلك في تنوع التوزيع المذهبي والسياسي بين سكانه في القرن الثالث الهجري ، فبينما انتشر التشيع بوجود الأسرة الإدريسية في السهول والوديان إنطلاقاً من مدينة فاس ، وحتى وادي تنسيفت ووادي نهر السوس بالسوس الأقصى ، نظراً لطبيعة المذهب الداعمة لحقوق وتطلعات الفلاحين بشكل عام[23] ، كما شهدت تواجداً للمذهب المالكي الذي تبنته الأرستقراطية القبلية الأمازيغية والتي سيطرت بدورها على مساحات كبيرة من الأرض الزراعية واحتكرت استغلال المناجم والاشتغال بالتجارة مع بلاد السودان[24] .
   أما المناطق الساحلية فقد شهدت انتشاراً للمذهبين المالكي السني بإمارة نكور في الريف والصفري الخارجي في تامسنا نظراً لطبيعتهما التجارية[25] ، كما انتشر المذهب الصفري كذلك في واحة سجلماسة المسيطرة على طرق التجارة الصحراوية[26] .
   وبالرغم من أن الزراعة كنمط إنتاج كان لها تواجد كبير في كل من سجلماسة وتامسنا ، بل أن إمارة برغواطة في تامسنا كانت تعد زراعية من الطراز الأول ، إلا أن التبادل التجاري كان هو النشاط الأساسي لكلاهما ، ناهيك عن كون المذهب السائد في برغواطة لم يكن صفرياً تماماً وقد تم تطعيمه ببعض الخصوصيات المرتبطة بالثقافة الأمازيغية المحلية للمكان ، بالإضافة لمؤثرات من المذاهب الإسلامية التي كان أتباعها يتواجدون في مناطق جغرافية قريبة كالتشيع[27] على وجه الخصوص ، وكان هذا التطور الديني نتيجة للحصانة الجغرافية التي تمتعت بها هذه الإمارة[28] ونتيجة لعدم تلائم جغرافيتها الطبيعية وممارسة العدد الأكبر من سكانها للزراعة كنمط إنتاج مع الطروحات العقائدية والفقهية للمذهب الصفري ، ويبدو أن هذا هو ما أجبر قادتها ، بشكل تدريجي ، على بعض المرونة في التعامل مع المعتقدات المخالفة والمجاورة لإمارتهم ، خاصة مع محاولتهم إجبار سكان الإقليم على اعتناق مذهبهم وهو ما قد يفرض عليهم جعله مقبولاً للجميع[29] .
   إن هذا التخلي التدريجي عن نقاء المعتقدات الصفرية قد يكون سبب لصدام الذي تم بين البرغواطيين وبين أخوانهم الصفريين من بني مدرار[30] ، الذين احتفظوا للنهاية بالمعتقد الصفري نقياً لحد كبير نظراً لكون إمارتهم قد قامت في محيط صحراوي بما يتلائم مع الطبيعة المزدوجة ، البدوية والتجارية ، للمذهب[31] .
   ومن الملاحظ أن هذه الخريطة للمذاهب المنتشرة بين القبائل الأمازيغية بالمغرب الأقصى لم تشمل سوى المذاهب المعارضة للدولة العباسية ، وحتى المذهب المالكي السني والذي نشأ بالأساس بدعم من الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور ، فقد كان يعد في هذه الفترة معارضاً للعباسيين ، خاصة مع تبني الولاة العباسيين الأغالبة للمذهب الحنفي واضطهادهم للمالكية[32] .
   ولا يبدو أن هذا الانتشار للجماعات المعارضة (دينياً وسياسياً) بالمغرب الأقصى وخروجه مبكراً من سيطرة الدولة المركزية الإسلامية في العصرين الأموي والعباسي منفصل عن هذه الخلفية الجغرافية للمغرب الأقصى والتي أدت إلى رسوخ حالة من التمرد السياسي لدى القبائل الأمازيغية ، خاصة مع عدم وجود دور حقيقي للدولة فيما يتعلق بقضية الأرض الزراعية ، والتي اعتمدت على الري الطبيعي عبر الأمطار وخزانات المياه الناتجة عنها بسلسلة جبال الأطلس المتوسط والتي تنبع منها معظم أنهار المغرب[33] ، ومن المعروف أن قضية الأرض الزراعية هي العامل الأكبر في الاستقرار السياسي لدى الأقاليم التي تعتمد على الري الاصطناعي وبالتالي تواجد دور مهم للدولة بما يقوي من سلطتها ، وهو ما أشار إليه رفاعة الطهطاوي : " وليس في ممالك الدنيا لصاحبها النفوذ الحقيقي على الزراعة والفلاحة إلا صاحب مصر فانه لا يجد في إهمالها فلاحه ، وبقدر نفوذه على إدارة الزراعة يكون له نفوذ على الأهالي ، وأما في غير مصر من البلاد التي ريها بالمطر فليس للحكومة عليها ولا على قلوب أهلها كبير تسلط "[34] .

   أوضاع الشيعة في المغرب الأقصى بالقرن الثاني الهجري
   لا يعرف على وجه الدقة متى بدأت الدعوة للتشيع في المغرب ، لكن من المعروف أن أحد دعاة الإمام جعفر بن محمد الصادق (الإمام السادس عند الشيعة) كان أمازيغياً وهو حمزة بن عمارة البربري ، والذي شارك في انتقاضة الشيعة في الكوفة سنة 119 هجرية والتي سميت إنتفاضة الوصفاء ، وبالرغم من أن حياة حمزة بن عمارة البربري تعد غامضة ولا نعرف عن نشاطه سوى هذا القدر الضئيل مع تشوش واضح في المعروف من معتقداته[35] ، إلا أن المعروف عن حياته يشير لتنقله بين المدينة والكوفة ، وربما يكون قد أجرى اتصالات ببعض أبناء القبائل الأمازيغية الذين تواجدوا في المدينة لدراسة علوم الدين ، أو توجه هو بنفسه في زيارة أو أكثر إلى موطنه الأصلي ، على غرار ما قام به عكرمة بن عبدالله البربري مولى ابن عباس والذي تولى مسئولية نشر الدعوة لمباديء الخوارج الصفرية في المغرب[36] .
   ومن الواضح أن هذه الفترة قد شهدت بالفعل اهتماماً خاصاً من الأئمة العلويين بالمغرب ، حيث تبرز شخصيتين أمازيغيتين هامتين في حياة الأئمة ، فبالإضافة إلى حمزة بن عمارة ، فإن المرويات الشيعية تشير إلى إحدى أمهات الأولاد والتي أنجب منها الإمام السادس جعفر بن محمد الصادق ابنه الإمام السابع عند الإثنى عشرية موسى بن جعفر الكاظم سنة 128 هجرية ، الأمر الذي قد يشير إلى أن مشروع تحرير العبيد الذي بدأه الإمام علي بن أبي طالب وواصله الأئمة من بعده قد استمر وشمل كذلك الموالي من الأمازيغ[37] ، ومن المحتمل أن يكون هؤلاء قد أصبحوا سفراء للتشيع بين بني قومهم الأمازيغ في الشمال الأفريقي .
   تذكر الرواية الإسماعيلية أن الإمام جعفر الصادق قد أرسل اثنين من تلامذته وهما أبو سفيان والحلواني إلى المغرب سنة 145 هجرية كدعاة للتشيع[38] ، حيث تمكن الأول من نشر التشيع بين أهالي مرماجنة وتالا والأربس ونفطة[39] ، بينما استقر الثاني في مدينة سوجمار والتي كانت تقطنها قبيلة سماتة ، وتمكن بدوره من نشر التشيع بين أبناء هذه القبيلة وبين أبناء قبيلة كتامة وكذلك قبيلة نفزاوة[40] .
   وفي نفس هذه السنة أرسل محمد بن عبدالله النفس الذكية أخاه عيسى بن عبدالله إلى أفريقية يدعو إلى بيعته واتباعه في ثورته على الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور ، ويقول ابن أبي زرع : " فأجابه بها خلق كثير من قبائل البربر ، وبقى هناك إلى أن توفي ولم يتم الأمر "[41] . ويشير ابن أبي زرع إلى أن النفس الذكية أرسل كذلك أخاه سليمان للدعوة لبيعته في مصر ، ولما علم الأخير بقتل أخيه وفشل ثورته اضطر لمغادرة مصر والتوجه إلى المغرب بعد رحلة طويلة عبر خلالها بلاد السودان وزاب أفريقية حيث استقر بتلمسان في فترة سيطرة أخيه أدريس عليها[42] .
   وتذكر رواية المدائني والتي يتبناها الزيدية أن يحيى بن عبدالله بن الحسن والذي كتبت له النجاة من مذبحة فخ ، قد أرسل أخاه إدريس بن عبدالله إلى المغرب كي يدعو للثورة باسمه قائلاً له : " يا أخي إن لنا راية في المغرب، تقبل في آخر الزمان فيظهر الله الحق على يدي أهلها، فعسى أن تكون أنت أو رجل من ولدك "[43] .
   وتشير رواية المدائني إلى أن إدريس توجه بالفعل إلى المغرب برفقة رجلين ، أحدهما إسحاق بن راشد ، حيث تمكن بعد مواجهات متعددة من الوصول إلى طنجة وتأسيس دولته بها بمساعدة المعتزلة[44] .
   إن مجمل هذه المرويات يؤكد على حقيقتين : الأولى أن التشيع كان له بالفعل موطئ قدم بالمغرب عندما وصلها إدريس بن عبدالله وأن الأئمة العلويين كانوا مهتمين للغاية بنشر التشيع بين الأمازيغ ، والثانية أن الدولة التي أسسها إدريس قد قامت بدعم من المعتزلة الذين كانت لهم السيادة برفقة الخوارج الصفرية في المغرب الأقصى .
   ثمة قضيتين من الضروري مناقشتهما فيما يتعلق بتأسيس دولة الأدارسة ، الأولى تتعلق بأسباب مناصرة المعتزلة لإدريس بن عبدالله رغم اختلاف المذهب ، بينما تتعلق الثانية بمذهب الدولة الإدريسية .
   فيما يتعلق بالقضية الأولى فإن تعاطف المعتزلة مع الثورات العلوية لم يكن جديداً ، حيث سبق لهم أن شاركوا في ثورة زيد بن علي بن الحسين[45] وثورة إبراهيم بن عبدالله بن الحسن ضد أبو جعفر المنصور العباسي[46] ، بل أن التشابه بين الفريقين في بعض المعتقدات دفع العالم الشيعي الكبير الشيخ المفيد إلى تأليف كتابه " أوائل المقالات " لإبراز الفروقات بين الطائفتين[47] .
   والجدير بالذكر أن المرويات التاريخية تشير لعلاقة قوية بين مؤسس الاعتزال واصل بن عطاء بالتشيع ، فقد أكدت تتلمذه على يد محمد بن علي بن أبي طالب (ابن الحنفية) ، وزمالته لنجله عبدالله (أبو هاشم) ، بالإضافة لتعاطفه مع كل من محمد بن عبدالله بن الحسن وشقيقه إبراهيم في أواخر العهد الأموي[48] .
   لقد تميز موقف المعتزلة منذ نشأة الدولة العباسية بقدر من المساندة في مرحلتها الأولى وإن كانت مساندة حذرة ، فلم يقبل عمرو بن عبيد ولا أي من رجال المعتزلة بتولي منصباً في الدولة العباسية بالرغم من العلاقة الطيبة التي جمعته بأبي جعفر المنصور ، إلا أن هذه العلاقة الحذرة اتخذت شكلاً عدائياً بعد وفاة عمرو بن عبيد سنة 143 أو 144 هجرية ، والذي كان يرفض العمل الثوري ضد السلطة[49] .
   ومن الملفت أن المعتزلة بشكل عام بالرغم من امتلاكهم لتنظيم سياسي وضع أسسه واصل بن عطاء وكان لهم عدد من الدعاء في العالم الإسلامي ، إلا أنهم لم يتمكنوا من قيادة ثورة مستقلة ولجئوا لمحاولة استمالة عدد من الخلفاء العباسيين بعد انتهاء مرحلة الاضطهاد التي عانوا منها بداية من عهد المنصور وحتى عهد الأمين ، حيث تمكنوا من استمالة الخليفة العباسي المأمون الذي اعتنق مذهبهم وأمر بالترويج له ، وهو ما استمر طوال فترة حكم أخيه المعتصم ثم الواثق قبل أن يتعرض المعتزلة لاضطهاد آخر بداية من حكم المتوكل العباسي الذي تعاطف مع أهل الحديث[50] .
   وربما يرجع هذا القصور السياسي إلى كون المعتزلة ينتمون من الناحية الاجتماعية للطبقة التجارية والتي فشلت طوال التاريخ الإسلامي في صياغة مشروع مستقل وظلوا دائما مضطرين إما للبحث عن الخليفة الإقطاعي المستنير أو للالتحاق بأكثر الفرق قرباً إليهم وهم الشيعة والذين بدورهم تبنوا طموحات المستضعفين والأقليات المضطهدة ، وربما لهذا السبب تعاطف المعتزلة مع الأدارسة كما تعاطفوا مع دول شيعية أخرى كالبويهيين في إيران والعراق والعلويين في اليمن لاحقاً ، في الوقت الذي اصطدموا فيه بالإباضية والصفرية في الشمال الأفريقي[51] .
   فيما يتعلق بالمذهب الديني للأدارسة ، فقد اعتبرت المدونات التاريخية كل ثورة بقيادة علوية من غير الأئمة الإثني عشر أو الأئمة الإسماعيلية هي ثورة زيدية ، ومثل هذا الحكم في الواقع غير واقعي على الإطلاق ويكفي أن العديد من الثورات العلوية قامت بمباركة من الأئمة الإثني عشر وبمشاركة فعلية من بعض أبنائهم ورجالهم المقربين ، ففي ثورة محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن (النفس الذكية) دفع الإمام جعفر بن محمد الصادق ، الإمام السادس عند الإثني عشرية ، بابنيه موسى[52] وعبدالله للمشاركة في الثورة[53] ، كما روي تأييد الإمام موسى بن جعفر لثورة الحسين بن علي بن الحسن صاحب فخ وقوله : " إنك مقتول فأحد الضراب فإن القوم فساق يظهرون إيماناً ، ويضمرون نفاقاً وشركاً ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وعند الله احتسبكم من عصبة "[54] .
   يصر كتاب الفرق الإسلامية على أن الزيدية نشأت كفرقة مستقلة في الوسط الشيعي على أثر ثورة زيد بن علي بن الحسين (حليف القرآن) في سنة 121 هـ بالكوفة في مواجهة الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك ، وقد أُطلق عليها هذا الاسم (الزيدية) كمحاولة للتفريق بينها وبين المجموعات الشيعية الأخرى التي رفضت قيادة زيد بن علي للثورة بناء على موقفه الإيجابي من الخليفتين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب والذين يتخذ الشيعة عموماً منهما موقفاً سلبياً[55] في حين أُطلق اسم (الرافضة) على المجموعات الشيعية الأخرى والتي استمرت في رفضها لقيادة زيد والاعتراف بشرعية الخليفتين أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب معلنة أنها متبعة للإمام محمد بن علي الباقر الأخ الأكبر لزيد بن علي وابنه جعفر بن محمد الصادق[56] .
      إن هذا التصور الذي تعرضه كتب الفرق يبدو واضحاً في سعيه لتشويه الشيعة كفرقة دينية وسياسية عارضت بضراوة الحكمين الأموي والعباسي عبر طريق تصوير أفرادها وكوادرها كمجموعات من السذج غير المنضبطين المستعدين عموماً للنزاع والتخلي عن ثورة لمجرد الخلاف في رأي فرعي ، وهو يتعارض أساساً مع بعض الحقائق التاريخية ، فقد أُطلق اسم (الرافضة) على الشيعة في فترة ولاية المغيرة بن شعبة على الكوفة أثناء خلافة معاوية بن أبي سفيان وهو ما يسبق زمنياً هذه الحادثة[57] ، من ناحية أخرى فإن رد العديد من الشيعة على زيد بن علي بأنهم متبعين للإمام محمد بن علي الباقر أثناء الثورة في سنة 122 هـ وتخليهم عنه يتعارض مع حقيقة وفاة الإمام الباقر قي سنة 114 هـ أي قبل هذه الحادثة بثمان سنوات ، وكان الإمام المعاصر لثورة هو الإمام جعفر بن محمد الصادق ، والتي تذكر المرويات الشيعية أنه تعاطف مع هذه الثورة ودعمها[58] .
   وبالتالي من غير الممكن الاعتماد على مثل هذه المروية كمبرر حقيقي لنشأة الزيدية ، ويضاف إلى ذلك أن العديد من الشخصيات التي نسبتها كتب الفرق للزيدية بناء على اعتناقهم للآراء المشهورة والمعروفة عن الزيدية كسلمة بن كهيل (ت 121 هـ) والحكم بن عتيبة (ت / 113 هـ) لم يشاركوا في ثورة زيد بن علي فقد رفض سلمة بن كهيل المشاركة في الثورة[59] في حين توفى الحكم بن عتيبة قبلها بسبع أو ثمان سنوات[60] بما يعني أن هذه الآراء المنسوبة لزيد بن علي كانت متداولة قبل قيامه بالثورة أو قبل المواجهة المزعومة بينه وبين الرافضة .
   من ناحية أخرى فإن الشخصيات الأخرى التي نسبت لها بعض الفرق الزيدية ككثير النواء[61] ، وأبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني[62] وثابت بن هرمز[63] وسالم بن أبي حفصة[64]، والتي شاركت في الثورة مع زيد بن علي سنة 122 هـ كانت مشهورة بموقفها السلبي من كل الخلفاء السابقين على علي بن أبي طالب، وتصفها كتب الرجال بالغلو في الرفض .
   بل أن بعضهم كأبي الجارود الهمداني تنسب له مرويات تشير إلى الأئمة الإثني عشر : " عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه السلام ، عن جابر بن عبد اللّه الانصارى ، قال : دخلت على فاطمة عليها السلام وبين يديها لوح فيه أسماء الاوصياء فعددت اثني عشر آخرهم القائم عجّل اللّه تعالى فرجه ، ثلاثة منهم محمد وأربعة منهم علي عليهم السلام "[65] .
   وتشير المصادر التاريخية إلى أن زيد بن علي نفسه لم يدعي الإمامة وإنما دعا للرضا من آل محمد وهذا الشعار كان إشارة سرية للأئمة الإثنى عشر عموماً ، وهو ما تؤكده المدونات الإثني عشرية والتي تذكر تعاطف الإمام جعفر بن محمد الصادق البالغ مع هذه الثورة وحزنه على عمه زيد بن علي[66] .
   والواقع أن كل الثورات والانتفاضات العلوية التي قادها أفراد من غير البيت الإمامي حرصت على أن تعلن دعوتها للرضا من آل محمد كنوع من تجنب الإشارة لشخص الإمام بعد مذبحة كربلاء حفاظاً على حياته واستمرار قيادته السرية للحركات الثورية[67] .
   إن المعطيات السابقة تؤكد أن الزيدية لم تكن سوى اتجاه داخل نطاق التشيع الإثني عشري يرى ضرورة الخروج بالسيف تحت قيادة أحد أفراد البيت العلوي ، وعقب اختفاء الإمام الثاني عشر ، سعى بعض العلويين الطموحين كالهادي إلى الحق يحيى بن الحسين الرسي الحسني إلى جمع اليمنيين حوله مستخدماً مسمى الزيدية كثائر علوي في مواجهة العباسيين ، وربما كان اقتصار التواجد الزيدي على اليمن والمناطق المرتبطة بها تجارياً كالهند وغيرها يدلل على أن المذهب الزيدي الهادوي تمت صياغته في فترة زمنية متأخرة وبالتحديد في النصف الثاني من القرن الثالث بما يناسب الأوضاع اليمنية[68] .
   بل أن هناك إشارات صريحة تؤكد الانتماء الإمامي للأسرة الإدريسية لعل أهمها ما روي عن الإمام علي بن موسى الرضا في مدح إدريس بن عبدالله مؤسس الدولة : " إدريس بن عبدالله من شجعان أهل البيت والله ما ترك فينا مثله "[69] ، كما تشير المرويات الشيعية إلى الساعد الأمين لإدريس بن عبدالله وهو المحدث الشيعي الإمامي داود بن القاسم الجعفري[70] وهو الذي رافق إدريس وشهد قتله بالسم كما قدم شهادته بصحة نسب ابنه إدريس بن إدريس عندما طعن البعض في هذا النسب[71] .



[1] محمود إسماعيل . الأدارسة . طبعة مكتبة مدبولي . القاهرة 1991 . ص 37 .
[2] محمود إسماعيل . مغربيات . طبعة المكتبة المركزية . فاس 1977 . ص 15 – 56 .
[3] محمود إسماعيل . الأدارسة . م . س . ص 40 .
[4] آلاء جرار . تضاريس المغرب العربي . مقال بموقع موضوع دوت كوم http://mawdoo3.com . بتاريخ 19 فبراير 2017 .
[5] - ابن واضح اليعقوبي . تاريخ اليعقوبي . دار صادر . بيروت (بدون تاريخ الطبع) . ج 2 ص 426 – 428 .
[6] - الجهشياري (محمد بن عبدوس) . م . س . ص 117 ، 177 ، المسعودي . مروج الذهب ومعادن الجوهر . تحقيق / محمد محي الدين عبد الحميد . دار التحرير . القاهرة 1967 . ج 2 ص 248 .
[7] - جلال الدين السيوطي . تاريخ الخلفاء . طبعة دار الفكر . بيروت (بدون ذكر تاريخ الطباعة) . ص 243 .
[8] - المسعودي . مروج الذهب ومعادن الجوهر . م . س . ج 2 ص 367 – 372 . تعد انتفاضة المصريين في عهد الخليفة المأمون وثورة بابك الخرمي (باباك خورمدين) في آذربيجان والتي تعاطفت معها انتفاضات فرعية متعددة هي الخطر الأكبر الذي واجه الدولة العباسية ، وكان نجاح العسكر التركي في القضاء على الثورة الخرمية بداية لسيطرته المطلقة على الجيوش العباسية في مقابل تحجيم تواجد العناصر الأخرى .
[9] - ابن واضح اليعقوبي . م . س . ج 2 ص 466 / 492 .
[10] - د . محمود إسماعيل . سوسيولوجيا الفكر الاسلامي . مكتبة مدبولي . القاهرة 1988 . ج 1 ص 88 .
[11] - م . س . ج 1 ص 89 .
[12] - م . س . ج 1 ص 88 .
[13] أشار الدكتور محمود إسماعيل إلى استمرار ظاهرة التبادل العيني في أسواق الدولة العباسية ، وهو ما يمكن اعتباره دليلاً على عدم تطور الإنتاج الحرفي وبقاؤه في إطار خدمة الاحتياجات البسيطة للسوق المحلي نتيجة عدم سعي الطبقة التجارية لتطويره إلى مرحلة الإنتاج البضائعي عبر نقله إلى الأسواق الخارجية ، واهتمامها بتلبية احتياجات الأرستقراطية المسيطرة . (م . س . ج1 ص 88) .
[14] وصف أستاذنا الدكتور محمود إسماعيل الدولة العباسية في هذه المرحلة بكونها خلافة ثيوقراطية مبرجزة . ( م . س . ج 1 ص 100) .
[15] - المسعودي . م . س . ج 2 ص 348 ، 349 ، 466 .
[16] - اليعقوبي . م . س . ج 2 ص 502 .
[17] - محمود إسماعيل . الحركات السرية في الإسلام  . الانتشار العربي . بيروت 1997 . ص 126 .
[18] - المسعودي . م . س . ج 2 ص 283 - 286 ، 288 ، 312 ، 349 . ذكر المسعودي في مروج الذهب العديد من قصص البذخ في العصر العباسي وخاصة في فترة خلافة هارون الرشيد وولديه الأمين والمأمون ، وقد أشار إلى أن الخلفاء قبل المهتدي بالله كانوا ينفقون على موائدهم كل يوم عشرة آلاف درهم ، وهو نموذج مصغر لحجم الترف الذي عاشه الخلفاء وحاشيتهم .
[19] - د . محمود إسماعيل . سوسيولوجيا الفكر الإسلامي . م . س . ج 1 ص 90 .
[20] - المسعودي . م . س . ج 2 ص 463 ، 464 . يلاحظ على سبيل المثال دور سليمان بن وهب الكاتب في التحريض على قتل الخليفة العباسي المهتدي بالله .
[21] - ابن واضح اليعقوبي . م . س . ج 2 ص 481 ، المسعودي . م . س . ج 2 ص 464 ، د . محمود إسماعيل . سوسيولوجيا الفكر الإسلامي . م . س . ج 1 ص 90 .
[22] - م . س . ج 1 ص 90 .
[23] بطروشوفسكي . الإسلام في إيران . ترجمة / السباعي محمد السباعي . القاهرة 2005 (بدون ذكر اسم دار النشر) . ص 525 ، 526 .
[24] محمود إسماعيل . الأدارسة . م . س . ص 44 ، مغربيات . م . س . ص 69 . وصف الدكتور محمود إسماعيل المالكية في المغرب بشكل عام بأنهم : " أرستقراطية بيروقراطية تحتكر الكثير من المناصب القيادية وخاصة القضاء والإفتاء ، ثم أرستقراطية زراعية تقتني الضياع والأراضي الخصبة والغروس المثمرة ، ثم تجار يملكون الحوانيت ويحتكرون بعض السلع الرائجة في أسواق أفريقية ، وأيضاً زهاد ونساك مرابطون في الثغور ويعيشون على الأوقاف والأحباس " .
[25] بالرغم من كون المذهبين المالكي والمذهب الصفري في تطوره الأخير ذوي طبيعة تجارية ، إلا أن صفرية المغرب فيما يبدو احتفظوا بالطابع القبلي الرجعي للمذهب والذي نشأ بين القبائل العربية وخاصة قبائل بني شيبان (فرع من بكر بن وائل الربعيين) ، في الوقت الذي كان المذهب المالكي قد تطور على يد التلاميذ المغاربة للإمام مالك وتحول لمذهب قومي في المغرب . يوليوس فلهاوزن . الخوارج والشيعة . ترجمة / عبدالرحمن بدوي . طبعة مكتبة النهضة المصرية . القاهرة 1958 . ص 128 . محمود إسماعيل . الخوارج في بلاد المغرب . طبعة دار الثقافة . الدار البيضاء 1985 . ص 45 ، 46 . محمود إسماعيل . مغربيات . م . س . ص 57 ، 58 .
[26] م . س . ص 40 ، حسن تاوشيخت . (سجلماسة) .. كمحطة للتواصل الحضاري .. بين ضفتي الصحراء . موقع مشاهد 24 http://machahid24.com بتاريخ 13 فبراير 2017 .
[27] محمود إسماعيل . مغربيات . م . س . ص 26 ، 49 . نسب المؤرخون إلى دولة برغواطة الاعتقاد بالإمام المهدي ، بل نسب إليهم الاعتقاد بأن صالح بن طريف الحاكم الثاني للإمارة غاب ليرجع في عهد الإمام السابع ليملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً . ومجرد الاعتقاد بالإمام المهدي ربما يشمل العديد من الفرق الدينية الإسلامية ، بالرغم من أنه بهذه الصيغة يكون اقرب للتشيع ، لكن تحديد العودة بالإمام السابع يجعله بالتأكيد معتقداً شيعياً .
[28] الحسن بن الوزان الزياتي . وصف إفريقيا . ترجمة / عبدالرحمن حميدة . طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب . القاهرة 2005 . ص 199 ، محمود إسماعيل . مغربيات . م . س . ص 21 ، 22 . أشار ابن الوزان إلى أن أقليم تامسنا يقع بين نهري أم الربيع غرباً وأبو رقراق شرقاً ، وبين جبال أطلس جنوباً والمحيط الأطلسي شمالاً .
[29] م . س . ص 27 .
[30] أحمد الحفناوي . صفحات من تاريخ المرابطين والموحدين . القاهرة 1979 . ص 21 .
[31] من الملاحظ أن العزلة الجغرافية تسببت في عدة تطورات للمذاهب الاسلامية لدى شعوب الجبال في الشرق فبرزت عدة مذاهب كالعلويين بفرقهم المختلفة وأبرزها طائفة اليارسان (أهل الحق) والعليلاهي ، وهي طوائف أضافت للتشيع الكثير من تراثها المحلي ، بالإضافة للأيزيدية والتي انشقت عن التصوف السني وتحولت إلى ديانة مستقلة لاحقاً نتيجة لغلبة تراثها المحلي على الأصل الإسلامي لها . فيما يتعلق بالمذهب الصفري ، فبالرغم من أنه نشأة بالجزيرة الفراتية ذات الطبيعة الخصبة ، فإنه لم يتمكن من الاستقرار بها وتأسيس دولة ، نظراً لطبيعة أفكار مؤسسيه ذوي الخلفية العربية البدوية ، وبالتالي كان من الطبيعي أن ينتشر بين قبائل زناتة البترية المنتمية لنفس الخلفية البدوية ، في الوقت الذي انتشر فيه التشيع بين قبائل كتامة وصنهاجة من البرانس الحضاريين . وقد أشار الدكتور محمود إسماعيل إلى هذه التأثير للجغرافيا الطبيعية في دراستة الهامة لثورة حميم المفتري المنشورة ضمن كتابة " المهمشون في التاريخ الإسلامي " . (بطروشوفسكي . الإسلام في إيران . ترجمة / السباعي محمد السباعي . القاهرة 2005 (بدون ذكر دار النشر) . ص 444 – 447 . سنوسي يوسف إبراهيم . زناتة والخلافة الفاطمية . طبعة مكتبة سعيد رأفت . القاهرة 1986 . ص 189 . محمود إسماعيل . المهمشون في التاريخ الإسلامي . طبعة دار رؤية . القاهرة 2004 . ص 92 ، 93 . يوليوس فلهاوزن . الخوارج والشيعة . م . س . ص 110 ، 111) .
[32] محمود إسماعيل . مغربيات . م . س . ص 59 .
[33] آلاء جرار . م . س . بتاريخ 19 فبراير 2017 .
[34] جمال حمدان . شخصية مصر . دراسة في عبقرية المكان . طبعة دار الهلال . القاهرة 1994 . ج2 ص 543 .
[35] أحمد صبري السيد علي . إنتفاضة الوصفاء . دراسة منشورة بموقع روسيا والعالم الإسلامي http://rusisworld.com بتاريخ 21 فبراير 2017 . ج 2 .
[36] شمس الدين الذهبي . سير أعلام النبلاء . تحقيق /شعيب الأرنؤوط وآخرون . طبعة مؤسسة الرسالة . بيروت 1996 . ج52 ص 20 ، 21 . اختلف الرواة في الفرقة الخارجية التي كان عكرمة ينتمي إليها ما بين الصفرية ، النجدية ، البيهسية والإباضية ، لكن الرأي الأوثق هو انتمائه للصفرية كما أشار أحمد بن حنبل ، خاصة أن بقية الفرق الخارجية لم تجد لها أتباعاً في المغرب .
[37] المفيد . الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد . تحقيق / مؤسسة آل البيت (ع) لتحقيق التراث . طبعة دار المفيد . ج 2 ص 209 ، 215 . ذكر المفيد أن الإمام الصادق أنجب من السيدة حميدة البربرية كل من موسى وإسحاق ومحمد .
[38] النعمان بن محمد . افتتاح الدعوة . تحقيق / عارف تامر . طبعة دار الأضواء . بيروت 1996 . ص 32 .
[39] الشريف الإدريسي . نزهة المشتاق في اختراق الآفاق . طبعة مكتبة الثقافة الدينية . القاهرة 2002 . م 1 . ص 292 ، 294 ، أبي عبيد البكري . المسالك والممالك . تحقيق / أدريان فان ليوفن وأندري فيري . طبعة دار الغرب الإسلامي . بيروت 1992 . ج 2 ص 743 . تتواجد هذه المواقع في تونس الحالية ، وقد ذكر الإدريسي أن مرماجنة قرية تقطنها قبيلة هوارة ، بينما أشار إلى أنها ومدينة الأربس تشتهران بزراعة الحنطة والشعير ، أما نفطة فهي واحة في أقصى جنوب غرب تونس وذكر البكري أنها تسمى الكوفة الصغرى مشيراً غلى أنها مدينة عامرة كثيرة المياه وجميع أهلها من الشيعة .
[40] م . س . ص 33 ، 34 ، 41 .
[41] علي بن أبي زرع . الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس . طبعة دار المنصور للطباعة والوراقة . الرباط 1972 . ص 15 .
[42] م . س . ص 16 . ويذكر ابن أبي زرع أن أبناء سليمان إنتشروا في بلاد دكالة والسوس الأقصى .
[43] أحمد بن سهل الرازي . أخبار فخ ويحيى بن عبدالله . تحقيق / ماهر جرار . طبعة دار الغرب الإسلامي . بيروت 1995 . ص 164 .
[44] م . س . ص 181 .
[45] الشهرستاني . الملل والنحل . تعليق / أحمد فهمي محمد . طبعة دار الكتب العلمية . الطبعة الثانية . بيروت 1992 . ج 1 ص 154 .
[46] رشيد الخيون . معتزلة البصرة وبغداد . طبعة دار الحكمة . الطبعة الأولى . لندن 1997 . ص 90 .
[47] المفيد . أوائل المقالات . تحقيق / إبراهيم الأنصاري . طبعة المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد . الطبعة الأولى . قم 1413 . ص 33 .
[48] رشيد الخيون . م . س . ص 70 - 73 .
[49] م . س . ص 89 ، 90 .
[50] محمود إسماعيل . الحركات السرية في الإسلام . دار الانتشار العربي . الطبعة الخامسة . بيروت 1997 . ص 112 ، 113 .
[51] م . س . ص 110 ، 111 ، 114 .
[52] المقصود هو الإمام موسى بن جعفر الكاظم الإمام السابع عند الإثني عشرية .
[53] أبو الفرج الأصفهاني . مقاتل الطالبيين . تحقيق / السيد أحمد صقر . منشورات الشريف الرضى . قم (بدون ذكرسنة الطبع) . ص 223 .
[54] م . س . ص 376 .
[55] الأمير يحيى بن الحسين . يوميات صنعاء . أبو ظبي 1996 . الطبعة الأولى . منشورات المجمع الثقافي . الصفحات 139، 161 ، 338، 346 . هذا الرأي الإيجابي المزعوم لزيد بن علي في الخليفتين الأول والثاني لا أثر له تقريباً عند الزيدية رغم تحاشي بعض علمائهم من الذم العلني لهما، وتشير المدونات التاريخية اليمنية إلى أن معظم علماء الزيدية كان موقفهما من الشيخين سلبياً للغاية .
[56] ابن الأثير . الكامل في التاريخ . تحقيق / عمر عبدالسلام تدمري . دار الكتاب العربي . بيروت 2012 . ج 4 ص 266 .
[57] يوليوس فلهاوزن . الخوارج والشيعة . ترجمة وتقديم / د . عبد الرحمن بدوي . القاهرة 1998 . ط الخامسة . دار الجليل للكتب والنشر . ص 155 .
[58] الشيخ المفيد . الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد . تحقيق / مؤسسة أهل البيت عليهم السلام لإحياء التراث . الطبعة الأولى . بيروت 1995 . ج 2 ص 172 – 174 .
[59] ابن الأثير . م . س . ج 4 ص 260 ، 261 .
[60] جمال الدين المزي . تهذيب الكمال في أسماء الرجال . تحقيق / بشار عواد معروف . طبعة مؤسسة الرسالة . الطبعة الثانية . بيروت 1985 . ج 7 ص 120 .
[61] م . س . ج 24 ص 104 .
[62] م . س . ج9 ص 519 .
[63] م . س . ج 4 ص 380 ، 381 .
[64] م . س . ج 10 ص 135 ، 136 .
[65] السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي . معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة . طبعة مؤسسة الإمام الخوئي . النجف الأشرف (بدون ذكر سنة الطبع) . ج 8 ص 336 .
[66] المفيد . الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد . م . س . ج 2 ص 172 ، 173 .
[67] م . س . ج 2 ص 172 .
[68] أحمد صبري السيد علي . نشأة واضمحلال الفرق الدينية (الزيدية والمطرفية نموذجاً) . دراسة تاريخية بمدونة بهزاد (المدونة الشخصية للباحث) http://ahmadsabryali.blogspot.com . منشورة بتاريخ 17 ديسمبر 2007 . متاح من : http://ahmadsabryali.blogspot.com/2013/12/blog-post_17.html .
[69] محسن الأمين العاملي . أعيان الشيعة . تحقيق / حسن الأمين . طبعة دار التعارف للمطبوعات . بيروت 1983 . ج3 ص 231 .
[70] أبو هاشم داود بن القاسم بن إسحاق بن عبدالله بن جعفر الطيار ، المتوفي سنة 260 هجرية ببغداد ، قال فيه النجاشي : " كان عظيم المنزلة عند الأئمة عليهم السلام شاهد أبا جعفر وأبا الحسن وأبا محمد عليهم السلام (يعني الجواد والهادي والعسكري) وكان شريفا عندهم له موقع جليل عندهم " ويشير الطوسي إلى أنه روى كذلك عن الإمام الرضا ، ويعتبره علماء الرجال الشيعة من الثقات وأن كان الكشي قد وصف بعض آراءه بالغلو لروايته المعجزات عن الأئمة العلويين ، وأشار ابن طاووس إلى كونه من وكلاء الناحية عن الأئمة غير المختلف عليهم ، ومن الواضح أنه كان على علاقة تنظيمية بمعظم الثورات العلوية التي قادها علويين من غير الأئمة الإثني عشر والتي وصفتها المرويات التاريخية بالزيدية ، مما يؤكد ما سبق وأشرت إليه من أن هذه الثورات كانت مرتبطة أصلا بالأئمة الإثني عشرية (م . س . ج 6 ص 377 – 379) .
[71] م . س . ج 3 ص 230 .

ليست هناك تعليقات: